فيما تتواصل المؤشرات السلبيَّة مع تقارير حديثة تشير إلى دخول الاقتصاد العالمي في نفق مظلم، بسبب الحروب التي يُشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب سواء في التجارة أو في سوق العملات، ما يدفع إلى تحوّل البورصات وأسواق المال العالميَّة والعربيَّة إلى نزيفٍ حادٍ، تبقى أنظار المستثمرين متجهةً صوب سوق الأصول والملاذات الآمنة بقيادة الذهب الذي يواصل تربعه على عرش سوق الملاذات الآمنة.
ومنذ بداية العالم الحالي وحتى الآن، يواصل الذهب ارتفاعاته ليسجّل أعلى مستوى في 6 سنوات، ربح المعدن الأصفر أكثر من 18 دولاراً مع استمرار التوترات الجيوسياسيَّة والحروب التجاريَّة وحروب سوق العملات.
ولجأ المستثمرون إلى الملاذ الآمن مع حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في العالم وسط الاضطرابات في هونغ كونغ، والمخاوف السياسيَّة في الأرجنتين، التي دفعت العملة المحليَّة إلى خسائر تتجاوز 30%.
كما تلقَّى المعدن الأصفر الدعم مع خسائر الأسهم العالميَّة، إذ أغلقت البورصة اليابانية على انخفاضٍ قوي، كما تراجعت الأسهم الأوروبية خلال التعاملات، إضافة إلى خسائر حادة لـ"وول ستريت" بنهاية جلسة أمس.
ومن المقرر إعلان بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء.
وبحلول منتصف جلسة اليوم، ارتفع سعر العقود الآجلة لمعدن الذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) بنحو 1.2% إلى مستوى 1535.80 دولار للأوقية رابحاً 18.60 دولار.
وكان المعدن الأصفر أنهى جلسة أمس رابحاً 9 دولارات مع مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي. كما صعد سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بنسبة 0.8% أو ما يعادل 12.40 دولار إلى 1523.88 دولار للأوقيَّة.
المستثمرون يهربون من الأصول العالية المخاطر
وزادت شدة الإقبال على الذهب مع عزوف المستثمرين عن الأصول العالية المخاطر بفعل حالة القلق المحيطة باحتجاجات في هونغ كونغ وانهيار عملة الأرجنتين في ظل مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.
وتسببت احتجاجات في إغلاق مطار هونغ كونغ، أكثر مطارات العالم ازدحاماً في حركة الشحن الجوي، أمس الاثنين. وبدأت الاحتجاجات اعتراضاً على مشروع قانون يسمح بتسليم مشتبه بهم إلى الصين لمحاكمتهم، لكنها اتسعت لتشمل دعوات أوسع نطاقاً إلى الديموقراطيَّة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الجانب الآخر من العالم، سيطرت المخاوف من العودة المحتملة إلى سياسات التدخل على السوق الأرجنتينية، بعد أن خسر الرئيس ماوريسيو ماكري بهامش يفوق التوقعات في الانتخابات التمهيدية للرئاسة.
وتسببت حالات عدم اليقين تلك، بجانب المخاوف من الحرب التجاريَّة بين الصين والولايات المتحدة التي طال أمدها في هز الأسواق الماليَّة، ودفعت المستثمرين إلى أصول الملاذ الآمن.
ويُنظر إلى الذهب، بجانب العملة اليابانية وسندات الخزانة الأميركية، على أنه استثمارٌ آمن نسبياً في أوقات الضبابية السياسية والمالية. واستقر الين قرب أعلى مستوى في سبعة أشهر مقابل الدولار.
وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، فارتفعت الفضة بنسبة 1.4% إلى 17.29 دولار للأوقية. وبلغت خلال الجلسة أعلى مستوياتها منذ فبراير (شباط) من العام الماضي عند مستوى 17.36 دولار.
وزاد البلاتين بنسبة 0.2% إلى نحو 860.75 دولار. كما ربح البلاديوم بنسبة 0.8% إلى 1439.11 دولار للأوقية.
الطلب العالمي يسجل أعلى مستوى في 3 سنوات
وقبل أيام، كشفت بيانات حديثة لمجلس الذهب العالمي عن ارتفاع الطلب العالمي على الذهب خلال النصف الأول من العام الحالي لأعلى مستوى في 3 سنوات، مدفوعاً بالمشتريات القياسية من جانب البنوك المركزيَّة.
وأظهرت البيانات أن الطلب العالمي على الذهب ارتفع إلى مستوى 2181.7 طن في النصف الأول من العام الحالي. أمَّا على مدار الربع الثاني من العام الحالي فإن الطلب العالمي على المعدن الأصفر زاد بنسبة 8% عند مستوى 1123 طناً.
وارتفع المعروض العالمي من الذهب بنحو 6% إلى نحو 1186.7 طن خلال الربع الثاني من العام الحالي، مدفوعاً بالزيادة القياسيَّة في إنتاج المناجم.
وأوضحت البيانات أن مشتريات البنوك المركزية أسهمت في زيادة الطلب العالمي على الذهب، إذ سجلت أعلى كمية مشتريات لنصف أول على الإطلاق عند 374.1 طن.
وخلال الفترة من أبريل (نيسان) وإلى يونيو (حزيران) الماضيين زادت المشتريات بنحو 47% عند مستوى 224.4 طن.
البنوك المركزية ترفع حصتها من المعدن الأصفر
وبالفعل رفعت 9 بنوك مركزيَّة مشترياتها من الذهب بمقدار طن واحد على الأقل في النصف الأول من العام الحالي. وكانت بولندا هي أكثر الدول التي اشترت ذهباً في الربع الماضي بارتفاع بنسبة 77% بمقدار 100 طن.
أمَّا روسيا فرفعت مشترياتها من الذهب في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي بمقدار 38.7 طن، إذ وصل إجمالي مشترياتها منذ بداية العام الحالي إلى 94 طناً.
وفي الصين زادت مشتريات بنك الشعب من المعدن الأصفر بمقدار 74 طناً منذ بداية العام الحالي. كما ارتفعت مشتريات صناديق الاستثمار المتداولة عالمياً من المعدن النفيس لأعلى مستوى في 6 سنوات خلال الربع الثاني من 2019 عند 2548 طناً بمقدار 67.2 طن.
وأوضح تقرير مجلس الذهب العالمي، أن الدافع الرئيس وراء ارتفاع مشتريات صناديق الاستثمار هو استمرار عدم اليقين الجيوسياسي، واحتمالات خفض معدل الفائدة، وارتفاع أسعار الذهب خلال يونيو (حزيران) الماضي إلى أعلى مستوى في 6 سنوات.
وفيما يتعلق بمشتريات المجوهرات، زادت خلال الربع الثاني من العام الحالي بنحو 12% إلى 168.8 طن، وذلك بدعم من تعافي سوق المجوهرات الهندي. وخلال النصف الأول من العام الحالي زادت المشتريات عند 1061.9 طن، وهو أعلى مستوى في 4 سنوات.
ورجَّح مجلس الذهب العالمي أن تسهم حالة عدم اليقين داخل الأسواق الماليَّة والسياسة النقديَّة التيسيريَّة في دعم الطلب على الاستثمار في الذهب خلال الأشهر المقبلة من العام الحالي.
الين يحافظ على مكاسبه وسط خسائر حادة في سوق العملات
في سوق العملات، ظلت العملة اليابانية قرب أعلى مستوى في سبعة أشهر خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، وارتفع الدولار الأميركي، في الوقت الذي ينتاب فيه القلق المستثمرين بسبب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، واحتجاجات في هونغ كونغ وانهيار البيزو الأرجنتيني، ما يدفعهم إلى السعي للملاذات الآمنة.
واندفع المستثمرون لشراء الين في ظل تصاعد الحرب التجاريَّة بين الصين والولايات المتحدة والمخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي. والعملة اليابانية، إلى جانب الدولار والفرنك السويسري ملاذات آمنة في أوقات الضبابية.
وتلقى الين دعماً جديداً من تنامي الاضطراب في هونغ كونغ ونتائج مفاجئة لانتخابات في الأرجنتين، ما أدى إلى تراجع عملة البلاد البيزو والأسهم والسندات.
وفي تعاملات مبكرة من جلسة اليوم، لم يشهد الين تغيراً يذكر عند مستوى 105.32 للدولار. ولامست العملة اليابانية مستوى 105.05 ين للدولار في تعاملات أمس الاثنين، وهو أعلى مستوى في سبعة أشهر وأقوى مستوياتها منذ أوائل 2018، باستثناء انهيار فترة وجيزة سجَّلته في يناير (كانون الثاني).
وزاد مؤشر الدولار، الذي يتتبع أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات بنسبة 0.2% إلى 97.563.
فيما تراجع اليورو بنحو 0.2% إلى 1.1196 دولار. ولم تقدم بيانات التضخم الألماني التي جاءت متماشية مع التوقعات دعماً يُذكر للعملة الموحدة.
ولم يسجل اليوان تغيراً يذكر في المعاملات الخارجية عند 7.104، بعد أن حدد بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) نقطة المنتصف عند أدنى مستوى في 11 عاماً، الذي ما زال أقوى من المتوقع.
وخسر البيزو الأرجنتيني قرابة 15% بعدما هوي إلى مستوى 52.15 للدولار في تعاملات أمس الاثنين، بعد أن بلغ المستوى القياسي المتدني عند 61.99.
كما هبط الجنيه الإسترليني 0.2% إلى 1.2052 دولار، قرب مستوى 1.2015 دولار الذي لامسه في تعاملات أمس الاثنين، وهو أدنى مستوياته في أكثر من عامين مع هيمنة المخاوف من انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق على التداولات.