ملخص
منتقدو الخطوة يرونها تتعارض مع مهام "المركزي التونسي" من الحفاظ على التوازنات المالية
قدم نواب بالبرلمان التونسي مقترحاً لتعديل قانون البنك المركزي التونسي، ويأتي مشروع التنقيح الذي يتوقع النظر فيه من قبل مجلس النواب بعد انتقادات أبداها أعضاء تتعلق ببعض الفصول بالقانون الأساس لمؤسسة الإصدار وعلاقتها بإجراءات الاقتراض من السوق الداخلية من قبل الحكومة التونسية، مما أدى إلى جدل بين منادين بالتغيير ومحذرين من مغبة المساس باستقلالية البنك والأخطار المترتبة عن ذلك.
وقال النائب عبدالرزاق عويدات رئيس كتلة "الخط الوطني السيادي" إن كتلته بالمجلس تقدمت بمشروع قانون تعديلي لتنقيح القانون المتعلق بضبط النظام الأساس للبنك المركزي التونسي في الفقرة الرابعة من الفصل 25 من النظام الأساس للبنك.
وذكر أن التنقيح سيمكن الدولة من الحصول على قروض مباشرة من البنك المركزي، دون الحاجة إلى المرور عبر البنوك الخاصة التجارية، وقال إنه "عوضاً عن تسديد القروض التي تقتنيها الدولة بنسبة فائدة قدرها سبعة في المئة، ستصبح الدولة مطالبة بدفع نسبة فائدة في حدود أربعة في المئة فحسب"، مضيفاً أنه "سيتم تفادي دفع فوائد مكلفة تصل إلى مئات الملايين من الدنانير بإمكان الدولة استغلالها في مشاريع تنموية واستثمارات عمومية".
بنك تحت إشراف الدولة
وقال عويدات إن مشروع التعديل ينص على ألا يتجاوز سقف القروض التي يمنحها البنك المركزي للدولة خمسة في المئة من الناتج الداخلي، أو ما يمثل 20 في المئة من العائدات الجبائية المجمعة خلال العام بأكمله، كما يجب سدادها خلال فترة لا تتجاوز 12 شهراً من تاريخ تسلم القرض. ويشمل المقترح إجراء تعديل على الفصل 46 من النظام الأساس للبنك المركزي بهدف تحقيق تناغم بينه وبين الدستور الجديد (دستور 2022)، وهو خلافاً للدستور السابق، ينص على تعيين محافظ البنك المركزي من قبل رئيس الجمهورية دون العودة إلى رئيس الحكومة.
ولم تقتصر الدعوة إلى النظر في استقلالية البنك المركزي على عويدات ونواب الحزب الذي ينتمي إليه، بل تجاوزه إلى كتلة "نواب مسار 25 يوليو"، إذ دعا الناطق الرسمي محمود بالمبروك إلى وضع البنك المركزي تحت الإشراف المباشر للدولة والقطع مع الاستقلالية المادية والإدارية لمؤسسة الإصدار، إذ اعتبر أن استقلالية البنك عقبة أمام الاستثمار وتحقيق مداخيل إضافية للعملات.
عدم إقراض الخزانة
وتقوم الخزانة العامة بطرح سندات في حال الاقتراض من السوق المحلية، ويتم اقتناؤها من قبل البنوك التونسية لإقراض الدولة بفوائد محددة خلال العملية، وتنص الفقرة الرابعة من الفصل 25 محل الخلاف على أنه لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزانة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض، أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة، مما يفيد امتناعه عن إقراض الدولة بصفة مباشرة، وأنه الوكيل المالي للدولة في ما تنجزه من عمليات، وبخاصة عمليات الخزانة والعمليات المصرفية، ويتولى مسك الحساب الجاري للخزانة وينجز جميع عمليات التوفير والخصم المأذون بها، كما يتولى حسابات الأوراق المالية التابعة للدولة والتصرف فيها والسندات التي تصدرها أو تضمن فيها والتعهدات المحمولة عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتطلب النجاح في هذه المهام الحصول على مساحة مهمة من الاستقلالية والمسافة من الحكومات حتى يتمكن من القيام بدوره التعديلي بمنأى عن الحسابات السياسية التي من شأنها أن تحيد به عن دوره وتضرب فاعليته، كما تسهم استقلالية البنك المركزي في جذب ثقة الأسواق المالية ووكالات التصنيف، وفق سويلم، الذي أشار إلى تنزيل استقلالية البنك ضمن السياسات التي اعتمدتها تونس لتطوير آليات السوق وخلق اقتصاد حر للاستجابة للمعايير الدولية.
في المقابل اعتبر المتخصص في الشأن المالي وسيم بن حسين في تصريحه لـ"اندبندنت عربية" مراجعات البرلمان لنص القانون الأساس للبنك إعادة نظر في استقلالية المؤسسة التي تأسست على امتداد مراحل ووردت في إطار الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها تونس، مما يضعها في مهب الريح، وقد تنزلت ضمن مسار تطوير السوق المالية بمكوناتها والتأسيس للاقتصاد الليبرالي، الأمر الذي يعسر طريق العودة إلى الوراء بصفة أحادية.