Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوة ستارمر للقاء ماكرون خطوة لافتة

تطلع الحكومات الأجنبية هي الأخرى على استطلاعات الآراء التي نجريها في الداخل، ولهذا يعد التعبير الفرنسي المفاجئ عن الود مؤشراً واضحاً على اعتقادهم بأنهم يعرفون من سيكون رئيس الوزراء المقبل

صحيح أن ستارمر له كل مواصفات رئيس الوزراء لكنه ليس مخضرما على الساحة الخارجية (رويترز)

ملخص

ستارمر إلى الإليزيه وحزب العمال إلى رئاسة الوزراء؟

بلغت الحماسة بفريق عمل حزب العمال إزاء اللقاء المرتقب الأسبوع المقبل بين كير ستارمر وإيمانويل ماكرون درجة تسريب خبر الاجتماع المحتمل قبل تأكيده حتى، إذ يعلمون مدى أهمية استعداد الرئيس الفرنسي للقاء زعيم المعارضة البريطاني، ففي السياق اللغوي الدبلوماسي الدقيق، حيث يتردد القادة في التدخل بالشؤون السياسية لدولة ديمقراطية أخرى، يمكن ترجمة هذا اللقاء بطريقة واحدة، ماكرون يتوقع أن يصبح ستارمر رئيساً للوزراء. 

كل ما عدا ذلك يعد ثانوياً، وسوف تتيح زيارة ستارمر إلى قصر الإليزيه (قبل الملك نفسه) المجال للرجل كي يختال على الساحة الدولية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صحيح أن إحدى نقاط قوته تكمن في أن مظهره الخارجي يعكس شكل رئيس الوزراء، سواء ببدلاته الرسمية أو فكه العريض أو تسريحة شعره، وكلها مربعة الهيئة، لكنه لا يمتلك خبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وهذا ما يجعل رحلاته الثلاث خلال الأيام المقبلة مهمة.

مساء الأربعاء سافر زعيم العمال إلى لاهاي الهولندية من أجل لقاء مع الإنتربول، منظمة التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة يوم الخميس، ويوم الجمعة يسافر إلى مونتريال للقاء زعماء وسط اليسار من جميع أنحاء العالم، وبعد ذلك، وبحسب ما أكد مكتب الرئيس الفرنسي، ينتقل ستارمر يوم الإثنين إلى باريس لعقد محادثات مع الرئيس ماكرون.

لكن مصافحة ماكرون أهم بكثير من كونها فرصة كي يتظاهر ستارمر بأنه زعيم دولي، فهي بمثابة تعبير عن الثقة في فرص حزب العمال في الانتخابات العامة المقبلة، وأن الحكومات الأجنبية قادرة أيضاً على قراءة استطلاعات الآراء، وعلى رسم خططها على هذا الأساس. 

يمكن أن نضيف دعوة ماكرون إلى المؤشرات الأخرى كافة على التغيرات التي تعتمل في الساحة السياسية البريطانية، فالمال يتدفق داخل صناديق العمال فيما تتهافت المؤسسات والشركات للمشاركة في المؤتمر السنوي للحزب المزمع عقده في ليفربول الشهر المقبل.   

وفي المقابل يبدو من الصعب إقناع المانحين "المحافظين" بتمويل محاولة سوناك التفوق على تقدم "العمال" عليه بـ 18 نقطة في استطلاع الآراء، أما الانتخابات الفرعية فكانت كارثة بالنسبة إلى الحكومة (مع أن ’المحافظين‘ نجحوا في الحفاظ على مقعد بوريس جونسون السابق في أوكسبريدج).

وفي هذه الأثناء تسري بعض الشائعات في ويستمنستر عن احتمال انضمام نائب محافظ آخر إلى كريستيان وايكفورد الذي انشق عن صفوف الحزب لينضم إلى "العمال" العام الماضي، ويجب ألا تكون أياً من هذه التفاصيل مهمة لكنها كذلك، فكلما ارتدى "العمال" شكلياً ثوب الحكومة المقبلة ازدادت صدقيته في هذا الدور وتعززت مكانته في استطلاعات الآراء، والعكس صحيح بالنسبة إلى حزب "المحافظين"، فكلما ازداد عدد الأشخاص الذين يفترضون بأنهم سيتعاملون بحلول نهاية العام المقبل مع رئيس الوزراء ستارمر، أصبح من الأصعب على الحكومة المنتهية ولايتها أن تحقق أي إنجاز، ومن الأسهل على ستارمر أن يلصق بسوناك وسم "الرجل الكسول" كما فعل في جلسة توجيه الأسئلة لرئيس الوزراء.  

إلى الآن الأمور سطحية، لكن أهمية زيارة ستارمر إلى باريس تكمن في نقطة أخرى وهي أن العلاقات مع الحكومة الفرنسية مهمة لأي شخص يشغل منصب رئاسة وزراء المملكة المتحدة، وهذا ما أدركه سوناك الذي حاول أن يجعل علاقته بماكرون أكثر متانة مما كانت عليه مع بوريس جونسون أو ليز تراس.  

عندما زار سوناك قصر الإليزيه في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي توصل إلى اتفاق بناء مع ماكرون يتعلق باعتراض مسار القوارب الصغيرة، وهو اتفاق ما كان ليحصل أيام جونسون ولا تراس اللذين لم يتورعا عن اتخاذ موقف معاد للفرنسيين عندما أتيحت لهما الفرصة لذلك، لكن الاتفاق لم يكن بالضخامة التي أملها سوناك ولم نعرف يوماً ما الذي اعتقد سوناك أنه يستطيع إقناع ماكرون به، لكن يبدو أنه كان يفكر باتفاق لإعادة القوارب يتيح للمملكة المتحدة أن تتلقف القوارب الصغيرة وتعيدها لفرنسا حيث تبدأ عملية التماس اللجوء. 

وفي نهاية المطاف أوضح ماكرون أن أية صفقة من هذا النوع يجب أن تتم بالتوافق بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب قد تكون المحادثات مع ستارمر مهمة لأن حكومة العمال تمتلك قدرة أكبر بكثير في التوصل إلى اتفاق مشابه، وصحيح أن سوناك لديه أفضلية وجود علاقة شخصية جيدة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لكن حزبه لا يسمح له بالتفاوض على سياسة اللجوء مع الاتحاد الأوروبي، وهذا ما قد يختلف بوجود حكومة من حزب العمال.

حتى الآن كانت سياسة المعارضة في شأن القوارب الصغيرة غير مقنعة، فهي تقوم على "خطة من خمس نقاط" تحاول من خلالها وزيرة الداخلية في حكومة الظل إيفيت كوبر أن تعيد تقديم كل ما تفعله الحكومة أساساً بقالب ولغة جديدة، لكن من دون سياسة السعي إلى نقل طالبي اللجوء إلى رواندا.

وإن كان الحديث بين ستارمر وكامرون بنّاء فقد يعطي لحكومة "العمال" المرتقبة فرصة طرح خطة معقولة في موضوع الهجرة، وهو ما يعتبر من أضعف مجالات عملها حالياً، ولا عجب إذاً أن فريق ستارمر كان فرحاً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء