ملخص
منذ توليه منصبه يعمل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على تسهيل إجراءات منح تصاريح حمل السلاح للإسرائيليين
ارتفعت نسبة امتلاك السلاح الشخصي للإسرائيليين إلى أكثر من 450 في المئة، في ظل سياسة رسمية تشجع على حمل السلاح وتسهل إجراءات ترخيصه "للدفاع عن النفس في مواجهة هجمات الفلسطينيين"، وذلك في ظل مخاوف حقوقية إسرائيلية وفلسطينية من "شرعنة القتل، وزيادة نسبة ال3جرائم".
ومنذ توليه منصبه يعمل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على تسهيل إجراءات منح تصاريح حمل السلاح للإسرائيليين، ويقول "أريد مزيداً من الأسلحة في الشوارع حتى يتمكن مواطنو إسرائيل من الدفاع عن أنفسهم".
و قتل مستوطن إسرائيلي ينتمي إلى حزب بن غفير شاباً فلسطينياً مساء السبت خلال هجوم للمستوطنين على قرية برقا شرق رام الله.
ومع تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية، أقرت الحكومة الإسرائيلية قبل أشهر عدة إجراءات لتسهيل الحصول على السلاح الشخصي للإسرائيليين. ومن شأن ذلك وفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يزيد "القدرة على الرد، ونرى مراراً أن المواطنين المسلحين المَهَرة ينقذون الأرواح".
ومع أن الكنيست الإسرائيلي لم يقر بعد خطة بن غفير لتسهيل إجراءات ترخيص السلاح الشخصي، إلا أن سياساته الخاصة بذلك سلكت طريقها نحو التطبيق عبر سيطرته على جهاز الشرطة الإسرائيلية.
ومنحت السلطات الإسرائيلية نحوة 12 ألف رخصة حمل سلاح في الربع الأول من العام الجاري، بزيادة بنسبة 280 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ونسبة 450 في المئة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2021، وفق بيانات رسمية إسرائيلية.
ويمتلك حالياً نحو 200 ألف مدني إسرائيلي رخصة لحمل السلاح، إضافة إلى 35 ألف من المتطوعين المدنيين في الشرطة والأجهزة الأمنية.
ومع ذلك فإن سياسة الحكومة الإسرائيلية قد تؤدي إلى زيادة العدد المحتمل لحاملي تراخيص السلاح إلى 600 ألف شخص إضافي.
وستتيح تعليمات بن غفير منح رخص الأسلحة إلى 30 ألف إسرائيلي سنوياً، في ظل تضاعف عدد الطلبات للحصول على رخص حمل السلاح، وذلك مع ارتفاع وتيرة الهجمات الفلسطينية. فمنذ مطلع العام الجاري قدّم 17 ألف إسرائيلياً طلبات ترخيص لحمل السلاح إلى لوزارة الداخلية.
على طاولة المطبخ
"السلاح سيوجد على طاولة المطبخ في منزل كل إسرائيلي"، قالت آن سوتشيو من جمعية "حقوق المواطن" في إسرائيل، مشيرةً إلى أن التعليمات الجديدة بمثابة "رخصة لقتل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر تحت ذريعة مكافحة العمليات على خلفية قومية".
ولا تقتصر التداعيات السلبية لتسليح الإسرائيليين على الفلسطينيين فقط، لكنها تتجاوز ذلك لتصل إلى الإسرائيليين أنفسهم.
وحذرت سوتشيو من أن التعليمات الجديدة "من شأنها أن تنعكس سلباً حتى على المجتمع الإسرائيلي، وتُسهم برفع مستوى العنف والجريمة وزيادة جرائم القتل خاصة في صفوف النساء الإسرائيليات".
ولأجل ذلك، قدمت جمعية "حقوق المواطن" اعتراضاً في المحكمة العليا الإسرائيلية على توسيع دائرة منح تراخيص حمل السلاح.
وحذر رئيس منظمة "طاولات المطبخ الخالية من الأسلحة النارية" الإسرائيلية ريلا مزالي من أن "التسليح الجماعي للمدنيين والمستوطنين سيتسبب في مآسٍ لسنوات قادمة، واليوم يخلق بالفعل واقعاً ساماً وقاتلاً".
ويرى مزالي أن التسليح الجماعي للإسرائيليين يشكل "دعوة مفتوحة لزيادة جرائم القتل عبر السلاح الذي يفتك تحديداً بالنساء؛ حيث شهد عام 2021، 12 حالة انتحار عبر استخدام أسلحة مرخصة، إلى جانب 16 حالة إطلاق رصاص، بينما قُتلت في العام ذاته 14 امرأة عبر استخدام الأسلحة النارية، ثلاث منهن عبر استخدام أسلحة مرخصة"، بحسب الداخلية الإسرائيلية.
موقف بن غفير
لكن بن غفير يرفض التحذيرات من تداعيات التسليح، بل يرى في ذلك وسيلة "بدأت تبثت فعاليتها في حماية الإسرائيليين، وفي تمكن المواطنين من الدفاع عن أنفسهم، وعن شعب إسرائيل".
وجاءت تصريحات بن غفير إثر قتل رجل شرطة إسرائيلي خارج الخدمة مهاجماً فلسطينياً فتح النار على مستوطنين في مستوطنة معالي أدوميم شرق الشرق، وأصاب خمسة منهم بجروح.
وتتفق جمعية "الترويج لثقافة السلاح في إسرائيل" مع بن غفير، وتشير إلى أن وجود أسلحة الخاصة في أيدي الأشخاص المَهرة "سيخلق الردع، وسيشكل قوةً إضافية لقوات الأمن".
وأشارت الجمعية إلى أن سلاح الدفاع عن النفس في أيدي الإسرائيليين في الأماكن الخاصة والعامة "ينتج استجابةٍ أولية حتى وصول الشرطة، خاصة أنها تستغرق وقتاً للوصول إلى مكان الحدث".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النمط الأميركي
وتأتي ظاهرة انتشار التسلح بين الإسرائيليين في ظل الخوف من تكرار السيناريو الأميركي حيث تنتشر جرائم القتل بشكل واسع النظاق.
ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد هلسة أن إسرائيل "تتبنى بالتدريج سياسة تسليح مدني وفق النمط الأميركي".
لكن هلسة أشار إلى أن إغراق إسرائيل بالأسلحة النارية "لن يساهم في تحقيق الأمن بل على العكس، بالإضافة إلى غياب دور الدولة التي يُفترض أن يكون دورها استعادة الأمن الشخصي، وبناء الثقة العامة بها".
وأوضح أن "المتجمع الإسرائيلي مسلح بأغلبته حتى قبل قيام دولة إسرائيل، حيث استمرت السلطات بعد ذلك في تسليح المجموعات الاستيطانية بالنظر إلى أن أغلبية المستوطنون يخدمون في الجيش الإسرائيلي".
ووصف هلسة الجتمع الإسرائيلي بأنه "مجتمع استيطاني عسكري جاء بمنطق القوة إلى البلاد، ويعمل على استمرار وجوده بحيازة السلاح على مستوى الأفراد والدولة".
وتابع هلسة أن "إجراءات بن غفير ستكون لها ارتدادات سلبية ليس على الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر فحسب، بل على الإسرائيليين أيضاً عبر تصفية الحسابات الداخلية في ظل وجود نسبة عالية من منظمات الإجرام والمخدرات وتجارة الجنس".
تجاوز الخط الأحمر
وزاد المتحدث ذاته أن "إجراءات وزير الأمن القومي الإسرائيلي الجديدة قد تمثل تجاوزاً للخط الأحمر الذي لطالما كان موجوداً على امتداد تاريخ إسرائيل، فبن فغفير يريد تجاوز ذلك".
واستبعد سن الكنيست قانوناً لتسهيل الحصول على رخص لحمل السلاح "حتى لا يثير المجتمع الدولي ضد إسرائيل"، لكنه أشار إلى الإسرائيليين "ليسوا بحاجة إلى تشريعات للحصول على الأسلحة، ذلك أن دعوات بن غفير للتسلح تلقى أذاناً صاغية بينهم، بسبب تصاعد الهجمات الفلسطينية، فكلما تصاعدت الهجمات زاد الطلب على السلاح" وفق هلسة.
وقال إن "إسرائيل تقف إسرائيل تقف مفترق طرق في موقفها تجاه ترخيص السلاح، فإما تعتبره جزءاً من الحرية الشخصية كما يحصل في أميركا، أم أنه ضروري فقط في حالات استثنائية".
واعتبر مدير "مركز إميل توما للدراسات الفلسطينية والإسرائيلية" عصام مخول أن تسليح الإسرائيليين يأتي "جزءاً من عملية متكاملة للانتقال الفاشي في إسرائيل؛ هكذا تتصرف الفاشية الكلاسيكية، ولا تكتفي بأدوات القمع والعنف الخاصة بالدولة".
وحذر مخول من تداعيات تلك الظاهرة "التي لن يسلم منها أحد حتى اليهود أنفسهم في نهاية المطاف، خاصة أؤلئك الذين لا ينسجمون مع النخب النخب الفاشية الحاكمة".
وقال مخول إن تلك الظاهرة تُفقد الدولة مبرر وجودها عبر احتكارها للقوة والعنف، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للتوقف عن تسليح الإسرائيليين.
كما اعتبر رئيس اللجنة الشعبية في مدينة اللد، خالد زبارقة أن انتشار ظاهرة تسليح الإسرائيليين بمثابة "رخصة لقتل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر تحت ذرائع وحجج واهية".
وحذر زبارقة من أن "التحصين القانوني لمن يطلق الرصاص على الفلسطينيين بمثابة منح شرعية لاستباحة الدم الفلسطيني".