ملخص
يتكتم "حزب الله" بوضوح عن هوية أي مرشح لقيادة الحزب راهناً ومستقبلاً، باعتبار أن اغتياله فرضية قائمة بقوة اليوم، لكن ومنذ أن انتشر خبر استهداف هاشم صفي الدين وترجيح أنه قضى في الضربة على الضاحية، بدأ الحديث عن اسم وحيد لا اسمين، قد يخلفه دون سواه، وهو إبراهيم أمين السيد.
تتسارع التطورات في لبنان بصورة تكاد تصعب حتى على المؤسسات الإعلامية مجاراتها خبرياً أو في خلفيات الحدث.
فخلال أسابيع قليلة شهد لبنان ما لم يشهده في أعوام، بدءاً من استهدافات متتالية نفذتها إسرائيل لقيادات الصف الأول والثاني في "حزب الله"، ومن بينهم إبراهيم عقيل وقبله فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، مروراً بتفجير آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكي التي يحملها منتمون للحزب في توقيت واحد ومتزامن على مدى يومين متتالين، وصولاً إلى ما وصفه محللون بالاغتيال الذي لم يتوقعه أحد حتى في أكثر التحليلات تطرفاً، وهو اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله في الـ 27 من سبتمبر (أيلول) الماضي، عبر توجيه الطائرات الإسرائيلية قذائف عابرة للتحصينات نحو مكان وجوده في الضاحية.
بين قاسم وصفي الدين
بعد اغتيال نصرالله، سارعت غالبية الآراء لمحاولة تبيان هوية من سيقود الحزب في أكثر المراحل صعوبة وحسماً، فكانت الأسماء قليلة ومنها نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم وابن خالة نصرالله رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين.
رجحت غالبية المحللين أن صفي الدين أكثر حظوظاً من قاسم لتولي المنصب خلفاً لنصرالله لأسباب عدة منها الصلة العائلية، كما أنه يعرف بتشابه الشكل والأسلوب والصوت مع الأمين العام الراحل، فيما يصف متابعون صفي الدين بأنه شخصية ملهمة، لكنه أكثر تشدداً ولديه لغة "خشبية" في التعاطي.
بعد أيام قليلة من تأكيد مقتل نصرالله في عملية الاغتيال، سارعت المواقع الإلكترونية والمؤسسات الإعلامية إلى إعلان اختيار صفي الدين لقيادة الحزب، لكن قاسم نفسه وفي كلمة له بثت الإثنين الماضي، ضحد هذه الأنباء وقال إن "حزب الله" سيختار أميناً عاماً في أقرب فرصة.
التهديدات الإسرائيلية
وتوازياً مع توتر الشارع في الداخل اللبناني على خلفية مقتل نصرالله، لم تهدأ التهديدات الإسرائيلية وعلى لسان قادة ومسؤولين في تل أبيب بأن أي خليفة سيأتي بعد نصرالله ستصل إليه أيضاً وسيتم اغتياله.
تهديد وضعه كثيرون في خانة الضغط والحرب النفسية، لكن ما حدث ليل الأول من أمس الخميس وفجر الجمعة أكد العكس تماماً.
من خلال ضربة وصفت بأنها الأعنف، استهدفت إسرائيل هاشم صفي الدين بعشرات القنابل الخارقة للتحصينات، إذ كان موجوداً في أعمق مكان تحت الأرض، بحسب التسريبات الصحافية، فيما أكدت تل أبيب وبصورة رسمية أن هذه الضربة استهدفت صفي الدين واجتماعاً للوحدة الاستخباراتية في الحزب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حتى الساعة لم يصدر أي تأكيد رسمي من "حزب الله" أن رئيس المجلس التنفيذي قتل في الضربة التي استخدمت فيها إسرائيل 73 طناً من القذائف، لكن غالبية التقارير الإسرائيلية أكدت مقتله باعتبار أنه من المستحيل أن يخرج أي أحد على قيد الحياة من تحت عشرات الأمتار وبعد ضربة مماثلة، فيما يبقى عدم تأكيد الحزب أن صفي الدين على قيد الحياة، دليل قاطع بنظر المراقبين على أنه قتل بالفعل.
بعد نصرالله وصفي الدين
منذ مقتل نصرالله وبعضهم يتحدث عن لغز من سيخلفه، فحتى صفي الدين الذي قيل إنه كان مهيأ ومحضراً لأن يتولى الحزب منذ أكثر من 20 عاماً، لم يتولَّ المنصب رسمياً على رغم حساسية المرحلة. وهنا يقول متابعون إن عدم اختيار الحزب خليفة لنصرالله حتى الساعة يعود للمخاوف الأمنية الكبيرة، ويرجحون استهداف أي اجتماع لمجلس شورى الحزب لاختيار الأمين العام الجديد بغارة إسرائيلية، فيما يبقى شرط اجتماع المجلس أساسياً وجوهرياً لاختيار الخلف.
ومجلس شورى الحزب هو أعلى هيئة ضمن "حزب الله" ويضم ببصورة دائمة سبعة أشخاص، وهم إلى جانب الأمين العام الراحل حسن نصرالله، نائب الأمين العام نعيم قاسم ورئيس المجلس القضائي محمد يزبك ورئيس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين والمساعد السياسي للأمين العام حسين خليل ورئيس المجلس البرلماني ورئيس كتلة "حزب الله" النيابية النائب محمد رعد.
من هو المرشح الأبرز اليوم؟
يتكتم "حزب الله" على هوية أي مرشح لقيادة الحزب راهناً ومستقبلاً باعتبار أن اغتياله فرضية قائمة بقوة اليوم، لكن ومنذ أن انتشر خبر استهداف صفي الدين وترجيح أنه قضى في الضربة على الضاحية، بدأ الحديث عن اسم وحيد لا اسمين، ربما يخلفه دون سواه.
يتردد اسم رئيس المجلس السياسي إبراهيم أمين السيد بكثرة في الساعات الماضية وترجح غالبية الآراء اليوم أنه الأقوى والأوفر حظاً لتولي "حزب الله"، فماذا نعرف عنه؟.
يُعدّ إبراهيم أمين السيد من الشخصيات المؤثرة في "حزب الله" ويشغل منصب رئيس المجلس السياسي للحزب، مما يعطيه أهمية أكبر من سواه لإدارته السياسات العامة للحزب منذ سنوات عدة.
ولد في البقاع شرق لبنان عام 1955، وانضم إلى الحزب منذ تأسيسه في أوائل الثمانينيات، وأسهم في تطوير الحركة السياسية والعسكرية للحزب، ثم تدرج في المناصب وصولاً إلى رئاسة المجلس السياسي.
ولعلها مفارقة لافتة أن إبراهيم أمين السيد هو من ألقى أول خطاب عند الإعلان الرسمي عن نشأة الحزب، تحديداً في الـ16 من فبراير (شباط) 1985 عندما نُشر "الخطاب المفتوح"، وفيه كشف السيد من ضاحية بيروت الجنوبية عن وثيقة الحزب السياسية الأولى وفيها إعلانه الطاعة لـ"قائد واحد" وتأكيده أنه استمرار للثورة الإيرانية.
يُعدّ واحداً من الشخصيات القيادية القديمة وتدرج في المناصب حتى أصبح رئيس المجلس السياسي، فيقوم بإدارة السياسات العامة للحزب في رئاسة المجلس السياسي، ويوجه السيد السياسات الداخلية والخارجية للحزب، وكذلك العلاقات الدبلوماسية مع القوى السياسية المختلفة داخل الحكومة اللبنانية أو خارجها، ويحسب له كثيرون دوره المحوري في توجيه السياسات العامة ويُعتبر أحد الشخصيات المهمة في النقاشات السياسية المتعلقة بالصراعات الإقليمية.