Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تحاصر مهربي العملة "المتلاعبين في فواتير الاستيراد"

تبون فتح الباب أمام "المتهمين" من أجل التسوية الودية وإرجاع المبالغ وغلق الملفات

موانئ الجزائر كانت قبلة لحاويات "فارغة" كادت تعصف باقتصاد البلاد (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

الحكومة الجزائرية تواجه الظاهرة بتحركات لترشيد الاستيراد ورفع الصادرات خارج النفط

أثار فتح ملف تضخيم فواتير الاستيراد في الجزائر كثيراً من التأويلات، لا سيما بعد أن أكد الرئيس عبدالمجيد تبون أن الباب مفتوح أمام "المتهمين" من أجل التسوية الودية بإرجاع المبالغ المهربة لغلق الملفات بدلاً من المتابعة القضائية، على رغم تراجع الظاهرة إلى نحو 400 مليون دولار بين 2020 و2023، بعد أن تعدت 30 في المئة من قيمة الفواتير قبل 2019، مما يعني أضعاف ذلك المبلغ.

تحرك قضائي ووعيد رئاسي

وأمر القضاء الجزائري مصالح الأمن بفتح تحقيقات حول ملفات الفساد المتعلقة بتضخيم الفواتير والتصريحات الكاذبة، بخاصة في الفترة الممتدة بين 2009 و2019، ويتورط فيها شركات ومستوردون جزائريون وأجانب في محاولة لمعاقبة المتسببين في إهدار وتهريب المال العام واستنزاف الاقتصاد.

ويأتي التحرك القضائي بعد ساعات من "تهديد ووعيد" الرئيس تبون، بمحاسبة جميع المتورطين في تضخيم الفواتير منذ 2009 حتى 2019، وهي الفترة التي استفحلت فيها الظاهرة بشكل رهيب، محذراً من استيراد سلع تنتجها البلاد. وأشار إلى أن "البعض يحن لهذه الفترة، لكن هذه المرحلة لن تعود مهما كان الحال، فهناك رجال يدافعون عن مكتسبات الشعب".

وأضاف تبون أن الدولة تبقى بالمرصاد لهذه الممارسات، مشدداً على أنه تم انتهاج مقاربة جديدة في التعامل مع من تورط في ظاهرة تضخيم الفواتير في المرحلة السابقة، والتي تعتمد على تسويات لإرجاع المبالغ المهربة مقابل طي الملف. وكشف عن أن ظاهرة تضخيم فواتير الاستيراد بهدف تهريب العملة تقلصت بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة بفضل جهود الرقابة على التجارة الخارجية، وموضحاً أن قيمة تضخيم الفواتير من عام 2020 حتى الآن تقدر بأقل من 400 مليون دولار. وختم بأن "الهدف من الاستيراد هو تضخيم الفواتير، ولا شيء غير ذلك، يجب أن ينتهي عهد التلاعب".

عمليات تحويل ضخمة

صفقات تجارة خارجية مشبوهة عاشتها الجزائر خلال فترة حكم الرئيس الراحل بوتفليقة بين 2009 و2019، أدت إلى تحويل مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة نحو الخارج، وأهمها التصريح باستيراد الثوم ومواد زراعية ومبيدات حشرات، اتضح في ما بعد أنها مجرد عبوات تحوي مياه عادية، إضافة إلى حاويات الحصى تم التصريح على أنها لفائف أوراق، ولعل واقعة استيراد عدد من الحاويات المحملة بقطع نقدية مجزأة من فئة 10 دنانير جزائرية، ما يعادل 0.7 دولار، والتصريح على أنها خردوات، لا تزال باقية في ذاكرة الجزائريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"جرائم اقتصادية" لا تعد ولا تحصى، أخذت صفة "الغريبة"، دفعت وزير التجارة، الطيب زيتوني، إلى الاعتراف بأن الجزائر عاشت مرحلة تحويل أموال ضخمة لا يمكن تخيلها، مشيراً إلى أن تضخيم الفواتير بلغ 50 في المئة، وقال "من أخذ فرنك من الخزانة العمومية يجب أن يعيده"، مضيفاً أن "هناك متعاملين بعقلية العصابة ويقومون بتضخيم الفواتير. ستكون هناك متابعات قضائية في حقهم". وتوعد "العام المقبل سيشهد معايير أخرى".

واردات بـ64 مليار دولار

وتعليقاً على الظاهرة، يقول الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار عبدالقادر سليماني إن "تضخيم الفواتير إحدى ظواهر الفساد التي تفشت بقوة قبل 2019، بعد أن بلغت الواردات 64 مليار دولار"، مبرزاً أنه خلال تلك الفترة أصبحت موانئ الجزائر تستقبل حاويات محملة بالحجارة وأخرى بالرمال، ومنها من وصلت فارغة، بالتالي فإن الظاهرة هي عبارة عن تهرب ضريبي وجمركي وقانوني، وهي وسيلة لتهريب العملة الصعبة.

ويوضح المتخصص في النقل الدولي للبضائع واللوجيستيك رشيد حاج هني أن "ظاهرة تضخيم الفواتير ترجع إلى عوامل عدة من بينها انعدام الرقابة وعدم وجود آليات تضبط الاستيراد والتصدير، خصوصاً عدم وجود قوانين ردعية"، مضيفاً أنه من أجل مواجهة هذه الممارسات، "يجب منع استيراد المواد التي تنتج محلياً، وكذا مراقبة التصاريح الجمركية للمتعاملين الاقتصاديين، وتجديد الرقابة على فواتير الاستيراد، مع متابعة العمليات البنكية والسيولة المالية لهؤلاء المستوردين، خصوصاً العملة الصعبة".

مخاوف وتحرك

ويبدو أن الحكومة لا تزال تراودها مخاوف من تصرفات "مشينة" تعود للنظام السابق، وقد دخلت في سباق مع الزمن من أجل تعديل كفتي ميزان التجارة الخارجية، عبر كبح الواردات تحت عنوان "ترشيد الاستيراد" ومحاربة "الفواتير المضخمة" من جهة، ورفع الصادرات خارج النفط من جهة أخرى، عبر إجراءات جديدة وتحركات من مختلف الأجهزة الحكومية، إذ ترأس الرئيس تبون، أول أغسطس (آب) الجاري، الاجتماع الأول للجنة العليا لمراقبة التصاريح الجمركية والعمليات التجارية، التي تضم رئيس الحكومة ووزراء المالية والتجارة، إضافة لوزراء الفلاحة والعدل والصناعة.

وقبل هذا الاجتماع، تولى رئيس الحكومة أيمن بن عبدالرحمن قيادة المجلس الجزائري الاستشاري لترقية الصادرات، الذي ستوكل إليه بشكل خاص مهمة تحديد وضبط وتقييم الاستراتيجية الوطنية في مجال ترقية الصادرات، التي تستهدف الوصول إلى عتبة 13 مليار دولار خارج النفط في نهاية 2024.

الإجراء اللغز

يقول مدير الجمارك الجزائرية نور الدين خالدي إن المادة 118 من قانون المالية لعام 2021، والتي جاءت باقتراح من إدارة الجمارك، من شأنها المساهمة بشكل كبير في الحد من ظاهرة تضخيم الفواتير، حيث تنص على أن يتم الدفع مقابل عمليات الاستيراد بالنسبة إلى المنتجات الموجهة للبيع على حالها، بواسطة وسيلة دفع مسماة "الأجل" قابلة للدفع في غضون 45 يوماً ابتداءً من تاريخ إرسال السلع. وأضاف خالدي أن مدة 45 يوماً تمنح أعوان الجمارك الوقت للتحقق من مطابقة السلعة للمعايير المصرح بها، قبل إعطاء الضوء الأخضر للمستورد لتحويل العملة الصعبة نحو الخارج، مشيراً إلى أن عام 2020 شهد تسجيل 504 قضية "مخالفة الصرف" بصفة عامة، وتم بموجبها إقرار غرامات محصلة بقرابة 42 مليار دينار جزائري، ما يعادل 31 مليون دولار.

اقرأ المزيد