ملخص
وضع حزب المحافظين خطة كي تنفذها هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" لمواجهة تحديات فصل الشتاء المقبل، لكن أحد أبرز أطباء الطوارئ البريطانيين يراها فاشلة وتهدد حياة آلاف الأشخاص
واجهت خطط الحكومة البريطانية المتعلقة بإعداد مرافق هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" [اختصاراً، أن أتش أس] NHS، للتعامل مع تحديات فصل الشتاء هذه السنة، انتقادات من طبيب بارز في خدمات "الحوادث والطوارئ" A&E في المملكة المتحدة، الذي حذر من أن الإمدادات غير الكافية قد تؤدي إلى آلاف الوفيات التي يمكن تجنبها، خلال هذه السنة.
ونبه الدكتور أدريان بويل رئيس "الكلية الملكية لطب الطوارئ" Royal College of Emergency Medicine (RCEM) إلى أن الخطط التي وضعها "حزب المحافظين" هذا الأسبوع، تعد غير كافية على الإطلاق لأنها تؤمن أقل من نصف العدد اللازم من الأسرة للتعامل مع الأزمة [المتوقعة خلال الشتاء].
ورأى أيضاً أنه يجب توفير ما لا يقل عن 11 ألف سرير إضافي في المستشفيات في جميع أنحاء البلاد، في الوقت الذي تعهد فيه رئيس الوزراء (ريشي سوناك) بخمسة آلاف منها.
وستقدم هيئة "أن أتش أس" أيضاً حوافز ومكافآت مالية للمستشفيات التي حققت الأهداف الموضوعة في تقليص أوقات انتظار المرضى، التي أشار الدكتور بويل إلى أنها قد توصل المستشفيات إلى "التلاعب" بالنظام، وترك المرضى من أصحاب الحالات الأكثر حرجاً ينتظرون لفترة أطول.
وأشار الطبيب البارز إلى أن المرضى المسنين الضعفاء ومن يعانون اضطرابات عقلية- نفسية، سيتأثرون أكثر من غيرهم بسوء التخطيط هذا من جانب الحكومة.
وفي حديث إلى "اندبندنت"، أورد بويل أنه "إذا نظرتم إلى الأرقام وحدها، فإن جميع مؤشرات أدائنا لتحقيق الهدف المطلوب تحقيقه، المتمثل في وصول مدة الانتظار في المستشفيات إلى 12 ساعة، تسير في الاتجاه الخاطئ. وإذا قورنت تلك الأرقام بالفترة نفسها قبل عام، فإن ذلك يجعلني أشعر بقلق من أننا نتجه نحو شتاء أسوأ مما عشناه العام الماضي".
وفي معرض التنبيه إلى المخاطر، حذر الدكتور بويل الحكومة من أنها تسير بلا مبالاة نحو كارثة فكأنها "سفينة تبحر نحو جبل جليد". وحذر من أنها إذا سمحت بأن يأتي هذا الشتاء سيئاً كالعام الماضي، "فسيؤدي ذلك إلى فرض ضغوط هائلة على الأفراد الذين يتحملون عبء هذا النظام المتصدع ويحافظون عليه قدر الإمكان".
اقرأ المزيد
- "المصابون بالأنفلونزا وكورونا يواجهون خطر الموت"
- تحذير من فضيحة جديدة قد تصيب الخدمات الصحية في بريطانيا
- تم تخريب "هيئة الخدمات الصحية" البريطانية. لم نتردد في قول ذلك؟
- أنظمة الرعاية الصحية تحتاج إلى نهج "متأهب على الدوام" للجوائح
- هيئة الصحة الوطنية في بريطانيا تحتاج إلى الإصلاح فهل من يتجرأ؟
- هل يتدخل الجيش لإنقاذ الخدمات الصحية الوطنية البريطانية هذا الشتاء؟
وفي وقت سابق، كشفت "اندبندنت" عن تقديرات متعلقة بشتاء العام الماضي، مشيرة إلى وقوع أكثر من 500 حالة وفاة إضافية في الأسبوع، ترتبط بفترات الانتظار الطويلة، مع تسجيل عدد قياسي من المرضى الذين أمضوا أكثر من 12 ساعة في وحدات "الحوادث والطوارئ" داخل المستشفيات.
ولدى سؤال الدكتور بويل عن مدى تعرض البلاد لخطر تزايد الوفيات خلال الشتاء المقبل، أجاب، "نعم، في الواقع أعتقد بذلك".
وتذكيراً، جرى الإعلان عن خطط الشتاء بتكتم خلال هذا الأسبوع، عبر إبلاغ المستشفيات أنها تستطيع الحصول على جزء من التمويل المتاح الذي وضعته الحكومة، وهو 150 مليون جنيه استرليني (194 مليون دولار أميركي)، إذا قصرت فترة الانتظار لـ80 في المئة من مرضاها، إلى أربع ساعات.
وإضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، أن "الخدمات الصحية الوطنية" سيتوافر لديها خمسة آلاف سرير إضافي في المستشفيات، و10 آلاف "سرير افتراضي" Virtual Beds [بمعنى أن يحصل المرضى على الرعاية في منازلهم كأنهم في مستشفى)، و"مراكز إدارة تنقل المرضى" Traffic Control Centres التي تركز على مساعدة المستشفيات على إخلاء المرضى من أجنحتها وتوجيههم إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وكذلك جرى التعهد أساساً بتوفير خمسة آلاف سرير إضافي في الشتاء الماضي. ومع ذلك، أشارت "الكلية الملكية لطب الطوارئ" إلى أن الخدمات الصحية لديها الآن 1841 سريراً أقل من المطلوب، مقارنة بشهر يناير (كانون الثاني) من هذه السنة.
وقد علق وزير الصحة في حكومة الظل العمالية المعارضة ويس ستريتنغ، على ذلك الأمر، مشيراً إلى أن "أزمة فصل الشتاء في مرافق ’أن أتش أس‘، أصبحت حدثاً يتكرر سنوياً تحت حكم حزب ’المحافظين‘. وقد أدت فترة 13 عاماً من عدم الوفاء بالوعود، والنقص في عدد الموظفين، إلى دفع الخدمات الصحية إلى الحضيض".
وكذلك رأى ستريتينغ أنه "يجب على الحكومة أن تستخلص العبر من دروس الشتاء الماضي، وإلا فإن المرضى سيدفعون الثمن. وإذا ما فشلت في اتخاذ الإجراءات المناسبة، فستكون من مسؤولية حكومة حزب العمال المقبلة إعادة بناء الخدمات الصحية. وسنعمل على إصلاح القطاع وتحديثه بغية ضمان أن تكون مرافق ’أن أتش أس‘ متاحة لنا حينما نحتاج إليها".
وفي السياق نفسه، أعرب الدكتور بويل عن "عدم ثقته في خطة الحكومة"، مشيراً إلى أنه يشك في أنها ستعالج بفاعلية مسألة صفوف انتظار سيارات الإسعاف خارج المستشفيات، أو المشهد المخزي للمرضى الذين ينتظرون لساعات طويلة على عربات في أروقة أقسام "الحوادث والطوارئ" المكتظة.
وكذلك انتقد بويل الحوافز المالية التي تعتزم الحكومة منحها لتحقيق الأهداف المحددة، ووصفها بأنها "مقيتة"، لأنها لا تقدم حلولاً سليمة، و"تحول الانتباه" عن المشكلات الأكثر إلحاحاً على غرار إخراج المرضى من المستشفيات وتقليص مدة إقامتهم فيها.
واستطرد بويل فتحدث عن مخاوف من أن هذه الحوافز قد "تدفع بمقدمي الرعاية الصحية إلى إعطاء الأولوية للمرضى الذين يعتقدون [مسؤولي المستشفيات] أنه يمكن تسريحهم في خلال الوقت المستهدف (المحدد بأربع ساعات)، على حساب أولئك الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى". وأعرب عن الخشية من أن يجعلهم ذلك "لا يقبلون سوى المرضى الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى لأكثر من أربع ساعات. إن هذا الأمر يشوه الأولويات في استخدام أسرة المستشفيات ويجعلها خارج متناول من هم ليسوا الأشد مرضاً لكنهم في حاجة إلى عناية ورعاية فورية. بالتالي، فهذا من شأنه أن يجعل الأشخاص من الفئات الأكثر ضعفاً، وتشمل عادة الكبار في السن والذين يعانون اضطرابات عقلية ونفسية سيئة، ينتظرون لساعات طويلة على الأرجح على عربات الإسعاف داخل الأروقة".
وفي مقال سابق نشره في "اندبندنت"، رجح ذلك الطبيب البارز [بويل] أن يتدفق التمويل الحكومي على المناطق "الثرية" وحدها، لأن أقسام "الطوارئ والحوادث" في المناطق المحرومة تتخبط أكثر في صعوبات للتعامل مع أوقات انتظار المرضى.
وفي هذا الأسبوع، وقد أعلنت "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" هذا الأسبوع أنها ستخصص 600 مليون جنيه استرليني (774 مليون دولار) للسلطات المحلية بغية مساعدتها على التعامل مع المشكلات التي تواجهها في مسار إخراج المرضى من المستشفيات [بمعنى استكمال نوع العلاج المطلوب أن يجري داخل المستشفيات].
وفيما أعرب الدكتور بويل عن امتنانه للتمويل مشيراً إلى أنها خطوة "مرحب بها"، إلا أنه لفت إلى أن المبلغ المخصص "محدود نسبياً"، وموزع على سنتين، بحيث يحصل كل مستشفى على مليون جنيه استرليني (مليون و290 ألف دولار).
وتواجه الحكومة البريطانية إضراباً عن العمل من جانب الأطباء الذين يجدون مصاعب في الحصول على أجور أعلى وظروف عمل أفضل. وأورد الدكتور بويل أنه "قلق للغاية" من استمرار الاحتجاجات حتى فصل الشتاء. أضاف "أعتقد أننا جميعاً نريد أن تنتهي الإضرابات".
في مسار مواز، أعربت وزيرة الدولة البريطانية لشؤون الصحة هيلين ويتلي عن قناعتها بأن "خطتنا العاجلة لتحسين مستوى الرعاية الملحة والطارئة، المدعومة بتمويل حكومي قياسي، تعمل بالفعل على تحسين أداء أقسام ’الحوادث والطوارئ‘، وأوقات استجابة خدمة سيارات الإسعاف. وبفضل هذه الخطة، ستحصل مرافق ’أن أتش أس‘ على 800 سيارة إسعاف جديدة، وخمسة آلاف سرير مستشفى إضافي، و10 آلاف سرير افتراضي".
وكذلك ذكر متحدث باسم "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" وفي تعليق على ما تقدم، أنه "سبق أن شهدنا تحسينات كبيرة على مستوى خدمات الإسعاف وأقسام ’الحوادث والطوارئ‘ خلال الأشهر الأخيرة، بفضل المبادرات التي تضمنتها خطة الإنعاش الخاصة بالرعاية العاجلة والطارئة، التي تشمل اتخاذ تدابير لزيادة عدد الأسرة. وستواصل مرافقنا البناء على ما تحقق من خلال الخطة التي وضعناها لموسم الشتاء، والتي نشرت الخميس، بعد سلسلة من المشاورات مع الجهات المعنية في قطاع الرعاية الصحية".
وأضاف أن "هناك أكثر من 12 ألف مريض يبقون يومياً في المستشفيات على رغم كونهم مؤهلين طبياً للمغادرة إلى منزلهم. ولمعالجة هذا الأمر، جرى التخطيط لإطلاق مراكز نقل الرعاية على مستوى البلاد، بهدف تقديم خدمة مركزية شاملة للموظفين، تعمل على تحديد الخيارات الأفضل في إخراج المرضى وتنسيقها، سواء من خلال إرسالهم إلى المنزل، أو تحويلهم إلى الرعاية الاجتماعية أو المجتمعية، الأمر الذي سيساعد في تحرير الأسرة [داخل المستشفيات] لمصلحة مرضى آخرين يحتاجون إليها، بمن فيهم أولئك الذين يصلون إلى أقسام الطوارئ".
وخلص المتحدث نفسه إلى ضرورة التركيز على وضع خطط أخرى تركز على الحد من قبول حالات في أقسام "الحوادث والطوارئ"، على غرار زيادة استخدام وحدات الرعاية الطارئة ليوم واحد [بمعنى أنها تتعامل مع الحالات التي لا تحتاج إلى مقاربة علاجية تزيد على 24 ساعة]، والأجنحة الافتراضية [مجموع الأسرة في المنازل التي تشرف عليها المستشفيات بالتنسيق مع فرق الرعاية الاجتماعية].
© The Independent