ملخص
تدور الاشتباكات في مدينة نيالا منذ أسبوع باستخدام مختلف الأسلحة وتحولت المعارك إلى حرب شوارع بين الطرفين في ظل انقطاع الاتصالات بين المدينة وبقية ولايات السودان
تزايدت حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في عدد من محاور القتال بينها العاصمة الخرطوم ومدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، مما فاقم الأوضاع الإنسانية إلى الأسوأ، وزادت حركة النزوح هرباً من لهيب المعارك المتواصلة منذ أيام عدة.
وفي الخرطوم أكد شهود سماعهم دوي انفجارات وقصف مدفعي متقطع طيلة يوم الأربعاء حول الأحياء المحيطة بسلاح المدرعات الواقع في منطقة الشجرة جنوب العاصمة التابع للجيش السوداني، الذي يشهد معارك ضارية بين الطرفين منذ الأحد الماضي في ظل تضارب الأنباء عن سيطرة كل طرف عليه، إذ شهدت مواقع التواصل الاجتماع تبادل فديوهات لكلا الجانبين تظهر تواجد جنودهما داخل منطقة سلاح المدرعات.
"خطة مسبقة"
وفيما أوضح الناطق الرسمي للجيش السوداني العميد نبيل عبدالله في تصريحات صحافية، أن الجيش بسط سيطرته بالكامل على سلاح المدرعات بعد محاولات متكررة من "قوات الدعم السريع" للسيطرة عليه، أكد بيان لـ"قوات الدعم" سيطرتها على أجزاء واسعة من سلاح المدرعات، واستيلاءها على عديد من المعدات والآليات العسكرية، فضلاً عن قتل العشرات من جنود الجيش.
وبحسب شهود، فإن الطائرات الحربية التابعة لسلاح الطيران السوداني ظلت تحلق في سماء ولاية الخرطوم بالتزامن مع إطلاق المضادات الأرضية من قبل "قوات الدعم السريع" من مواقع في العاصمة، كما واصل الجيش السوداني قصف أهداف للدعم السريع بواسطة المدافع في مدينة الخرطوم وأحياء أم درمان القديمة.
وفي نيالا تواصلت الاشتباكات بين الطرفين وتبادلا القصف المدفعي باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، ما أدى إلى مصرع نحو 40 شخصاً من المدنيين بحسب مصادر طبية في المدينة، فضلاً عن إصابة حوالى 50 آخرين خلال الأيام الثلاثة الماضية، كما أشارت تقارير إلى فرار 50 ألف أسرة من سكان هذه المدينة نتيجة احتدام القتال وتزايد أعمال السلب والنهب ونقص الغذاء والدواء.
في غضون ذلك، أشارت مصادر في الجيش السوداني إلى أن قواتهم المرابطة في مدينة نيالا صامدة ومتماسكة وتنفذ عملياتها العسكرية بموجب خطة مرسومة مسبقاً.
اشتداد المعارك
وتدور الاشتباكات في هذه المدينة منذ أسبوع باستخدام مختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتحولت هذه المعارك في بعض مناطق المدينة خصوصاً الجنوبية والشمالية إلى حرب شوارع بين الطرفين، في ظل انقطاع الاتصالات بين المدينة وبقية ولايات السودان، إلا بواسطة الرسائل النصية التي في الغالب تفشل في الوصول، فضلاً عن انقطاع خدمات الماء والكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لمكتب منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان "أوشا"، فإن 60 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب 250 آخرون نتيجة المعارك الدائرة بين الجيش و"الدعم السريع" في مدينة نيالا الأيام الماضية.
وتتواصل الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان)، في عديد من المناطق، بلا هوادة، مما أسفر عن مقتل نحو 5 آلاف شخص بحسب منظمة "أكليد".
وتتركز المعارك في العاصمة الخرطوم وضواحيها، إضافة إلى إقليم دارفور، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن ما يدور من قتال بين الطرفين قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وأن النزاع فيه يتخذ أكثر فأكثر أبعاداً عرقية.
وأدى اشتداد وتيرة القتال إلى تعثر الوساطات الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى حل ينهي هذه الحرب، التي اندلعت بين القوتين العسكريتين عشية مناقشات حول اتفاق لتوحيد القوات المسلحة في البلاد، وتنفيذ اتفاق وقع في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2022 بين المكون العسكري والمدني للانتقال إلى المسار الديمقراطي.
ظهور البرهان للمرة الأولى
ظهر قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في تسجيل مصور تداوله الجيش اليوم الخميس 24 أغسطس (آب) وهو خارج مجمع قيادة الجيش، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل أربعة أشهر.
وظهر البرهان في التسجيل المصور الذي قال الجيش إنه التقط في قاعدة وادي سيدنا الجوية في أم درمان، ويبعد حوالى 30 كيلومتراً من مقر وزارة الدفاع في الخرطوم، وهو يلوح للجنود المرحبين به.
وقال في التسجيل "أحييكم، الناس مطمئنة لإنجازاتكم... السودان يحرسه الجيش".
يأتي هذا التسجيل في الوقت الذي تشن فيه "قوات الدعم السريع" هجوماً مستمراً منذ أيام على قاعدة سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، وهي القاعدة الرئيسة الوحيدة الأخرى للجيش بعيداً من مقر القيادة التي تقول "قوات الدعم السريع" إنها تحاصرها.
ولم يتضح كيف استطاع البرهان مغادرة الخرطوم.
ويسيطر الجيش أيضاً على قواعد في مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، المدينتين التوأم للعاصمة بما فيها قاعدة وادي سيدنا الجوية التي حاولت "قوات الدعم السريع" مهاجمتها، لكنها ما تزال محمية بشكل جيد.
وكثيراً ما سخر الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد "قوات الدعم السريع" من البرهان بسبب ما وصفه باختبائه في "قبو"، على رغم أن دقلو نفسه لم يظهر سوى في تسجيل مصور واحد منذ بدء الحرب، وهو يتحدث إلى جنوده خارج منزل في موقع غير محدد الشهر الماضي.
وتسبب القتال في أزمة إنسانية مع إغلاق المستشفيات وانقطاع الكهرباء والمياه ونقص الغذاء كما يهدد موسم الأمطار الذي بدأ الشهر الماضي بتدهور الأوضاع.
وقالت الأمم المتحدة أمس الأربعاء، إنه تم رصد تفش للحصبة وكذلك تزايد لحالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد والملاريا وحمى الضنك.