ملخص
الخرطوم تتعرض لقتال هو الأعنف منذ بدء الحرب من كل الجبهات وبمختلف الأسلحة
تبادل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، أمس الأحد، الاتهامات بحرق مؤسسات وهيئات حكومية وسط العاصمة الخرطوم، بينما تواصلت الاشتباكات بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبدالله في بيان إن قوات "الدعم السريع"، "تتمادى في التدمير والتخريب الممنهج للمنشآت والبنية التحتية الحيوية".
وذكر أن قوات "الدعم السريع" قامت بـ"إحراق مقر شركة النيل الكبرى للبترول وبرج وزارة العدل وبرج الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس"، وسط الخرطوم.
وأردف أن هذه القوات "نهبت وأحرقت برج بنك الساحل والصحراء" في بالخرطوم.
من جانبها، قالت قوات "الدعم السريع" في بيان على منصة "إكس" إن طيران الجيش "واصل عمليات القصف المتعمد للبنى التحتية والمناطق الحيوية في الخرطوم بغرض تدميرها.
وأفادت بأن "عمليات القصف المتعمد بالخرطوم، شملت مباني وزارة العدل وديوان الضرائب وبرج الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وبرج شركة النيل للبترول".
تصاعد ألسنة اللهب
وهاجمت قوات "الدعم السريع" لليوم الثاني على التوالي مقر القيادة العامة للجيش السوداني في وسط الخرطوم، إذ تصاعدت ألسنة اللهب من أبراج عدة في قلب العاصمة، وفق ما أفاد شهود وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال سكان "تدور اشتباكات حول مقر قيادة الجيش السوداني تستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة".
وكان سكان في العاصمة أفادوا السبت باستئناف المعارك في محيط مقر القيادة العامة بعد هدوء لأسبوعين، وأدت هذه الاشتباكات إلى اشتعال النيران في مبانٍ بوسط الخرطوم.
وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تحققت الوكالة من صحتها، ألسنة اللهب تلتهم مباني شهيرة أبرزها البرج الذي يضم مقر ومكاتب شركة النيل، أكبر شركات النفط في البلاد.
ويعد المبنى ذو الواجهات الزجاجية والتصميم الهرمي من أبرز معالم العاصمة، وأظهرت المقاطع احتراقه بشكل شبه كامل، إذ غطى اللون الأسود طبقاته مع تواصل تصاعد الدخان منه.
وغطى الدخان الأسود الكثيف سماء العاصمة السودانية، وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل، تهشم نوافذ مبانٍ عدة في وسط الخرطوم واختراق الرصاص لجدرانها.
ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 أبريل (نيسان) الماضي، قتل نحو 7500 شخص ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور إلى دول الجوار، خصوصاً مصر وتشاد.
وفر نحو 2.8 مليون شخص من الخرطوم التي تشهد قصفاً جوياً وبالمدفعية الثقيلة، وحرب شوارع في مناطق سكنية.
وقال شهود في حي مايو جنوب الخرطوم إنهم "سمعوا دوي قصف مدفعي كثيف على مواقع قوات (الدعم السريع) في منطقة المدينة الرياضية" المجاورة.
وسقط 51 قتيلاً في الأقل الأسبوع الماضي في قصف استهدف سوقاً في حي مايو، وفق الأمم المتحدة.
وفي ولاية ولاية كردفان (350 كيلومتراً غرب العاصمة)، تبادل الجيش وقوات "الدعم السريع" القصف المدفعي الأحد، بحسب ما أفاد سكان.
ومنذ اندلاع الحرب، وقعت أشد المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور بغرب السودان، حيث شنت قوات "الدعم السريع" والميليشيات المتحالفة معها هجمات على أساس عرقي، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق جديد في جرائم حرب محتملة.
وكان إقليم دارفور مطلع القرن الحالي مسرحاً لنزاع دام أوقع 300 ألف قتيل، وأدى إلى نزوح أكثر من 2.5 مليون سوداني، بحسب الأمم المتحدة.
هجوم متعدد
واجتاحت العاصمة السودانية معارك ضارية، طوال يوم السبت، وصفت بأنها الأعنف منذ اندلاع الحرب، مسجلة اشتباكات عنيفة بين الجيش وميليشيات الدعم السريع على نطاق جغرافي واسع بمدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، أم درمان والخرطوم بحري) استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة أرضاً وجواً.
وشنت قوات "الدعم السريع" هجمات متزامنة من ثلاثة محاور على كل من القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم وسلاح المدرعات جنوب الخرطوم، وسلاح المهندسين بأم درمان مع قصف عشوائي على محيط وداخل مستشفى السلاح الطبي.
وغطت أعمدة الدخان الداكنة السواد سماء وسط الخرطوم جراء الاشتباكات التي استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة وتبادل القصف المدفعي العنيف الذي تسبب في مزيد من الدمار للبنى التحتية والمباني.
وقالت مصادر عسكرية إن الجيش السوداني رد على تلك الهجمات بقصف مدفعي وجوي كثيف بالطيران والمسيرات على مواقع تجمعات وتمركزات الميليشيات شرق القيادة وعلى محيطها، ومحيط المدينة الرياضية جنوب الخرطوم، ومحيط كوبري المنشية، وأحياء الدناقلة وحلة حمد وكافوري ببحري وأحياء أم درمان القديمة، تم خلالها تدمير أهداف لقوات الدعم السريع بمحيط أرض المعسكرات، وفي شارع الستين والرياض وشرق النيل.
وأشارت المصادر إلى دخول سلاح المدفعية بقاعدة حطاب العسكرية بشمال بحري ذراعاً جديدة على خط العمليات، وباشرت بالفعل قصفها الموجه على أهداف للميليشيات بكل من بحري وشرق النيل، تزامناً مع تكثيف الجيش عملياته النوعية بواسطة قوات العمل الخاص المشتركة بينه وبين هيئة العمليات بجهاز الأمن والاستخبارات.
معارك واسعة
بحسب شهود عيان، دارت معارك عدة في نواحي حي كافوري بالخرطوم بحري، وتجددت الاشتباكات والمعارك الضارية والقصف المدفعي العنيف في محيط سلاح المهندسين جنوب أم درمان والمناطق المتاخمة له بأحياء الفتيحاب وأبوسعد المربعات.
وطالب جنود من الجيش المواطنين بالتزام منازلهم، كما سمعت في مناطق الريف الجنوبي بأم درمان أصوات دوي الأسلحة وإطلاق نار كثيف باتجاه منطقة الشجرة العسكرية، حيث سلاحا المدرعات والذخيرة.
ونبه شهود عيان إلى تجدد الاشتباكات العنيفة في الخرطوم بحري حول سلاح الإشارة، وأحياء الدناقلة، وحلة حمد والأملاك، واهتزت مناطق عدة بأم درمان القديمة بالقصف المدفعي المتبادل في اشتباكات شرسة جرت بالمنطقة.
في الوقت الذي بثت فيه قوات "الدعم السريع" مقاطع فيديو زعمت فيها دخولها إلى مقر القيادة العامة للجيش، ودكت مباني وأبراجاً داخلها، يقول الجيش إن القوات المتمردة حاولت الهجوم على بعض المواقع المتقدمة بمحيط القيادة العامة للجيش، لكن تم التصدي لها ودحرها.
وذكر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية العميد نبيل عبدالله، في موجز موقف العمليات مساء السبت، أن الميليشيات المتمردة حاولت الهجوم على بعض المواقع المتقدمة بمحيط القيادة العامة، التي تمكنت من دحرها وكبدتها خسائر فادحة بلغت عشرات القتلى والجرحى وتدمير 11 عربة مقاتلة ومدرعتين وأجبرت فلول الميليشيات على الفرار في وقت وجيز، واصفاً ما بثته "الدعم السريع" في شأن احتلالها بعض المواقع بأنه تضليل وكذب صريح.
أضاف عبدالله أن الميليشيات المتمردة ما زالت تواصل استهداف الأحياء السكنية بالقصف العشوائي، إذ قصفت أحياء بانت والعباسية والموردة وما حولها بمدينة أم درمان مما أدى إلى جرح 40 من المدنيين.
الجيش يتصدى
الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية أشار إلى استمرار الجيش في الرصد الدقيق لنيات وتحركات العدو وجاهزية قواته بكامل جاهزيتها في كل المواقع، واستعدادها لدحر الميليشيات حتى إذا حاولت الهجوم مرة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق مصادر أمنية بدأ ظهور طائرة مسيرة (انتحارية) صغيرة الحجم يتم تجميع أجزاء منها داخلياً بهيئة التصنيع الحربي، ويستخدمها الجيش السوداني على جبهة العمليات الميدانية، ويطلق عليها محلياً اسم (الصبرة)، إذ أنجزت مهام ناجحة في اصطياد متحركات "الدعم السريع" بمواقع مختلفة، من بينها كوبري شمبات، وجرى تداول مقاطع فيديو بشكل واسع لبعض مهامها على جسر شمبات الرابط بين أم درمان والخرطوم بحري. و(الصبرة) حيوان صغير سريع ومراوغ.
في جنوب دارفور، حيث ما زالت الاشتباكات تتجدد بين الجيش و"الدعم السريع" بوتيرة متقطعة داخل عاصمتها مدينة نيالا، طالبت هيئة شورى قبائل الزغاوة بالولاية، قيادة "الدعم السريع" برد شاف حيال الاغتيالات المؤسفة التي طاولت عدداً من رموزها، وتوضيح الأسباب التي دعت قواتها إلى ارتكاب هذا الجرم الشنيع في حق القبيلة.
وقالت القبيلة إنها ليست طرفاً في هذه الحرب اللعينة، معتبرة أن المنتصر فيها مهزوم. وحذرت من أنها لا تزال تلتزم الحكمة وضبط النفس، مدينة بشدة ما أصابها وما أصاب كل المواطنين الأبرياء من جرائم ضدهم في الأنفس والممتلكات.
وطالبت كل الجهات المسؤولة بحماية المدنيين، مناشدة كل الكيانات المحبة للسلام محاربة كل الظواهر الداعية إلى الفرقة والتعصب القبلي.
موسفيني يطلع
في إطار جولته الخارجية المستمرة أنهى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان السبت زيارة خاطفة إلى أوغندا استغرقت ساعات عدة، عقد خلالها محادثات ثنائية مع الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، حول العلاقات الثنائية ودفع آفاق التعاون المشترك بين البلدين بحكم العلاقات المتميزة والمصالح المشتركة التي تربطهما.
وقال وزير الخارجية السوداني المكلف السفير علي الصادق إن المحادثات تركزت على الأوضاع التي خلفتها الحرب في كل من الخرطوم ودارفور، وما تتعرض له البلاد من عمليات تخريب واسعة جراء الحرب، لافتاً إلى أن البرهان أطلع موسفيني على الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات المتمردة في حق الشعب السوداني والتخريب المتعمد للمرافق العامة.
حول مغزى ترتيب جولات البرهان الخارجية الذي أنهى زيارة قصيرة إلى أوغندا، أوضح مندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة سابقاً، السفير عبدالمحمود عبدالحليم، أنها لا تخلو من رسائل للدول التي تمت زيارتها فحواها أن الحكومة لا تزال تمسك بزمام المبادرة، وتمثل أيضاً رسائل في بريد الدول الأخرى.
ويرى عبدالحليم أن ابتداء البرهان جولته بزيارة مصر عائد إلى ارتباطها المعلوم بأوضاع السودان، وهي أيضاً زعيمة لمبادرة دول الجوار التي رحبت بها الخرطوم، وكان أهم عناصرها دعم مؤسسات الدولة السودانية، كما أن دولة جنوب السودان مهمة باعتبار البلدين كانا قطراً واحداً، فضلاً عن عضوية جوبا في لجنة "الإيغاد" التي ترأسها كينيا حالياً، وكذلك استضافتها وضمانها اتفاق جوبا لسلام السودان ولعلاقتها بعبدالعزيز الحلو، رئيس الحركة الشعبية شمال بجنوب كردفان.
واعتبر أن زيارة الدوحة تجيء لأهميتها الخليجية وكسب موقفها الذي ظل لغزاً للأنظمة السودانية، بينما تعتبر إريتريا مهمة في رحلة البحث عن حلفاء وتثميناً لدورها المؤيد للمؤسسات الوطنية الذي تحل بموجبه في موقع إثيوبيا، وكذلك لمواقف الرئيس أسياسي أفورقي المناهضة للتدخلات الأجنبية، أما زيارة تركيا فلكونها تعد خياراً استراتيجياً مهماً بالنسبة إلى السودان.
وتوقع المندوب الدائم السابق أن تكون هناك خطوات عملية خلال الفترة المقبلة لاستعادة العلاقات مع إيران، علاوة على الاعتماد على السعودية إلى جانب أهمية منبر الأمم المتحدة بنيويورك، ولم يستبعد أن تشمل زيارات البرهان القادمة الإمارات أو أن تكون هناك زيارة لمسؤول إماراتي كبير إلى السودان، وهناك أطراف مهمة أخرى يمكن أن يشملها الحراك الحالي هي سلطنة عمان والكويت.
ترويج واستنفار
ضمن طواف إقليمي لدول الجوار للتعريف بـ"إعلان أسمرة"، وتعزيز جهود إنهاء الحرب، التقى وفد من القوى السياسية والمدنية والمجتمعية والمهنية العائد من إريتريا في جوبا عاصمة جنوب السودان، الرئيس سلفا كير ميارديت، وبحث معه رؤية الحل الوطني الشامل للأزمة السودانية عبر حوار (سوداني - سوداني) بتيسير وتسهيل من دول الجوار.
وقال الأمين السياسي للكتلة الديمقراطية مني أركو مناوي إن الوفد بحث مع ميارديت الأوضاع المأسوية التي تعيشها البلاد، وعرض مخرجات إعلان أسمرة لإنهاء الحرب وإدارة
الفترة الانتقالية والرؤية المستقبلية كقوى سياسية للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.
ولفت مناوي إلى أن الشعب السوداني يحتاج إلى إيجاد حل ودي سلمي يقود البلاد إلى بر الأمان من خلال حوار سوداني ومصالحة وطنية بدعم من القوى السياسية بالبلاد.
في سياق التعبئة والاستنفار بالولايات، بدأت مساء السبت أعمال مؤتمر الإدارة الأهلية بالسودان، بمبادرة من نظارة عموم الجعليين بالبلاد، لدعم ومناصرة ومؤازرة القوات المسلحة.
وثمن والي نهر النيل المكلف محمد البدوي أبوقرون الأدوار التاريخية الكبيرة للإدارة الأهلية بالسودان، وتجربتها في إدارة الحكم والحفاظ على وحدة البلاد والتماسك الاجتماعي وإصلاح ذات البين ومعالجة المشكلات بصورة ودية عبر الأعراف في المحاكم الشعبية والأهلية.
تحرك دول الجوار
في إطار تحريك مخرجات قمة قادة دول جوار السودان تعتزم مصر الدعوة إلى اجتماع وزراء خارجية دول الجوار، على هامش اجتماعات الدورة (78) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك نهاية هذا الأسبوع.
وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبوزيد قد أعلن أن وزير الخارجية سامح شكري بحث في محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن جهود القاهرة في التعامل مع الأزمة السودانية بشقيها السياسي والإنساني، وجهود دول جوار السودان من خلال خطة العمل التي تم طرحها على قادة تلك الدول، ووضع الآليات التنفيذية لها.