علَّق خبراء ومحللون آمالَهم على انفراجة كبيرة في ملف الحرب التجاريَّة بين الصين والولايات المتحدة بعد قرار أميركي بإرجاء الرسوم الجمركيَّة الجديدة التي أعلن دونالد ترمب أنه يعتزم فرضها على منتجات صينية بقيمة 300 مليار دولار.
وقالوا "رغم تفاعل الأسواق إيجاباً مع القرار الأميركي، فإن الآمال تبقى معلقةً على ضرورة وضع نهاية للحرب التجاريَّة التي تزيد أوجاع الاقتصادات العالميَّة".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن "إدارته قررت تأجيل فرض رسوم جمركيَّة على بعض الواردات الصينية حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك لتفادي إلحاق ضرر بالمتسوقين الأميركيين قُبيل عطلة عيد الميلاد".
وأضاف في تصريحات إلى الصحافيين، "نحن نفعل هذا من أجل موسم الكريسماس".
في الوقت نفسه، أكد أن "مباحثات التجارة مع الصين كانت مثمرةً للغاية"، بعد مناقشات هاتفيَّة بين الجانبين.
وكان ترمب أعلن في وقت سابق أنه سيفرض رسوماً جمركيَّة إضافيَّة بنسبة 10% على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار بدءاً من أول سبتمبر (أيلول)، وذلك بينما تستمر المباحثات، الهادفة إلى تخفيف التوترات بين أكبر اقتصادين بالعالم، قبل أن يرجئ فرض الرسوم "مؤقتاً".
وكتب في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، إن "المباحثات مستمرةٌ، لكن أميركا ستبدأ في الأول من سبتمبر (أيلول) فرض رسوم إضافيَّة قدرها 10% على بقية البضائع والمنتجات القادمة من الصين إلى بلدنا، البالغة 300 مليار دولار... هذا لا يشمل البضائع التي قيمتها 250 مليار دولار الخاضعة بالفعل لرسوم قدرها 25%".
ردود فعل سريعة على القرار الأميركي
وسريعاً تجاوبت الأسواق مع تصريحات الرئيس الأميركي، إذ التقطت العملات الرئيسية أنفاسها، فيما تخلَّى اليوان الصيني في المعاملات الخارجية عن بعض المكاسب التي حققها في وقت سابق من تعاملات اليوم الأربعاء، إذ قلَّصت بيانات اقتصاديَّة أضعف من المتوقع، التفاؤل الناجم عن قرار الولايات المتحدة إرجاء فرض رسوم جمركيَّة على واردات صينية.
وانحسر الحماسُ على نطاق أكثر اتساعاً أيضاً، وارتفع الين الياباني الذي يعتبر ملاذاً آمناً مجدداً، في مؤشرٍ على أن الإقبال على المخاطرة ما زال هشّاً. وتراجع الين أمس الثلاثاء بعد الإعلان الأميركي.
ويعكس انخفاض اليوان وارتفاع الين آراء محللين بأن إرجاء فرض الرسوم، على الرغم من أنه خطوة مشجعة، "لا يرقى بأي حال إلى أن يكون حلاً للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة".
في غضون ذلك، أظهرت بيانات اقتصاديَّة صينية استمرار تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. وارتفع الإنتاج الصناعي الصيني في يوليو (تموز) بأبطأ وتيرة خلال أكثر من 17 عاماً.
اليوان يلتقط أنفاسه بعد خسائر عنيفة مقابل الدولار
وقفز اليوان في المعاملات الخارجيَّة إلى أعلى مستوى خلال أسبوع مقابل الدولار في تعاملات أمس الثلاثاء، بعدما تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن موعد نهائي حدده في أول سبتمبر (أيلول) لفرض رسوم جمركيَّة بنسبة 10% على بقية الواردات الصينية، ليرجئ فرض رسوم على الهواتف الخلويَّة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من السلع الاستهلاكيَّة. وجاء هذا الإعلان بعد تجدد المباحثات التجاريَّة بين الصين والولايات المتحدة.
لكن اليوان انخفض بنسبة 0.4% مقابل الدولار إلى مستوى 7.0360، عند مستوى يعادل أكثر من سبعة يوانات للدولار، الذي بلغه الأسبوع الماضي حين جرى الإعلان عن فرض الرسوم بنسبة 10%.
في المقابل، صعد الين الياباني بنسبة 0.4% مقابل الدولار إلى مستوى 106.33 ين، بعدما بلغ أدنى مستوى خلال أسبوع في تعاملات أمس الثلاثاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما لم يطرأ تغيرٌ يُذكر على بقية العملات الرئيسة، استقرّ مؤشر الدولار الذي تراجع نحو 1% منذ بداية أغسطس (آب) الحالي عند نحو 97.8.
واستقرَّ اليورو عند 1.1180 دولار رغم بيانات الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة لألمانيا في الربع الثاني من العام.
كما استقرَّ الجنيه الإسترليني عند مستوى 1.2056 دولار، ولم يطرأ عليه تغيّر يذكر مقابل اليورو، إذ جرى تداوله مقابل 92.73 بنس.
لكن المستويات الراهنة توحي بأن المستثمرين لا يرغبون في رفع الإسترليني عن أدنى مستوى خلال عدة أعوام، والذي بلغه في الأسبوع الماضي.
مناخ خارجي خطير ومعقد
في سياق متصل، شهد الإنتاج الصناعي الصيني تباطؤاً كبيراً في يوليو (تموز) الماضي مع تراجع نموه إلى 4.8% على مدى عام في أضعف زيادة منذ 17 عاماً، حسب أرقام نشرها المكتب الوطني للإحصاءات اليوم الأربعاء.
وتعثّر أداء الاقتصاد الصيني بوتيرة تفوق التوقعات كثيراً في يوليو (تموز)، مع تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي إلى أدنى مستوى في أكثر من 17 عاماً، في ظل زيادة تأثير الحرب التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن على الشركات والمستهلكين.
واستمر فتور النشاط في الصين على الرغم من اتخاذ مجموعة من الخطوات المتعلقة بالنمو على مدى العام الفائت، ما يثير تساؤلات بشأن الحاجة إلى حوافز أكثر سرعة وقوة حتى لو خاطرت بكين بتراكم مزيدٍ من الدين.
وبعد تحسُّن متذبذب في يونيو (حزيران)، قال محللون إن أحدث بيانات تدل على فتور الطلب بشكل عام في الشهر الماضي، بما يشمل الإنتاج الصناعي والاستثمارات ومبيعات التجزئة.
جاء ذلك بعد إقراض مصرفي أقل من المتوقع ومسوح جاءت نتائجها قاتمة للمصانع، مع عودة الانكماش لأسعار المنتجين، ما يعزز توقعات بالحاجة إلى مزيد من الدعم على مستوى السياسات قريباً.
وبينما يخوض ثاني اقتصاد في العالم حرباً تجاريَّة، بدأتها الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تحدَّث المكتب الوطني للإحصاءات في تعليقه على هذه الأرقام، عن "مناخ خارجي خطير ومعقد". وكان الإنتاج الصناعي للصين ارتفع في يونيو (حزيران) الماضي بنسبة 6.3%.
من جهة أخرى، تراجع نمو مبيعات المفرق المؤشر الرئيسي لاستهلاك العائلات إلى نحو 7.6% في يوليو (تموز) على مدى عام بعد زيادة نسبتها 938% في يونيو (حزيران) الماضي. وهذه النسبة هي الأضعف منذ أبريل (نيسان) الماضي عندما بلغت نحو 7.2%.
واعترف المكتب الوطني للإحصاءات بأن اقتصاد الدولة الآسيوية العملاقة يواجه "ضغطاً يدفعها إلى مزيدٍ من الانخفاض على الصعيد الداخلي".
والأرقام المتعلقة بالإنتاج الصناعي مثل تلك المتعلقة بمبيعات المفرق، جاءت أقل من تقديرات المحللين. إذ توقَّع خبراء استطلعت وكالة بلومبيرغ للأخبار المالية آراءهم زيادة الإنتاج الصناعي بنسبة 6%، ومبيعات المفرق بنسبة 8.6%.
أمَّا الاستثمارات برأسمال ثابت فتراجع نموها أيضاً إلى مستوى 5.7% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، مقابل نحو 5.8% في نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
ويواجه الاقتصاد الصيني منذ عام زيادة في الرسوم الجمركيَّة بالولايات المتحدة، إذ تدين إدارة ترمب الفائض التجاري لمصلحة الصين، وتتهم بكين بممارسات غير نزيهة حيال الشركات الأجنبية.
جهود شاقة لدعم نمو القطاع الصناعي
وقالت وزارة الصناعة الصينية الشهر الماضي، إن بكين ستحتاج إلى "جهود شاقة" لتحقيق هدف النمو الصناعي لعام 2019 بنسبة بين 5.5 و6%.
وتباطأ النمو الاقتصادي للصين إلى ما يقترب من أدنى مستوى في ثلاثين عاماً عند 6.2% في الربع الثاني من العام، وظلَّت الثقة في مجال الأعمال متزعزعة، ما أثَّر سلباً في الاستثمارات.
ونمت استثمارات الأصول الثابتة 5.7% في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) على أساس سنوي، وهو ما يقل عن توقعات بزيادتها 5.8%، ولتسجل تراجعاً مقارنة مع قراءة سابقة.
لكن القراءات المسجَّلة في مختلف القطاعات كشفت عن خسارة أكثر وضوحاً لقوة الدفع بمجالات حيويَّة في مستهل الربع الثالث.
وارتفعت مبيعات التجزئة 7.6% في يوليو (تموز)، ما يقل بكثيرٍ عن متوسط التوقعات بزيادتها بنسبة 8.6%، وأضعف من أكثر التوقعات تشاؤماً. وقفزت المبيعات 9.8% في يونيو (حزيران)، وهو ما توقع كثيرٌ من المحللين أن يكون "مؤقتا"ً.
وشهدت الأشهر القليلة الماضية تصاعداً مفاجئاً في حرب تجاريَّة مستمرة منذ عام بين واشنطن وبكين، ما زاد من المخاطر التي يواجهها اقتصاد البلدين، وأوقد مخاوف من حدوث ركود عالمي.
لكن الصين التقطت أنفاسها نوعاً ما أمس الثلاثاء، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيرجئ فرض رسوم جمركيَّة على بعض الواردات الصينية، ومنها الهواتف المحمولة وسلع استهلاكيَّة أخرى في محاولة واضحة لتفادي تأثير الرسوم في مبيعات فترة ما قبل عطلة عيد الميلاد بالولايات المتحدة.
لكن الرسوم الجديدة ستُطبق في الشهر المقبل على نحو نصف قائمة مستهدفة من السلع الصينية، قيمتها 300 مليار دولار.
ويقول محللون إن "فرصة إبرام اتفاق تجاري دائم بعد التصعيدات في الآونة الأخيرة تضاءلت بشدة".