Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزة تعالج الفقر والبطالة بمشاريع متناهية الصغر

وفرت فرص عمل لنحو 10 في المئة من العاطلين وتنوعت بين المقاهي وتربية المواشي ومشاتل الورود

ساعدت المشاريع متناهية الصغر في خفض نسبة البطالة بنحو 10 في المئة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

أوقف برنامج الأغذية العالمي مساعداته لفقراء غزة... فماذا فعلوا؟

جلس غيث القرفصاء أمام عربة كهربائية مخصصة لكبار السن وأخذ يصلح العطب الذي أصاب محركها، كان متحمساً ويعمل باجتهاد، فهو يحاول إرضاء زبائنه ليستقطبهم لورشته الجديدة التي يحاول من خلالها محاربة الفقر الذي يعيشه.

حديثاً، افتتح غيث ورشة خاصة له لصيانة المحركات والأجهزة والآلات الميكانيكية، وكانت أفضل طريقة ليوفر لنفسه فرصة عمل تدر له أموالاً حتى إن كانت بسيطة ويتمنى أن تنتشله من الفقر بعدما يئس من الحصول على وظيفة رسمية في مجال عمله.

فرص العمل 

أنهى غيث تعليمه الجامعي وحصل على شهادة في مجال الهندسة الميكانيكية وتقدم لكثير من فرص التوظيف المطروحة لكن الحظ لم يحالفه، إذ قضى الرجل نحو سبعة أعوام في البحث عن فرصة عمل رسمية مع الجهات الحكومية أو المنظمات الدولية ولم يحصل على أي منها، فتوجه للعمل في ورشة إلا أنه لم يجد له مكاناً.

 

 

ظل غيث يعاني البطالة لأعوام طويلة مثل 60 في المئة من العمال في قطاع غزة الذين لا يجدون فرص عمل، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، وانعكس فقدانه للعمل على وضعه الاقتصادي إذ بات يسجل من فئة الأشخاص الذين يعانون الفقر المدقع حتى خطر له مشروع ورشة صيانة المحركات.

لورشة غيث قصة حزينة، كما لوضعه النفسي والاقتصادي، إذ بسبب الفقر لم يكن الرجل يملك المال فاضطر إلى اقتراض مبلغ ألف دولار من أصدقائه على أن يسددها بالتقسيط بعد نجاح مشروعه، ويقول "بهذا المبلغ البسيط اشتريت المعدات اللازمة لعملي ودفعت إيجار غرفة مهترئة افتتحت فيها الورشة".

أمل بلا معونة

ويتابع غيث "المشروع صغير للغاية، لكن الأمل فيه كبير أن يوفر لأسرتي دخلاً متواضعاً من خلاله أشتري الطعام، بدلاً من انتظار المعونات الغذائية، ونغادر مربع الفقر الذي بسببه ينام أطفالي جوعى وأيضاً لأصبح عاملاً عوضاً عن الجلوس في البيت ضمن صفوف العاطلين".

 

 

تتمثل فكرة غيث في معالجة الفقر الذي يعانيه بنفسه من دون الاعتماد على المؤسسات التي تقدم معونات له، إذ دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة الفلسطينيين إلى تدشين مشاريع متناهية الصغر بهدف توفير مصدر دخل يمكنهم من تأمين المتطلبات الحياتية اليومية وسط ارتفاع معدلات الفقر.

وأخيراً بدأت تظهر في غزة مشاريع صغيرة ومتنوعة في مجالات مختلفة، وعلى رغم صعوبتها وارتفاع نسبة المخاطرة فيها، إلا أن اتحاد نقابات العمال رأى فيها حلاً جيداً لوضع حد لمشكلات الشباب الاقتصادية والهروب من الفقر.

 

 

 وللهروب من الفقر الذي بات يشتد على أسرتها، استأجرت ريهام كشكاً لبيع القهوة وبدأت تعمل فيه لمدة 12 ساعة، واضطرت إلى ذلك بعدما أوقف برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) مساعدته لمعظم المستفيدين ومن بينهم ريهام.

شعار الفقر

دهنت ريهام الكشك الخاص بها باللون الزهري والأبيض ورفعت شعاراً بأن الشراء منها يسهم في توفير الغذاء لأسرتها الفقيرة، تقول إنها تحصل من عملها على مبلغ 20 دولاراً يومياً وتشتري بجزء منه طعاماً لأسرتها، والبقية تدخرها لتدفعها إيجاراً للبلدية التي استأجرت منها المكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تؤكد ريهام أنها تجاوزت الفقر وبات أطفالها يشعرون بالشبع بعد عملها وأن المشاريع المتناهية الصغر كانت حلاً لها، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أن هذه حلول موقتة ومحفوفة بالأخطار، إذ سيحل الشتاء قريباً ويتوقف زوار البحر عن ارتياد المقاهي الصغيرة.

ووفقاً لمتابعة اتحاد العمال، فإن معظم المشاريع المتناهية الصغر في غزة تديرها نساء، وهذا يوحي بأنه نتيجة لاشتداد الفقر على الأسر، بات الأب والأم يبحثان عن فرص عمل لتوفير الطعام والمستلزمات الأساسية لبيوتهم.

مشاريع محفوفة بالأخطار

وسط الخراف والأغنام، كانت تقضي هند يومها تطعم المواشي وترعاها، وتستقبل طلبات صغيرها الذي يقول لها "المعلمة بحاجة لدفاتر وأقلام وألوان، وأين مصروفي؟"، حاولت الأم استيعاب طفلها فردّت "حاضر، لكن دعني أبيع هذا الخروف الجميل"، تأفف طفلها وغادر.

من تربية الأغنام تسعى هند إلى تجاوز الفقر، لكنها تنجح في ذلك بصعوبة وتقول "ربما المشاريع الصغيرة وسيلة للخروج من الفقر، إلا أنها طريق صعبة للغاية، فهذه الخراف بحاجة لطعام وعلاج ورعاية وأنا لا أقوى على ذلك وهي بحاجة لصبر حتى يأتي المشتري"، لكن على رغم الصعوبات، تؤكد هند أنها نجحت في تلبية بعض رغبات صغارها.

 

 

أما سعاد، فتتمشى بين الورد ذات الألوان الجذابة وهي تحمل إبريقاً بلاستيكياً تستخدمه لري الأزهار التي زرعتها في أرض صغيرة مقابل منزلها لتبيعها بعد ذلك على منصات التواصل الاجتماعي لهواة المزروعات الجمالية.

افتتحت سعاد مشتل الورد قبل عامين ونجح مشروعها، إذ تقول "نجحت في مراوغة الفقر، وباتت تجارة الورد تدر أموالاً وساعدنا هذا في توفير متطلبات الحياة، لقد كانت المشاريع المتناهية الصغر وصفة لعلاج الفقر وأنا دليل واضح".

فرصة نجاة

من جانب رسمي، يقول نائب رئيس الاتحاد العام لعمال غزة علاء العمور إن المشاريع المتناهية الصغر مهمة جداً، ونعمل على خطة لتنمية هذا التوجه لأنه يعالج مشكلتي الفقر والبطالة من خلال توفير فرص عمل للعمال، ولذلك نقدم قروضاً لبناء المشاريع الصغيرة وتطويرها.

 

 

ويضيف أن "المشاريع الصغيرة باتت عصب الاقتصاد في غزة لأنها تحتاج إلى رأسمال منخفض للبدء بنشاطها ولديها قدرة على توفير دخل دائم، ولاحظنا أنها تزيد الطاقة الإنتاجية حتى باتت جزءاً من التنمية الاقتصادية والاجتماعية".

ويوضح أن المشاريع الصغيرة أسهمت في توفير فرص عمل لنحو ثلاثة في المئة من إجمالي مجتمع غزة، وعند مقارنة هذه النسبة مع أعداد العاطلين من العمل نجد أنها ساعدت في خفض نسبة البطالة بنحو 10 في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي