Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل المرأة في تونس "كاملة الحقوق" أم أنها مزايدات سياسية؟

يرى ناشطون أن أوضاعهن سجلت خلال الأعوام الأخيرة انتكاسة مست صورة البلاد

الحبيب بورقيبة محاطاً بمجموعة من التونسيات (مركز التوثيق الوطني)

ملخص

ما زالت المرأة التونسية تناضل إلى اليوم كلما شعرت بأن حقوقها مهددة

بينما كانت شعوب المنطقة العربية في خمسينيات القرن الماضي ترزح تحت نير الاستعمار، وأخرى تعاني مخلفاته الاقتصادية والاجتماعية، ظهرت في تونس بوادر حركة تحررية تعمل على إنصاف المرأة، على رغم السياق التاريخي والاجتماعي الذي اتسم وقتها بتعدد الزوجات ورفض خروج المرأة للعمل أو للدراسة ويعتبر ذلك من قبيل الوصم الاجتماعي.

مسار تاريخي نضالي

وناصرت القيادة السياسية المتمثلة في الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة (أول رئيس للجمهورية التونسية) هذه الحركات التحررية، مما أنتج مجلة الأحوال الشخصية التي صدرت في الـ13 من أغسطس (آب) 1956، أي بعد ستة أشهر فقط على استقلال تونس عن فرنسا، ومنعت تعدد الزوجات ومكّنت المرأة من حقوقها.

ونبتت "الحركة التحررية النسوية" على تراكمات عدة منها ما له علاقة مباشرة ببورقيبة الذي كان يؤمن بأن تكون المرأة حرة وتعوّل على قدراتها الذاتية من أجل الإسهام في الدورة الاقتصادية، إضافة إلى أن تلك "الحركة التحررية النسوية" نهلت من الحركة الإصلاحية في تونس التي سبقت مجلة الأحوال الشخصية بحوالى قرن من الزمن، حين نادى خير الدين باشا عام 1856 بإقحام المرأة في الحياة السياسية.

واستمر هذا الفكر التحرري النسوي مع الطاهر الحداد مؤسس منظومة حقوق المرأة في تونس من خلال كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" الذي يعتبر "ثورة" في تلك الحقبة التاريخية، حين طالب بتمكين المرأة من حقوقها كاملة.

 


جمعيات نسائية

وظهرت إلى العلن جمعيات نسائية مساندة لحقوق المرأة منها "الاتحاد الإسلامي النسائي" عام 1932، وإثر ذلك في 1944 تأسس الاتحاد النسائي التونسي ومثلت هذه الخطوات حافزاً للرئيس بورقيبة ليعلن "مجلة الأحوال الشخصية" عام 1956 التي شكلت علامة مضيئة في تاريخ البلاد.

وبعد الاستقلال، بدأ الاتحاد الوطني للمرأة التونسية مرحلة التعريف بالحقوق التي جاءت بها مجلة الأحوال الشخصية من أجل تفكيك العقلية الاجتماعية السائدة حينها في مجتمع معظم سكانه من الريف ويعتمد الزراعة والفلاحة كمورد رزق رئيس ويبخس المرأة حقوقها.

وبينما تعززت حقوق المرأة في عهد بورقيبة من خلال إطار تشريعي ثوري وهو مجلة الأحوال الشخصية، عمل نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي على استثمار صورة المرأة وحقوقها لتحقيق مكاسب سياسية تبرز تونس المنفتحة التي تحترم حقوق الإنسان وتعلي من شأن النساء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التناصف والمشاركة السياسية

وبعد عام 2011، وفي سياق تاريخي جديد ومع عودة التيار الإسلامي لتونس ممثلاً بـ"حركة النهضة"، تمت "شيطنة" النضالات النسوية وأصبحت المرأة مهددة في حقوقها الأساسية، لذلك تجند المجتمع المدني من أجل سن تشريعات جديدة تمكن المرأة من المشاركة السياسية حتى تصون حقوقها في مجتمع يشهد تحولات متسارعة.

واستطاعت المرأة والمجتمع المدني من فرض بند في قانون الانتخابات لعام 2014، يشترط مبدأ التناصف في القائمات المرشحة للانتخابات التشريعية، كما تمت المصادقة في الـ13 من أغسطس 2017 على القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.

وبعد هذا المسار التراكمي من النضالات والحقوق هل ما زالت المرأة في تونس تكافح من أجل حقوق إضافية؟

وفي إجابة عن هذا السؤال، أكدت رئيسة جمعية "المرأة والريادة" سناء فتح الله غنيمة في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أنه "على رغم المكاسب التي تحققت للمرأة التونسية طوال العقود الماضية، إلا أنها خلال الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً، بخاصة في تموقعها السياسي"، مشيرة إلى "القانون الانتخابي الجديد الذي تخلى عن مبدأ التناصف، مما أثر في حضور المرأة داخل البرلمان الحالي، إذ فازت المرأة بـ 25 مقعداً فقط (16 في المئة)، بينما كانت في البرلمان السابق (2019) ممثلة بنسبة 23 في المئة و36 في المئة في برلمان 2014".

وتعتبر أن "التخلي عن مبدأ التناصف في القانون الانتخابي الجديد أضر بالمرأة التونسية وأعادها أعواماً إلى الوراء"، لافتة إلى "ضرورة تعزيز المكاسب التي تحققت لا التراجع عنها، وهو ما أسفر عن انتكاسة للمنظومة الحقوقية النسائية في تونس".

تنامي العنف ضد المرأة

كما شددت غنيمة على "ضرورة حماية المرأة مما تتعرض له يومياً من عنف بأشكاله شتى، بخاصة في الوسط العائلي"، مشيرة إلى أن "23 إمراة قُتلن منذ بداية العام الحالي (2023)، 54 في المئة منهن زوجات والقاتل هو الزوج، و21 في المئة أمهات والقاتل هو الابن"، داعية إلى "تفعيل القوانين التي تحمي المرأة ووضع حد للإفلات من العقاب في مثل هذه الجرائم".

وخلصت إلى أن "ماضي حقوق المرأة في تونس أفضل بكثير من حاضره لأنه كان محل إعجاب عربي ودولي، إلا أن هذه الحقوق سجلت انتكاسة خلال الأعوام الأخيرة مسّت صورة تونس"، معبرة عن أملها في أن "تراجع السلطة مواقفها وتشرك الجمعيات والمنظمات النسائية في البلاد من أجل صون مكاسبها وتعزيزها".

مزايدات باسم حقوق المرأة

في المقابل، يؤكد الرئيس التونسي قيس سعيد أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة ويعتبر أن "ليست المرأة التي يزينون بها كمسحوق، كي يقولوا إننا نتمتع بحقوق المرأة".

وعلى رغم ترشيحه لامرأة للمرة الأولى في تاريخ البلاد لترؤس الحكومة وهي نجلاء بودن قبل إقالتها في الثاني من أغسطس الجاري، فإن سعيد لم يخف رفضه للمساواة في الميراث، وشدد خلال كلمة ألقاها لمناسبة الاحتفال بعيد المرأة عام 2020 أمام جمع غفير من الوجوه الحقوقية النسوية على أن "الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ وأن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل الحديث عن فقه المواريث".

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي محسن النابتي أن "المرأة في تونس كاملة الحقوق"، داعياً إلى "الكف عن المزايدات باسم حقوق المرأة" ومعتبراً أنه "للمرة الأولى تصل 25 امرأة إلى البرلمان من دون فرض نوع من الوصاية عليهن من خلال مبدأ ما يسمى ’التناصف‘ في القانون الانتخابي"، وأضاف أن "المرأة التونسية لا تحتاج إلى قوانين وتشريعات لتنصفها وهي قادرة على افتكاك مكانتها من دون مزايدات ومزايا من أي جهة" ورأى أن "التشريعات التي تناضل من أجلها الجمعيات النسوية هي قمة التمييز بين الجنسين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير