Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما بعد "الكحالة"... المعارضة اللبنانية تسعى لتعليق بند "المقاومة" بالبيان الوزاري

اتصالات مكثفة بين الأحزاب المعارضة لعقد جبهة سياسية واسعة موحدة

جنود لبنانيون يحيطون بالشاحنة المحملة بالذخيرة ويمنعون الأهالي من الاقتراب (أ ف ب)

ملخص

لم تهدأ الاتصالات والاجتماعات السياسية على الساحة اللبنانية بعد حادثة "الكحالة" التي شهدت اشتباكات مسلحة بين "حزب الله" والأهالي منذ "أحداث الطيونة"

يبدو أن تداعيات حادثة "الكحالة" الميدانية، ستتحول إلى مفاعيل سياسية، إذ سجل استنفار شامل على مستوى القوى السياسية المعارضة التي التقت على ضرورة الانتقال إلى مرحلة النضال الوجودي والكياني بوجه هيمنة سلاح "حزب الله" على القرار في البلاد، وفق تصريحات لرئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميل الذي اعتبر أن "لبنان في موقع خطر وقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة، فالمشكلات المتنقلة مترابطة ونتيجة وجود سلاح خارج إطار الدولة بيد ميليشيات وأفراد وبغطاء من دولة مخطوفة وقرارها ليس بيدها". وقال إن "الشعب اللبناني مقاوم لا يقبل العيش من دون حرية وكرامة وناضل على مدى آلاف السنين للحفاظ على الكرامة ولن نستسلم"، مضيفاً "لسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيات مسلحة في لبنان وهذا ستتبعه خطوات عملية واجتماعات للمعارضة وقرارات"، مطالباً المعارضة بالانتقال من الأسلوب التقليدي بالعمل السياسي إلى موقع آخر وجودي كياني أساسي فلبنان مطلوب منه أن يأخذ قرارات استثنائية.

سحب السلاح

من ناحيته شدد النائب أشرف ريفي على أن عمليات نقل وتهريب السلاح والنيترات لم تتوقف على مساحة لبنان، وأن "آلة القتل المتنقلة أنهكت الدولة وجعلتها منعدمة الوجود ولا توفر منطقة ولا مدينة إلا وتجعل منها ساحة دم"، معتبراً أن "الحكومة اليوم سقطت شرعيتها والسلاح ليس سلاح مقاومة فهو يرتد على صدورنا ويقتلنا كل يوم وسنناضل لسحب كل سلاح غير شرعي من أيدي أصحابه". وأكد أن "من حق أهالي الكحالة معرفة هوية قاتل ابنهم وتسليم المجرم الذي أطلق النار على شاب مسالم ونسأل عن مصير المسلحين الذين هربوا وعن دور الدولة وأجهزتها في هكذا أحداث قد تتكرر في أي منطقة لبنانية". ولفت إلى أن "حكوماتنا دمى بيد حزب الله بكل أسف والحل عند الشعب اللبناني ووقفتنا تأكيد على السير نحو الحل ورهاننا على الدولة اللبنانية وكأنهم يدعوننا للتسلح لمواجهة بعضنا البعض".

بريستول 2023

وتشير المعلومات إلى أن اتصالات مكثفة تجري بين الأحزاب المعارضة سواء على مستوى التكتلات النيابية أو المجموعات السياسية غير الممثلة في الجبهة، إذ يتم نقاش خطوات منسقة للمرحلة المقبلة، ضمنها عقد جبهة سياسية واسعة على طريقة لقاء "البريستول" عندما أطلقت شرارة مواجهة الاحتلال السوري عام 2005.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبرأي مجموعات عديدة تؤيد هذا الطرح، فإن طرح سلاح "حزب الله" على طاولة البحث بات أولوية لمستقبل السلاح، إذ برأيهم "هذا السلاح الآن هو الذي يغذي ميليشيات رديفة سواء في المخيمات أو سرايا المقاومة التي تتوسع على مستوى الطائفة السنية أو غيرها من العصابات التي يسيرها الحزب"، وتشدد هذه المجموعات على فكرة سقوط شرعية "حق اللبنانيين بتحرير أرضهم من الاحتلال الإسرائيلي" الواردة في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، إذ برأيهم حصلت انتخابات نيابية منذ أكثر من عام ولم يعط المجلس الجديد الشرعية لهذه الصيغة في حين أن الحكومة الموقتة هي حكومة تصريف أعمال، بالتالي فإن هذا البند معلق إلى حين تشكيل حكومة جديدة ونيل بيانها الوزاري الثقة في مجلس النواب، مؤكدة أن من حق الجيش اللبناني اعتبار هذا البند غير موجود والتصرف تجاه أي سلاح غير شرعي.

هوية السلاح

وأشار عضو "الجبهة السيادية اللبنانية" المحامي إيلي محفوض إلى أن السلاح الذي يدخله "حزب الله" إلى لبنان ليس موجهاً ضد إسرائيل، إنما هدفه خدمة الأجندة الإيرانية وحماية مصالحها، لافتاً إلى أن جولة قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني على "الجبهات" في سوريا وقدومه إلى لبنان، إضافة إلى تأكيد الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله ما يسمى "وحدة الساحات"، يؤكد هوية السلاح وأهدافه. ورأى أن تحالف "الممانعة" يخشى من قرار أميركي بإقفال "الممر" البري الذي يربطه بإيران عبر الحدود السورية - العراقية، بالتالي بات بحالة توتر واستنفار، معتبراً أن المعلومات عن اجتماع للميليشيات الإيرانية في بلدة الطفيل اللبنانية قرب الحدود مع سوريا يأتي في سياق تفعيل غرفة عمليات مشتركة بانتظار أوامر إيرانية، الأمر الذي يؤكد أن هوية سلاح "حزب الله" ووجهة استعماله ليس إسرائيل بل خدمة المشروع الإيراني.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بأن قيادات من "حزب الله" عقدت اجتماعاً في منطقة الطفيل الواقعة على الحدود السورية - اللبنانية بريف دمشق، بعد عودة قيادي بارز من الحزب من جولة تفقدية سريعة لدير الزور وعقده اجتماعات مع قيادات الحزب هناك.

ووفقاً للمرصد السوري، فإن "الاجتماع الأخير تمحور حول آلية التصدي لأي هجوم أميركي محتمل على الميليشيات في دير الزور ووضع خطة لاستهداف قواعد التحالف شرق الفرات في حال اتخذ الأخير قرار التصعيد ضد الميليشيات التابعة لإيران"، وضم قيادات من "حزب الله" و"الحرس الثوري" الإيراني و"الحشد الشعبي" العراقي و"لواء فاطميون" الأفغاني ولواء "زينبيون" الباكستاني.

أما برأي الصحافي المقرب من "حزب الله" عبدالله قمح، "فيحق للحزب الدفاع من طريق إمداده اللوجيستي والعسكري البري، المار براً في إيران - العراق - سوريا – لبنان"، مشيراً إلى أن من "بين أهداف الحرب في سوريا، قطع هذا الطريق ووضع حرس عليه مؤلف من عصابات المسلحين تسهيلاً للانقضاض على المقاومة في الداخل اللبناني وعزلها"، مشدداً على أن الحزب نجح في حماية "الممر". وأكد أن الحزب لن يسمح بقطع هذا الممر البري لا في بلدة "الكحالة" التي تقع على هذا الممر قرب بيروت أو حتى في أي مكان من الأماكن التي تعتبر ممرات استراتيجية لإمدادات الحزب.

مدرسة إسرائيلية

في المقابل، رأى رئيس "مركز الشرق الأوسط" للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن هشام جابر أن حادثة "الكحالة" هي محاولة فتنة غير محضرة سابقاً، إلا أن ما ظهر أكد وجود مسلحين بشكل دائم في كل المناطق اللبنانية، مشيراً إلى أن "الجيش كان واضحاً في بيانه عن حادثة الكحالة، وسلاح حزب الله في شمال الليطاني وفق القرار 1701 لا يزال موجوداً وهم يتجولون به، والدولة اللبنانية لم تتخلَ عن شرعية المقاومة، الذي يعترض وجود السلاح هو يسهم في خلق فتنة".

بدوره، أكد النائب في تكتل حركة "أمل" (التنمية والتحرير) علي خريس، أن "الردود التي سمعناها خلال الحادثة كأنها نابعة من مدرسة إسرائيلية في كرهها للمقاومة فحسب"، وبرأيه، لولا هذه المقاومة، لبقي لبنان تحت الاحتلال مستغرباً "الخطابات الفتنوية المشبوهة التي من شأنها تأجيج النفوس وشحنها". أضاف "نحن من يريد الحفاظ على البلد ووحدته وعيشه المشترك، كما علمنا الإمام موسى الصدر، أما البعض فيريد خراب لبنان وهدمه"، مؤكداً عدم الانجرار إلى حرب أهلية.

محطات تاريخية

وفي سياق آخر، عرض رئيس تحرير أخبار قناة "أل بي سي أي" وابن بلدة الكحالة الصحافي جان فغالي، بعض المحطات التي حصلت في البلدة منذ عام 1970، مستذكراً قضية مقتل الضابط في الكفاح المسلح الفلسطيني سعيد غواش من مخيم "تل الزعتر"، في 25 مارس (آذار) 1970، إذ جرت محاولة لنقله عبر مطار بيروت إلى الأردن ولكن العملية لم تتم، فتقرر نقله براً إلى دمشق عبر موكب مسلح، وأثناء مروره في الكحالة أطلق مسلحون النار في الهواء وحصل احتكاك مع عدد من الأهالي أدى إلى سقوط عدد من القتلى. وأشار إلى أنه في "حرب السنتين"، وقع هجومان صاعقان على الكحالة، في مارس (آذار) من عام 1976، وأطلق رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل نداءه الشهير عبر اللاسلكي موجهاً كلامه إلى المدافعين عن الكحالة "لن أسمح بدامور ثانية" (وكانت الدامور قد سقطت على يد منظمة الصاعقة (منظمة فلسطينية) قبل شهرين).

وبعد 14 عاماً على الهجوم على الكحالة، جاء الاجتياح السوري عام 1990، حين دفعت الكحالة ثمناً غالياً من أرواح أبنائها، إلا أن للبلدة بصمة في "مصالحة الجبل" (بين المسيحيين والدروز) وإطلاق شرارة مواجهة الاحتلال السوري، فأثناء عودة موكب البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير من الجبل، أوقف في الكحالة وأطلقت شعارات منددة برئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود والمنظومة الأمنية السائدة آنذاك.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير