ملخص
الساعات الـ24 المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط بالنسبة إلى النيجر بل بالنسبة إلى مستقبل غرب أفريقيا على اعتبار أن بعض دول "إيكواس" ترفض التدخل العسكري هناك
طبول الحرب تقرع في النيجر بعد انتهاء المهلة التي منحتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) للانقلابيين من أجل إعادة الشرعية للرئيس المحتجز محمد بازوم وسط مخاوف من انقسام بين دول المجموعة حول قرار التدخل عسكرياً في البلاد وتأثير هذا التدخل في الاستقرار بمنطقة غرب أفريقيا.
وفي ظل إصرار المجلس العسكري على الاحتفاظ بالسلطة ورفضه أية محاولة لإعادة الرئيس المحتجز بازوم للحكم، يبقى الحل العسكري أقرب طريق تمنع به "إيكواس" استمرار مسلسل الانقلابات الذي عصف في المنطقة خلال الفترة الأخيرة.
وكان المجلس العسكري في النيجر دق آخر ناقوس في نعش التفاوض مع الرافضين لانقلابه على الشرعية بعدما طلب من قوات "فاغنر" الروسية الموجودة في مالي المجاورة مساعدة بلاده في تأمين دعم لوجستي للجيش.
فهل ستغامر مجموعة دول غرب أفريقيا وتتورط بتدخل عسكري في النيجر؟ أم إنها ستمنح المجلس العسكري فرصة أخرى ومهلة إضافية لمراجعة موقفه؟
"إيكواس" بين نارين
ويرى المتابعون للشأن النيجري أن الساعات الـ24 المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط بالنسبة إلى النيجر بل بالنسبة إلى مستقبل غرب أفريقيا على اعتبار أن بعض دول "إيكواس" ترفض التدخل العسكري في النيجر مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
ويؤكدون أن جميع محاولات "إيكواس" تهدف إلى إعادة الشرعية والاستقرار للنيجر وليس إلى التدخل في شؤونه الداخلية، ومنع استمرار مسلسل الانقلابات في منطقة غرب أفريقيا.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في الشؤون الأفريقية باه عبدلي إن "النيجر تمثل حالة خاصة في غرب أفريقيا بالنظر إلى استقرارها السياسي مقارنة ببقية دول غرب أفريقيا، لذلك فإن تركها هكذا عرضة لانقلاب عسكري مدعوم من روسيا سيضعف منطقة غرب أفريقيا بالكامل وسيشجع عسكريين آخرين على تنفيذ انقلاب، بالتالي إعادة المنطقة إلى عصر الانقلابات العسكرية".
ويضيف في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن دعم فرنسا لموقف "إيكواس" يزيد الضغوط على قادة الانقلاب لأنهم يدركون ما يعنيه هذا الدعم من دولة قوية استخباراتها العسكرية موجودة في المنطقة ويمكن أن توفر معلومات دقيقة عن مواقع القادة العسكريين وبالتالي استهدافهم.
ويرى عبدلي أن الانقسام في موقف دول "إيكواس" مرده للانقلابات العسكرية التي حدثت خلال العامين الماضيين، وقبول "إيكواس" بما قدمه العسكر في مالي وبوركينا فاسو وغينيا من حلول تبين في ما بعد أنه لم يتم الوفاء بها، ويضيف "إيكواس تخشى من أن يتكرر سيناريو ما حدث في مالي وبوركينا فاسو وغينيا داخل النيجر ومن هذه الأخيرة إلى دول أخرى، حيث تتوالى الانقلابات والعسكر لا ينفذون وعودهم... بالتالي فالنيجر نظراً إلى خصوصيتها هي أفضل مكان وحالة يمكن أن تثبت إيكواس من خلالها حرصها على استقرار الساحل، وأن هذه المنطقة تحتاج إلى ديمقراطية وتنمية لا انقلابات عسكرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأثير التدخل العسكري
وتشير تقارير عدة إلى أن قادة جيوش مجموعة غرب أفريقيا وضعوا خطة لتدخل عسكري وشيك في النيجر وتركوا قرار اختيار توقيت تنفيذه لقادة دول المجموعة، وفي انتظار ما ستؤول إليه الاوضاع، تخشى المنظمات غير الحكومية من أن يؤدي عدم الاستقرار المتزايد في النيجر وعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى تفاقم الحاجات الإنسانية للفئات الأكثر ضعفاً.
وإضافة إلى تداعيات انقلاب الـ26 من يوليو (تموز) الماضي على الأوضاع الإنسانية في النيجر، يتخوف المراقبون من تأثيره في انتشار الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل التي تسيطر على مناطق متفرقة من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وتعاني جيوش مالي والنيجر وبوركينا فاسو حرباً استمرت لأعوام مع المتطرفين المرتبطين بـتنظيمي "القاعدة" و"داعش" في منطقة الساحل، وفيما تستمر الجماعات الإرهابية في الاستحواذ على مناطق جديدة بالساحل الأفريقي مستغلة انشغال الجيوش بالانقلابات، يرى الخبراء أن الانتصار في الحرب على الإرهاب بالساحل يتطلب الاستقرار والإرادة الحقيقية والمبادرات الجريئة للسيطرة على الحدود ومنع توسع الجماعات الإرهابية ووقف العنف المتصاعد.
إهمال أدى إلى انقلاب
في هذا الصدد، يحذر الباحث النيجري سيدي مختاري من انقسام النيجر وسيطرة الجماعات الإرهابية عليها في حال تنفيذ أي تدخل عسكري خارجي، ويقول إن التنظيمات الإرهابية ستستغل الوضع وستجلب مزيداً من الشباب المحبطين إليها بسهولة، كما أنها ستستغل انشغال الجيش في التنقل والتواصل جغرافياً مع بقية التنظيمات الإرهابية في نيجيريا وتشاد ومالي.
ويضيف أن "النيجر المصنفة سابعة بين أكثر دول العالم فقراً، لا تقوى على تحمل عقوبات اقتصادية ولا تدخلات عسكرية... بل هي في حاجة لتكثيف الوساطات من أجل إيجاد حل لمشكلاتها وليس تعقيدها".
ويتساءل مختاري عن أسباب اهتمام الغرب المفاجئ بالديمقراطية في النيجر، فيقول "أين كان هذا الاهتمام والنيجر تضعف يوماً بعد يوم بسبب الإرهاب والفقر وغياب دعم حقيقي للتنمية".
ويؤكد أن التدخل العسكري في النيجر سيخلق فوضى بمنطقة الساحل ولن يساعد النيجر بأي حال على استعادة الشرعية، بل إنه سيحولها إلى نموذج مشابه للسودان، داعياً إلى منح فرص أخرى للتفاوض من أجل مصلحة دول الساحل الأفريقي واستقرارها.