ملخص
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في عدن للمرة الأولى منذ ما قبل الحرب بالتزامن مع حراك دبلوماسي مكثف لحلحلة الأزمة اليمنية.
وصل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي إلى العاصمة اليمنية الموقتة عدن، في أول زيارة منذ ما قبل حرب الثمانية أعوام، تتزامن مع حراك دبلوماسي تشهده البلاد في إطار الجهود الأممية والدولية الرامية إلى تجديد الهدنة بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي وإنهاء النزاع المستمر.
واستقبل رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي الأمين العام لمجلس التعاون في قصر معاشيق بالمدينة اليمنية الساحلية، إذ تعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ فبراير (شباط) 2015 حينما قام الأمين العام السابق عبداللطيف الزياني بالزيارة ذاتها لجنوب البلاد.
استئناف عملية السلام
وقال وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد عوض بن مبارك إن زيارة وفد مجلس التعاون لدول الخليج العربية برئاسة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى العاصمة الموقتة عدن تحمل رسالة قوية وإيجابية إلى المجتمع الدولي والإقليمي لعودة تطبيع الأوضاع والاستقرار في عدن، ودعم جهود الحكومة اليمنية في مواجهة التحديات الاقتصادية وتقديم العون والمساعدة للشعب اليمني.
وأكد ابن مبارك لـ "اندبندنت عربية" إنه جرى قبل قليل "عقد جلسة محادثات سياسية تناولت مجمل أوجه العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط اليمن مع مجلس التعاون الخليجي، وأطر تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات، وبحث مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية وموقف الحكومة اليمنية تجاه استئناف عملية السلام والجهود الأممية والإقليمية المبذولة في إيقاف الحرب مقابل تعنت الحوثيين وإصرارهم على استمرار الحرب وانتهاكاتهم بحق الشعب اليمني".
تنمية وسلام
وبالحديث عن أهداف الزيارة وما تحمله قال "لقد لمسنا رغبة حقيقة من الاشقاء في دعمهم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية وحرصهم على وحدة واستقرار اليمن وتلبية حاجاته التنموية لإنعاش الاقتصاد الوطني، ودعمهم لجهود الحكومة في سعيها إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها"، مضيفاً "نثمن الجهود التنموية والإغاثية كافة التي تقدمها المنظمات الخليجية المختلفة وعلى رأسها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والجمعية الكويتية للإغاثة ومنظمتي الهلال الأحمر الإماراتي والقطري، وغيرها من المنظمات التي تسهم في عملية التنمية وإعادة الإعمار وتخفيف المعاناة الإنسانية".
وساطة السعودية وعُمان
ومن المتوقع أن تناقش الزيارة جملة من التطورات المتلاحقة في الملف اليمني والجهود الإقليمية والأممية الرامية إلى تجديد الهدنة ووضع حد للحرب وانعكاساتها الإنسانية الصعبة على اليمنيين، وفي مقدمها صرف المرتبات وفتح الطرق وفتح وجهات جوية جديدة أمام مطار صنعاء، إضافة إلى دعم توحيد جهود الحكومة الشرعية عقب تصاعد الخلاف بينها والمجلس الانتقالي.
كما جدد البديوي "دعم دول مجلس التعاون ومساندتها الجمهورية اليمنية في ظل الشرعية الدستورية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي"، بحسب تدوينة نشرها حساب الأمانة العامة عبر منصة "اكس".
وبحث العليمي مع الأمين العام لمجلس التعاون بحضور عضوي المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي وعبدالله العليمي جملة التطورات اليمنية والمستجدات المتعلقة بجهود الوساطة التي تقودها السعودية لتجديد الهدنة، والبناء عليها لإطلاق عملية سياسية شاملة تلبي تطلعات اليمنيين في السلام والاستقرار والتنمية.
وإزاء تلك المساعي تطرق العليمي إلى تعنت جماعة الحوثي وما تمارسه من "خروق وانتهاكات وتخادمها الصريح مع المنظمات الإرهابية"، كما تطرق إلى "الضغوط الإقليمية والدولية المطلوبة لإنهاء المعاناة الإنسانية التي طال أمدها".
سلام وحاجات إنسانية
بدوره أكد جاسم البديوي الموقف الخليجي الثابت في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق السلام الشامل في اليمن، استناداً إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم (2216)، وتنفيذ ما تبقى من بنود "اتفاق الرياض".
وفي لقاء آخر عقده مع رئيس الوزراء معين عبدالملك وخصص لمناقشة الملف الاقتصادي، أوضح البديوي أن الزيارة تأتي بدعوة من الحكومة اليمنية وتكليف من وزراء خارجية دول مجلس التعاون، للاطلاع عن قرب على الحاجات القائمة وأولويات الدعم خلال الفترة الراهنة والمستقبلية لتخفيف معاناة الشعب اليمني، مؤكداً الالتزام بدعم عدد من المشاريع التنموية المتعثرة بسبب الحرب، وحث الدول والصناديق العربية والإنمائية على استئناف الدعم المتوقف.
رفع السقف
وتركز المساعي الدبلوماسية الأخيرة على حلحلة الملف الإنساني عبر بتجديد الهدنة المنتهية ودفع الرواتب المنقطعة منذ سبع سنوات جراء رفض الميليشيات الحوثية تسليمها، وفتح الطرقات التي تغلقها على عدد من المدن اليمنية وفي مقدمها تعز، وفتح وجهات جوية جديدة أمام مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الميليشيات، وغيرها من الإجراءات التي تمهد لمناقشات ملف التسوية السياسية الشاملة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأمام ما يعترض هذه المساعي التي ينتظرها ملايين اليمنيين المعذبين بالحرب والأوضاع الاقتصادية المتردية، كشف وزير الخارجية اليمني عن أن جهود السلام الحالية التي تقودها الأمم المتحدة مع السعودية وسلطنة عُمان تركز في مرحلتها الأولى على فتح المطارات والموانئ ورفع الحصار عن تعز ودفع رواتب موظفي الدولة وفقاً لكشوف 2014.
وفي وقت سابق اقترحت الحكومة الشرعية تسليم رواتب الموظفين إلى المستفيدين في مناطق سيطرة الميليشيات مباشرة، وفقاً لقاعدة بيانات الخدمة المدنية والعسكرية عام 2014 قبل الانقلاب الحوثي، إلا أن الجماعة رفضت وطالبت بالحصول على المبلغ عبرها وصرفه وفق البيانات الحالية، أي بعد قيامها بإحلال عشرات الآلاف من أنصارها بدلاً من الموظفين الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أولئك الرافضين العمل مع سلطاتها من دون مقابل.
وخلال التهدئة الحالية تجاوزت الجماعة ملف الرواتب وطالبت بحصة من عائدات تصدير النفط على أن تتصرف بها، مما تسبب بإفشال التوصل إلى اتفاق حول صرف الرواتب.
مأرب للمرة الأولى
ويأتي هذا غداة تحركات يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الذي وصل إلى محافظة مأرب الثلاثاء الماضي، في زيارة أولى للمحافظة من أجل بحث فرص تجديد الهدنة وبدء عملية سلام.
وفي حين لم يكشف بعد عن خلفيات الزيارة إلا أن وكالة "سبأ" قالت إن الوسيط الأممي بحث مع عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب سلطان العرادة مستجدات الملفات الإنسانية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، كما نقل العرادة تحذيرات "من أي حلول جزئية تخدم ميليشيات الحوثي التي تمارس الانتقائية والمراوغة" على حد قوله.
وفي قراءة لمستجدات المشهد السياسي ومصير معركة الشرعية اليمنية مع الجماعة المدعومة من إيران في ظل عودة الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد صيغ سلام مشتركة، اتهم العرادة الحوثيين "بالعمل على إلهاء المجتمع الدولي وامتصاص جهوده وتمييعها، والتخادم مع التنظيمات الإرهابية" في إشارة إلى تنظيم "القاعدة".
وعلى وقع تواتر الزيارات التي تشهدها عدن ومأرب وصنعاء والرياض ومسقط لوفود أممية وعمانية ودولية لإيجاد تفاهمات هدفها تجديد الهدنة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والدخول في خطة سلام، توعد العرادة خلال لقائه مسؤولين عسكريين ومدنيين الأسبوع الماضي "بهزيمة الحوثيين الذين فشلوا على رغم الهجمات المستميتة الضاغطة منذ أعوام في إسقاط محافظته التي تضم أعتى قوات الشرعية العسكرية".
وكان غروندبرغ بدأ زيارته إلى اليمن بالعاصمة الموقتة عدن التي عقد فيها محادثات مع العليمي في ظل أنباء تتحدث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأممي إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين لمواصلة جهود تقريب وجهات نظر الفرقاء اليمنيين.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب سلسلة من التحركات الدولية في شأن الملف اليمني الملتهب مع تنامي الاحتجاجات الشعبية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي جراء رفض الأخيرة دفع رواتب الموظفين الحكوميين منذ أعوام، وفي مقدمهم المعلمين الذين أعلنوا إضرابهم عن العمل بالتزامن مع تفاقم مريع للأوضاع الإنسانية المزرية التي يعانيها ملايين السكان في ظل قمع رهيب يمارس ضد كل من يعبر عن ضيقه، مما عزز حال الغليان الشعبي الذي أكدته تصريحات قادة الميليشيات.
حضرموت والدعم الأمني
وغير بعيد من هذه التطورات، غادر في وقت سابق الأربعاء وفد أميركي برئاسة السفير ستيفن فاغن مدينة سيئون بمحافظة حضرموت بعد ساعات من وصوله إليها، وقال المكتب الإعلامي للمحافظة إن هذه الزيارة الأولى لسفير أميركي إلى وادي حضرموت منذ نحو 10 سنوات، موضحاً أن لقاءه مع المحافظ "ناقش مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية".
كما ناقش سبل دعم الولايات المتحدة لجهود الأمن في حضرموت للإسهام في تعزيز الاستقرار ومكافحة الإرهاب، في إشارة إلى دعم أميركي مرتقب لرصد أية تحركات محتملة لتنظيم "القاعدة" في المحافظة التي سبق وسيطر عليها عام 2015.
وأكد المحافظ أهمية تكرار مثل هذه الزيارات التي تأتي في سياق الحرص على دعم تعزيز جهود الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، ومساندة قيادة السلطة المحلية في تجاوز الصعوبات والتحديات.
غضب حوثي
وأثارت هذه الزيارة غضب ميليشيات الحوثي التي هاجمت السفير الأميركي متهمة إياه بتنفيذ أنشطة عدوانية، وقالت في بيان لها إن "زيارة السفير ستيفن فاغن إلى حضرموت تندرج ضمن الأجندة العدوانية التي تستهدف أمن واستقرار ووحدة اليمن"، على حد تعبيرها، معبرة عن رفضها لأي نشاط أميركي تجاه اليمن، ومشددة على ضرورة وقف حرب التحالف ورفع الحصار ووقف التدخلات الأجنبية.