Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بروكسل مستاءة من تواصل لندن مع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة

حصري: يقول المفوض السابق للاتحاد الأوروبي للتجارة بيتر ماندلسون أن محاولة الالتفاف على بروكسل كانت تأتي دائماً بنتائج عكسية

تقول لندن إن الإجراءات البيروقراطية المرتقبة على البضائع ستخلق "نظاماً جديداً عالمي المستوى لتقديم الحماية من التهديدات الأمنية والأمن البيولوجي" (غيتي/ اندبندنت)

ملخص

أظهرت الوثائق التي حصلت عليها "اندبندنت" أن المفوضية الأوروبية لم تكن سعيدة بتوجيه مسؤولين بريطانيين أسئلة بشكل مباشر إلى دول الاعضاء في الاتحاد تتعلق بالتجارة بين الطرفين

قام الاتحاد الأوروبي بلجم حكومة المملكة المتحدة بعد أن حاولت تجاوز بروكسل في ما يتعلق بالقوانين التجارية بعد "بريكست".

وأظهرت الوثائق التي حصلت عليها "اندبندنت" أن المفوضية الأوروبية لم تكن سعيدة بعد توجيه مسؤولين بريطانيين أسئلة إلى كل دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد بشكل مباشر وصريح حول خططهم للتعامل مع عمليات التدقيق والتفتيش الجديدة على السلع الآتية إلى المملكة المتحدة.

وبلغ الحد بالمفوضية الأوروبية بالإيعاز إلى الدول المنضوية تحت الاتحاد الاوروبي بتجاهل حكومة المملكة المتحدة بشكل كامل. ثم أرسلت مذكرة تدعو فيها الدول الأعضاء إلى تزويد "معلومات عامة موجزة" فحسب بسبب الطبيعة "الإشكالية" التي ينطوي عليها الطلب البريطاني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثم حذرت المفوضية في وقت لاحق المملكة المتحدة من أن التواصل مع كل دولة مباشرة هو سلوك "خارج" أحكام الاتفاق التجاري لـ"بريكست" الذي أبرمه بوريس جونسون واعتبرت أن الأمر "بالغ الخطورة" لأن الرد المناسب على الاستفسارات البريطانية يجب أن يكون "متناغماً على مستوى الاتحاد الأوروبي".

وبرز هذا التوبيخ بعد أن وجدت حكومة ريشي سوناك نفسها ترزح تحت الضغوط من مديري الشركات في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الذين يحثونها على تقديم شرح دقيق لسير أحدث إجراءات التدقيق والتفتيش المفروضة على الواردات التي ستدخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل.

وفي هذا الإطار، قال بيتر ماندلسون الذي تولى منصب مفوض الاتحاد الأوروبي للتجارة بين عامي 2004 و2008 إن محاولة الالتفاف على بروكسيل كانت غالباً ما تأتي بنتائج عكسية.

وصرح إلى "اندبندنت"، "قد تكون محاولة الالتفاف على المفوضية مغرية ولكن هذا الأمر لن ينجح ويأتي بنتائج عكسية. يتوجب على الحكومة البريطانية أن تضاعف جهودها في إرساء علاقة جيدة مع المفوضية وبناء الثقة. تحتاج بريطانيا إلى هذا الأمر بشدة لكي تتمكن من الحد من الخسائر التي نتكبدها في القطاع التجاري".

كما قال خبراء تجاريون إن محاولة الالتفاف على رؤساء المفوضية في بروكسيل هو أمر "غير حكيم" وإنه إشارة إلى "العلاقة المتوترة" قبيل البدء بتطبيق الكم الهائل من البيروقراطية التي ستواجه شركات الأعمال عبر القارة والتي ستتحتم مواجهتها قريباً.

وفي سياق متصل، رأى أحد الخبراء في صناعة الأغذية أن المذكرة أظهرت "توتراً غير مفيد" بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت يجب عليهما أن يعملا معاً لتجنب حدوث اضطرابات وعراقيل في وقت لاحق من العام الحالي.

وظهرت القضية في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي عندما أرسل مسؤولون من وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية (Defra) رسالة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يطلبون منها أن تملأ استمارة تتعلق باستعدادها للتعامل مع إجراءات التفتيش والرقابة الجديدة على تجارة الأغذية والزراعة.

وبعد مرور أسبوع، وبتاريخ التاسع من يونيو (حزيران) الماضي، تضمنت مذكرة من المفوضية الأوروبية أحالها مسؤولون من مجلس الاتحاد الاوروبي إلى دبلوماسيي الدول الأعضاء وحصلت "اندبندنت" على نسخة منها، التحذير التالي "ننصح الدول الأعضاء عدم الرد على الاستمارة عبر الإنترنت التي طلبت المملكة المتحدة الإجابة عنها".

وفي التاريخ نفسه، كتب مسؤول في المديرية العامة للصحة وسلامة الأغذية في المفوضية الأوروبية (DG Sante) رسالة إلى مسؤولين في وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية يحذر فيها "من استخدام قنوات خارج" الاتفاق التجاري للاتحاد الاوروبي للتواصل في شأن هذه المسائل.

وفي مذكرة ملحقة أرسلتها المفوضية إلى الدول الأعضاء في الـ21 من يونيو أوردت أن الدول "التي ترغب في الرد على الاستمارة" يجب أن تتجنب التوسع في التفاصيل.

وبعد أن أبلغت المفوضية الدول الأعضاء في الاتحاد بأنها تقوم "بتنسيق" التواصل مع المملكة المتحدة، قامت بمشاركة لائحتها الخاصة التي تضم أكثر من 70 سؤالاً للندن تستجوب فيها المسؤولين البريطانيين عن استعداداتهم لعمليات التدقيق والمراقبة على الواردات التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في الـ 31 من أكتوبر المقبل.

وعلمت "اندبندنت" أن الحكومة البريطانية شرحت لبروكسيل عن استعدادها العمل عبر مفوضية الاتحاد الأوروبي.

ولكن دافيد هينيغ، وهو مدير في المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي قال إنه كان يتوجب على المسؤولين في المملكة المتحدة أن يعرفوا أن بروكسيل تنسق أجوبة الدول الأعضاء لتجنب أي انقسامات محتملة في شأن المسائل المرتبطة بـ"بريكست".

وأضاف الخبير في شؤون "بريكست"، "كانت خطوة المملكة المتحدة في مقاربة هذه المسألة بهذا النحو أمراً غير حكيم وهو ما قد يلحق الضرر بالثقة التي نحتاج إليها. وأردف هينيغ أن هذا النزاع "عكس العلاقة المتوترة" التي ما زالت قائمة بين الاتحاد والمملكة وهو يخلق مزيداً من التشرذم نحن بغنى عنه".

ومن جهة أخرى، قالت الدكتورة كريستي هيوغ، مديرة المركز الاسكتلندي للعلاقات الأوروبية إن المذكرات تظهر أن الاتحاد الأوروبي "يقوم ضمنياً بنصح الدول الأعضاء أنهم في حال أعطوا انطباعاً غير متعمد بأنهم في حال جاهزية كاملة، فبوسع المملكة المتحدة أن تستخدم هذا الأمر لتوجيه اللوم إليهم في حال حدوث أي عرقلة".

وفي إطار متصل، عبر دافيد دافيس، أول وزير بريطاني لـ"بريكست" والذي قاد المحادثات مع الاتحاد الأوروبي منذ 2016 حتى 2018 في تصريح إلى "اندبندنت" عن اعتقاده بأنها لن تكون حتماً المرة الأخيرة التي يحصل فيها أمر كهذا.

وقال "سيحصل هذا الأمر مراراً وتكراراً في الأعوام المقبلة. تكمن الدبلوماسية الجيدة في فهم الشخص الذي تتفاوض معه أو تتعامل معه. ولهذا ستواجهون هذه الأمور على الدوام، أما المفوضية من جهتها، فستحاول تماماً وعلى نحو مثالي أن تحافظ على جبهة مشتركة".

ولفت "هذه هي نتيجة هذه التصرفات: إنها بالتأكيد ليست المرة الأولى، ولن تكون حتماً المرة الأخيرة التي يحدث فيها ذلك، أنا متأكد".

وأضاف "تحصل الأمور دائماً بهذا الشكل: فغالباً ما يرتاب الاتحاد الأوروبي من أي محاولة للتواصل مباشرة مع الدول الأعضاء".

ومستذكراً تجربته الخاصة خلال المفاوضات، أوضح دافيس "طوال الوقت كانت لدى الاتحاد شكوك بأننا نحاول نسف موقفه المشترك وهذا غير صحيح. كنا نحاول ببساطة أن نعرف أولويات مختلف الدول الأعضاء".

وأشار السير مالكولم ريفكيند إلى أن الاتحاد الأوروبي "قد يكون محقاً" ولكن لا يتوجب على المفوضية "أن تتوخى البيروقراطية التامة بهذا الخصوص". وأوضح "التجارة هي مسؤولية الاتحاد الأوروبي وليست مسؤولية الدول الأعضاء بشكل فردي، ولهذا، بغرض الدقة، يجب أن يحصل التواصل المناسب مع الأشخاص المسؤولين عن التجارة ضمن الاتحاد الأوروبي"، لافتاً إلى أنه "كان بوسعهم التفاعل مع هذه المسألة بخفة أكبر. ليست جريمة كبرى".

واعتبر المؤيد لـ"بريكست" جون ريدوود أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي اتخاذ مقاربة توافقية. وتابع "يبدو الاتحاد الأوروبي عازماً على أن يكون عدوانياً في وقت قد يكون من الأجدى أن يكونوا أكثر تعاوناً لأنهم يصدرون إلينا أكثر مما نفعل نحن باتجاههم. أعتقد بأنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يفهم أننا صوتنا لمصلحة المغادرة ولا يتوجب عليهم معاملتنا كأننا ما زلنا أعضاء في الاتحاد. نود أن نتحرر من سلطاتهم وسنجد طريقنا الخاص في العالم. أعتقد بأنه يجب على بريطانيا أن تفعل ما تريد أن تفعله".

كذلك دافع مؤيد "بريكست" كريغ ماكينلاي عن تحركات الحكومة وأعلن "تشكل المملكة المتحدة الشريك التجاري الأكبر والأكثر إفادة لعدد من دول الاتحاد الأوروبي. مع إدخالنا أنظمة تفتيش حدودية متبادلة على الواردات، من المنطقي أن ترغب وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية ووزارة الأعمال والتجارة في أن تجعل التجارة المستقبلية سهلة قدر الإمكان وهذا ما يفسر مقاربتها للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مباشرة. إن الرسالة الموجهة من المفوضية الأوروبية إلى الدول الأعضاء تشكل مثالاً على السيطرة الكاملة التي ترغب في بسطها على إمبراطوريتها".

وفي جانب متصل، وصف وزير "بريكست" السابق السير جاكوب ريس-موغ المذكرات (الرسائل) بأنها "عاصفة في كوب شاي" [تضخيم أمر قليل الأهمية] ولكنه كرر اعتراضه على قوانين التفتيش بحد ذاتها.

وقال لـ"اندبندنت"، "لا أعتقد بأنه يتوجب علينا فرض إجراءات تفتيش من الأساس. نجحت عندما كنت أتولى وزارة بريكست في تأجيلها لأنها تفرض بشكل كبير كلفاً على المستهلكين البريطانيين من دون منحهم أي فوائد مقابل ذلك. يبدو الأمر بالنسبة لي تدبيراً حمائياً ُمم لجعل التجارة أكثر صعوبة ولا تصب في مصلحة الاقتصاد البريطاني. لم أكن لأضيع وقتي بهذه الإجراءات لأنها عديمة الفائدة وتستهلك وقتاً طويلاً وهي كلفة على المستهلكين البريطانيين يمكننا إزالتها وإلغاءها".

وحذر أصحاب مصالح في قطاع الأغذية والأمور اللوجستية بأن الموجة المقبلة من القيود البيروقراطية ما بعد "بريكست" قد تتسبب في العرقلة وتفاقم أزمة التضخم من خلال زيادة أسعار السلع الغذائية في المتاجر.

وفي هذا السياق، حذر شاين برينان الرئيس التنفيذي في سلسلة التوريد "كولد شاين فيديرايشن" Cold Chain Federation أنه "ما زال هناك كثير من الإرباك والغموض" في أوساط الشركات الأوروبية حول الشهادات التي ستحتاج إليها وكيف ستجري إجراءات التفتيش الحدودية. وقال: "ليسوا واثقين من أنها ستجري بطريقة سلسة".

وأضاف أن "الخلاف غير المفيد" أتى في وقت تشعر الشركات ومديرو الموانىء في المملكة المتحدة "بالغضب" لأنهم لا يملكون ما يكفي من المعلومات من الحكومة حول كيفية عمل إجراءات التفتيش على الواردات. وصرح إلى "اندبندنت"، "سنشهد حتماً فترة من العرقلة والشلل. لا يزال هناك عدد من الأسئلة التي بقيت من دون أجوبة، ومع ذلك سيتحتم علينا مجدداً التعامل مع الأمر عندما يحصل. إنها فوضى عارمة".

وقال برينان إنه ما زال من غير الواضح بالتحديد ما هي أنواع السلع الغذائية والزراعية التي ستصنف في الفئات المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة الأخطار والتي تتطلب كل منها رزمة مختلفة من الإجراءات، على رغم أن وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية زودت الخطوط العريضة كجزء من "النموذج التشغيلي المستهدف".

وأشار إلى أنه من غير الواضح أيضاً ما هي النماذج الرقمية التي يجب تحميلها على موقع الحكومة البريطانية بدءاً من الـ 31 من أكتوبر نظراً إلى أن تاريخ بداية فصل الخريف يفترض أن يمثل "إطلاقاً تجريبياً" وأن بعض إجراءات التفتيش المادية لن تبدأ قبل شهر يناير (كانون الثاني).

وأشار مسؤول في الاتحاد الأوروبي إلى أنه "يعود للمملكة المتحدة أن ترسي نظام توريد قابل للتطبيق مع الأخذ في الاعتبار الحجم الملحوظ للصادرات من الاتحاد الأوروبي باتجاه المملكة المتحدة".

وأردف "في كل الأحوال، المفوضية في اتصال وثيق مع السلطات في المملكة المتحدة والدول الأعضاء بهدف فهم التداعيات والمتطلبات الناجمة عن التطبيق المستقبلي لنموذج التشغيل الحدودي المستهدف بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي".

وقال متحدث باسم الحكومة إن نموذج التشغيل المستهدف "سيحول إجراءات التفتيش الحدودية للمملكة المتحدة" وسيخلق "نظاماً جديداً عالمي المستوى لتقديم الحماية من التهديدات الأمنية والأمن البيولوجي".

وأضاف أن النظام سيحول دون حصول تأخيرات على الحدود "من خلال الحد من الحاجة إلى التفتيش المادي ومن خلال ضمان حصول التفتيش بعيداً من المرافىء والموانىء حيث تبرز الحاجة لذلك بهدف السماح لحركة المرور بالتدفق بحرية". وتابع المتحدث الحكومي "نستمر في الانتظام بشكل كثيف مع القطاع الصناعي وسننشر نموذج التشغيل المستهدف في وقت قريب".

© The Independent

المزيد من دوليات