Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما علاقة "داعش" برفض الموافقة على إنشاء مطار ثان في لبنان؟

"القليعات" يحتاج إلى نحو 90 مليون دولار وهو مبلغ قليل نسبة إلى العوائد الاقتصادية المتوقعة

     شهد مطار القليعات آخر رحلة مدنية عام 1991 (الوكالة الوطنية للإعلام)

ملخص

لبنان يختنق بوجود منفذ جوي واحد فلماذا "حزب الله" يتحفظ على إنشاء مطار ثان في شمال لبنان؟

قد يكون لبنان من الدول المعدودة في العالم التي لا تزال تعتمد على مطار مدني واحد، حيث باتت قضية إنشاء المطارات مرتبطة بتطوير شبكة المواصلات وتنظيم الازدحام وتنمية المناطق وازدهارها، إضافة إلى كونها مسألة استراتيجية، إذ في حال حدوث حالة طوارئ تقنية أو أمنية يمكن نقل الملاحة الجوية إلى مطار آخر بدل عزل الدولة عن العالم.

وبمقاربة بسيطة مع قبرص المجاورة للبنان والتي تشبهه نسبياً من ناحية التضاريس والمساحة، تمتلك الجزيرة ستة مطارات متخصصة، أسهمت في تنمية المناطق البعيدة من العاصمة وتخفيف الازدحام عن المطار الرئيسي في لارنكا.

وما يزيد من الأمور تعقيداً، اعتبار بعض القوى السياسية أن طرح إنشاء مطار ثانٍ في لبنان هو مقدمة لإنشاء نظام فيدرالي أو طرحاً تقسيمياً للبلاد، في حين تعتبر القوى المؤيدة أن هدفها الأول اقتصادي وإنمائي. وتجاهر قوى سياسية عدة بأن "حزب الله" يملك اليد الطولى في المطار، لذلك ليس من مصلحته وجود مطار ثان بعيداً من رقابته.

بين الازدهار والتخلف

وتجمع الدراسات على الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لإنشاء مطار ثانٍ في لبنان، لا سيما أن مطار بيروت تجاوز القدرة الاستيعابية ولا يمكن توسيعه وتطويره ليواكب الحداثة العالمية للمطارات الدولية، علماً أنه عند إنشائه، قبل 70 عاماً شهد نجاحاً وازدهاراً كبيرين، حيث كان تصنيفه ضمن أحدث مطارات الشرق الأوسط وأفضل مطارات العالم من حيث الخدمات لفترة غير قصيرة أسهم خلالها إسهاماً مباشراً في ازدهار لبنان السياحي والتجاري والخدماتي.

لكن أخيراً صُنف مطار رفيق الحريري الدولي بلبنان بـ "ما دون المقبول"، من قبل منظمة الطيران المدني الدولي، والوكالة الأوروبية لسلامة الطيران، حيث حاز لبنان درجة إجمالية قدرها 58.5، في حين أن المتوسط العالمي هو 69.8، ما يعني رسوبه وفق المعايير الدولية وبات أمام تحدي تحسين وضعه ليتجنب وضع "علامة" حمراء أمام اسم المطار كما حصل مع كل من بوتان، وروسيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

مطار القليعات

ومن المعروف أن في لبنان ستة مطارات بدائية بعضها نشأ خلال الحرب الأهلية، ووفق ضابط في القوات الجوية اللبنانية، هناك ثلاثة مطارات تملك بعض التجهيزات اللازمة للتشغيل وهي القليعات (مطار رينيه معوض)، ورياق، وحامات، وتُستخدم كمطارات عسكرية، ولا سيما مطار القليعات الذي يقع في وسط سهل عكار على بعد 105 كيلومترات من بيروت، و25 كيلومتراً شمال مدينة طرابلس، ويبعد سبعة كيلومترات عن الحدود اللبنانية - السورية، ومساحته الحالية حوالى 5.5 مليون متر مربع، قابلة للتوسيع في جميع الاتجاهات.

عوائق عدة تحول دون تحويل هذه المواقع إلى مطارات مدنية، باستثناء مطار رينيه معوض، الذي يستوفي الشروط الدولية وأهمها أن يزيد طول المدرج على ثلاثة كيلومترات.

مطار رينيه معوض (القليعات) لا تتسع ساحاته حالياً إلا لحوالى 12 طائرة، كما يستوجب معدات تقنية، كرادارات، وأجهزة مراقبة، وأجهزة لهبوط الطائرات، وتجديد الإنارة، واستحداث قاعات لاستقبال المسافرين، إضافة إلى تأمين مخازن للفيول، لأن الطائرات المدنية تحتاج إلى كميات أكبر مقارنة بتلك العسكرية.

 

"فيتو" سياسي

وفي هذا السياق، أكد رئيس لجنة متابعة تشغيل مطار القليعات زكريا بكار، أن السبب الرئيسي لعدم تأهيل المطار سياسي بامتياز، كاشفاً عن وجود "فيتو" من قبل "حزب الله" و"حركة أمل" بالتماهي مع نواب مقربين من تيار المستقبل، لأن مصلحة هؤلاء تكمن في إفقار المنطقة وإخضاع أهلها.

وكشف أن كلفة تشغيل مطار القليعات تُقدر بـ 90 مليون دولار، وهو مبلغ قليل نسبةً إلى عائداته الاقتصادية المتوقعة، ويُمكن تأمينه من خلال استثمارات داخلية وخارجية، لافتاً إلى أن المطار يستوفي شروط استقبال الطائرات الكبيرة، وثمة إمكانية لإطالة مسافة المدارج من 3.2 كيلومتر إلى أربعة كيلومترات.

الأمر نفسه سبق أن أكده أيضاً مدير عام المديرية العامة للطيران المدني السابق حمدي شوق، الذي قال في تصريح صحافي إن "العرقلة سياسية بامتياز ومن قبل "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اللذين لا يريدان إنماءً خارج إطار نفوذهم واستفادتهم المباشرة".

إلا أن أمين سر كتلة "الاعتدال الوطني" النائب السابق هادي حبيش، يشير إلى أن العمل على تفعيل مطار القليعات بدأ منذ عام 2005، لكن سبب العرقلة هو عدم تعيين "الهيئة العامة للطيران المدني"، المخولة بإعطاء الموافقة على إنشاء مطار آخر في لبنان".

مطار حامات

من ناحيته، يؤكد النائب السابق أنطوان زهرا، أن "لا بلد في العالم يعيش على منفذ جوي واحد"، لافتاً إلى أنه إضافة إلى الواقع السياسي الذي يحاصر مطار رفيق الحريري الدولي وسيطرة "حزب الله" على الحركة داخله، هناك واقع الاكتظاظ الذي يسببه موقع المطار على مدخل العاصمة".

وأضاف أن كل الأسباب الواقعية والاقتصادية والاجتماعية تقتضي وجود أكثر من مطار في لبنان، فلا يجوز أن تجمع الشحن الجوي مع الرحلات الخاصة، إضافة إلى الرحلات الاستثنائية الكثيفة التي تحصل في زمن السياحة أو الحج.

موضحاً أن مطار حامات شبه جاهز للاستخدام كونه يتضمن مدرجاً ومعدات للملاحة الجوية، ويستعمل حالياً من الطيران العسكري الأميركي لدعم الجيش اللبناني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مطار "السُنة والمسيحيين"

في المقابل، تشير مصادر مقربة من "حزب الله"، إلى عدم الممانعة بإنشاء مطار ثانٍ في لبنان، إلا أن التوقيت حالياً غير مناسب لوجود تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية، حيث توجد لدى الحزب مخاوف من دخول عناصر متطرفة مثل تنظيم "داعش" عبر مطار القليعات في حال تشغيله خلال هذه المرحلة، وبرأيها، هناك أمور عدة يجب حسمها قبل الموافقة على قرار استراتيجي كهذا، أولها يتعلق بالجهات التي ستؤمن الأمن داخل المطار وخارجه، إضافة إلى الخشية من تحوله إلى مطار طائفي عبر سيطرة "السنة والمسيحيين" عليه ليكون وكأنه تحدٍ لمطار بيروت الذي يؤمن مصلحة اللبنانيين جميعاً.

قصة المطار

ويروي أبناء المنطقة أن القصة ارتبطت بحادثة حصلت أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث اضطرت طائرة فرنسية للهبوط نتيجة عطل تقني في تلك المنطقة، ثم عملت فرقة صيانة عسكرية على إصلاحها، ولكي تستطيع الإقلاع مجدداً تم استحداث مدرج بدائي لتقلع الطائرة من جديد.

وعند وقوع الحرب العربية - الإسرائيلية عام 1967، تقرر حينها ضمن سياسة الدفاع العربي المشترك، تأهيل هذا المدرج وصيانته وتوسيعه وبناء عدة أبنية للمراقبة والمستودعات وإقامة الموظفين والإداريين والفنيين، وتم تجهيزه بالمعدات اللازمة لمطار عسكري حمل اسم قاعدة القليعات الجوية.

وأواخر الثمانينيات وبعد أن تعذر التواصل بين بيروت وشمال لبنان بسبب الحرب، تحول إلى مطار مدني، وبدأ يشهد حركة هبوط وإقلاع ناشطة بافتتاح أول خط جوي داخل الأراضي اللبنانية، إلا أن أهميته ازدادت عندما أصبح شاهداً على انتخاب الرئيس رينيه معوض رئيساً للجمهورية اللبنانية في الخامس من نوفمبر (تشرين الأول) 1989 حيث هبطت طائرة "بوينغ 707" مما عزز جدارة هذا المطار في استقباله طائرات التجارية.

وبعد مقتل الرئيس معوض غداة عيد الاستقلال في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 قرر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وظلت الرحلات الداخلية سارية حتى أواخر عام 1991، إلى أن طواه النسيان طيلة مرحلة التواجد السوري في لبنان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير