ملخص
يخشى أعضاء "الفيدرالي" من أن رفع سعر الفائدة مجدداً هذا الشهر ربما يؤدي إلى مزيد من الضغط على النمو الاقتصادي نزولاً ويسبب نوبة من الاضطراب المالي
تتوقع الأسواق على نطاق واسع توقف "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي) الأميركي هذا الشهر عن مسار التشديد النقدي الذي بدأه قبل عام ونصف ورفع فيه أسعار الفائدة 11 مرة من قرب الصفر إلى نطاق 5.25 و5.5 في المئة حالياً، وذلك في أعلى معدل لسعر الفائدة على الدولار منذ 22 عاماً.
بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أمس الإثنين، فإن البنك المركزي لن يرفع سعر الفائدة في اجتماع لجنة السوق المفتوحة يومي 19 و20 سبتمبر (أيلول) الجاري، إذ رصد تقرير الصحيفة تغيراً واضحاً في توجهات أعضاء اللجنة التي لطالما كان بينهم شبه إجماع على رفع سعر الفائدة في الاجتماعات السابقة لوقف ارتفاع معدلات التضخم.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأعضاء ما زالوا يفضلون رفع سعر الفائدة في ظل استمرار معدلات التضخم أعلى من المستهدف من قبل البنك المركزي عند نسبة اثنين في المئة، حتى لو كان قراراً خاطئاً، فإن ذلك يجنب "الاحتياطي الفيدرالي" اللوم مثلما حدث مع تقديراته الخاطئة في 2021 في شأن التضخم الذي اعتبره موقتاً، لكنه ظل، وأخذ في الارتفاع.
واليوم هناك تغير في رأي مزيد من أعضاء اللجنة الذين يرون أن الأخطار الآن أصبحت متوازنة، في ظل تراجع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع التوسع الكبير في سوق العمل، ويخشى هؤلاء من أن رفع سعر الفائدة مجدداً هذا الشهر ربما يؤدي إلى مزيد من الضغط على النمو الاقتصادي نزولاً ويسبب نوبة من الاضطراب المالي.
مرة واحدة أخرى
مع ذلك، في حال عدم رفع سعر الفائدة الأميركية هذا الشهر يبقى هناك احتمال أن يرفع "الاحتياطي الفيدرالي" سعر الفائدة مرة واحدة أخرى قبل نهاية العام، أي اجتماعه في نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول)، ويتوقع أعضاء اللجنة الذين يؤيدون وقف سياسة التشديد النقدي الآن أن يؤدي الرفع المستمر لسعر الفائدة إلى مزيد من إضعاف الطلب في الاقتصاد في الشهر المقبل، وذلك ما يعزز المؤشرات الإيجابية الحالية التي تظهرها بيانات الاقتصاد الأميركي من تراجع التضخم وهدوء النمو في سوق العمل.
في يونيو (حزيران) الماضي، كان معظم أعضاء لجنة السوق المفتوحة في "الاحتياطي الفيدرالي" يرون أن البنك في حاجة إلى رفع سعر الفائدة مرة أخرى على الأقل قبل نهاية العام، بالتالي سيكون النقاش في الشهرين المقبلين حول ذلك القرار المؤجل للشهرين الأخيرين من العام، وذلك في ضوء بيانات الاقتصاد، بخاصة مؤشر التضخم وأرقام التوظيف في سوق العمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتوقع المحللون أن يكشف محضر الاجتماع المقبل، الذي ينشر نهاية الشهر الجاري، أن زيادة الفائدة مرة واحدة أخرى بربع نقطة مئوية (0.25 في المئة) يبقى مطروحاً لكن القرار النهائي في شأن تلك الزيادة يبقى مرهوناً بمؤشرات الاقتصاد الأميركي.
الملمح الرئيس للتحول في موقف المسؤولين عن وضع السياسة النقدية هو أن المخاوف في السابق كانت في شأن تباطؤ الاقتصاد نتيجة رفع أسعار الفائدة، كما تقول الصحيفة، أما الآن فإن قوة النمو والتوسع في النشاط الاقتصادي يمكن أن تبرر رفع أسعار الفائدة مجدداً.
بدا ذلك واضحاً في أكثر من تصريح لرئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول في الأسابيع الماضية التي أشار فيها إلى أن الأخطار الآن تتركز على أن النمو الاقتصادي القوي يمكن أن يضعف تأثير رفع أسعار الفائدة على معدلات التضخم المرتفعة، وقال باول في مؤتمر رؤساء البنوك المركزية في "جاكسون هول" إن النمو القوي للاقتصاد "يمكن أن يعرض المزيد من التقدم (على صعيد خفض التضخم برفع سعر الفائدة) للأخطار ويمكن أن يبرر المزيد من التشديد النقدي".
نمو الاقتصاد
مع أن الاقتصاد الأميركي شهد نمواً بنسبة 2.1 في المئة في الربع الثاني من هذا العام، ويمكن أن ينمو بنسبة ثلاثة في المئة في الربع الثالث الحالي، إلا أن هناك شكوكاً في استمرار النمو القوي، وبحسب تقرير "وول ستريت جورنال" فإن معظم أعضاء لجنة السوق المفتوحة يرون أن تباطؤ النمو في الصين وأوروبا يمكن أن يؤثر سلباً في معدل نمو الاقتصاد الأميركي، فضلاً عن أن التأثير الكامل لرفع أسعار الفائدة في العام ونصف العام الماضية لم يظهر بعد في الاقتصاد.
وفي ظل الاحتمال الأقوى أن يتوقف "الاحتياطي الفيدرالي" عن رفع سعر الفائدة هذا الشهر، وسواء رفعها مرة أخرى واحدة قبل نهاية العام أم لا، سيتحول الاهتمام وتركيز السوق على الفترة الزمنية التي ستستمر فيها أسعار الفائدة مرتفعة قبل أن يبدأ البنك المركزي في خفضها، والرأي السائد بين مسؤولي البنك المركزي هو أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة لفترة أطول مما كان مقدراً سابقاً قبل أن يبدأ البنك في التيسير النقدي.
وستنتظر الأسواق المالية تفاصيل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي نهاية الشهر الجاري لتحصل على رسالة واضحة في شأن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، إذ إن معظم المستثمرين يضعون خططهم المستقبلية على أساس توقعات أسعار الفائدة.