Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تكون أفضل حلقات المسلسلات تلك التي يغيب عنها الأبطال؟

سلسلة "البارع" التي تبثها منصة "ديزني بلس" هي أحدث عرض يتخلى بشكل موقت عن الشخصيات الرئيسة ليركز على تلك التي في الخلفية. نستكشف سبب اعتبار هذه "الحلقات المنفردة" في كثير من الأحيان الأجمل في السلسلة

بغض النظر عن السياق، غالبًا ما تصور الأقساط المتباينة التي تعرض مرة واحدة، العرض في أفضل حالاته (إتش بي أو/هولو/إف اكس/بي بي سي/اندبندنت)

ملخص

سلسلة "البارع" على منصة "ديزني بلس" هي أحدث عرض يتخلى بشكل موقت عن الشخصيات الرئيسة ليركز على تلك التي في الخلفية. نستكشف سبب اعتبار هذه "الحلقات المنفردة" في كثير من الأحيان الأجمل في السلسلة

في الحلقة الرابعة من دراما الطهي الرائعة "البارع" The Bear التي تبثها شبكة "هولو"، يتعلم صانع المعجنات ماركوس (يلعبه ليونيل بويس) كيفية صنع الحلوى في كوبنهاغن. هذا كل ما في الأمر حقاً. نراه يتجول في أرجاء العاصمة الدنماركية عند الفجر، ويأخذ عينات من أفضل المخبوزات التي تباع في المدينة، قبل أن يوجهه كبير الطهاة لوكا (ويل بولتر) بأناة للوصول إلى ابتكار حلوى شهية. لماذا، إذاً، تعد هذه واحدة من أفضل الحلقات التلفزيونية لهذا العام؟

تخبرني كاتبة السيناريو ستيسي أوسي كافور عن الحلقة التي حملت عنوان "عسل المَن" Honeydew والتي شاركت في كتابتها: "هناك أمر جميل وفريد حقاً في رؤية شخص أسود تتم معاملته بشكل جيد حقاً في مكان أجنبي. لا يعامل بشكل جيد حقاً وإنما مثل أي شخص آخر فقط". كما يعلم عشاق سلسلة "البارع" التي ابتكرها جيريمي آلن وتحتل شخصيات بيضاء الصدارة فيها وتدور حول طاه حائز على تقييم "ميشلان" يعود لموطنه لإدارة متجر الشطائر الذي كان يمتلكه شقيقه المتوفى، فإن أقل ما يقال عنها إنها مكثفة في العادة. هناك شتائم وصراخ وقذف أواني المطبخ من حين لآخر، وكل ذلك يجري في الموقع الرئيس في السلسلة وهو مطعم محلي في شيكاغو. ما كان بإمكان حلقة أوسي كافور الخفيفة أن تكون خروجاً أكبر عن الوتيرة التي لا هوادة فيها عادة للعمل.

ذكّرتني مشاهدة حلقة "عسل المَن" بأفضل شيء رأيته على التلفزيون هذا العام، وهو الحلقة الثالثة من المسلسل المدمر المستند إلى لعبة فيديو الذي تعرضه شبكة "إتش بي أو"، "آخرُنا" The Last of Us. كما هي الحال مع "عسل المَن"، تغيب الشخصيتان الرئيستان جويل (بيدرو باسكال) وإيلي (بيلا رامزي) عن الحلقة التي تحمل عنوان "وقت طويل، طويل" Long, Long Time، وتم استبدالهما بشخصيتين جديدتين ليس لهما أي تأثير تقريباً مهما يكن في الحبكة المسيطرة على العمل. الدراما التي تدور أحداثها بعد كارثة كادت تؤدي إلى نهاية العالم حول وباء مميت يحول المصابين إلى كائنات زومبي تسيطر عليها الفطريات، يأخذ استراحة لاستكشاف قصة حب مثلي الجنس مؤثرة بين اثنين من الناجين، سامحة بتقديم أفضل أداء في المسيرة المهنية لكل من نيك أوفرمان (نجم مسلسل "حدائق ومتنزهات" Parks and Rec) ومورّي بارتليت (نجم مسلسل "اللوتس الأبيض" The White Lotus). كانت النتيجة لافتة للنظر للغاية لدرجة أن حلقة "وقت طويل، طويل" كانت الشيء الوحيد الذي يتحدث عنه الجميع. تبلغ نسبة تقييم النقاد للحلقة حالياً على موقع "روتن توماتوز" 98 في المئة، وأكسبت كلاً من بارتليت وأوفرمان ترشيحات لجائزة أفضل ضيف شرف في مسلسل دارمي في سباق جوائز "إيمي".

هاتان الحلقتان هما فقط أحدث مثالين في سلسلة طويلة من الحلقات المنفردة والمحددة للنوع الدارمي. هناك حلقة "أحراج الصنوبر" Pine Barrens الشهيرة من مسلسل "آل سوبرانو" The Sopranos التي تشهد ضياع رجلي العصابات كريستوفر (مايكل إمبيريولي) وبولي (توني سيريكو) في الغابات الشاسعة والمغطاة بالثلوج في نيو جيرسي بطريقة ممتعة. ومن يستطيع نسيان تقديم الملائكة النائحة بطريقة تحرض الكوابيس في حلقة "رمشة عين" Blink من مسلسل "دكتور هو" Doctor Who، من بطولة الوجه الجديد آنذاك كاري موليغان في حلقة بالكاد يظهر فيها بطل المسلسل تايم لورد الذي يؤديه ديفيد تينانت. يمكن بسهولة وصف هذه الحلقات بأنها "حشو" ما لم تكن ممتازة بكل ما للكلمة من معنى. إذاً لماذا تتخذ المسلسلات مثل هذه المجازفات؟

هناك دور كبير للإيقاع في هذه المسألة. تقول أوسي كافور عن صياغة حلقة "عسل المَن" مع المؤلفين المشاركين: "تحدثنا عن التقاط الأنفاس". في الحلقة، يرسل كارمي (رئيس الطهاة الذي يجسده ألين وايت) ماركوس في رحلة حج إلى قبلة المخبوزات لتعلم مهارات جديدة وتشكيل أفكار جديدة من أجل مطعمهم. من خلال ترك الأجواء المشاكسة لمقر الأحداث في شيكاغو، تبتعد "عسل المَن" عن سخونة المطبخ. نشاهد ماركوس وهو يفرد العجين ويضغط عليه ويطويه بينما يؤدي الإلهام الجديد إلى توسيع مخيلته. في أحد المشاهد التي لا تزال تشعرني بالغصة، اتصل بوالدته التي كان الراعي الأساسي لها، ويقول: "اتصلت فقط حتى تسمعي صوتي... أحب المدينة حقاً. إنها رائعة بالفعل. المكان الذي أقيم فيه هو قارب. المطعم جميل. تنبعث منه رائحة طيبة فعلاً وأنا سعيد حقاً لوجودي هنا. أتمنى من كل قلبي لو كنت هنا أيضاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في مقابلة مع موقع "غيزمودو"، استخدم المنتج التنفيذي لـ"آخرُنا"، كريغ مازن، اللغة نفسها بالضبط التي استخدمتها أوسي كافور لوصف "وقت طويل، طويل"، قائلاً: "ينبغي عليك نوعاً ما أن يكون لديك هذا الإحساس الغريب بالإيقاع والأشبه بالحس الموسيقي وأنت تبني سلسلة. أحد الأمور التي شعرت بها بقوة كانت، حسناً، لقد قدمنا هذه الحلقة الأولى المجنونة حيث ينهار العالم وتقع مأساة. بينما كانت الحلقة الثانية متوترة بشكل لا يصدق وعرفتنا إلى الأخطار وإلى كائنات كليكرز [الزومبي] والمأساة. نحن بحاجة إلى التقاط أنفاسنا". بعبارة أخرى، تتيح الحلقات المنفردة للجماهير التعافي، مع توفير فرصة أيضاً لاستكشاف الشخصيات التي لا تكون عادة في طليعة العرض. إنها رفاهية فريدة من نوعها يتمتع بها التلفزيون. تقول أوسي كافور: "أعتقد أيضاً بأن التلفزيون يمر في مرحلة بحيث تحصل شخصيات معينة على حقها أخيراً، إذ لم يقتصر الأمر في الماضي على عدم وجود حلقة عنها، بل لم يكن هناك حتى مشهد لعين عنها... رجلان مثليان يقعان في الحب خلال نهاية العالم؟ هذا جنوني".

بالطبع، هناك أسباب أخرى أقل جاذبية في الحلقات المنفردة. في بعض الأحيان، تكون مفروضة على الكتاب بسبب الحاجة إلى "حلقات منخفضة الموازنة" - فتظل مجموعة من الشخصيات في مكان واحد على مدى الحلقة مثل ذبابة محاصرة في قارورة. اعترف فينس جيليغان، مبتكر سلسلة "بريكينغ باد" Breaking Bad بهذا عام 2013 ، مشيراً إلى أن نقل شاحنات الإنتاج إلى موقع جديد يكلف ما بين 25 و35 ألف دولار. علمت أن حلقة "رمشة عين" في "دكتور هو" تم التكليف بها في ظروف مماثلة.

يسألني كاتب ومنتج حلقة "رمشة عين"، ستيفن موفات خلال مقابلة عبر تطبيق "زوم": "إذاً، هل هذه خاصية تتمتع بها الحلقات الناجمة عن مشكلات الإنتاج؟" أقول إن الأمر ليس كذلك، لكنني أحب معرفة الأسباب على أي حال. يوضح أنه غالباً ما يتم تصوير حلقات عدة من مسلسل "دكتور هو"  نظراً إلى ضيق الوقت، وأن الممثل الذي يلعب دور تايم لورد، على عكس بطل المسلسل، لا يستطيع أن يكون موجوداً في مكانين مختلفين في الوقت عينه. يوضح موفات: "نسميها حلقات الدكتور الخفيفة... في إحدى المرات، قمت ببساطة باحتجاز الممثل بيتر كابالدي [الممثل الـ12 الذي يجسد شخصية الدكتور] في كشك السفر عبر الزمن. وهكذا، كان موجوداً في الحلقة، لكن كان لدينا موقع واحد فقط حتى نتمكن من تصوير مشاهده في يومين فقط". بالنسبة إلى "رمشة عين" كان لدى موفات يوم واحد فقط كان خلاله تينانت تحت تصرفه، مما جعله يقوم بدلاً من ذلك بصياغة الحلقة التي بثت عام 2007 بأكملها حول ممثلة لم تكن معروفة حينها هي كيري موليغان. قال موفات عن استقبال حلقة الدكتور الخفيفة: "شعرت بارتياح شديد لأنها لم تكن الحلقة الناجحة في الموسم... بل كانت نجاح مسيرتي المهنية كما اتضح!"

برزت شخصيات الملائكة النائحة التي ابتكرها موفات كأكثر الأشرار شهرة في تاريخ "دكتور هو" (وفقاً لتصويت الجمهور) واستمرت في إحداث عدد من الأحداث الانتقامية كما في حلقة "الملائكة تسيطر على مانهاتن" The Angels Take Manhattan (2012). الملائكة هي سلالة من المخلوقات المفترسة المتخفية في هيئة تماثيل تطارد فرائسها عندما تكون غافلة قبل أن تتجمد مرة أخرى إذا أُدرك وجودها. وإذا أمسكت بك، فستستنزف الإمكانات من حياتك وتعيدك بالزمن إلى الوراء. كما يشير موفات، فإن عامل الخوف في "رمشة عين" يتزايد بسبب غياب الدكتور، موضحاً: "يطفئ الدكتور الرعب. هذا هو عمله. يأتي ويحول الوحوش إلى كائنات مثيرة للسخرية... لذا فإن التخلص منه تماماً يجعل كل شيء مخيفاً أكثر". يشبه موفات المفهوم برواية جيه آر آر تولكين الكلاسيكية "ذا هوبيت" The Hobbit. بينما يقترب غاندالف الرمادي ومجموعته من الأقزام من امتداد غابة ميركوود المرعبة في رحلتهم، أعلن الساحر فجأة أن عليه تركهم في هذا الجزء من المهمة - "إنه الشخص الوحيد المفيد!"

يمكن استخدام هذه المنهجية لإحداث تأثير معاكس في المسلسلات المحفوفة بالأخطار عادة. على سبيل المثال، فإن شخصية بيل التي يجسدها أوفرمان كانت تمثل الأمان في لعبة الفيديو التي يستند إليها مسلسل "آخرُنا". إنه شخص مدرب على النجاة قادر على بناء واحة لا يمكن اختراقها (تتألف من حي سابق في الضواحي) بينما ينهار العالم من حوله. للحظة وجيزة، يمكن للجمهور الاسترخاء في ملاذ بيل الآمن من دون رؤية كائنات الزومبي التي تأكل الوجوه. يشير جيليغان مبتكر "بريكينغ باد" في مقابلة سابقة: "تجعل الحلقات الهادئة الحلقات الأكثر توتراً ودراماتيكية تبدو كذلك أكثر مما كانت ستبدو عليه من دون نقيضتها". تعترف أوسي كافور بأنها في البداية "اقترحت كماً هائلاً من الجنون الذي سيحدث لـماركوس" في كوبنهاغن، لكن المنتجين التنفيذيين للعرض وجهوها نحو بديل أكثر هدوءاً، وتقول: "لقد تعلمت حقاً أنه في بعض الأحيان يكون القليل أكثر، وكان من الجميل فعلاً أن أرى مدى تأثر الجميع بهذه الحلقة اللطيفة والهادئة".

كل هذا يسلط الضوء على أن التلفزيون هو نوع فني تحريري بشكل لا يصدق. إنه أداة ترفيه تشبه المطواة متعددة الاستعمالات. ألا تحب تلك الشخصية؟ اقتلها. هل نفد التمويل؟ اكتف بتصوير حلقة كاملة في غرفة واحدة. يقول موفات: "إنه أحد الأمور التي تستطيع المسلسلات التلفزيونية فعلها بينما لا تستطيع الأفلام ذلك". بالطبع، مع ظهور خاصية البث التدفقي والأعمال القديرة التي تعرضها "إتش بي أو" مثل "توريث" Succession و"صراع العروش" Game of Thrones، أصبحت الموازنات الصغيرة مشكلة أصغر بكثير مما كانت عليه في الماضي. في حين أننا قد نرى عدداً أقل من "حلقات الموازنة المنخفضة" المحصورة في مواقع تصوير واحدة، فإن الحلقات المنفردة ستستمر بحيث يتم منح المنتجين مزيداً من الحرية (ومزيداً من المال) للتجريب في الأنواع الدرامية. تقول أوسي كافور: "لا أعتقد بأنه قبل عامين، كان ماركوس سيتمتع بحلقته الخاصة... أعتقد فقط بأن هذا ما كانت عليه الحال في ذلك الوقت ومن الواضح أن الوضع يتغير. أعتقد بأن هذا هو سبب إحداث هذه الحلقات مثل هذا الدوي، لأنها أمر جديد جداً ولكنه مثير للغاية أيضاً".

© The Independent

المزيد من منوعات