ملخص
فاجعة مقتل 24 مغربياً في حادثة انقلاب حافلة أزيلال تعيد فتح ملف النقل القروي في البلاد.
لم يخطر ببال ساكني بلدة آيت عنيناس في ضواحي إقليم أزيلال في المغرب أن يستفيقوا صباح أمس الأحد على فاجعة مصرع 24 شخصاً من أبناء هذه البلدة القروية الهامشية جراء حادثة سير مؤلمة بعد انقلاب حافلة للنقل القروي المزدوج الذي يربط بين بلدتين قرويتين أو أكثر.
وتعيش قرية بلدة آيت عنيناس المغربية على وقع الصدمة من حادثة السير القاتلة التي أودت بجميع ركاب الحافلة التي كانت متجهة إلى السوق الأسبوعية بمدينة دمنات، بعد أن فقد السائق السيطرة على مركبته في منعرج خطر مما أدى إلى وفاة 24 شخصاً.
وقالت مصادر محلية إن عائلات ضحايا الحادثة المأسوية يعيشون تحت هول الصدمة بعدما كانت تنتظر عودة أبنائها وبناتها من السوق الأسبوعية محملين بالخضراوات والمؤونة، لكنهم هذه المرة تلقوا خبر وفاتهم في الحادثة المفاجئة لتنقلب القرية الهادئة إلى فضاء صاخب بالبكاء والعويل والنحيب على المصاب الجلل.
عزاء جماعي
ونصبت أسر الضحايا خيمة جماعية لتلقي التعازي في القرية الصغيرة التي شدت أنظار المغاربة ونالت تعاطف ملايين الناس، في وقت طالب نشطاء بفتح النقاش في شأن مستوى الطرقات وشروط الاشتغال في النقل القروي بالمغرب.
وقال الناشط المحلي في أزيلال عبدالرحيم أوجدي إن خبر الحادثة المميتة نزل كالصاعقة على أسر الضحايا وجميع السكان الذين لا يتجاوزون بضعة آلاف، مما يجعل وفاة أحدهم مثل وفاة ابن جميع ساكني البلدة التي تعاني التهميش التنموي.
وأوضح أن الحزن العميق يغمر جميع سكان البلدة والبلدات المجاورة الذين جاؤوا لتقديم واجب العزاء لأسر المتوفين، في وقت نصبت خيمة جماعية موحدة بدلاً من نصب أكثر من خيمة، استعداداً لتلقي العزاء كدلالة على رمزية توحيد الحزن لهذه القرية.
واستطرد أوجدي بأنه يتمنى أن تكون الحادثة "ضارة نافعة"، وأن تفضي الفاجعة إلى إيلاء كثير من العناية والاهتمام بمثل هذه القرية وباقي القرى المجاورة في إقليم أزيلال وباقي المناطق القروية التي تكابد الهشاشة الاجتماعية وتعيش بعيداً من رياح التنمية التي تنتفع بها مناطق أخرى في البلاد.
مقاربة متشابكة
وتحدث شهود عيان عن أن السبب الرئيس لحادثة السير القاتلة التي أدت إلى مقتل 24 شخصاً هو عدم تحكم السائق في قيادة حافلة النقل القروي بسبب عامل السرعة مما أفقده السيطرة على مركبته لتنقلب وتؤدي إلى الكارثة.
وقال البرلماني المغربي بمدنية دمنات عبدالعالي بروكي إن "الطريق الذي وقعت فيه الحادثة معبد بخلاف ما تردد"، موضحاً أن "السائق لم يتحكم في السيطرة على العربة، كما أن عدد الركاب كان أكبر من الحمولة القانونية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر أن المقاربة معقدة في مثل هذه الحوادث المأسوية التي تقع في المناطق القروية بسبب حوادث سيارات النقل القروي، فالمسؤولية تظل مشتركة بين نوعية وجودة الطريق، وبين نوع العربات المستعملة والترخيص لهذا الصنف من النقل أو عدمه، وبالتالي فهي معادلة متشابكة تتطلب إيجاد حلول لها حتى لا تتكرر مثل هذه الفواجع الإنسانية.
وفتحت مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية والإقليمية تحقيقاً مستعجلاً تحت إشراف النيابة العامة من أجل الوقوف على ملابسات الواقعة المميتة، ونقلت جثث الضحايا إلى مستودع الأموات قبل الاستعداد لإقامة جنازة جماعية لهم خلال بداية الأسبوع.
ويشهد المغرب بين الفينة والأخرى حوادث مفجعة بسبب النقل القروي، آخرها حادثة ذهب ضحيتها 11 شخصاً بينهم تسع نساء عاملات زراعيات في قرية البراشوة بضاحية مدينة الخميسات، وقبلها حادثة حافلة خلفت 23 قتيلاً بمدينة خريبكة، وهي حوادث ترفع أعداد ضحايا حوادث السير في البلاد الذين بلغ عددهم خلال العام الماضي 3200 شخص.
خارج التغطية
وقال رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك الدكتور بوعزة الخراطي إنها "ليست المرة الأولى التي تقع فيها فواجع إنسانية في النقل الطرقي بجميع أنواعه"، منتقداً وزارة النقل التي لا تأبه بارتفاع عدد ضحايا النقل الطرقي، بحسبه قوله.
وطالب الخراطي وزارة النقل بأن "تواكب سرعة التطور الذي يشهده المغرب، خصوصاً بإعادة تنظيم قطاع النقل المزدوج وتهيئة شركات منظمة وقادرة على تقديم خدمة جيدة للمستهلك، بهدف حماية الركاب من الحوادث المميتة الناتجة من التصرفات المتهورة لبعض السائقين، "لافتاً إلى عامل رئيس آخر في هذا الموضوع يتمثل في نوعية الطريق، باعتبار أن منطقة أزيلال تابعة لجهة بني ملال ـ خنيفرة التي لم تستفد من التقدم والازدهار الذي تعرفه كثير من جهات المغرب، وعلى رغم أنها جهة غنية بمواردها الطبيعية والفلاحية لكنها تظل خارج التغطية التنموية.
وفي المقابل ذكرت وزارة النقل والتجهيز المغربية أنها تضع شروطاً للنقل القروي، وتحديداً بالنسبة إلى صاحب المركبة الذي يتعين أن "يكون مرخصاً له لهذا الغرض من طرف اللجنة الوطنية للنقل بصفة شخصية".
وتشمل الشروط حصول السائق على بطاقة إذن خاصة عن كل مركبة، وتصديق لها للنقل الجماعي للأشخاص بالعالم القروي، أو كمركبة للنقل الجماعي للأشخاص، وتكون مهيأة لنقل أكثر من ثمانية أشخاص من دون احتساب السائق، كما يجب أن تطلى المركبة باللون الأخضر مع شريط أفقي أبيض متوسط يحيط بها، وتكتب في جانبيها وفي الجهة الخلفية عبارة "النقل المزدوج مع الإشارة إلى نقطة الانطلاق"، ووفقاً للوزارة.