ملخص
الأردن في المرتبة الـ 11 عالمياً من حيث احتياطات اليورانيوم، والهدف إنتاج 800 طن سنوياً وسط تقديرات تشير إلى وجود أكثر من 42 ألف طن وسط البلاد
أمام واقع اقتصادي مثقل بمديونية تجاوزت الـ 55 مليار دولار، ونسب فقر وبطالة قاربت الـ 25 في المئة، وفي بلد فقير بالموارد يعتمد على المنح والقروض والمعونات الدولية، يبدو احتياط اليورانيوم، الذي يتمتع به الأردن ويعد الأكبر في الوطن العربي، الملاذ الأهم لإنقاذ البلاد من ترد اقتصادي لازمه أعواماً طويلة.
ووفق مراقبين فإنه يمكن للأردن الاستفادة من احتياطاته الوازنة من اليورانيوم وجذب استثمارات عالمية لتعدينه، من شأنها وضع البلاد في مرتبة اقتصادية جيدة والتوجه نحو الطاقة المتجددة والنووية لحل مشكلات الطاقة وندرة المياه التي يعانيها.
لكن كل هذه الآمال والطموحات لا تتسق مع تصريحات حديثة منسوبة إلى رئيس الوزراء الأردني بشر خصاونة خلال حوار أجراه مع طلبة الجامعات الأردنية، قال فيها إن الأردن ليس غنياً بالثروات والموارد الطبيعية وإن الحديث عن هذا الأمر مجرد وهم.
أمن الطاقة والمياه
ويؤكد وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة سعي الأردن إلى استغلال المعادن التي تزخر بها البلاد كافة من دون الاعتماد فقط على الفوسفات والبوتاس، وصولاً إلى ما يمكن تسميته بأمن الطاقة والمياه.
ويتحدث الخرابشة عن صناعة التعدين بوصفها التطور المقبل في استغلال الثروات المعدنية الأردنية وعلى رأسها اليورانيوم، مشيراً إلى أن بلاده تقع ضمن الدرع العربي النوبي الذي يعتبر من أغنى مناطق العالم بالثروة المعدنية.
ومنذ عام 2008 يسعى الأردن جاهداً إلى بناء مفاعلات نووية للاستخدامات السلمية المتمثلة في توليد الكهرباء، إضافة إلى تحلية المياه بصورة مستدامة وبخاصة مع الأزمة التي تمر بها البلاد، إضافة إلى تواضع حجم الطاقة المتجددة والتي لا تزيد على 29 في المئة فقط.
800 طن سنوياً
وحول مشروع تعدين اليورانيوم يقول رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان إن الهدف هو إنتاج 800 طن سنوياً، وسط تقديرات تشير إلى وجود أكثر من 42 ألف طن من اليورانيوم وسط الأردن، إذ يقع في المرتبة الـ 11 عالمياً من حيث الاحتياطات، كما تحدث طوقان عن أن الكميات المتوافرة من اليورانيوم في الأردن تكفي لإضاءة المملكة 80 عاماً.
وإلى جانب اليورانيوم يسعى الأردن إلى استغلال ثروات مثل الثوريوم والزركونيوم والفاناديوم، وتقدر هيئة الطاقة الذرية الأردنية العائدات المتوقعة من اليورانيوم بنحو 40 مليار دولار، فضلاً عن تشكيله حلاً جذرياً لأزمة الطاقة والمياه في الأردن.
وبينما تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن جودة خام اليورانيوم في الأردن تتراوح بين 100 و2000 جزء في المليون، وهو مستوى جيد للغاية، لكن في المقابل ثمة تحديات تواجه استخراجه مثل الكلفة والمخاوف البيئية والصحية المرتبطة بعمليات التعدين وضعف البنية التحتية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منذ التسعينيات
وبدأت أعمال الاستكشاف الجادة في أراضي الأردن خلال تسعينيات القرن الماضي عبر مسوح جوية بينت وجود مستويات عالية إشعاعية في بعض المناطق وتحديداً الوسط، واستمرت أعمال استكشاف اليورانيوم في منطقة الوسط مطلع عام 2013، ويعول الأردن اليوم على أن يصبح مصدراً رئيساً للوقود النووي في العالم العربي.
وتؤكد شركة تعدين اليورانيوم الأردنية نجاح تشغيل مصنعها لإنتاج الكعكة الصفراء التي يكفي كيلوغرام واحد منها لتوليد طاقة تعادل نحو 60 ألف كيلوواط/ساعة، وهو ما يعادل أيضاً نحو خمسة أقدام مكعبة من الغاز الطبيعي.
ثروة مزعومة
ومن بين الآراء التي لا تعول على اليورانيوم الأردني الخبير النووي نضال الزعبي الذي يعتقد أن أرقام الاحتياط المعلن عنها رسمياً ليست دقيقة تماماً، ويقول الزعبي إن ثروة اليورانيوم في المملكة مزعومة، مضيفاً أن "غالبية مناجم اليورانيوم في العالم خاماتها ذات تراكيز أعلى من 1000 جزء بالمليون، ولا يوجد منجم في العالم يعمل بتراكيز متدنية كتلك التي تدعي وجودها هيئة الطاقة الذرية الأردنية".
ويستشهد الزعبي بتجارب عالمية قائلاً إن نتائج دراسات كلف استخراج اليورانيوم التي أجراها بيت الخبرة العالمي "مورغان تشيس" بينت أن اليورانيوم قد يصبح ذات جدوى اقتصادية إذا تجاوز سعره 190 دولاراً لكل كيلوغرام في السوق العالمية، مشيراً في الوقت ذاته إلى خسائر لافتة لمنجم "روسينغ" أحد أكبر وأقدم مناجم اليورانيوم في ناميبيا.
ولفت إلى أن كلفة تعدين اليورانيوم من خامات وسط الأردن ستقود إلى خسائر مؤكدة لا تقل 220 مليون دولار سنوياً، معرباً عن اعتقاده بفشل المشروع اقتصادياً.
الطاقة المتجددة أفضل
من جهته، يتحدث خبير الجيولوجيا ومدير مركز الدراسات البيئية في "الجامعة الهاشمية" في الأردن أحمد ملاعبة عن أخطار استخدام اليورانيوم كمصدر للطاقة في مقابل توفر بدائل متجددة، وكيف أن أولويات الطاقة اختلفت بحثاً عن التنمية المستدامة، ويضيف ملاعبة في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "التوجه العالمي حالياً هو لتفكيك المفاعلات النووية، وهناك أسواق عالمية لليورانيوم ونحن لدينا تحديات بيئية وأخرى تشغيلية لتخصيب اليورانيوم".
ويعتقد ملاعبة أن تباين الأرقام حول كمية اليورانيوم في البلاد ليس مهماً، لأن الأهم هو القدرة على التخصيب من أجل الوصول إلى إنشاء مفاعل نووي، مضيفاً أن الحديث عن وجود نحو 63 ألف طن من اليورانيوم ليس رقماً كبيراً قياساً إلى ما هو موجود في دول أخرى.
وينصح ملاعبة المسؤولين الأردنيين بالتوجه نحو الطاقة البديلة مثل الشمس والرياح بدلاً من الاستثمار في اليورانيوم، ويقول إن "الأفضل هو بيع الكعكة الصفراء لدول لديها مفاعلات نووية قائمة لأن الأردن لا يحتاج إلى بناء مفاعل نووي أمام التطور الهائل لديه في موضوع الطاقة البديلة والخلايا الشمسية"، وحول الجدوى الاقتصادية لليورانيوم يختم ملاعبة أن "الكميات الموجودة ستنضب بعد أعوام وهذا ليس حلاً دائماً، بينما الطاقة الشمسية لا تنضب".