ملخص
وثائق بريطانية تكشف ضرورة تحضير زيارة لرئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري بهدف الحصول على فرص اقتصادية في عملية إعادة الإعمار
في ملف يعود لعام 1993-1994 ويحمل عنوان:
" LEBANON: PROPOSAL FOR VISIT PRIME MINISTER HARIRI" وردت مجموعة مراسلات سرية متبادلة بين أعضاء في البرلمان والحكومة البريطانية. تبدأ المراسلات من منتصف يوليو (تموز) 1993 وتنتهي بنهاية يناير (كانون الثاني) 1994. تتحدث إحدى الوثائق التي تحمل تاريخ 13 يوليو (تموز) 1993 عن تلقي مكتب النائب البريطاني، السير دينيس والترز اتصالاً هاتفياً بشأن فكرة مضمونها توجيه دعوة لرئيس وزراء لبنان (رفيق الحريري) إلى لندن، وأن السير والترز "طرحت عليه (الفكرة) من قبل عديد من معارفه اللبنانيين الموقرين وأنه ينبغي لنا النظر في دعوة رئيس الوزراء الحريري للقيام بزيارة رسمية إلى لندن ويفضل أن تكون الزيارة في هذا الخريف".
وتنقل الوثيقة عن السير دينيس والترز المعروف بعلاقاته مع العرب والأقرب لفهم قضاياهم بين البريطانيين، الأسباب التالية لقبول مثل هذه الدعوة "يخرج لبنان من الفوضى الماضية والحكومة الفرنسية يبدو أنها متوفرة (تعرض خدماتها)، ويجب ألا نفوت الفرصة كما أن عملية إعادة إعمار بيروت وأماكن أخرى قد تفتح فرصاً تجارية جيدة للشركات البريطانية ويبدو هذا سبباً جيداً. وأعرب عن أمله في أن يتمكن وزير الخارجية (دوغلاس هيرد) من إعطائه بعض المؤشرات عما إذا كانت الزيارة ممكنة أم لا، عندما يجتمعان في أغسطس (آب) المقبل، ولا يفترض أن يُعطى الجواب الأولي خلال هذا الأسبوع.
ورداً على ذلك، قلت إنني سأعمل من أجل بلوغ هذا الهدف لدى الجهات المختصة. نحن نرغب بالفعل في الاستثمار في بيروت. وقد جرت أخيراً زيارة وزارية ناجحة، مضت قدماً على رغم المشكلات الأمنية المحتملة (لم يكن السير دينيس على علم بهذه الزيارة). والموضوع (الزيارة) قد يأخذ وقتاً لأنه يتعلق دائماً بالتزامات رئيس الوزراء (البريطاني) وبرنامجه. كان السير دينيس على علم بانشغال رئيس الوزراء".
ترحيب بريطاني مبدئي
وفي وثيقة أخرى مؤرخة بتاريخ 14 يوليو (تموز) 1993، أي بعد يوم واحد من مقترح السير دينيس والترز الداعي لتوجيه دعوة لرئيس وزراء لبنان، رفيق الحريري زيارة لندن، جاء في الفقرة الثانية:
"أوصي بأن نبلغ السير دينيس بأننا من حيث المبدأ تجذبنا فكرة زيارة الحريري، ولكن من المرجح أن يعتمد نجاح الزيارة إذا كان بإمكاننا أن نقدم له شيئاً جوهرياً مثل استعادة دعم إدارة ضمان اعتمادات الصادرات (ECGD) وعلى هذا الأساس، قد تكون الزيارة في الخريف سابقة لأوانها".
الحريري وفريقه من التكنوقراط الموهوبين
وتشيد الفقرة الثالثة من الوثيقة بفكرة الزيارة وتصفها بأنها تشكل ميزة كبيرة تمنح الحكومة البريطانية فرصة التعبير عن دعمها للحكومة اللبنانية الشرعية "إن أسباب السير دينيس لزيارة الحريري لها ميزة كبيرة. يواصل لبنان التعافي من الحرب الأهلية، ومن شأن زيارة الحريري أن تعطينا فرصة لإظهار دعمنا لحكومته التي مضى عليها سبعة أشهر، والتي لا تزال تشكل أفضل فرصة للاستقرار والمصالحة الوطنية في لبنان، هناك أيضاً أسباب اقتصادية وجيهة لدعم الحريري، كما أظهرت الزيارة الأخيرة للسير جورج يونغ وبعثته في تقييم الإعمار إلى لبنان أن إعادة إعمار لبنان، التي يقودها الحريري وفريقه من التكنوقراط الموهوبين، قد تخلق عديداً من الفرص المهمة للشركات البريطانية."
وفي البنود الأخرى من الوثيقة جاء ما نصه "إن زيارة الحريري إلى بريطانيا ستكون موضع ترحيب من اللبنانيين الذين لا تزال رموز الاعتراف الدولي هذه مهمة بالنسبة إليهم بعد خروجهم من الحرب الأهلية، ولكن على رغم الأهمية الرمزية من غير المرجح أن يرغب الحريري في زيارة المملكة المتحدة إذا كان يعتقد أنه سيعود خالي الوفاض. ومنذ انتخابه، قام الحريري بعدد من الرحلات الخارجية، لا سيما إلى دول جيرانه في الخليج، التي جمعت الأموال لإعادة إعمار لبنان وأسفرت عن عدد من الخطوات السياسية المهمة مثل إعادة فتح السفارات. كما أن زيارة فرنسا في طور الإعداد، التي من المرجح أن تسفر عن بروتوكول مالي [اتفاقية مالية] وضمانات ائتمانية فرنسية بموجب COFACE (شركة تأمين ائتمانية تعمل في جميع أنحاء العالم).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
استعادة ضمان اعتمادات الصادرات (ECGD)
"نحن بحاجة إلى النظر في ما يمكن أن نقدمه للحريري إذا زار بريطانيا. وستكون البادرة الأكثر وضوحاً هي إعادة تفعيل غطاء ضمان ائتمان الصادرات في لبنان. تجري ECGD مراجعة في أوائل الخريف. سنقدم بشكل منفصل توصية بأن نحاول تسريع العملية في ضوء خطر ألا ننتهز فرص عقود إعادة الإعمار الرئيسة إذا تأخرنا لفترة طويلة. ومع ذلك، ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن ECGD ستقرر إعادة بسط غطاء ضمانتها وهي تعمل بموجب مبادئ توجيهية مالية صارمة متفق عليها بين الإدارات وينفذها زملاؤنا في وزارة الخزانة بقوة. وحتى إذا أوصت إدارة ضمان ائتمان الصادرات بالعودة إلى تفعيل غطاء الضمانات، فمن غير المرجح أن تعالج توصياتها في اللجان العديدة اللازمة قبل نهاية العام. يمكننا أيضاً النظر في إمكان المساعدة المالية المباشرة. ولكن بالنظر إلى الضغط على صندوق المساعدة الإنمائية الرسمية وسياساتها المعلنة لمساعدة أفقر البلدان، وعدم بدء مشاريع معونة عينية صغيرة، فإن هذا لا يبدو خياراً مثمراً بشكل خاص. ومن الإجراءات الرمزية المهمة الأخرى التي ترضي اللبنانيين إعادة فتح المجلس الثقافي البريطاني. هذا جزء من خطط المجلس على المدى الطويل، ولكن بسبب الحالة المالية المحفوفة بالمخاطر للمجلس والمخاوف الأمنية الحالية المتعلقة بالمصالح الدبلوماسية الغربية في بيروت، لا تزال إعادة الافتتاح بعيدة المنال".
وزير الخارجية يوصي بالإعداد الجيد لها
وفي 16 يوليو 1993 أعلن وزير الخارجية البريطاني عن ترحيبه بفكرة الزيارة وعبر عن امتنانه للمستشار غاي وارينغتون والبرلماني دوغلاس هوغ. جاء في الوثيقة السرية التي تحمل هذا التاريخ أنه استبعد إمكانية الزيارة خلال عام 1993 وأوكلها إلى يناير 1994 "كان وزير الخارجية ممتناً لرسالة غاي وارينغتون في 14 يوليو، كما أنه التقى بدوغلاس هوغ. وغاي وارينغتون دبلوماسي بريطاني شغل مناصب عدة منها وزير مستشار، وقنصل عام ومفوض سام لدى سيراليون. ودوغلاس هوغ كان برلمانيا ً من حزب المحافظين قبل أن ينضم عام 1990 إلى حكومة رئيس الوزراء جون ميجور وإلى وزارة الخارجية والكومنولث، إذ أصبح عضواً في مجلس الملكة الخاص في عام 1992 ثم وزيراً للزراعة والثروة السمكية والأغذية عام 1995. وجاء في إحدى الوثائق، "يتفق وزير الخارجية مع السيد هوغ على أن القيام بالإعداد السليم لزيارة رئيس الوزراء الحريري فكرة جيدة، وأننا نود أن نحتفل بهذه الزيارة لتكون رسالة دعم وتشجيع لحكومته.
ويوافق وزير الخارجية أيضاً على أنه ليس من الممكن التخطيط للزيارة خلال هذا العام. وينبغي أن نخطط لمطلع عام 1994. وعلى النحو المتفق عليه، اتصلت هاتفياً بالسير دينيس والترز في 16 يوليو لتقديم رد أولي على اقتراحه (محضر 13 يوليو). وقلت إن وزير الخارجية أيد تحليله في ما يخص إبداء اهتمام أكبر للبنان، واتفق أنه ينبغي لنا أن نفكر في زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الحريري إلى لندن. لكن لم يكن من الممكن، بسبب اليوميات المزدحمة بالفعل، التفكير في ترتيب هذا خلال هذا الخريف. وسيكون عام 1994 احتمالاً أفضل. ونود أيضاً أن نضمن نجاح الزيارة. ونأمل أن نتمكن من الاحتفال بالزيارة بطريقة موضوعية. وسيحتاج ذلك إلى إعداد جيد. ومع ذلك، كررت أن اقتراحه لقي قبولاً حسناً. شكرني السير دينيس والترز على هذا الرد السريع، الذي سينقله بعبارات مناسبة إلى جهات اتصاله. وقال إنه يتفهم لماذا قد تكون الزيارة المبكرة صعبة. وقال إنه سيغتنم فرصة اجتماعه المزمع مع وزير الخارجية في أغسطس لبحث بعض الأمور".