ملخص
كشفت إخفاقات البنوك في الولايات المتحدة وسويسرا عن فجوات بالنظام الرقابي الذي تم بناؤه بعد عمليات الإنقاذ عام 2008
أمضى المنظمون الماليون العالميون أكثر من عقد من الزمان في محاولة التأكد من أن بنكاً كبيراً يمكن أن يفشل ما لم يحصل على دعم حكومي، وعلى رغم فشل عدد من البنوك هذا العام، فإنهم ما زالوا يعملون على التحقق من ذلك.
قال أشخاص مطلعون على هذه المساعي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن المنظمين العالميين يراجعون الإخفاقات المصرفية في مارس (آذار) الماضي، بما في ذلك انهيار بنك "كريدي سويس" وقرار المسؤولين السويسريين دفع بنك "يو بي أس" إلى الاستحواذ على منافسه في صفقة بمليارات، إذ اختار المسؤولون السويسريون تجنب خطة ما بعد الأزمة للبنوك العملاقة، والتي بموجبها كان من الممكن إنهاء بنك "كريدي سويس" من قبل المنظمين أو إعادة هيكلته ليصبح كياناً جديداً.
وفي الولايات المتحدة يدرس المنظمون قواعد جديدة في أقرب وقت هذا الشهر من شأنها أن تجبر البنوك متوسطة الحجم على إضافة مزيد من الاحتراز المالي في حالة الإفلاس، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على الخطط.
دفعت إخفاقات بنكي "وادي السيليكون" و"سيغنتشر" في مارس الماضي المسؤولين إلى اتخاذ خطوات غير عادية لتمكين المودعين من الوصول إلى أموالهم.
وكانت الاضطرابات أقل حدة بكثير من الأزمة المالية في 2007-2009، عندما انهارت مئات البنوك وضخت واشنطن مئات المليارات من أموال دافعي الضرائب لإبقاء النظام قائماً.
فجوات في النظام التنظيمي
كشفت إخفاقات البنوك في الولايات المتحدة وسويسرا فعلياً عن فجوات في النظام الرقابي والتنظيمي الذي تم بناؤه بعد عمليات الإنقاذ في عام 2008، كما يقول بعض المسؤولين.
وقال العضو الجمهوري في شركة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) جوناثان ماكيرنان للصحيفة "لقد عبرت جهات تنظيمية أخرى عن تشككها في خطط ما بعد عام 2008 لتقليص احتمالات فشل البنوك الضخمة".
وقال رئيس مكتب حماية المستهلك المالي، عضو مجلس إدارة مؤسسة التأمين الفيدرالية، روهيت شوبرا، في مقابلة أجريت معه أخيراً "نحتاج حقاً إلى النظر في هذه الأمور من كثب لمعرفة ما إذا كانت واقعية".
ويتطلب الإصلاح المالي لقانون "دود-فرانك" (من أكثر إصلاحات وول ستريت انتشاراً في التاريخ، والذي يمنع المجازفة المفرطة التي أدت إلى الأزمة المالية، ويتضمن إنشاء هيئة رقابة جديدة للمستهلكين لمنع شركات الرهن العقاري ومقرضي يوم الدفع من استغلال المستهلكين)، من أكبر البنوك كتابة خطط توضح كيف يمكن تفكيكها في حالة الإفلاس من دون استخدام أموال دافعي الضرائب، وإذا اعتقد المنظمون أن هذه الخطط ليست ذات صدقية، فإن لديهم السلطة لتفكيك البنوك.
كما يمكن قانون "دود-فرانك" المنظمين من الاستيلاء على بنك ضخم فاشل وإيقافه خارج إجراءات الإفلاس العادية إذا كان الاستقرار المالي في خطر، كخيار احتياطي.
ويقول بعض المسؤولين الأميركيين السابقين إنه في حين أن خطط تصفية البنوك الكبيرة قد تبدو ذات صدقية على الورق، فمن المشكوك فيه أن أي جهة تنظيمية ستعتمد عليها فعلياً في أي أزمة.
أخبر محافظ "الاحتياطي الفيدرالي" السابق والمسؤول الرئيس عما يتعلق بالتنظيم في البنك المركزي الأميركي دانيال تارولو معهد "بروكينغز" أن المسؤولين قد لا يفكرون حتى في وجود أخطار متواضعة لإشعال انهيار أكبر.
أول اختبار
في أول اختبار في العالم الحقيقي فشل بنك "كريدي سويس" في مارس الماضي. واعتبر المسؤولون السويسريون العملية محفوفة بالأخطار بشكل لا داعي له، وبدلاً من ذلك نظروا إلى الاندماج السريع مع منافسه "يو بي أس" باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لحل الأزمة.
وقالت وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر سوتر لصحيفة سويسرية في مارس الماضي، "شخصياً توصلت إلى استنتاج مفاده أن بنكاً نشطاً عالمياً له أهمية نظامية لا يمكن أن ينتهي ببساطة وهو أكبر من أن يفشل".
ويقود مجلس الاستقرار المالي، والذي يضم منظمين عالميين ومقره سويسرا، مراجعة "كريدي سويس" وإخفاقات بنوك أخرى خلال الربيع الماضي، ويقود العمل رئيس مجلس إدارة مؤسسة التأمين الفيدرالية، مارتن جروينبيرج، والذي رفض التعليق للصحيفة، واكتفى ممثل المجلس بالقول إن تقرير جروينبيرج سينشر هذا الخريف.
وكان بنك "يو بي أس" قال يوم الجمعة الماضي إنه لن يعتمد بعد الآن على مساعدة الحكومة السويسرية المرتبطة باستحواذه الطارئ على بنك "كريدي سويس". ويرى المحللون في هذا التصريح علامة جيدة على أن "يو بي أس" لا يتوقع أن يسجل خسائر فادحة في الأصول.
وفي الولايات المتحدة دفعت الاضطرابات التي أعقبت فشل بنك "وادي السيليكون"، والذي كان يصنف حينها بكونه البنك السادس عشر في أميركا، المنظمين إلى اتخاذ خطوات طارئة بما في ذلك برنامج إقراض جديد من "الاحتياطي الفيدرالي"، كما أعلنوا أن بنكي "وادي السيليكون" و"سيغنتشر" يشكلان خطراً نظامياً على النظام المالي، مما يسمح لهم بضمان ودائع تلك المؤسسات الفاشلة التي تزيد على سقف التأمين الفيدرالي البالغ 250 ألف دولار.
متطلبات مالية جديدة مرتقبة
وبعد أشهر يأمل صانعو السياسة في أن يمدوا البنوك متوسطة الحجم بنسخة من متطلبات الديون الطويلة الأجل التي تنطبق في الوقت الحالي فقط على البنوك العالمية الضخمة، واقترحوا بالفعل زيادة متطلبات رأس المال للبنوك بأصول بقيمة 100 مليار دولار أو أكثر، ويفكرون في مجموعة جديدة من السيولة وقواعد اختبار الضغط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت القواعد الأكثر صرامة للبنوك متوسطة الحجم في طريقها إلى التطبيق بالفعل قبل انهيار بنك "وادي السيليكون"، وتتطلب من البنوك التي لديها أصول تزيد على 250 مليار دولار جمع ديون طويلة الأجل يمكن أن تساعد في امتصاص الخسائر في حالة إفلاسها.
وقال مسؤولون إن الجهات التنظيمية تدرس الآن اقتراح تطبيق الإجراء على البنوك بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار.
وقالت مجموعات الصناعة المصرفية إنها تخطط لمحاربة تغييرات القواعد، وإن متطلبات الديون الطويلة الأجل ستكون باهظة الثمن وليست ضرورية لتعزيز الاستقرار المالي. ويقولون إن مشكلات الولايات المتحدة، ولا سيما انهيار بنك "وادي السيليكون"، كان يمكن منعها من خلال إشراف أفضل وليس المزيد من القواعد.
ويضيف جروينبيرج أن تطبيق قواعد الديون الطويلة الأجل على البنوك التي تتشابه في الحجم مع بنكي "وادي السيليكون" و"سيغنتشير" يمنح المنظمين مزيداً من الخيارات في كيفية التعامل مع مثل هذه الإخفاقات، من دون اللجوء إلى البيع المتسارع لمقرض فاشل إلى شركة أخرى متوسطة الحجم أو بنك أكبر.