ملخص
نجاح بزشكيان في الانتخابات ليس لموافقة الإيرانيين على استمرار سياسات النظام، بل بسبب أكبر موجة من المعارضة الشعبية للوضع الراهن وشرعية النظام.
هو الرجل الذي يعد نفسه مطيعاً مطلقاً للمرشد علي خامنئي ويدعي أنه نظراً إلى خلفيته العائلية وسجله الحافل بالمسؤوليات يمثل الشعب في إيران وعلى دراية بمطالبهم. وفي النتيجة أعلن أنه الرئيس التاسع لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
سيجلس بزشكيان على كرسي الرئاسة في ظل أدنى مشاركة شعبية في الانتخابات الرئاسية، وإن نجاحه في الانتخابات ليس نتيجة موافقة الإيرانيين على استمرار سياسات النظام، بل بسبب أكبر موجة من المعارضة الشعبية للوضع الراهن وشرعية النظام.
سعياً إلى تجاوز السلطة
يعتقد كثر أن عودة الإصلاحيين للمشهد السياسي والسلطة وفوز مسعود بزشكيان بكرسي الرئاسة نتيجة رغبة النظام وصناع القرار في إيران. وفي ظل الوضع الفوضوي الحالي، ونظراً إلى التراجع الكبير في شرعية النظام بين الإيرانيين، فليس هناك طريق آخر سوى استخدام الإصلاحيين لتجاوز السلطة.
كانت بداية دخول مسعود بزشكيان إلى الحياة السياسة عام 2000 عندما تولى منصب مساعد وزير الصحة، ومن ثم تولى منصب وزير الصحة في حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي الثانية.
بزشكيان ربما يكون الوزير الوحيد الذي لم يكن شخصية إصلاحية في حكومة خاتمي. وبعد انتهاء فترة رئاسة الأخير دخل بزشكيان البرلمان الإيراني في دورته الـ12 ممثلاً لمدينة تبريز.
استبعد بزشكيان في المراحل الأولى من التسجيل للانتخابات البرلمانية في الدورة الـ12، لكن المرشد علي خامنئي اعترض على استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور، مما أدى في النتيجة إلى انتخابه، ودخل البرلمان عام 2023. كما سجل بزشكيان في الانتخابات الرئاسية عامي 2013 و2021، إذ انسحب لمصلحة هاشمي رفسنجاني عام 2013، بينما رفضت أهليته من قبل مجلس صيانة الدستور عام 2021.
النواة الصلبة للنظام
حظي تصريح بزشكيان في البرلمان بعد أن استبعد من قبل مجلس صيانة الدستور باهتمام بالغ من قبل وسائل الإعلام في حينها، إذ قال إن "الناس يقولون عنا أشياء غير جيدة".
ولعل ما دفع بعضاً من الإصلاحيين إلى اعتبار الموافقة على أهلية مسعود بزشكيان فرصة للعودة إلى السلطة، إذ كان انتقد الرجل القمع عام 2009 ومقتل مهسا أميني، فضلاً عن تصريحاته المختلفة عن ساسة النظام حول احتجاجات عام 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السياق نفسه فإن المواقف الواضحة والصريحة لمسعود بزشكيان في إطاعته المطلقة لعلي خامنئي وإصراره على قبوله لولاية الفقيه تظهر أنه ليس لديه أية مشكلة مع المرشد الإيراني. كما أن الدعم الذي حظي به من الدائرة المقربة للمرشد علي خامنئي، مثل وحيد حقانيان، يظهر أيضاً أن في النواة الصلبة للنظام هناك من يثق به.
وفي عام 2009 قال مسعود بزشكيان إن "ولاية الفقيه هي كل ما نستمد منها حياتنا وإيماننا وعقيدتنا".
أحد المواقف لبزشكيان التي يمكن الحديث عنها هو تشكيكه في الأسباب التي طرحها الطبيب الشرعي، والتي أدت إلى وفاة الطبيب رامين بوراندرجاني الذي كان معتقلاً في سجن "كهريزك"، كما ادعى مسعود بزشكيان في قضية مقتل الصحافية الإيرانية - الكندية أنه لا توجد آثار إصابة على جسدها، إذ اعتبر ادعاء بزشكيان محاولة واضحة منه كوزير للصحة آنذاك لإخفاء الحقيقة في هذه القضية.
رحلة الرئيس التاسع
ولد الرئيس التاسع للنظام الإيراني في الـ29 من سبتمبر (أيلول) 1954 بمدينة مهاباد لأب تركي - أذري وأم كردية، وعاشت عائلته في مدينة مهاباد. وفي الوقت نفسه، ومع قيام نظام الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979، كان بزشكيان في العشرينيات من العمر، لكن لا توجد معلومات عن سجله السياسي قبل انتصار الثورة الإسلامية.
وخلال الأيام الماضية نشرت صور لأشقاء مسعود بزشكيان في مدينة أورومية. محمود بزشكيان معلم متقاعد، بينما قتل شقيقه الآخر يوسف في الاشتباكات التي حدثت عام 1980.
أكمل مسعود بزشكيان تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه مهاباد، ومن ثم انتقل إلى عاصمة محافظة أذربيجان ليكمل دراسته الثانوية، وحصل على شهادة الدبلوم في الصناعة الغذائية من ثانوية الزراعة بمدينة أورومية. وبعد حصوله على الدبلوم في الصناعة الغذائية عام 1973 انتقل إلى مدينة زابل لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وفي هذه الفترة أصبح مهتماً بدراسة الطب.
في عام 1975، وبعد الانتهاء من الخدمة العسكرية، حصل بزشكيان على شهادة ثانية من ثانوية العلوم الطبيعية. وفي عام 1976 قبل في كلية الطب بجامعة تبريز.
أنهى بزشكيان دراسته في كلية الطب عام 1985، بينما بدأ دراسة علم الأحياء في جامعة الطب بمدينة تبريز. وعام 1990 تخصص في الجراحة العامة. وعام 1993 نجح في الحصول على شهادة التخصص في جراحة القلب من جامعة الطب.
عمل بزشكيان في بداية الأمر بمستشفى شهيد مدني لجراحة القلب في مدينة تبريز، وأصبح في ما بعد رئيساً للمستشفى نفسه. ونقلاً عن بعض الطلاب في تلك الفترة، فإن بزشكيان كان مسؤولاً عن توظيف أساتذة الجامعة.
أن ننتظر لنرى
منتقدو مسعود بزشكيان أكدوا أنه استبعد بعض الأساتذة من العمل في الجامعة، لكن الرئيس الجديد رفض هذه التهم، وقال إنه أبقى على الأساتذة الذين كانوا يخالفونه في الفكر.
بزشكيان حاله حال سعيد جليلي، إذ ذهب إلى جبهات الحرب منذ البداية، وكان مسؤولاً عن إرسال الفرق الطبية إلى جبهات القتال. كما يعرف عنه أنه كان من المقربين لقادة الفرقة 31 عاشوراء التي يترأسها باكري.
التقى مسعود بزشكيان أثناء تعليمه الجامعي في جامعة الطب فاطمة مجيدي وتزوج بها، ولديه ثلاثة أبناء وبنت واحدة. وعام 1994 توفيت زوجته وأحد أبنائه في حادثة سير، ومنذ ذلك الحين لم يتزوج.
تحمل زهراء بنت مسعود بزشكيان شهادة الماجستير في البتروكيماويات، إذ رافقت أباها في معظم حملته الانتخابية وأثناء التسجيل وفي رحلاته الانتخابية للمحافظات الإيرانية.
مهدي بزشكيان طالب دكتوراه في الهندسة الكهربائية، بينما نجله الأكبر يوسف حاصل على دكتوراه في الفيزياء ويعمل حالياً عضو هيئة تدريس في جامعة "سهند".
وعليه، فإن الطبيب الذي دخل منافسة الانتخابات الرئاسية يطالب بإعادة استئناف المفاوضات حول البرنامج النووي مع الغرب، ووقف عمل "شرطة الأخلاق" وقمع النساء والفتيات الإيرانيات بحجة الحجاب الإجباري، وحل المشكلات الاقتصادية، ورفع حجب الإنترنت في البلاد. من ثم يجب أن ننتظر لنرى هل بزشكيان قادر على تنفيذ هذه الوعود؟ أم أنه سيفشل أمام النواة الصلبة للسلطة كما فشل من قبله محمد خاتمي وحسن روحاني؟
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"