Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

درنة تواجه صعوبة في دفن آلاف الجثث بعد الفيضانات

المدينة تبكي قتلاها وأمل الناجين مستمر ونداء بوقف المقابر الجماعية

ملخص

سباق مع الزمن في درنة بحثاً عن ناجين من كارثة الإعصار دانيال وتضارب الأرقام في شأن قتلى الفيضانات الهائلة

يكافح السكان وعمال الإغاثة في مدينة درنة الليبية للتعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة أو تتحلل تحت الأنقاض بعد أن دمرت الفيضانات المباني وجرفت كثيرين إلى البحر.

ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى السلطات في ليبيا إلى عدم دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، قائلة إن هذا قد يتسبب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات أو قد يحدث أخطاراً صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه العذبة.

وجاءت مناشدات وكالات الإغاثة بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن منذ أن تعرضت ليبيا لأمطار غزيرة، الأحد الماضي، بسبب عاصفة عاتية قادمة البحر المتوسط.

وتعاني ليبيا الانقسام بسبب الصراع والفوضى السياسية المستمرين منذ أكثر من عقد. ولقي الآلاف حتفهم فيما لا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين بسبب الكارثة.

جثث متناثرة

مدير الطب الشرعي لمنطقة أفريقيا باللجنة الدولية للصليب الأحمر بلال سبلوح قال في مؤتمر صحافي بجنيف "الجثث متناثرة في الشوارع، أو تعيدها الأمواج للشاطئ، أو مدفونة تحت المباني المنهارة والأنقاض، وفي غضون ساعتين فقط أحصى أحد زملائي أكثر من 200 جثة على الشاطئ بالقرب من درنة".

ودمرت السيول والفيضانات مساحات واسعة من مدينة درنة في شرق ليبيا عندما اجتاحت مجرى نهر يخلو عادة من الماء وأدت لانهيار سدين وأسقطت مباني بأكملها بينما كانت العائلات نائمة.

وقالت بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، اليوم الجمعة، إن أكثر من خمسة آلاف شخص في عداد القتلى، مع تسجيل 3922 حالة وفاة في المستشفيات، كما نزح أكثر من 38640 في المنطقة الشمالية الشرقية التي ضربتها الفيضانات.

ويقول مسؤولون إن عدد القتلى قد يكون أعلى بكثير.

وقال نوري محمد (60 سنة) بينما كان يقف في مخبز يقدم أرغفة من الخبز مجاناً لمساعدة أهالي درنة "يجب أن نخاف من حدوث وباء، لا تزال هناك جثث مطمورة، والآن بدأت الروائح تفوح من الجثث".

ودعت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة بشكل مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى تحسين إجراءات الدفن.

وقال المسؤول الطبي عن السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة، كازونوبو كوجيما في البيان المشترك "نحث السلطات في المناطق المنكوبة بالمأساة على عدم التسرع في عمليات الدفن الجماعي أو حرق الجثث بشكل جماعي".

ودعا البيان إلى تحسين إدارة عمليات الدفن لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد قائلاً إن عمليات الدفن المتسرعة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد لذوي الضحايا إضافة إلى مشكلات اجتماعية وقانونية.

وأضاف البيان أن جثث ضحايا الكوارث الطبيعية لا تشكل "على الإطلاق تقريباً" أي تهديد صحي، وأن الاستثناء هو وجود الجثث عند مصادر المياه العذبة أو بالقرب منها بسبب احتمال تسرب فضلات إليها.

التعامل مع الموتى

قال تقرير للأمم المتحدة، أمس الخميس، إن أكثر من ألف جثة في درنة وأكثر من 100 جثة في مدينة البيضاء، وهي مدينة ساحلية أخرى اجتاحتها الفيضانات، دفنت في مقابر جماعية.

وأرسلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الجمعة، طائرة شحن إلى بنغازي، أكبر مدن شرق ليبيا، محملة بخمسة آلاف كيس للجثث، كما تأتي مساعدات أخرى من الخارج.

وقال المجلس النرويجي للاجئين، الذي لديه فريق مكون من 100 فرد في ليبيا، إن التعامل مع الجثث هو مصدر القلق الأشد إلحاحاً.

وقال أحمد بيرم من المجلس النرويجي للاجئين "سمعت من فريقي أن هناك مقابر جماعية، إذ يقول عمال الإنقاذ، لا تجلبوا لنا الطعام، لا تجلبوا لنا الماء، أحضروا لنا أكياس الجثث".

وشعر بعض السكان بخيبة أمل من عدم تحرك السلطات المنقسمة في البلاد بسرعة أكبر لتقديم المساعدة.

وقال سعد رجب محمد (50 سنة)، وهو ضابط أمن يعيش في بلدة سوسة التي تبعد نحو 60 كيلومتراً وتضررت أيضاً من الفيضانات "الدولة لا تفيدنا، والآن أنا في الشارع مع أطفالي وزوجتي".

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، في مؤتمر صحافي في جنيف إن ليبيا في حاجة إلى معدات للعثور على الأشخاص المحاصرين في الوحل والمباني المتضررة بعد السيول والفيضانات، كما تحتاج إلى رعاية صحية أولية لمنع تفشي الكوليرا بين الناجين.

وأضاف جريفيث "المجالات ذات الأولوية هي المأوى والغذاء والرعاية الطبية الأولية الأساسية بسبب القلق من الكوليرا، والقلق من نقص المياه النظيفة".

البحث عن المفقودين

يواصل المسعفون والمتطوعون اليوم الجمعة العمل بحثاً عن آلاف المفقودين في درنة بعد الفيضانات الهائلة التي اجتاحت المدينة الواقعة على ساحل ليبيا الشرقي.

في جنيف، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، أن حجم الكارثة في ليبيا لا يزال مجهولاً، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال في مؤتمر صحافي "أعتقد أن المشكلة بالنسبة إلينا هي في تنسيق جهودنا مع الحكومة ومع السلطات الأخرى في شرق البلاد، ثم تحديد حجم" الكارثة، مضيفاً "لم نتوصل إلى ذلك بعد... لا نعرف ذلك، كما أن مستوى الحاجات وعدد القتلى لا يزال مجهولاً".

وأطلق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة نداءً لجمع أموال تزيد على 71 مليون دولار لتأمين مساعدة فورية إلى نحو 250 ألف شخص هم الأكثر تضرراً جراء الفيضانات التي نتجت عن العاصفة دانيال، محذراً من وضع "كارثي".

وقال المكتب إنه بعد تدمير كثير من الطرقات "تحض بلدية (درنة) السلطات على إقامة ممر بحري للمساعدة العاجلة وعمليات الإجلاء"، مقدراً عدد المتضررين مباشرة من الكارثة بنحو 884 ألف شخص.


انهيار سدين

وأدى تدفق المياه، ليل الأحد الإثنين، إلى انهيار سدين في مناطق بأعلى درنة، مما تسبب بفيضان النهر الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة، بحسب ما أفاد سكان، موضحين أن المياه تدفقت بارتفاع عدة أمتار، كما انهارت كل الجسور التي تربط شرق درنة بغربها.

وروى مصور في وكالة الصحافة الفرنسية في الموقع أن وسط مدينة درنة بات أشبه بأرض مسطحة بعدما اقتلعت المياه الأشجار وجرفت المباني والجسور.

وتخشى السلطات أن تكون الحصيلة البشرية فادحة وسط خسائر هائلة في المدينة التي كانت تعد 100 ألف نسمة قبل الكارثة.

 

 

وفي ظل صعوبة الوصول والاتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا حتى قبل الكارثة، تتضارب الأرقام عن أعداد الضحايا. وقد أعطى وزراء في حكومة الشرق في ليبيا أرقاماً غير متطابقة.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة الشرق، أول من أمس الأربعاء، أن أكثر من 3800 شخص قضوا في الفيضانات، فيما المفقودون بالآلاف.

وليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقراً ويرأسها عبدالحميد الدبيبة ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حماد وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.

جثث مطمورة

يقول سكان في مدينة درنة الليبية إن مئات الجثث لا تزال مطمورة تحت أطنان الوحول والأنقاض المتراكمة.

وروى عبدالعزيز بوسمية (29 سنة) المقيم في حي شيحا في درنة والذي نجا من الفيضانات "كانت المياه تحمل وحولاً وأشجاراً وحطاماً من الحديد، وعبرت كيلومترات قبل أن تجتاح وسط المدينة وتجرف أو تطمر كل ما كان على طريقها".

وأضاف بتأثر "فقدت أصدقاء وأقرباء، منهم من طمروا تحت الوحل، ومنهم من جرفتهم المياه إلى البحر"، مقدراً أعداد القتلى بـ10 في المئة من سكان المدينة.

ورأى أن السلطات الليبية لم تتخذ التدابير الضرورية لتدارك الكارثة، بل اكتفت بإصدار تعليمات إلى السكان بلزوم منازلهم تحسباً للعاصفة دانيال، التي ضربت تركيا وبلغاريا واليونان قبل أن تصل الأحد إلى ليبيا.

وتكشف أعداد أكياس الجثث التي وزعت في المدينة عن حجم المأساة. وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وحدها عن تأمين ستة آلاف منها.

وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا يان فريديز إن الكارثة "كانت عنيفة جداً"، مضيفاً أن "موجة بارتفاع سبعة أمتار جرفت الأبنية والبنى التحتية إلى البحر"، مشيراً إلى أن هناك "جثثاً تتقاذفها الأمواج على الشاطئ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الأربعاء تخصيص 10 ملايين دولار من صندوق طوارئ لضحايا الفيضانات، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة نشرت على الأرض "فريقاً كبيراً لدعم الاستجابة الدولية وتمويلها".

وأعلن برنامج الأغذية العالمي أنه باشر تقديم مساعدة غذائية لأكثر من خمسة آلاف عائلة نزحت بسبب الفيضانات، موضحاً أن آلاف العائلات في درنة "بلا طعام ولا مأوى".

ووعدت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإرسال مساعدات، وباشرت فرق إسعاف أجنبية العمل بحثاً عن أي ناجين محتملين.

ورأى الأمين العام للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس الخميس أنه لو تم التنسيق بشكل أفضل "لكان بالإمكان إصدار إنذارات ولكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان، ولكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية".

وأضاف لصحافيين في جنيف أن سنوات من النزاع في ليبيا "دمرت إلى حد كبير شبكة الأرصاد الجوية... والأنظمة المعلوماتية".

أمل وجود أحياء

المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا قالت بدورها على منصة "إكس"، اليوم الجمعة، إن أكثر من 38640 شخصاً نزحوا في المناطق الأكثر نكبة في شمال شرقي ليبيا بسبب العاصفة دانيال.

وذكرت المنظمة على موقعها على الإنترنت "أكثر من خمسة آلاف شخص في عداد القتلى، وتم تسجيل إجمالي 3922 وفاة في المستشفيات، وفقاً لمصادر منظمة الصحة العالمية".

بينما أوضح المسؤول عن عمليات المساعدة لليبيا في الصليب الأحمر تامر رمضان أنه "لا يزال هناك أمل في العثور على أحياء" بعد الفيضانات الكارثية التي ضربت هذا البلد.

وامتنع تامر من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر خلال مؤتمر صحافي عن إعطاء حصيلة بعدد القتلى، مؤكداً أنها "لن تكون نهائية أو دقيقة". وثمة حصائل مختلفة وموقتة جداً تشير إلى سقوط ما لا يقل عن 3800 قتيل.

أوقفوا المقابر الجماعية

ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة السلطات في ليبيا إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من 1000 شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن منذ وقوع الكارثة.

وجرفت الفيضانات أحياء بأكملها في مدينة درنة بشرق ليبيا، مساء الأحد، بعد انهيار سدين. ولقي الآلاف حتفهم فيما بات آلاف آخرون في عداد المفقودين.

وقال المسؤول الطبي عن السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة، كازونوبو كوغيما، في بيان مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "نحث السلطات في المناطق المنكوبة بالمأساة على عدم التسرع في عمليات الدفن الجماعي".

 

 

ودعا البيان إلى تحسين إدارة عمليات الدفن لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد، قائلاً إن عمليات الدفن المتسرعة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد لذوي الضحايا إضافة إلى مشكلات اجتماعية وقانونية.

وذكر تقرير للأمم المتحدة نشر أمس الخميس أن أكثر من 1000 جثة في درنة وما يزيد على 100 جثة في البيضاء دفنت في مقابر جماعية بعد الفيضانات التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول).

المناخ والإمكانات

واعتبر مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث أن الفيضانات في ليبيا التي أودت بحياة آلاف الأشخاص في أسوأ كارثة طبيعية تحل بها في التاريخ الحديث كانت بسبب تصادم "المناخ بالإمكانات".

وأضاف غريفيث في إحاطة للأمم المتحدة في جنيف "في ليبيا، حيث لا يزال الوصول إلى درنة صعباً للغاية... هذه مأساة تصادم فيها المناخ مع الإمكانات".

وقال إن مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أرسل فريق تنسيق لمواجهة الكوارث يضم 15 شخصاً تم نقلهم من المغرب الذي تعرض لزلزال الأسبوع الماضي.

المزيد من الأخبار