تتجه أنظار العالم غداً السبت 17 أغسطس (آب) 2019، صوب العاصمة السودانية الخرطوم التي تشهد مراسم احتفال رسمي وشعبي بمناسبة التوقيع على وثائق الانتقال إلى سلطة الحكم المدني بين المجلس "العسكري الانتقالي" وقوى "الحرية والتغيير" المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، وبحضور عدد من رؤساء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ودول الترويكا وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية والبعثات الدبلوماسية وقادة وزعماء الأحزاب السودانية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والطوائف الدينية الإسلامية والمسيحية في السودان.
مطالب الثورة
وأشار القيادي في قوى "الحرية والتغيير" محمد وداعة في حديث لـ "اندبندنت عربية" إلى أن "الترتيبات والاستعدادات ليوم غد تسير على أكمل وجه"، لافتاً إلى أنه "بتوقيع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على المرسومين السياسي والدستوري، يكون السودان قد طوى صفحة من التاريخ المظلم وبدأ مسيرته نحو دولة القانون والعدالة والرفاهية، تقوم على نظام حكم برلماني، يعطي صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية"، وموضحاً أن "لجنة الترشيحات للمناصب الدستورية أنهت 95 في المئة من أعمالها، متبعة في ذلك معايير محددة، فمثلاً الاختيار لمجلس السيادة روعي فيه تمثيل أقاليم السودان الخمسة، فيما جاء اختيار المناصب الوزارية على أساس الكفاءة بمشاركة جهات أكاديمية وعلمية". وأشار إلى أن "رئيس الوزراء وحكومته ملتزمان بمطالب الثورة، بينما سيقف المجلس التشريعي كسلطة رقابية لأداء الحكومة ومحاسبة المقصرين ومراجعة الخطط والسياسات من وقت لآخر"، مشدداً على أن "هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق رئيس الوزراء في تصريف أمور الدولة، وفق البرامج المرسومة للفترة الانتقالية، التي يؤمل أن تسير بسلاسة تامة، نظراً إلى الانسجام الذي يتمتع به طاقم الوزارة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقلّل وداعة من تأثير فشل المفاوضات بين قوى "الحرية والتغيير" و"الجبهة الثورية" في سير أعمال الحكومة الانتقالية وقضية السلام على وجه الخصوص، مؤكداً أن "وجود الجبهة الثورية في المشهد السياسي الراهن ليس كافياً لوحده للوصول إلى السلام، فهناك الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد، خارج قوى الحرية والتغيير، ولم يشاركا في أي مفاوضات حول شكل الحكم للفترة الانتقالية، على الرغم من أنهما يمتلكان قوات على الأرض". وجزم "من يعتقد أن الجبهة الثورية ستؤثّر في الأحداث الحاصلة، فهو مخطئ"، موضحاً أن "الحكومة المقبلة تُعتبر حكومة مهام محددة ولها أولويات، من أهمها تحقيق السلام والتوصل إلى اتفاق مع الأطراف كافة خلال الأشهر الستة الأولى". ورأى أن "الثورة التي أطاحت بأطول نظام شمولي شهده السودان، لم تنته بعد، بل ربما تكون بدأت مرحلتها الثانية والأهم مع عملية تسليم اتفاق السلطة إلى الأجهزة الانتقالية، وذلك لكي تضمن بلوغ هذه الفترة نهايتها بإجراء الانتخابات ونقل الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة، تضع السودان على طريق الديمقراطية المستدامة".
بناء الدولة
في المقابل، أعرب القيادي في قوى "الحرية والتغيير" والناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين مدني عباس مدني عن اعتقاده بأن "المقاومة لبلوغ أهداف الثورة لم تنته"، مؤكداً أن "توقيع هذه المراسيم يعني انطلاق عمليات بناء الدولة المدنية القائمة على الحرية والعدالة، التي من أهم واجباتها إيقاف الحرب وتحقيق السلام"، ومشدداً على ضرورة "أن لا يكون حماسنا للديمقراطية واستعادة الحريات أقل من سعينا وطموحنا لتحقيق السلام ووقف ويلات الحرب، كونها مهمة إنسانية تتعلق بوضع حدٍّ لضحايا الموت المجاني وإيجاد حلٍّ لمشكلة ملايين النازحين واللاجئين".
في سياق متصل، أكد تجمع المهنيين السودانيين دعمه الكامل للحكومة الانتقالية، التي "تأتي في واحدة من أصعب المراحل في تاريخ السودان وشعبه الذي يترقبها ويراقبها بأمل كبير، فضلاً عن تتبّع أدائها للوصول إلى الديمقراطية الكاملة التي خط الثوار دربها بدمائهم وعرقهم وجهدهم"، مؤكداً "عدم التهاون في أي من أهداف الثورة إلى أن تتحقق كافة".
مراسيم دستورية
ومن المقرر أن يصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح برهان عقب الاحتفال، مراسيم دستورية تقضي بتعيين رئيس القضاء والنائب العام، في حين سيُعلن بعد غد الأحد 18 أغسطس، حلّ المجلس العسكري وتعيين مجلس السيادة الذي سيتكون من الفريق عبد الفتاح برهان رئيساً ومحمد حمدان "حميدتي" نائباً وعضوية الفريق شمس الدين كباشي والفريق ياسر العطا والفريق صلاح عبدالخالق. بينما حددت قوى "الحرية والتغيير" مرشحيها لأعضاء مجلس السيادة الخمسة: فدوى عبد الرحمن محمد وحسن شيخ الدين ادريس وصديق تاور وبابكر فيصل بابكر ومحمد حسن التعايشي، على أن يجري اختيار العضو الحادي عشر بالتوافق بين المجلس العسكري وقوى "الحرية والتغيير"، على أن يكون شخصية قومية مدنية. وسيؤدي رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله آدم حمدوك بإجماع مكونات قوى "الحرية والتغيير"، القسم أمام رئيس القضاء الثلاثاء 20 أغسطس، وسيُعلن بعدها عن تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة في 28 أغسطس الحالي.
16 مهمة
وتنتظر الفترة الانتقالية الواقعة بين 17 أغسطس و17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 مهام كبرى حددتها الوثيقة الدستورية بـ16 مهمة، تبدأ من العمل على إنهاء الحروب وتحقيق السلام خلال فترة الأشهر الستة الأولى، مروراً بمعالجة الأزمة الاقتصادية وتفكيك بنية النظام السابق ومحاسبة منسوبيه عن الجرائم التي ارتُكبت خلال الـ 30 عاماً الماضية، سواء كانت جرائم حرب أو قتل أو تعذيب أو نهب أو فساد، والعمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفياً، والإصلاح القانوني، وإنشاء آليات الإعداد لوضع الدستور الدائم، وانتهاء بتعزيز دور المرأة والشباب وتوسيع فرصهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.