Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة التنافس بين طهران وموسكو في قطاع النفط "المهرب"

تقرير يكشف كيفية بيع إيران إنتاجها بسعر أقل مما تبيعه روسيا وضم الهند لقائمة شبكة العملاء

صادرات النفط الإيرانية إلى الصين قفزت لأكثر من 40 في المئة خلال عامين ( اندبندنت عربية)

ملخص

ارتفاع الطلب المحلي ونقص الاستثمارات قد يحول إيران لمستورد صاف للغاز

ذكر تقرير بريطاني أن العقوبات المفروضة على روسيا بعد هجومها على أوكرانيا قد انعكست إيجاباً على إيران بخاصة في ما يتعلق بملف الطاقة، فقد ارتفع إنتاج إيران من النفط إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً بزيادة مليون برميل يومياً مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2022، حين كان عند مستوى الإنتاج مليوني برميل يومياً.

التقرير الصادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن، أوضح أن طهران قد تمكنت على رغم العقوبات المفروضة عليها من إيجاد السبل لزيادة صادراتها النفطية هذا العام بـ 26 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2022، حين كانت عند مستوى مليون برميل يومياً لترتفع في منتصف هذا العام إلى 1.350 مليون برميل يومياً.

وتعد الصين وفنزويلا وسوريا إضافة إلى باكستان من أكثر الدول التي حصلت على النفط الإيراني ومشتقاته، كما تعمل إيران على استمالة الهند لشراء النفط الإيراني بالروبية الهندية أو من خلال مساهمة الهند في إنشاء ميناء تشابهار الذي يعد جزءاً مهماً من ممر "شمال – جنوب" الذي تعول عليه طهران في تجارتها مع آسيا و أوروبا.

وعلى رغم استمرار أعضاء "أوبك +" بسياسة خفض الإنتاج والخصم الكبير الذي تقدمه روسيا لزبائنها إلا أن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والمخاوف من الركود وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً ضغطت على أسعار النفط التي بقيت لأسابيع طويلة تترنح عند مستويات 70 دولاراً للبرميل.

و قد أسهمت كميات النفط الإيرانية التي تهرب إلى الأسواق العالمية في إبقاء أسعار النفط عند مستويات تكاد تكون مقبولة نسبياً للولايات المتحدة وحلفائها في مجموعة السبع، كما أن إيرن تبيع نفطها للزبائن في آسيا وأميركا اللاتينية بأسعار أقل مما تبيعه روسيا، ما خلق سوقاً موازية لمنتجات النفط الروسية  

ووضع الحليفين في وضعية التنافس في أسواق الطاقة. 

فروسيا تحتاج لتوسيع حصتها السوقية وتعويض جزء من إيراداتها المالية لتمويل حربها في أوكرانيا، لكن ما تقوم به إيران يضغط على الأسعار في سوق النفط ويغري كثيراً من زبائن روسيا بالاستعاضة عن نفطها لصالح شراء كميات النفط الإيرانية المعروضة بأسعار أقل.

وبحسب التقرير فقد قفزت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين بمعدل 41.5 في المئة خلال عامين فقط ، إذ ارتفعت من نحو 600 ألف برميل يومياً في 2021 إلى قرابة مليون برميل يومياً في 2023، وذلك  لدخول المصافي المملوكة للقطاع الخاص في الصين على خط شراء النفط الإيراني وارتفاع كلفة إمدادات النفط الروسي.

بالمقابل، وباستثناء الصين التي زادت من شرائها للنفط الروسي، إلا أن واردات كل من الهند وباكستان من النفط الروسي قد تراجعت.

فعلى رغم الخصومات الممنوحة من موسكو لزبائنها إلا أن ارتفاع تكاليف الشحن وانخفاض جودة المنتجات المكررة مقارنة بالوقود المنتج من الموردين الآخرين يشكل عاملاً يدفع بعض زبائن النفط الروسي للبحث عن بدائل.

الحاجة للاستثمارات

تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية ذكر أن إيران بحاجة ماسة إلى استثمارات بقيمة 40 مليار دولار لتطوير صناعة الغاز إلا أنها تعجز عن توفيرها في الوقت الراهن.

ولم تغفل إيران حاجة أوروبا للغاز بخاصة بعد انقطاع الإمدادات الروسية عنها لذلك فهي تعمل على رغم العقوبات على تنشيط مشاريع البنى التحتية لمد أنابيب تمكنها من تصدير الغاز الطبيعي للأسواق العالمية، وكانت كل من باكستان وأفغانستان وسلطنة عمان قد أبدت رغبتها بالحصول على الغاز الإيراني، لكن هذا لم يحدث لحاجة إيران إلى تطوير بناها التحتية التي تمكنها من ذلك.

وتأمل إيران أن تكون قادرة في المستقبل القريب على تصدير الغاز إلى الأسواق الأوروبية إما من طريق تركيا أو سوريا مروراً بالعراق، لكن هذا الأمر أثار حفيظة روسيا التي نظرت للأمر على أنه التفاف من الخلف عليها،  ما دفع المسؤولين الإيرانيين إلى التصريح بأنهم في حال فكروا بتصدير الغاز إلى أوروبا فإن ذلك سيكون عبر تركيا.

تردد روسي وصيني واضح

التقرير البريطاني أشار إلى أن عدم حصول إيران على أي من شحنات الغاز الروسي التي تقدر بـ 55 مليون متر مكعب يومياً، والتي وعدت بها موسكو ضمن اتفاق يقضي بتبادل النفط والغاز بين الجانبين، ما هو إلا دليل واضح على تردد روسي في هذا المجال، فروسيا التي خططت في وقت سابق لتطوير حقول نفط آزار وتشانغوله وداركوفين والمنصوري وعديد من الحقول الأخرى، تتردد حالياً في القيام بأية استثمارات فيها، وعلى رغم توقيع اتفاقية مع شركة "غازبروم "الروسية لتطوير حقل غاز جنوب بارس إلا أن الشركة تفتقر إلى القدرات اللازمة لذلك، كما امتنعت موسكو عن إصدار أية تصاريح لمواصلة الخطط الاستثمارية في حقلي شاديجان وكوبال النفطيين.

وعلى رغم محاولات إيران تقديم امتيازات وإغراءات للشركات الروسية إلا أن الأمر لم يلق الاستجابة المطلوبة،  فموسكو بحسب التقريرتخشى أن تسهم استثماراتها في البنى التحتية لقطاع الطاقة الإيراني في زيادة قدرات إيران التنافسية مستقبلاً على حساب قطاع الطاقة الروسي وإيجاد بديل للغاز الذي كان يتدفق إلى الاتحاد الأوروبي قبيل الأزمة الأوكرانية.

هذا التردد الروسي دفع إيران لتقديم عروض مغرية للصين في محاولة منها لجذب شركاتها للعمل في تطوير البنية التحتية لحقول النفط والغاز، إذ عرضت تفعيل اتفاقية تعاون لـ 25 عاماً، لكن هذا لم يجد في إقناع الجانب الصيني بذلك، فالصين لا تريد الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أو أن تعرض شركاتها للعقوبات التي قد تفرض عليها من قبل واشنطن.

طلب محلي مرتفع

وأوضح تقرير المركز البريطاني أن العقوبات المفروضة على إيران قد أدت إلى تراجع الإنتاج من حقول غاز جنوب بارس في السنوات الأخيرة بشكل مطرد، فعلى رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم إلا أن حقول إيران تعاني من مشكلات تقنية وهي بحاجة ماسة للتكنولوجيا الحديثة وبناء منصات أكبر واستخدام مضخات أكثر قوة للحفاظ على مستوى إنتاجها الحالي على أقل تقدير، وفي حال عدم توفر الاستثمارات الكافية خلال السنوات السبع المقبلة فإن إيران ستتحول إلى مستورد صاف للغاز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد انعكس ذلك سلباً على المواطن الإيراني بخاصة خلال يناير (كانون الثاني) 2023، حين انخفضت درجات الحرارة إلى 20 تحت الصفر في بعض المناطق وارتفع الطلب على الغاز محلياً ما اضطر بعض المرافق العامة للإغلاق، في حين لم تتحمل شبكات الكهرباء الأحمال الزائدة وتسبب ذلك في انقطاعها مع عدم توفر الكيروسين أو غاز البترول المسال.

و أشعل ذلك غضباً كبيراً في الشارع الإيراني، حيث ارتفعت الأسعار وتسبب ذلك في خروج الآلاف من الإيرانيين الغاضبين في احتجاجات متفرقة ضد قطع الغاز.

لذا وقعت إيران اتفاقاً لاستيراد الغاز من أذربيجان ليرتفع حجم الغاز المستورد منها إلى 5.5 مليار متر مكعب سنوياً. كما تخطط لاستيراد الغاز من تركمانستان بكميات تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً.

تباين في المواقف

وتطرق تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية إلى عدد من المواقف التي تبين خلافاً واضحاً بين الحليفين الروسي والإيراني،  فقد أطلقت موسكو دعوة للحوار بين كل من إيران ودولة الإمارات في ما يتعلق بالجزر الثلاث "أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى" استدعت على إثرها الخارجية الإيرانية السفير الروسي وسلمته مذكرة احتجاج معبرة عن رفضها التفاوض حول هذا الملف.

وبحسب التقرير فإن إيران باتت تفكر بجدية في إيجاد مصادر تمويل تكفي لتطوير قطاع الطاقة حتى لو كان ذلك على حساب حليفها الروسي، كما أن إيران لا تريد أن تكون رهينة بيد الصين التي تستحوذ على ثلث التجارة معها، وهو أمر على رغم أهميته لكنه يعد مصدر قلق مستمر.

لذا تخطط إيران لتنشيط دبلوماسية الغاز، إضافة إلى فتح الطريق أمام علاقات تجارية جديدة والدخول في اتفاقات للتجارة الحرة بخاصة مع تركيا وباكستان، إضافة لإعادة العلاقات مع دول المنطقة وأبرزها السعودية. 

وأخيراً بين تقرير المركز البريطاني أن العلاقة بين موسكو وطهران ليست ثابتة في وصفها، فالبلدان حليفان في بعض الملفات، لكن هذا لا يعني أنهما متفقان على طول الطريق فكلا البلدين منتجان رئيسان للنفط والغاز، لذا لا بد من أن يكون لموقعيهما في سوق الطاقة العالمي الأثر الكبير في التنافس على حصص السوق، وما يلبث هذا التنافس أن يتحول إلى خلاف يطفو على السطح بمجرد زوال الخطر الذي يتهددهما معاً.   

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز