ملخص
توقعات بتوقف "الاحتياطي الفيدرالي" عن رفع أسعار الفائدة في سبتمبر الجاري
دعمت ثلاثة عوامل في الاقتصاد الكلي الإنفاق الأميركي منذ الجائحة، هي المدخرات الفائضة التي تراكمت وسوق العمل القوية والأجور التي تسارعت، حتى الآن، بسرعة أكبر من التضخم، لكن على ما يبدو أن هذه العوامل تتعرض حالياً إلى ضغوط، إذ انخفض معدل الادخار الشخصي كحصة من الدخل المتاح إلى 3.5 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2008، من 4.7 في المئة في مايو (أيار) الماضي.
وفق مذكرة حديثة لبنك "لومبارد أودييه" السويسري فإن المدخرات التي تراكمت خلال جائحة كوفيد تبدو الآن مستنفدة إلى حد ما، إذ تشير أحدث بيانات بطاقات الدفع إلى أن حالات التأخر في سداد بطاقات الائتمان آخذة في الارتفاع، وعلى رغم إضافة الاقتصاد الأميركي 187 ألف وظيفة جديدة خلال يوليو الماضي، في تحسن طفيف عن يونيو (حزيران) السابق له، إلا أن هذه القراءة هي الأدنى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020 خلال الاضطرابات الكبيرة التي أحدثها "كوفيد"، وأصبح نمو الرواتب الآن أقل من متوسط وتيرته عام 2019، بينما ارتفعت البطالة إلى 3.8 في المئة في يوليو الماضي، في أعلى مستوى منذ 18 شهراً، مما يزيد من الضغوط على الإنفاق.
يتحدث كل من كبير الاقتصاديين في البنك السويسري سامي الشعار، وكبيرة محللي أبحاث الأسهم غوسيا إيجيمان، عن احتمالات أن يكون هذا الضعف موقتاً، لكنهما يريان أن الطلب على العمال في الولايات المتحدة يتراجع، وهو ما يسمح للتضخم بمواصلة التباطؤ، وهذا بدوره يدعم توقعاتهما بأن يتوقف "الاحتياطي الفيدرالي" موقتاً عن رفع أسعار الفائدة في الـ20 من سبتمبر (أيلول) الجاري، إذ تعتمد السياسة النقدية الآن بشكل كبير على الإنفاق الاستهلاكي وأثره في التضخم.
عروض ترويجية وخصومات
استمر المتسوقون الأميركيون في الإنفاق، بدعم من المدخرات الوبائية وارتفاع الأجور بشكل أسرع من التضخم، ومع بدء فترة "العودة للمدرسة" في أميركا، وهي الفترة التقليدية للخصومات والعروض الترويجية، تقول الشركات التي تزود الأسواق بالسلع الاستهلاكية الأساس إنها واثقة في شأن الأرباع المقبلة.
ويظل المستهلك الأميركي يشكل مفتاحاً رئيساً ليس فقط بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي، بل أيضاً بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، إذ تمثل الولايات المتحدة نحو ربع الناتج العالمي، ويتكون ما يقدر بنحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة من الإنفاق الاستهلاكي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 3.1 في المئة في الربع الثاني مقارنة بالعام السابق، وفقاً للاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، وظلت بيانات الاستهلاك قوية في يوليو، مدعومة قليلاً بارتفاع استخدام الطاقة، إذ عززت موجة الحر الطلب على تكييف الهواء.
وعلى مستوى الشركات، لم تبلغ الشركات عن تحول مفاجئ في طلب المستهلكين على المواد الأساس بما في ذلك المواد الغذائية والمشروبات الغازية والكحول ومستحضرات التجميل والمنتجات المنزلية في الربع الثاني من عام 2023، بل في الواقع غالباً ما أبلغت عن نمو في الإيرادات بنسبة مضاعفة، مدفوعاً بأسعار أعلى، وهو ما يرجح من جهة نظر الاقتصاديين في البنك السويسري، أن تبدأ هوامش الشركات في قطاع السلع الاستهلاكية الأساس في التعافي في النصف الثاني من عام 2023 بفضل هذه القدرة المستمرة الواضحة على تمرير الأسعار المرتفعة.
لا خطر في انخفاض المبيعات
على رغم ذلك فإن هناك بعض علامات التباطؤ، إذ تقول الشركات إن مشتريات العملاء تعود الآن لنمط أكثر طبيعية في أعقاب فورة الشراء بعد كوفيد، وهو ما يتجلى في السوق الاستهلاكية الفاخرة، ومع ذلك لا يزال عديد من الشركات الأميركية واثقة من أنه حتى لو انخفضت المبيعات بشكل أكبر، فإن الهوامش الربحية ستظل قوية، أو حتى تزيد، يقابلها ارتفاع الأسعار المستمر الذي يبدو أن المتسوقين مستعدون لتحمله.
تشير مذكرة "لومبارد أودييه" إلى أنه على المدى القصير، تعمل العروض الترويجية خلال موسم "العودة للمدرسة" أيضاً على الحفاظ على مستويات الإنفاق المرتفعة، لكن في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل قد يشكل استئناف سداد القروض الطلابية خطراً على هذه الصورة، فهناك ما يقدر بنحو 46 مليون شخص لديهم ديون طلابية في الولايات المتحدة، مع نحو 217 مليار دولار أميركي من الأقساط المستحقة سنوياً، وينطوي هذا على القدرة على خفض نمو الإنفاق بحلول نهاية عام 2023، ومن المحتمل أن يزيل ما يصل إلى 0.2 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة في الربع الأخير من عام 2023.
لكن بالنظر إلى المرونة المستمرة للمستهلك الأميركي، فإن الاقتصاديين في البنك السويسري، يتوقعان في المذكرة البحثية، أن تظل السلع الأساس هي القطاع الاستهلاكي القوي، وإمكان تعافي هوامش أرباح الشركات في ضوء ذلك، وقد توفر أرباح هذه الشركات صفات دفاعية تمثل وسادة ضد التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة.