ملخص
خطر مخلفات الحرب القابلة للانفجار قائم، وتحذيرات للمواطنين ورجال الإنقاذ في درنة المنكوبة.
حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا من إمكانية تعرض فرق الإنقاذ في درنة التي اجتاحتها العاصفة "دانيال" في الـ10 من سبتمبر (أيلول) الجاري لأضرار بسبب مخلفات الحرب القابلة للانفجار، والتي جرفتها السيول وباتت تنتشر في جميع المناطق التي غمرتها الفيضانات.
وأوضحت اللجنة على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك" أن خطر مخلفات الحرب القابلة للانفجار قائم، ولا بد للمواطنين ورجال الإنقاذ من أن يكونوا على دراية بهذا الخطر".
وجاءت هذه التحذيرات مباشرة بعد وصول فرق الإنقاذ من مختلف الجنسيات الأجنبية إلى درنة، إذ بدأت فعلياً في العمل والعثور على أشخاص أحياء تحت الركام.
معقل التطرف
تبقى مدينة درنة الساحلية التي تبعد 1340 كيلومتر شرق طرابلس أول معقل في ليبيا لتنظيم "داعش" الذي قام فيها بأول استعراض عسكري علني له، وذلك في الـ10 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بعد انضمام "مجلس شورى شباب الإسلام" بالمدينة إلى التنظيم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 2014، ودعا التنظيم على أثرها أهالي درنة إلى المسارعة بمبايعة أميره أبوبكر البغدادي. وبدأ التنظيم منذ 2015 يتبنى تفجير عدد من السفارات العربية والأجنبية في العاصمة الليبية طرابلس، لتتمكن بعدها كتائب إسلامية في يونيو (حزيران) 2015 من طرده خارج معقله الرئيس في شرق ليبيا، لينتقل بعدها إلى مدينة سرت (وسط)، حيث تمكن من السيطرة على مساحة واسعة بالمدينة الساحلية، لكنه تلقى في 2017 ضربة قوية أنهت وجوده فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كل ذلك دفع الهيئة الدولية للصليب الأحمر إلى دق ناقوس الخطر بخصوص احتمال حدوث تفجيرات في درنة بسبب تحرك مخلفات الحرب القابلة للانفجار من مواقعها السابقة، فقد سبق للمدينة أن كانت مسرحاً لحروب عدة بين القوات المسلحة بالشرق الليبي وعناصر تنظيم "داعش"، مما يؤكد وجود مخازن عتاد وأسلحة ومخلفات ألغام موزعة في أطراف المدينة التي جرفت السيول ترتبها نحو مختلف أزقة المدينة نتيجة انهيار السدود.
مسرح حروب
الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين يقول إن مخلفات إعصار "دانيال" الذي عصف بشرق ليبيا وبصفة أكبر مدينة درنة تبقى تداعياته الأخطر هي التحذيرات التي أطلقتها الهيئة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا، باعتبار أن حدوث انفجار لمخلفات الحرب أمر وارد جداً لأن درنة كانت ساحة صراع مسلح بين عناصر تنظيم "داعش" وقوات قائد الجيش الليبي بالشرق خليفة حفتر.
وتابع نجم الدين لـ"اندبندنت عربية" أن من الطبيعي أن تكون هناك مخازن للذخيرة وبقايا ألغام منتشرة في أطراف مدينة درنة ستكون حتماً جرفت مع التربة نحو أزقة المدينة، إذ يحاول الآن رجال الإنقاذ العثور على ناجين هناك، مؤكداً أنهم قد يتحولون بدورهم في أية لحظة إلى ضحايا جراء انفجار الألغام ومخلفات الحرب التي جرفتها السيول.
وأوضح في العلاقات الدولية أن كارثة السيول بالشرق فتحت الباب واسعاً مرة أخرى للكشف عن خطورة ترك الألغام ومخلفات الحرب من دون تفكيك، إضافة إلى ملفات الفساد التي أهملت صيانة السدود في درنة وتسببت في حصد آلاف الأرواح، فضلاً عن عدم وجود هيئة للأرصاد الجوية تتوفر على التقنيات الضرورية لتحذير المواطنين من الكوارث المناخية، فوفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية كان من الممكن تفادي كل هذه الخسائر البشرية لو توفرت ليبيا على هيئة للأرصاد الجوية.
الاستنجاد بالخارج
أما المتخصص في الشؤون العسكرية عادل عبدالكافي فيقول إنه يتفق تماماً مع ما ورد عن الهيئة الدولية لأن محيط درنة من جبال وأودية كان ساحة لعمليات عسكرية، ومن الطبيعي أن تكون هناك ألغام أرضية ودانات مدافع، وكان يجب توفير متخصصي متفجرات دوليين منذ البداية لمصاحبة فرق الإنقاذ الموجودة بمختلف مناطق درنة.
وأضاف عبدالكافي لـ"اندبندنت عربية" أنه لو حدثت انفجارات ألغام أو مخلفات حروب في درنة فستتعمق الكارثة أكثر، لأن الانفجارات ستعوق انتشال الجثث، كما ستتوقف عملية البحث عن ناجين لأن فرق الإنقاذ الدولية ستنسحب فوراً خوفاً على سلامتها، وقد تغرق درنة في كارثة بيئة لتكون بؤرة للأوبة في مرحلة موالية.
وطالب بالتسريع في تركيز فرق عمل دولية متخصصة مهمتها البحث عن المتفجرات ونزع الألغام حتى نؤمن حياة فرق الإنقاذ ونحافظ بذلك على الأحياء تحت الركام ونحمي بقية المناطق الآهلة بالسكان، وربما نتوصل لإجلاء الحقيقة في شأن أي عمل تفجيري أو عبثي قد تكون سدود درنة تعرضت له.
ودعا عبدالكافي المجتمع الدولي إلى الالتفاف حول تحذيرات الهيئة الدولية للصليب الأحمر ومساعدة ليبيا في استقدام متخصصين دوليين يمتلكون أجهزة ومعدات متطورة بإمكانها رصد مخلفات الحروب تحت المياه والوحل وانتزاعها وتأمين الطريق المؤدية إلى المدينة لأن هناك عديداً منها انهار، وهي محاذية للجبال والوديان، وتكمن الخطورة في انهيار مخازن الأسلحة وانتشارها على هذه الطرقات والأزقة التي يسلكها الآن رجال الإنقاذ والناجون من الكارثة. وقال إن استدعاء متخصصين في المتفجرات من بريطانيا التي تمتلك أجهزة استكشاف متفجرات متطورة جداً سيحدث فارقاً كبيراً في تسهيل عمل فرق الإنقاذ الدولية، ومن الممكن الاتجاه للتنسيق مع الولايات المتحدة بخاصة أن إدارة "أفريكوم" تربطها علاقة تعاون مع السلطات الرسمية في ليبيا، وبإمكانها التحرك بسرعة للكشف عن مخلفات الحرب التي جرفتها السيول، لأن عملية درنة يجب أن تجمع في آنٍ واحد بين الكشف عن المتفجرات وانتشال الجثث وشفط المياه ورفع الركام حتى نتحصل على نتائج جيدة.