Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكتاب الخارجي شق جديد في جيوب المصريين

انخفاض قيمة الجنيه وأزمة استيراد الورق أديا إلى زيادة الأسعار أكثر من 40 في المئة

زادت أسعار الكتب الخارجية بنسب تصل إلى 50 في المئة (مواقع التواصل)

ملخص

قبل انطلاق العام الدراسي الجديد اهتمام المصريين يتجه صوب الكتب الخارجية

مع اقتراب العام الدراسي الجديد في مصر الشهر المقبل، تسود حال الطوارئ المالية لمواجهة مصاريف المدرسة والزي والمستلزمات (التي تعرف بالـ"سبلايز") والدروس الخصوصية، إلى جانب الضيف الدائم في كل عام دراسي "الكتب الخارجية" التي يربطها جميعها عامل واحد هو ارتفاع الأسعار، إلا أن النسبة الأكبر من اهتمام المصريين في الأيام الماضية كانت للكتب الخارجية.

وتعد الكتب الخارجية أساس التعليم للطلاب، بخاصة خلال الدروس الخصوصية، إذ إن الكتب الرسمية التي تسلمها وزارة التعليم نادراً ما يعتمد عليها الطلبة، مقارنة بما تقدمه نظيرتها الخارجية من أساليب وتطبيقات وصورة أفضل لعرض المادة التعليمية.

وزادت أسعار الكتب الخارجية بنسب تصل إلى 50 في المئة، مما جعل الكتاب الواحد للطالب في المرحلة الابتدائية يتراوح بين 150 و200 جنيهاً (4.85 و6.47 دولار)، وتزداد للطالب في المرحلة الثانوية إلى ما يقرب من 300 جنيه (9.71 دولار)، مما يجعل إجمالي كلفة الكتب الخارجية لطفلين بمتوسط خمس مواد دراسية تصل إلى نحو 2000 جنيه (64.55 دولار)، تقتطعها الأسرة من موازنتها التي تعاني ضغطاً كبيراً في ظل غلاء أسعار السلع كافة، إذ سجل المعدل السنوي للتضخم في يوليو (تموز) الماضي 40.7 في المئة، في حين كان يبلغ 14.6 في المئة للشهر نفسه من العام الماضي.

غلاء أسعار الكتب الخارجية صار حديث المصريين في الشارع ومواقع التواصل، وتجد وفاء حسين، وهي أم لثلاثة أطفال في مراحل التعليم المختلفة، في أسعار الكتاب الدراسي الخارجي هماً جديداً يثقل كاهلها، لا سيما أن تلك الكتب ليست رفاهية وإنما من الطبيعي أن يكون الاعتماد الرئيس عليها مع الدروس الخصوصية وضعف الشرح في المدارس والاكتفاء بالكتاب الحكومي، بحسب قولها.

وأشارت حسين إلى أن تلك البنود لم تكن تشكل عائقاً أمام أسرتها قبل أعوام قليلة، فهي تعتبر أنها متوسطة الحال نظراً إلى أن زوجها موظف في هيئة حكومية.

وقال محمود إمام، وهو مهندس وأب لطفلين، إنه لا يعرف ماذا سيقتطع من موازنة المنزل لتوفير ثمن الكتب الخارجية المرتفعة، موضحاً أنه سيبحث في دائرة معارفه عن أطفال أكبر سناً من أبنائه ليأخذ كتبهم القديمة.

مبادرة شعبية

وفق مؤسسة ائتلاف "أولياء أمور مصر" داليا الحزاوي، فإن ارتفاع أسعار الكتب الخارجية يمثل عبئاً على موازنة الأسرة التي لم تعد تتحمل أي أعباء إضافية في ظل الأزمة الاقتصادية، وأعلنت في تصريحات صحافية عن تفعيل مبادرة "سنساعد بعضنا بعضاً لتبادل الكتب المدرسية والخارجية"، كما خلال الأعوام الأخيرة، حتى يسهل على أولياء الأمور القيام بالتبادل لتحقيق أكبر استفادة للطلاب من تلك الكتب.

وطالبت الحزاوي وزارة التربية والتعليم ببحث أسباب اعتماد الطلاب على الكتب الخارجية وهجر الكتاب المدرسي، بخاصة أن الدولة تنفق سنوياً مبالغ طائلة لتوفير الكتب المدرسية للطلاب، إضافة إلى توفير أسئلة ومراجعات عبر الإنترنت أو كتاب خاص بها يساعد الطلاب في الاستغناء عن الكتب الخارجية، إلى جانب وضع آليات لتسليم الكتب المدرسية قبل بداية العام الدراسي، إذ من الملاحظ في كل عام وجود تأخير في تسلم بعض الكتب، مما يدفع أولياء الأمور إلى شراء كتب خارجية.

سبب الأزمة

نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية في الغرفة التجارية بالقاهرة بركات صفا أوضح أن الأرقام المتداولة على مواقع التواصل في شأن وصول سعر الكتاب الخارجي الواحد للمرحلة الثانوية إلى نحو 1000 جنيه (32.36 دولار) غير صحيحة، قائلاً إن حقيقة الأمر أن الرياضيات على سبيل المثال تتكون من أربعة فروع لكل منها كتاب منفصل يصل سعره إلى نحو 270 جنيهاً (8.75 دولار).

وأضاف أن ارتفاع سعر الكتاب الخارجي بدأ مع الفصل الثاني في 2022، أي في يناير (كانون الثاني) الماضي، واعتبر أنه من الطبيعي أن تتضاعف أسعار الكتب ثلاث مرات خلال عام لأن سعر الدولار زاد من نحو 16 جنيهاً (0.52 دولار) في مارس (آذار) 2022 إلى 38 جنيهاً (1.23 دولار) في السوق السوداء حالياً، مشيراً إلى أن مصر تعتمد على استيراد الأوراق ومستلزمات الطباعة بشكل شبه كامل.

ولفت نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية إلى أن سعر طن الورق ارتفع خلال عام من 15 إلى 40 ألف جنيه (486.13 إلى 1296 دولاراً)، ويوجد مصنعان لإنتاج الورق محلياً يوردان الطن بسعر 37 ألف جنيه (1199 دولاراً)، أي إن الفارق ليس بعيداً من المستورد، وتساءل عن السلعة التي لم ترتفع أسعارها في مصر مبدياً استغرابه من استنكار الناس لزيادة أسعار الكتب الخارجية.

تداعيات الأزمة الاقتصادية

ورفض صفا تحميل الموزعين وأصحاب المكتبات مسؤولية ارتفاع أسعار الكتب الخارجية وقال إن الناشر هو من يحدد السعر، لافتاً إلى أن التأثر بأزمة الدولار من تداعيات القرارات الاقتصادية الخاطئة التي اتخذتها الحكومة المصرية وأدت إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية بحسب وصفه، وأشار إلى أن رجال الأعمال يعانون عدم توفير البنك المركزي للدولار لإتمام عمليات الاستيراد، على رغم مناشدة شعبة الأدوات المكتبية أكثر من مرة، باعتبار الأوراق والأدوات الدراسية ضمن السلع الاستراتيجية ذات الأولوية لكن من دون جدوى لتلك المناشدات، إلى جانب تحمل المستورد كلف وجود البضائع في الموانئ لفترات طويلة من دون الإفراج عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى صفا أنه من الطبيعي أن من يتحمل تلك الكلفة في النهاية هو المواطن الذي سيشتري السلعة، ووصف الاهتمام الكبير في وسائل الإعلام ومواقع التواصل بالكتب الخارجية حالياً بالغريب والمصطنع، ولم يستبعد أن يكون ذلك مقدمة لزيادة سعر الكتاب المدرسي الحكومي.

من جهتها، علقت مديرة النشر في دار نهضة مصر التي تنتج أحد أشهر الكتب الخارجية في البلاد، على الجدل الدائر حول الأسعار، قائلة على صفحتها في "فيسبوك" إن وصول سعر كتاب "الأضواء" إلى 670 جنيهاً (21.71 دولار)  و"سلاح التلميذ" إلى 700 جنيه (22.69 دولار) معلومات غير صحيحة، مؤكدة أن "أغلى كتاب في الأضواء للصف الثالث الثانوي قيمته 290 جنيهاً (9.40 دولار)".

تحرك برلماني

وبلغت أصداء ارتفاع الكتب الخارجية إلى البرلمان، فوجهت عضو لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس النواب المصري حنان حسني يشار سؤالاً برلمانياً إلى رئيس المجلس حنفي جبالي ووزير التربية والتعليم رضا حجازي في شأن أسباب زيادة أسعار الكتب الخارجية في الأسواق، "في ظل ظروف اقتصادية لا تخفى على أحد نتيجة تداعيات الأزمات العالمية التي ألقت بظلالها على كل دول العالم"، وفق نص السؤال.

وأشارت عضو مجلس النواب إلى أن هذا العام يشهد ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في أسعار الكتب الخارجية التي زادت 40 في المئة عن العام الماضي، مما تسبب في حال من الغضب والاستياء بين أولياء الأمور، موضحة أن الكتاب الخارجي أصبح "لا غنى عنه لأي طالب إذ يستعين به في زيادة التحصيل وتقوية المهارات، وتعتمد عليه شريحة كبيرة من الطلاب في مصر"، مؤكدة أن "بعض تجار التجزئة وأصحاب المكاتب يقومون برفع أسعار الكتب ليحققوا مكاسب عدة على حساب المواطنين".

استمرار رغم المنع

في ستينيات القرن الماضي، ظهر للمرة الأولى ما يعرف بـ"الكتاب الخارجي" في نظام التعليم المصري، وحاولت وقتها الحكومة التصدي لتلك الظاهرة بإصدار قانون 10 لعام 1964 الذي ينص على أنه لا يجوز نشر أو بيع أو عرض كتاب وزارة التعليم ومناهجها، وتصل عقوبة المخالفة إلى الحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر إلى جانب عقوبة مالية.

وعلى رغم القانون استمر انتشار الكتاب الخارجي حتى أصبح لا غنى عنه في كل بيت مصري، فكان لا بد من التدخل لتنظيم آليات للموافقة على نشر مثل تلك الكتب، وفي 2010 وافق وزير التربية والتعليم وقتها على منح داري نشر حق إصدار الكتاب الخارجي.

وفي 2019، قرر وزير التعليم السابق طارق شوقي وقف تراخيص الكتب الخارجية، مؤكداً أن هناك طفرة في كتب الوزارة بما يؤهلها لتكون كافية للطلاب للاعتماد عليها بشكل كامل لتحقيق التفوق الدراسي، إلا أن قراره لم يفلح في ظل اعتماد الطلاب وأولياء الأمور وأيضاً المدرسين على الكتاب الخارجي، بدليل تهافت الجميع على شرائه على رغم غلاء الأسعار.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات