ملخص
بين زلزال المغرب وإعصار ليبيا يبدو التباين واضحاً في القراءات والتحليلات الصحافية والإعلامية لتداعيات الكارثتين الطبيعيتين وأبعادهما الاجتماعية والسياسية على البلدين
بقدر ثقل الفاجعة التي حلت بكل من المغرب وليبيا، الأسبوع الماضي، بين زلزال وإعصار، خلفا آلاف القتلى والجرحى والمشردين، فضلاً عن الخسائر المادية الواسعة، بدا التباين واضحاً في القراءات والتحليلات الصحافية والإعلامية، لا سيما الغربية منها، لتداعيات الكارثتين الطبيعيتين وأبعادهما الاجتماعية والسياسية على البلدين.
فمن تعاطف واسع وإجماع على ضرورة تقديم الدعم والمساعدة لـ"إعادة إعمار" المغرب، الذي خلف فيه الزلزال أكثر من 2900 قتيل وما يزيد على خمسة آلاف جريح إضافة إلى انهيار 50 ألف منزل كلياً أو جزئياً في خمسة أقاليم بالمملكة معظمها جبلية، وفق إحصاءات رسمية غير نهائية، بدت الصبغة "السياسية" وواقع ليبيا المأزوم بين حكومتين في الشرق والغرب، منعكسة على المعالجة الإعلامية والصحافية في التعاطي مع تداعيات إعصار "دانيال" الذي خلف أكثر من خمسة آلاف قتيل وآلاف الجرحى، فضلاً عن تضرر 884 ألف شخص بشكل مباشر من الكارثة.
زلزال المغرب في سطور
وفق ما ذكرته المصادر الرسمية المغربية، وقعت كارثة الزلزال هو الأعنف في البلاد منذ أجيال، ليل الجمعة السبت، 8/9 سبتمبر (أيلول) الجاري، عند الساعة 23:11 (22:11 ت غ)، وحدد مركزه في إقليم الحوز، هذه المنطقة الجبلية الواقعة جنوبي مدينة مراكش، وبلغت قوة الزلزال 6.8 درجة بحسب المعهد الجيوفيزيائي الأميركي، وسبع بحسب المركز الوطني للبحث العلمي والتقني المغربي.
وبجانب الخسائر البشرية التي قدرت بما يزيد على 2900 قتيل وتشريد مئات الآلاف، تضررت مدينة مراكش، الوجهة التي يقصدها عدد كبير من السياح الأجانب، وانهارت بعض المباني في المدينة القديمة، المصنفة منذ 1985 على لائحة التراث العالمي لليونيسكو. وانهارت جزئياً أسوار تاريخية تعود إلى القرن 12.
وعلى بعد نحو 50 كيلومتراً جنوباً، في القرى الجبلية بالأطلس الكبير في إقليمي الحوز وتارودانت، كان الدمار الأكبر والحصيلة الأعلى. ودمرت قريتا تفغاغت ومولاي إبراهيم ذات المنازل الطينية، في شكل شبه كامل.
وعلى أثر الزلزال، نشرت القوات المسلحة الملكية وسائل بشرية ولوجيستية مهمة جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني، بحسب ما أوردت وكالة المغرب العربي للأنباء، تزامن ذلك مع موجة تضامن دولي واسعة، وعرضت عدة دول ومنظمات مساعدتها على الرباط.
"دانيال" الليبي في سطور
لم يمر يومان على زلزال المغرب، إلا وضربت كارثة أخرى دولة ليبيا الأحد 10 سبتمبر، إذ اجتاحت شرق ليبيا فيضانات مصحوبة بأمطار غزيرة أودت بالآلاف في مدينة درنة وحدها جراء العاصفة "دانيال" التي أطاحت سدين فتدفقت مياه بحجم "تسونامي" جارفة كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق وأجزاء واسعة من المدينة.
وبحسب البيانات الرسمية، وصلت العاصفة "دانيال" بعد ظهر الأحد إلى الساحل الشرقي لليبيا وضربت مدينة بنغازي قبل أن تتجه شرقاً نحو مدن في الجبل الأخضر (شمال شرق)، مثل شحات (قورينا) والمرج والبيضاء وسوسة (أبولونيا) ودرنة وهي المدينة الأكثر تضرراً.
وليل الأحد الإثنين، انهار السدان الرئيسان المقامان على نهر وادي درنة الصغير مما تسبب في انزلاقات طينية ضخمة دمرت جسوراً وجرفت عديداً من المباني مع سكانها، وبحسب تقارير غربية، حولت البنية التحتية المتهالكة والمباني التي شيدت خلال العقد الأخير من دون الالتزام بقواعد التنظيم المدني وعدم الاستعداد لمواجهة كارثة طبيعية، مدينة درنة إلى مقبرة مفتوحة.
ومع تضارب الأرقام الرسمية حول الخسائر، قدرت المنظمة الدولية للهجرة في البلاد، عدد القتلى بأكثر من خمسة آلاف شخص في عداد القتلى، وتم تسجيل إجمالي 3922 وفاة في المستشفيات، وفقاً لمصادر منظمة الصحة العالمية، مشيرة في أحدث إحصاءاتها، الجمعة الماضي، إلى أن أكثر من 38640 شخصاً نزحوا في المناطق الأكثر نكبة في شمال شرقي ليبيا بسبب العاصفة، وتضرر 884 ألف شخص بشكل مباشر من الكارثة، بحسب المنظمة. في المقابل، أفاد مسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن حصيلة قتلى "ضخمة" قد تصل إلى آلاف الأشخاص، إضافة إلى 10 آلاف شخص في عداد المفقودين.
وبعد رسائل التعزية والدعم، أعربت عديد من الدول حول العالم، عن استعدادها لمساعدة عناصر الإغاثة المحليين الذين ظهروا في صور نشرها سكان على الشبكات الاجتماعية مذهولين من حجم الكارثة وسط مشهد مروع.
تعاطف مع المغرب ومطالب بالمساعدة
في الحالة المغربية، بدا التعاطف واضحاً في القراءات والتحليلات الإعلامية والصحافية الغربية، باستثناء الجدل الذي لف امتناع الرباط عن قبول مساعدات عرضتها عليه فرنسا مما طرح عديداً من الأسئلة حول ما يعرف بـ"دبلوماسية الزلزال" والعلاقات "المتوترة" بين البلدين.
وفي عديد من التقارير الغربية بدا هناك تعمقاً في التعاطي الإنساني مع الفاجعة، إذ عنونت على سبيل صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرها الرئيس غداة الكارثة، تحت عنوان "الناجون من زلزال المغرب: شعرنا وكأننا نتعرض للقصف"، مستندة فيه إلى شهادات من شهدوا الكارثة.
ووفق ما كتبته الصحيفة، من منطقة مولاي إبراهيم (مركز الزلزال)، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة، وتمتد على منحدر جبلي شديد الانحدار، تهدمت كل المنازل وتقريباً لم يبق أي مبنى سالماً، مشيرة إلى تفكك بعض المنازل، وبقاء أخرى واقفة، لكن الطوابق العليا منها تنحني حالياً بشكل خطر فوق الممرات الضيقة، مما يهدد بسقوطها. ونقلت عن أوميزان الحسين (56) عاماً، وصفه للحظة اهتزاز الأرض، قائلاً: "استمر الأمر لمدة ست ثوان، شعرنا وكأننا نتعرض للقصف".
من جانبها، وأمام تداعيات الكارثة الضخمة، رأت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن "إعادة إعمار المغرب ينبغي أن تكون من أولويات الغرب"، مقدمة في ذلك عدة مبررات لما ترى فيه ضرورة أن يكون الغرب في مقدمة الصفوف لمد يد العون إلى المغرب في محنته الحالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب ما كتبه ريتشارد شيريف، في الصحيفة، "كلف الزلزال المروع الذي شهده المغرب نحو ثلاثة آلاف قتيل بخلاف الخسائر المادية التي ترتبت على الدمار الذي حل بالبلاد"، مضيفاً أنه "في الوقت نفسه ألقت الكارثة الضوء على أن قوى الغرب أمامها كوارث يمكن أن تفوق في حجمها الكارثة المغربية إذا تجاهلت هذه القوى كسب حلفاء إقليميين".
وذكر شيريف، أن المغرب يتمتع بأهمية بين الشركاء الإقليميين الذي يجب أن يدركها الحلفاء الإقليميون الرئيسون لأوروبا والولايات المتحدة، بخاصة أن المغرب يقع في قارة "تموج بالاضطرابات السياسية والعسكرية"، معتبراً أن دعم المغرب في محنته الحالية ضرورة "نظراً لأهميته الكبرى في إرساء الاستقرار في القارة الأفريقية التي تصدر معضلات عدة إلى أوروبا في السنوات القليلة الماضية، مثل المهاجرين غير الشرعيين، والجماعات الإرهابية، ومهربي البشر والسلع المساعدات الإنسانية التي ترسلها قوى الغرب، علاوة على جماعات المتمردين التي تريد النيل من سيادة الأمم"، على حد وصفه.
زاوية مغايرة تطرقت لها، صحيفة "صنداي تايمز" في عددها الصادر غداة الكارثة تحدثت خلالها عن قوة الزلزال ومدى تأثيراته، إذ كتب بيل ماكغواير أستاذ الجيوفيزياء والمخاطر المناخية بجامعة كوليدج لندن، عن كيفية وقوع الزلازل، أن هذا الزلزال الذي ضرب المغرب ناهزت قوته قوة نحو 30 قنبلة ذرية كتلك التي ضربت بها مدينة هيروشيما اليابانية، وهو ما يفسر عدد المباني التاريخية التي دمرت في مدينة مراكش نفسها رغم بعدها عن مركز الزلزال بنحو 40 ميلاً، موضحاً أن دولة المغرب تقع على مقربة من حد الصفيحة التكتونية التي تمثل الرابط بين الصفيحة الأوراسية إلى الشمال والصفيحة الأفريقية إلى الجنوب. وقد بدأت هاتان الصفيحتان في الارتطام قبل ملايين السنين، وهو ما تمخض عن تكون سلاسل جبلية كجبال الألب وجبال الأطلس في المغرب.
وبحسب ماكغواير، "تتحرك الصفيحة الأفريقية باتجاه الشمال بمقدار نحو 2.5 سنتيمتر في السنة، مما يولد ضغطاً على الصدوع الموجودة في المنطقة، ومع تراكم الضغوط يأتي وقوع الزلازل من حين لآخر"، مشيراً إلى أن أحد أسباب التضرر الواسع الذي أصاب المغرب وهو أنه ضرب من عمق 18 كيلومتراً فقط، وهي مسافة لا تعتبر كبيرة في هذا المضمار، مما ضمن تحويل كمية هائلة من الطاقة الزلزالية باتجاه السطح وهو ما فاقم أثر الدمار، على رغم أن الهزة الأرضية لم تستمر أكثر من 20 ثانية فقط.
في الأثناء خيم جدل إعلامي على امتناع الرباط عن قبول مساعدات عرضتها عليه فرنسا إثر الزلزال، وطرحت الصحف الفرنسة تساؤلات حول ما يعرف بـ"دبلوماسية الزلزال" ومستقبل العلاقات المتوترة بين باريس والرباط.
والأحد الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعداد بلاده للتدخل "فور" تلقيها طلباً بالمساعدة من السلطات المغربية، لكن امتناع الرباط عن قبول المساعدة دفع بعض المعلقين الفرنسيين لترجيح السبب إلى عدم اعتراف فرنسا بسيادة المغرب في الإقليم المتنازع عليه، خصوصاً بعد اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء ودعم إسبانيا مشروع الحكم الذاتي المغربي لحل النزاع.
كذلك أعلنت الخارجية الجزائرية، الثلاثاء الماضي، في بيان لها أن الرباط رفضت المساعدات الإنسانية الجزائرية، معتبرة أن السلطات المغربية "وحدها من يتحمل تبعات ذلك".
وفيما عنونت فيه صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إحدى تقارير بـ"المغرب ينتقي المساعدات الدولية"، تحدثت إذاعة "فرانس كالتيور" عما سمته "دبلوماسية الزلزال التي تنشط في المغرب"، كذلك رأت صحيفة "لوموند" أن "الشعب المغربي هو المتضرر والسياسة غير مهمة".
ووفق "لوموند" فإن قرار المغرب بعدم قبول مساعدة عديد من الدول للتعامل مع تداعيات زلزال، ومن بين هذه الدول، فرنسا والجزائر، كان "مثيراً للجدل"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن موقف الرباط عكس اتجاهها نحو اختيار شركائها ومن يقدمون لها المساعدة بناء على سيادتها ورغبتها وارتباطاتها الخارجية.
في الاتجاه ذاته، رأت صحيفة "إيومانيتي" أن "خيار الرباط في التعاطي مع المساعدات كان واضحاً، وعكس بشكل جلي "تفضيل السياسة على المساعدات الإنسانية التي تأتي في المرتبة الثانية"، معتبرة أنه "بالنسبة إلى المملكة جاءت المساعدة الإنسانية بعد السياسية".
الانقسام في ليبيا يصبغ الإعصار
بخلاف الحالة المغربية، بدت الصبغة السياسية وحالة الانقسام التي تعانيها البلاد هي السمة الأبرز في التعاطي مع كارثة الإعصار "دانيال"، وذلك في وقت اعتبر فيه رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بيتيري تالاس، الخميس الماضي، أنه كان "من الممكن تفادي سقوط معظم القتلى إلا أن سنوات النزاع في ليبيا "دمرت إلى حد كبير شبكة الأرصاد الجوية، وكذلك أنظمة الكمبيوتر".
وبحسب رؤية صحيفة "الغارديان" في 14 سبتمبر (أيلول)، كتبت تقول إن "كارثة فيضانات ليبيا لم تتسبب فيها الطبيعة فقط بل أسهم فيها البشر"، مشيرة إلى أن الفيضانات في شرق ليبيا أحدثت دماراً مروعاً، وفي درنة، حيث انهار سدان بعد هطول أمطار غزيرة وصلت إلى حد الإعصار، وقد تسبب إعصار دانيال في غرق أحياء بسكانها. وابتلع البحر أحياء وهو الآن يلقي بالجثث على طول الشاطئ.
ووفق الصحيفة فإن "الرعب واليأس الذي يشعر به الليبيون يقابله غضب من الحكومات المتنافسة التي قسمت البلاد وسعت إلى السلطة والربح بينما تتجاهل حاجات الشعب"، معتبرة أن "الكارثة التي تشهدها ليبيا تفضح إخفاق الحكومات في حماية مواطنيها، بل وتعريضهم لخطر أكبر". وتابعت قائلة إن "نظام القذافي أعقبه أكثر من عقد من الثورة والحرب الأهلية والجمود السياسي، وخلاله لم يتم إهمال البنية التحتية الأساسية فحسب بل تم نهبها أيضاً، مشيرة إلى تقارير أفادت أن أحد سدي درنة (المنهارين) لم تتم صيانته منذ عام 2002"، مشيرة إلى أن المسؤولين في ليبيا "شهدوا تأثير العاصفة دانيال في اليونان وكان أمامهم أيام للتخطيط لعملية الإخلاء".
وبعد فتح تحقيق في ظروف الكارثة، أكد النائب العام الليبي الصديق الصور أن السدين اللذين انهارا كانا يظهران تشققات منذ 1998. غير أن الأشغال التي باشرتها شركة تركية في 2010 بعد سنوات من التأخير علقت بعد بضعة أشهر إثر ثورة 2011 ولم تستأنف منذ ذلك الحين. وتعهد النائب العام التعامل بشدة مع المسؤولين عن الكارثة.
ووفق "الغارديان" فإنه "حتى بعد أن ضربت الكارثة البلاد، لا تزال جهود الإنقاذ والإغاثة تتعرض للعرقلة بسبب السياسة، فضلاً عن تدمير البنية التحتية الأساسية".
في الاتجاه ذاته، قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن "كارثة ليبيا خطأ الجميع"، ملقية في تحليل لها بلائمة الكارثة التي حلت بشرق ليبيا على الجميع. وذكرت الصحيفة في التحليل الذي كتبه، إيشان ثارور، أن الكارثة تفاقمت بسبب عدم الاستقرار السياسي في ليبيا وإهمال البنية التحتية، ملقياً باللوم أيضاً على القوى الأجنبية التي لعبت دوراً في عدم استقرار الأوضاع فيها، حيث يسعى كل بلد لتحقيق مصالحه الخاصة على حساب الشعب الليبي.
واعتبر التحليل، أن الفصائل المتناحرة ونظام الحكم المنقسم في ليبيا، هما من قادا البلد إلى الوضع الراهن إذ مهدا الأساس للدمار الذي أعقب ذلك، مشيراً إلى أن الليبيين عانوا خلال سنوات القتال المتقطع والهدنات غير المستقرة والسنوات التي أعقبت سقوط نظام الرئيس معمر القذافي، وكل هذا جعل المدن الليبية تدين بالولاء لخليط من الميليشيات والقبائل المتناحرة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "كارثة الإعصار" توفر الآن فرصة لإعادة ضبط الأمور في البلاد كما ذكر إيثان كورين الدبلوماسي الأميركي السابق في ليبيا "بعد سنوات من التعامل مع ليبيا كمشكلة يجب احتواؤها، لدى الولايات المتحدة فرصة الآن من خلال هذه الكارثة لإعادة التعامل مباشرة مع الشعب الليبي".
زاوية أخرى، طرحتها صحيفة "فرانكفورته ألغماينه" الألمانية، قائلة إن "الكوارث الطبيعية في ليبيا والمغرب تذكر الأوروبيين مرة أخرى بمدى هشاشة الوضع في جوارهم المباشر. وليس من الممكن حتى الآن التنبؤ بالاتجاه الذي ستأخذه الأحداث في كلا البلدين". معتبرة وفق ما نقلته إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، أنه إذا كان المغرب يبدو مستقراً رغم الجدل الذي واكب الساعات الأولى للزلزال وموافقة الرباط على مساعدات أربع دول فقط من أصل 60، فإن الوضع في ليبيا يبدو بشكل مختلف، ففي أفضل الأحوال وبحسب "فرانكفورته ألغماينه"، فيمكن "للمساعدات الدولية أن تفتح قنوات جديدة للحوار في ليبيا وتحريك ديناميكية من شأنها كسر الجمود في شرق البلاد، الذي تهيمن عليه الميليشيات. وفي السيناريو الأسوأ، وربما الأكثر ترجيحاً، فإن هذا المأزق سيؤدي إلى عدم حصول الناس على أي مساعدات طارئة تقريباً، مما يؤدي إلى إغراقهم بشكل أعمق في البؤس"، معتبرة أنه "لم يتضح بعد الحجم الكامل لخسائر الفيضانات في ليبيا"، على حد وصفها.
وتشهد ليبيا التي تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، إذ تحكم البلاد منذ أكثر من سنة حكومتان متنافستان: واحدة في الغرب برئاسة عبدالحميد الدبيبة معترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في الشرق يرأسها أسامة حماد بتكليف من البرلمان ودعم من قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
وتمركزت ميليشيات في عدد من المدن الليبية، بعضها من التيار الإسلامي كما في درنة مع "أنصار الشريعة" ثم عناصر تنظيم "داعش" الذين طردتهم عام 2018 قوات المشير خليفة حفتر.