ملخص
معارك ضارية مستمرة للأسبوع الثاني في منطقة سلاح المدرعات بالخرطوم وتحركات مكثفة للبرهان وحميدتي.
تتواصل الاشتباكات والقصف الجوي والمدفعي المتبادل بين الجيش و"الدعم السريع" في محاور القتال بمدن العاصمة السودانية الثلاث، الخرطوم وبحري وأم درمان.
وتشهد منطقة سلاح المدرعات بالشجرة مواجهات شرسة بين الجانبين، للأسبوع الثاني، نتيجة الهجوم الثامن من نوعه الذي تشنه "الدعم السريع" وبصورة يومية على مقر سلاح المدرعات، بعد أن حشدت له قوات كبيرة تصدى لها الجيش بالقصف الجوي والمدفعي والمسيرات.
وقال الجيش السوداني، في بيانه اليومي عن موقف العلميات مساء أمس الأحد، إنه نجح في فرض سيطرته الكاملة على مداخل ومخارج سلاح المدرعات، لافتاً الانتباه إلى تصدي قواته لمناوشات "الميليشيات المتمردة" وتكبيدها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح. وأشار إلى استقرار الأوضاع في جميع الفرق والمناطق العسكرية بالولايات.
وذكر الناطق باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله، أن "الميليشيات المتمردة" لا تزال مستمرة في القصف العشوائي على الأحياء السكنية، إذ أطلقت أمس الأحد عدة قذائف مدفعية على الحارتين 101 و102 بأم درمان مما أدى إلى إصابات وسط المدنيين ما زال يجري حصرها.
وأضاف البيان، "يحاول العدو إيقاف سكان مناطق الشجرة والحماداب وجبرة والعشرة، بالتضييق على تحركاتهم وحرمانهم من الحصول على حاجاتهم اليومية"، واصفاً ذلك بأنه "سلوك قبيح درجت عليه الميليشيات، وحولت الحرب إلى حرب ضد المواطن في معاشه والاستيلاء على مسكنه ونهب ممتلكاته".
قصف متبادل
ولم تنقطع أصوات تحليق طيران الاستطلاع والقصف الجوي والمدفعي الثقيل المتبادل، طوال نهار أمس، في عدة مواقع بالعاصمة الخرطوم غطت بعضها سحب الدخان السوداء، بخاصة في محيط سلاح المدرعات في منطقة الشجرة والأحياء المجاورة له جنوب الخرطوم.
وفي العاصمة أيضاً، واصل الجيش قصفه المدفعي والجوي لمواقع قوات "الدعم السريع"، في جنوب ووسط الخرطوم بكل من ضاحية سوبا (شرق)، وأحياء الرياض وبري وغاردن سيتي، كما شهدت أحياء جبرة والعشرة واللاماب بحر أبيض وغزة المجاورة (جنوب) اشتباكات برية ومدفعية بين الجانبين.
أما محيط مطار الخرطوم الدولي، فسُمع ظهر أمس دوي انفجارات وقصف متبادل وإطلاق نار كثيف، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي، على مدار ساعات اليوم في سماء مدينتي الخرطوم وأم درمان، ومناطق أخرى متفرقة من العاصمة.
وشهدت أحياء أم درمان القديمة اشتباكات عنيفة، حيث يعمل الجيش بحسب مصادر عسكرية، على توسيع دائرة انتشاره على طول شارع الوادي شمالاً وصولاً إلى أحياء الثورات حتى محلية كرري، بينما تستمر عمليات التمشيط البرية والعميات النوعية في مداهمة نقاط ارتكاز "الدعم السريع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحسب المصادر نفسها، ينفذ الجيش المزيد من عمليات العزل وقطع الإمداد البشري ومن الآليات والعتاد لقوات "الدعم السريع"، مع استمرار عمليات التمشيط البرية والنوعية في مداهمة نقاط ارتكازه داخل الأحياء السكنية، تزامناً مع قصفه المدفعي الموجه من قاعدة وادي سيدنا على تمركزات تلك القوات في محيط سلاح المهندسين، والأحياء المجاورة له جنوب وغرب أم درمان.
من جانبها، قالت قوات "الدعم السريع"، إنها شنت هجوماً بالمدافع من مواقع وجودها شرق مطار الخرطوم على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، إلى جانب مواقع أخرى للجيش في كل من مدن بحري ووسط أم درمان القديمة.
"البرهان" في بورتسودان
في غضون ذلك، وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، عصر أمس الأحد، إلى مدينة بورتسودان وسط استقبال رسمي كبير وإجراءات أمنية مشددة، مع تكهنات باعتزامه اتخاذ المدينة مقراً رسمياً لممارسة مهامه الدستورية والعسكرية.
ووفق مسؤولين حكوميين في ولاية البحر الأحمر، فإنه من المنتظر أن ينخرط البرهان اعتباراً من اليوم الإثنين في سلسلة اجتماعات مع مجلس الوزراء المكلف للوقوف على القضايا والتحديات التي تواجه الحكومة، بما فيها جهود التصدي للأوضاع والأزمة الإنسانية الخانقة.
كما ينتظر أن يجتمع مع قادة الأجهزة العسكرية الأمنية والنظامية، قبل الشروع في مشاورات تهدف إلى تشكيل حكومة طوارئ موقتة، يعقب اطمئنانه على الأوضاع الداخلية جولة عربية قصيرة تشمل كل من مصر والسعودية في المرحلة الأولى.
ووسط تحفظات العديد من القوى السياسية على خطوة تشكيل حكومة طوارئ موقتة المطروحة، تتطلع معظم تلك القوى في أعقاب خروج قائد الجيش من القيادة العامة ووصوله إلى بورتسودان إلى خطوات مرتقبة وجادة، تقود إلى إنهاء الحرب والعودة إلى المسار المدني الديمقراطي.
وعبر رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، عن مساندته ودعمه لخروج الفريق عبدالفتاح البرهان من الخرطوم، "إذا كان هذا الخروج وفق ترتيبات وتفاهمات من أجل إيقاف الحرب والسلام والعودة للمسار الديمقراطي وإعادة بناء الوطن من خلال جبهة وطنية عريضة وحكومة انتقالية متوافق عليها، تعكس التنوع السوداني فستجد منا السند والعضد".
واقترحت الحركة الشعبية - التيار الثوري الديمقراطي، بقيادة ياسر عرمان، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، على قائد الجيش الدخول في مشاورات مع القوى الوطنية والديمقراطية من أجل إنهاء الحرب، محذرة من خطورة تشكيل حكومة موقتة في الوقت الراهن.
رؤية للحل من حميدتي
على نحو مفاجئ وفي خضم تطورات خروج البرهان واستمرار المعارك، طرح قائد قوات "الدعم السريع" الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، رؤية متكاملة للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة.
وطرحت الرؤية المنشورة عبر حساب حميدتي في منصة "إكس"، إن هدفها التأسيس لحل شامل ودائم، مطالباً بضرورة البحث عن التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد مقروناً بمبادئ للحل السياسي الشامل الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان منذ الاستقلال. وتمسك بأهمية الحل السلمي الذي ظلت تتمسك به دوماً قوات "الدعم السريع".
وتضمنت الرؤية، تأسيس نظام حكم مدني ديمقراطي على انتخابات عادلة ومؤسسة عسكرية مهنية واحدة تنأى عن السياسة، كأحد أهم الأسس لحل الأزمة الراهنة، مع الإقرار بأن النظام الفيدرالي هو الأنسب لحكم السودان.
وحددت الرؤية، مجموعة من المبادئ العامة للتوصل إلى التسوية المطلوبة، على رأسها تحديد الأطراف المشاركة في العملية المفضية إلى تلك التسوية، تشمل القوى المؤمنة بالتحول الثوري الديمقراطي في المركز أو الأطراف، بتمثيل عادل، وألا يتم إغراق العملية بالعناصر المعادية للتغيير والتحول الديمقراطي في السودان، ويستبعد تماماً المؤتمر الوطني وكل من ظل يعمل سراً أو علناً ضد التغيير والديمقراطية عقب سقوط نظام عمر البشير.
الجنينة ونيالا
وفي دارفور، تواترت أنباء عن تجدد القتال بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور مرة أخرى، في وقت تتواصل المعارك الشرسة في مدينة نيالا بجنوب دارفور، التي تعيش مأساة متكاملة الأركان بعد توقف كل أسباب الحياة ونفاد مخزونات السلع الغذائية الضرورية والأدوية والمستشفيات المغلقة، وانقطاع خدمات الاتصالات والكهرباء، وانتشار عصابات النهب المسلح ما يجعل الفرار شبه مستحيل.
على صعيد متصل، بحث عضو مجلس السيادة رئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر أبو بكر حجر، وحاكم إقليم دارفور رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، في مدينة الفاشر بشمال دارفور الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم.
واستعرض الاجتماع الأوضاع في ولايات الإقليم الخمس، والتدهور الأمني والإنساني الكبير في معظمها، بخاصة في مدينة نيالا التي لا تزال مشتعلة، إذ أكدا ضرورة إيجاد حلول سريعة لإنقاذ حياة مواطني الإقليم.