Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق العقارات في لبنان تتحرك ببطء والأمل بعودة القروض من المصارف

شهدت تقلبات عديدة في مختلف مراحل الأزمة وسجلت تحسناً طفيفاً في مناطق معينة

يصعب أن تزدهر السوق العقارية بغياب قروض الإسكان من المصارف (أ ف ب)

ملخص

سوق العقارات في لبنان تعاني غيبوبة تقطعها قروض إسكانية تأثيرها دون الحد المطلوب

شهدت السوق العقارية تقلبات عديدة نتيجة انعدام الاستقرار النقدي والأزمة التي انعكست على هذا القطاع أسوة بمختلف القطاعات في البلد، فبعد مرحلة أولى تحركت فيها السوق العقارية عندما كانت البلاد في أوج الانهيار، عندما توجه كثيرون إلى شراء العقارات كحل لإخراج أموالهم المحجوزة في المصارف، عاد القطاع وشهد ركوداً مع انخفاض الطلب وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، والانهيار المتواصل لسعر العملة الوطنية. وما زاد الوضع سوءاً وجعل الآفاق مسدودة في وجه المواطنين، وخصوصاً الشباب المقدمين على الزواج، غياب أي خطة من قبل الحكومة، وتوقف شبه تام للقروض السكنية بأنواعها في المصارف الخاصة، ومؤسسة الإسكان، ومصرف الإسكان.

مواكبة تطورات الأزمة

لعبت السوق العقارية دوراً مهماً في كل من مراحل الأزمة التي استفحلت من عام 2019، ففي بدايتها، بدا شراء العقارات بالشيكات المصرفية (دون قيمتها الفعلية) حلاً مناسباً للمواطنين الراغبين بتحرير أموالهم المحتجزة في المصارف، وفي مرحلة ثانية، واكبت السوق التغيير الحاصل في البلاد مع اتجاهها نحو الدولرة الجزئية، وصولاً إلى مرحلة الدولرة التامة، كما هي الحال اليوم. في حديثه مع "اندبندنت عربية" يوضح نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان، مؤسس "الاتحاد الدولي للعقاريين" وليد موسى، أن أسعار العقارات حالياً تختلف تماماً عما كانت عليه في عام 2019، أي في أولى مراحل الأزمة، إذ تتبع السوق العقارية القدرة الشرائية في البلاد، والتقلبات التي تحصل تنعكس حكماً على العرض والطلب، وحالياً، تشهد السوق العقارية انخفاضاً بنسبة 50 أو 60 في المئة في الأسعار بالمقارنة مع مرحلة ما قبل الأزمة، وإن كانت النسبة قد تتفاوت بين منطقة وأخرى، فمنذ حوالى عامين، انخفضت الأسعار في السوق العقارية بنسبة 65 في المئة ثم عادت وارتفعت 25 في المئة بالمقارنة مع مرحلة ما قبل الأزمة في مناطق معينة من العاصمة كالأشرفية ورأس بيروت، وفي بعض المناطق التي تشهد ازدهاراً خارج العاصمة كالبترون وفاريا وفقرا، فقد سجل تحسن ملحوظ في أسعار العقارات فيها مع ازدياد الطلب عليها، وهذه الحركة تقتصر على نسبة 20 في المئة من المناطق اللبنانية، ومردها إلى أموال المغتربين وزيادة الطلب على العقارات في مناطق محددة، إضافة إلى تحسن القدرة الشرائية لشريحة معينة من المواطنين.وانطلاقا من ذلك، ارتفعت الأسعار لكنها لم تبلغ مستوى ما قبل الأزمة، بحسب موسى، هذه العمليات المحدودة ليست ذات أهمية كبرى ولا تعكس حيوية، خصوصاً أنها محصورة ضمن شريحة من فئة الميسورين، ومن ينتمي إلى هذه الفئة لا يعرض العقارات التي يشتريها للبيع إلا بأسعار مرتفعة لأنه يتحكم بالعرض والطلب، لذا هذه العمليات لا تدل على عافية عقارية، "حالياً، لا يمكن شراء العقارات إلا بالدفع نقداً، ما يزيد من التحديات أمام المواطنين وأمام أصحاب العقارات بما أن القروض غير متاحة للمواطنين ولم تعد الشيكات المصرفية مقبولة. ومن الصعب أن تحصل حركة في السوق، باستثناء بعض العمليات الفردية التي يعنى بها المغتربون وبعض المقيمين الذي يواجهون التضخم الحاصل عبر شراء العقارات لتصريف أموالهم بدلاً من حفظها في المنازل".

بارقة أمل

لا يبدو أن ثمة آفاقاً واعدة للسوق العقارية، وليس من المتوقع أن يحصل تغيير إيجابي في المدى المنظور ما لم تعد القروض المصرفية وقروض الإسكان، فهي التي قد تحرك السوق وتعيدها إلى مرحلة ما قبل الأزمة، كما لا بد من سياسة مصرفية تسمح باستعادة ثقة المودعين مع تشريعات تحمي المصارف، فقروض الإسكان وقروض المصارف كانت دوماً المحفز الأساسي للطلب على العقارات، وإلا فلا يمكن الاعتماد على قدرة المواطنين للدفع نقداً. وطالما أن الدفع لا يحصل إلا نقداً في معظم الحالات، ستبقى الحركة محصورة بفئة معينة، خصوصاً أنه ما من استراتيجيات لتشجيع الاستثمار. حتى أن الطبقة الوسطى التي كانت تملك القدرة الشرائية واعتمدت على القروض سابقاً لتحريك السوق العقارية، لم تعد موجودة. كانت هناك بعض المبادرات لتشجيع الاستثمار قبل 2019 من خلال حوافز كالإقامة التي تعطى للمستثمرين القادمين من دول أخرى كالعراق مثلاً، لكنها بقيت محدودة الأطر ولم تتمكن من الاستمرار بغياب الاستراتيجيات البعيدة المدى.

اقرأ المزيد

في المرحلة الحالية، هناك مشاريع صغيرة ومحدودة خارج العاصمة، حيث يزيد الطلب إلى حد ما. ومنهم من يقدم تسهيلات معينة في الدفع تصل إلى مهلة خمس سنوات، بحسب موسى. وتسجل زيادة في الطلب على المطاعم وبعض المحال التجارية الجديدة، لكن هذه الحركة كلها محدودة ولا يمكن التعويل عليها فعلاً، ويبقى التطور في السوق العقارية صعباً، بما أن المطورين يحتاجون أيضاً إلى التمويل لمشاريع، أكانت لشقق سكنية أو مكاتب أو محال تجارية، فكل ما يحصل حالياً يقتصر على مبادرات فردية ومشاريع تنجزها شركات كبرى لا أكثر، وهي لا تشكل معياراً يدل على ازدهار السوق.

عودة القروض؟

في المقابل، يعد خبر عودة قروض مصرف الإسكان بعد توقفها منذ نحو أربع سنوات بارقة أمل للشباب اللبناني بتملك شقة سكنية، فبحسب المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب وافق الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على قرض بلغت قيمته 165 مليون دولار أميركي، ما يمكن أن يخدم حوالى ستة آلاف عائلة لبنانية أي حوالى 240 ألف مواطن، مع الإشارة إلى أنه في الماضي، كان مصرف الإسكان أعطى ما لا يقل عن 8000 قرض. القانون الخاص بإنشاء مصرف الإسكان الذي وضع في عام 1977 جاء خدمة لذوي الدخل المتوسط للحد من هجرة المواطن من أرضه، حالياً هذا المصرف غير قادر على تلبية المواطنين، ويعد مصرف الإسكان الوحيد الذي سيباشر إعطاء قروض الإسكان منذ بداية الأزمة، بعد توقف المؤسسة العامة للإسكان والقروض المصرفية.

أما شروط قرض مصرف الإسكان فتعني المواطنين اللبنانيين حصراً، وقد وضعت بشكل يوقف التدخلات والوساطات التي لطالما كانت سائدة. لذلك، أنشئ موقع إلكتروني مع منصة للدولار الأميركي وأخرى لليرة اللبنانية، ومن الشروط، ألا تتخطى مساحة الشقة 150 متراً، وألا يكون طالب القرض الحالي استفاد سابقاً من أي قرض سكني، أما عدا ذلك، فيوضح حبيب أن القرض يعني المواطنين على كل الأراضي اللبنانية، ما داموا يستوفون الشروط المطلوبة، وأن يتراوح مدخول العائلة ما بين 1500 و2500 دولار أميركي، وقيمة القرض لذوي الدخل المتوسط بقيمة 50 ألف دولار أميركي، و40 ألف دولار لذوي الدخل المحدود، ويفترض بالمستفيد من القرض أن يؤمن نسبة 20 في المئة من قيمة الشقة تضاف إلى قيمة القرض الذي يعطى له. على أن تبدأ القروض في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مع وصول أموال الصندوق العربي التي سترسل في ثلاث دفعات.

أما في مرحلة لاحقة، فثمة اتصالات لتجديد هذا القرض من الصندوق العربي، وهناك اتصالات إضافية ومفاوضات مع "USAID" ومع شركة "توتال" التي تعد بتأمين قروض للطاقة الشمسية، وكذلك مع الاتحاد الأوروبي الذي يبدي تجاوباً أيضاً.

المزيد من تقارير