Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واجهات المباني بالعراق مفاعل حيوي لتنشيط "موجة القيظ"

معماريون يطالبون بتكنولوجيا التصميم الحديثة وطلاء الواجهات بـ"الأبيض والسماوي"

ألوان واجهات المباني والشوارع في بغداد والمحافظات العراقية تلعب دوراً رئيساً في ارتفاع درجات الحرارة (أ ف ب)

ملخص

العراق من أكثر بلدان العالم تأثراً بالتغيرات المناخية مما جعل خبراء يضعون إجراءات عاجلة في قواعد تصميم المباني تجنباً لارتفاع درجات الحرارة.

بات العراق قريباً من إعادة النظر في قواعد وأساليب البناء المتبعة حالياً مراعاة لموجات الحر التي تعانيها بلاد الرافدين بعدما كشف مرصد بيئي عن دور ألوان واجهات المباني والشوارع في ارتفاع الحرارة حالياً تزامناً مع التغيرات المناخية.

وتعاني غالبية المباني والدور السكنية التي تم بناؤها، خلال السنوات الماضية، غياباً تاماً في مواجهة التغيرات المناخية، في وقت تتزايد مطالب المتخصصين إلى استحداث ووضع معايير جديدة في البناء تراعي الظروف المناخية وتكون بمواصفات صديقة للبيئة لتطبيقها على المشاريع الإنشائية الجديدة.

مرصد العراق الأخضر أزاح الستار عن أسباب عدة لارتفاع درجة الحرارة في البلاد، لافتاً إلى أن اتساع المناطق الصحراوية وقلة التشجير وتدهور البيئة لغياب خطط الاهتمام بها، وألوان واجهات المباني والشوارع تلعب دوراً رئيساً في هذا الارتفاع.

وقال المرصد في تقرير نشره الثلاثاء الماضي إن "الألوان الموجودة على واجهات المباني والدور والشوارع بالبلاد تزيد من درجة الحرارة مثل الأسود والأحمر والأصفر"، مشيراً إلى أن "بعض الدول لجأت إلى تلوين الشوارع وواجهات المباني بألوان تقلل الحرارة كالأبيض والسماوي".

وعن بلاد الرافدين، ذكر المرصد البيئي أنه بإمكان العراق فعل ذلك، قياساً إلى ميزانيته المالية، وحملات الإعمار التي يدعيها، من طريق بلديات المدن بالعاصمة بغداد وبقية المحافظات.

لكن المتخصصة في الشأن البيئي إقبال لطيف رأت أنه إلى جانب تسببها في رفع درجة الحرارة فإن ألواناً مثل الأحمر والأصفر تندرج ضمن قائمة التلوث البصري، مشيرة إلى أن الألوان الباردة "الفاتحة كالوردي الأبيض" تعكس الحرارة، وكثير من الدول تعتمدها.

عوامل أخرى

المتخصصة في هندسة المعمار ميسون الربيعي عددت عوامل تؤثر في درجة الحرارة بالمناطق الحضرية والتي تتخللها المباني والشوارع المبلطة والمساحات الخضراء، موضحة أن واجهات المباني تلعب دورها في زيادة درجات الحرارة عموماً، وذلك بسبب انعكاس أشعة الشمس منها أو تخزينها الحرارة داخل المواد الإنشائية وإعادة إطلاقها في أوقات الليل.

وذكرت أن الألوان الفاتحة عموماً تميل إلى عكس الجزء الأكبر من أشعة الشمس بينما "الداكنة" منها تمتص الحرارة من الأشعة المسلطة عليها بنسبة أكبر، ومع هذا التفاوت تأخذ واجهات المباني ذات الألوان الفاتحة وقتاً أطول من نظيراتها الداكنة في تسخين المادة المكونة منها.

وبحسب الربيعي فإن تسخين المادة بصورة سريعة يؤدي إلى تحرير هذه الحرارة إلى المحيط الحضري المكون من الأزقة والشوارع والساحات العامة، علاوة على أن المواد ذات الكثافة التكتلية العالية أمثال منتجات المرمر تقف خلف ارتفاع درجات الحرارة عكس المواد التي يدخل فيها الطين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفتت الانتباه إلى توصية رئيسة يتلقاها المهندسون المعماريون دائماً وترتبط بضرورة الجمع بين المواد المقاومة للتسخين السريع ومعالجات الظل والظليل، ضمن دراسة توجيه البناية وتصميم جدران مظللة أمام الجدران الأصلية.

وتتابع أنه في العراق ونتيجة المناخ القاري البارد شتاءً والحار صيفاً فإن توجيه البناية نحو الجنوب يعد مثالياً بالنسبة إلى زوايا الشمس والتوجيه إلى الغرب غير محبذ ويجب الابتعاد عنه قدر الإمكان بمصادمة الحمل الحراري للهواء مع أشعة شمس في وقت العصر، إذ "يجب أن نغفل التصاميم الحديثة في كاسرات الأشعة العمودية والأفقية ومن الأمثلة الحية تصميم مباني جامعة بغداد من قبل المعماري الألماني كروبيوس".

مبادئ حديثة

لكن الاستشاري المعماري والمتخصص في الطاقة المتجددة همام الشريفي أشار إلى أن تطبيقات الطاقة المتجددة في الأبنية تزداد أهميتها في ظل سخونة سطح الأرض وارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، منوهاً بزيادة درجة العزل الحراري لجدران وسطوح وأرضيات الأبنية لحماية الفضاءات الداخلية من تأثيرات المحيط الخارجي.

وعمد المصممون إلى تفعيل التهوية الطبيعية للفضاءات الداخلية باستحداث مناطق ساخنة معرضة لأشعة الشمس مقابل أخرى مبردة بالظل والظليل، موضحاً أنه في المناطق ذات المواسم الحارة يتم تجنب المسطحات الكبيرة من النوافذ الزجاجية وفي حالات الاضطرار توضع مواصفات دقيقة باستخدام زجاج عاكس للترددات الطويلة والقصيرة لأشعة الشمس واستعمال مظللات متحركة، بما يؤمن تخفيف الحمل الحراري على المبنى.

وفي التصاميم الحديثة أوضح الشريفي أن هناك وسائل لتجميع مياه الأمطار وترشيحها لإعادة استخدامها في تنظيف المرافق الصحية وري الحدائق المرفقة بالمبنى، وكذلك فإن أسطح الأبنية يتم تصميمها لتثبيت خلايا ضوئية ملحقة ببطاريات خزن لضمان استمرارية تجهيز التيار الكهربائي في الليل أو الأيام الغائمة.

وطالب بضرورة توفير مواصفات لمواد منتجة محلياً لكي لا يتم نقلها عبر مسافات طويلة حفاظاً على البيئة العامة وهذا ما يسمى بـ"المواصفات الخضراء"، لافتاً الانتباه إلى أنه من التشريعات الجديدة تجنب استخدام ألواح الخشب واللجوء إلى نشارة الخشب المكبوسة في صناعة الأثاث للحفاظ على الغابات الاستوائية والقطبية المنتجة لخشب البناء والأثاث.

معايير جديدة

بدوره، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي بسام رعد، إن أزمة المناخ تشكل أكبر تهديد لبقاء دول بعينها، على غرار العراق، الذي يعد خامس بلد في العالم تضرراً من حيث التغيرات المناخية، كما أنه في المرتبة 39 عالمياً بين الدول الأكثر إجهاداً للمياه.

"رعد" اعتبر تلك العوامل والظروف المناخية سبباً في ارتفاع درجات الحرارة ورافقتها آثار ضارة مثل الجفاف وموجات الحر والظواهر الجوية المتقلبة، وباتت 55 في المئة من المساحة الكلية للبلد مهددة بالتصحر.

ونوه بأن للتغير المناخي آثاراً اقتصادية ضارة تتمثل في تهديد صحة الأشخاص المعرضين لها، مما يتطلب زيادة الإنفاق في مجال الصحة والدواء، علاوة على إعاقة حركة السفر البري مما يلحق خسائر بعديد من قطاعات التجارة الداخلية ويدفعها إلى تأجيل بعض أعمالها والتأثير السلبي في حركة الطيران والملاحة وتعطيل عمل الموانئ.

وزاد أن إهمال الآثار المناخية وتبعاتها سيؤدي إلى تأمين السلع الغذائية عبر طريق فاتورة الاستيراد وبكلف باهظة من الخارج، إذ إن هذه العوامل تدفع إلى اتخاذ إجراءات جذرية للتخفيف من حدة آثار تغيرات المناخ والتكيف معه.

وختم حديثه بالإشارة إلى لجوء عديد من الدول إلى استخدام المواد الصديقة للبيئة في عمليات البناء، ومن أجل التكيف مع هذه الظروف ينبغي وضع معايير جديدة في البناء تراعي الظروف المناخية وتكون بمواصفات صديقة للبيئة لتطبيقها على المشاريع الإنشائية الجديدة.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة