ملخص
تبدأ عواصف "إل نينو" موسمياً في سبتمبر من كل عام، وتؤدي إلى تذبذب درجات الحرارة بشدة فوق المحيط الهادئ وما حوله.
في وقت تتراجع معدلات التضخم الأساسية في معظم الاقتصادات حول العالم، ما زالت أسعار الغذاء ترتفع على رغم انخفاض أسعار مدخلات الإنتاج من المحاصيل الزراعية والطاقة.
وواصل مؤشر أسعار الغذاء الذي تصدره شهرياً منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة الانخفاض شهرياً، إذ تدنى منذ مارس (آذار) 2022 إلى يونيو (حزيران) الماضي بنحو 26 في المئة، إلا أن المؤشر عاود الارتفاع في يوليو (تموز) الماضي بنسبة 1.3 في المئة.
إلى ذلك يتوقع الخبراء والمحللون أن تستمر أسعار الغذاء في الارتفاع الشهر المقبل مع بلوغ الظاهرة الطبيعية المسماة "عواصف إل نينو" قمتها واحتمالات تأثيراتها الضارة في المحاصيل الزراعية في مناطق واسعة من قارتي آسيا وأميركا، إضافة إلى أن إعصار "إل نينو" الموسمي يأتي هذا العام متزامناً مع حظر الهند تصدير الرز الأبيض غير البسماتي منذ الشهر الماضي بعدما أضرت الأمطار الموسمية الغزيرة على غير العادة بالمحصول، وكذلك مع انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود وتعليق الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير إنتاجها من الحبوب الصلبة إلى العالم.
وتبدأ عواصف "إل نينو" موسمياً في سبتمبر (أيلول) من كل عام وتؤدي إلى تذبذب درجات الحرارة بشدة فوق المحيط الهادئ وما حوله.
ويتوقع الخبراء، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، أن تتسبب عواصف "إل نينو" هذا العام في ارتفاع درجات الحرارة بشكل أكبر من المعتاد في أجزاء من جنوب آسيا وأميركا الوسطى إضافة إلى أمطار غزيرة أكثر من المعتاد.
عوامل ثلاثة
ومن المرجح أن يؤدي تضافر العوامل الثلاثة، أعاصير "إل نينو" وحظر لتصدير وتعليق اتفاق حبوب البحر الأسود، إلى ارتفاع التضخم والأسعار للأسر، خصوصاً في الدول الفقيرة والنامية التي يشكل فيها الإنفاق على الغذاء نسبة 30 في المئة من إجمالي الإنفاق على السلع والخدمات الاستهلاكية، بينما لا تزيد مصاريف الغذاء في الدول المتقدمة على نصف تلك النسبة، بالتالي قد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء إلى زيادة الضغط على البنوك المركزية في الدول النامية كي تبقي على أسعار الفائدة عالية لفترة أطول لمكافحة صعود معدلات التضخم.
وسيسفر ذلك عن مزيد من الاضطراب في أسواق الأسهم وأسواق سندات الدين السيادي التي تقدر بدء خفض أسعار الفائدة بنهاية هذا العام أو العام المقبل 2024 على الأكثر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيكون على المستثمرين في تلك الأسواق إعادة تقدير كيف ستؤثر موجة الطقس العنيف المقبلة في أسعار السلع وأداء الأسواق المالية، كما تقول المحللة في مجموعة "مينتك" لأبحاث السلع زانا أليكساهينا في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، مضيفة "نتابع توقعات الطقس المتاحة لفترة ما بين أسبوعين وستة أسابيع مقبلة، ونراقبها بشكل جنوني تقريباً، فهي ستكون فترة حاسمة، إلا أن الأسواق لا تأخذ في الاعتبار أي عوامل أخطار بعد".
ومع أن السبب الرئيس في ارتفاع مؤشر الغذاء لمنظمة "فاو" خلال يوليو الماضي بعد أشهر من الانخفاض كان الزيادة في أسعار زيت الخضراوات التي قفزت بنسبة 12.1 في المئة، إلا أن أسعار الرز لعبت دوراً أيضاً في الصعود بعد حظر التصدير الهندي.
وقفز مؤشر "فاو" لأسعار الرز بنسبة 2.8 في المئة في أعلى زيادة شهرية منذ سبتمبر 2011، كما ارتفعت أسعار القمح العالمية بنسبة 1.6 في المئة في أول زيادة شهرية لها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ونمت أسعار العقود المستقبلية للكاكاو إلى 3500 دولار للطن من 2400 دولار قبل عام، في أعلى معدل زيادة لها منذ عام 2011 لأن أعاصير "إل نينو" تزيد من أخطار تأثر المحصول في العام الذي يليه.
من جهتها تقول لورا سانشيز من بنك "مورغان ستانلي" الاستثماري، "غالباً ما تكون قمة أعاصير ’إل نينو‘ في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى فبراير (شباط)، إلا أن تأثيرها في التضخم بأسعار الغذاء والموازنات المالية والسياسات النقدية والناتج المحلي الإجمالي والتجارة، بخاصة في الأسواق الصاعدة، يظل لفترة أطول من ذلك".
وتوضح محللة الأسواق في "كابيتال إيكونوميكس" ديانا أيوفانيل أنه "مع أعاصير إل نينو تضطر البنوك المركزية في دول الأسواق الصاعدة إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول لمكافحة التضخم"، مؤكدة أنه "من شأن استمرار تشديد السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة أن يزيد من كلفة الاقتراض للحكومات في وقت يقدر المستثمرون العودة لخفض أسعار الفائدة".
وبحسب تحليل لبنك "جيه بي مورغان" الاستثماري فإن تأثير أعاصير "إل نينو" على معدلات التضخم العالمية ربما يتجاوز مجرد ارتفاع أسعار الغذاء.
وخلص البنك من تحليل بيانات البنك الدولي منذ الستينيات إلى الآن عن تأثير أعاصير "إل نينو" التي تأتي مرتين كل 10 أعوام، إلى أنها تتزامن مع ارتفاع أسعار المطاط والأخشاب والزنك وغيرها.