ملخص
بعد 7 عقود على دعمهما الأطراف المتحاربة في شبه الجزيرة الكورية. تلجأ روسيا والولايات المتحدة إلى كوريا الشمالية والجنوبية للحصول على الذخائر المطلوبة لحرب أوكرانيا
في مفارقة تاريخية معبرة، وبعد مرور سبعة عقود على اعتماد الأطراف المتحاربة في شبه الجزيرة الكورية على الغرب والشرق من أجل الدعم العسكري. تلجأ روسيا والولايات المتحدة إلى كوريا الشمالية والجنوبية على التوالي من أجل الحصول على الذخائر المطلوبة بشدة في الحرب الجارية في أوكرانيا.
وأشار تقرير نشر في "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون توصلا إلى ما سمته كوريا الشمالية "اتفاقاً مرضياً" في شأن "مسائل التعاون الفوري" بين الدولتين، لكن من غير المتوقع أن تعلن موسكو أو بيونغ يانغ إذا كان الموضوع متعلقاً بالسلاح، لأن ذلك سيعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي صوتت روسيا نفسها لصالحها.
لكن الأمر لا يقتصر على روسيا، فبموجب اتفاقات جرى التوصل إليها بهدوء مع واشنطن، كانت كوريا الجنوبية تشحن كميات كبيرة من قذائف المدفعية إلى الولايات المتحدة منذ أشهر. وعلى رغم إصرارها على أنها لا تزود أوكرانيا بأي أسلحة فتاكة مباشرة فإن شحناتها إلى الجيش الأميركي تساعد في تحرير مخزوناته لأوكرانيا لاستخدامها في قتال روسيا.
ويعود امتلاك الكوريتين مخزونات كبيرة من الأسلحة إلى حقيقة أن الحرب الكورية لم تنته رسمياً أبداً بعد إعلان وقف إطلاق النار عام 1953، مما استدعى انخراطهما في سباق تسلح.
وقال الخبير العسكري في معهد أسان لدراسات السياسة يانغ أوك "في حقبة ما بعد الحرب الباردة، كانت كوريا الجنوبية والشمالية الدولتين الوحيدتين تقريباً اللتين ظلتا في حالة حرب مستمرة، مع مخزون كبير من المدفعية وغيرها من الأسلحة الجاهزة للاستخدام. إن حقيقة بقاء كوريا الجنوبية والشمالية عالقتان في مواجهة مسلحة خلال الحرب الباردة تفسر سبب لجوء واشنطن وموسكو إليهما سعياً إلى الحصول على أسلحة".
وارتفع الطلب على ذخيرة المدفعية بشكل خاص مع قيام طرفي الصراع في أوكرانيا باستنفاد مخازنهما بشكل أسرع من قدرة الإنتاج على اللحاق بها. والتزم المسؤولون الكوريون الجنوبيون والأميركيون الصمت في شأن عدد القذائف التي قدمتها كوريا الجنوبية للولايات المتحدة، وتتعامل سيول مع المعلومات المتعلقة بمخزونها من الأسلحة على أنها سرية للغاية، لكن التقارير الإخبارية الأخيرة أشارت إلى أن كوريا الجنوبية باعت أو أعارت ما لا يقل عن مئات الآلاف من قذائف المدفعية للجيش الأميركي.
وحتى الآن، لم يظهر أي دليل على أن القذائف المصنوعة في كوريا الجنوبية قد استخدمت في أوكرانيا. ولم يكن هناك أي دليل علني على أن روسيا استخدمت أسلحة وذخائر كورية شمالية في ساحة المعركة في أوكرانيا - وهو دليل ستكون واشنطن حريصة على نشره، لكن المسؤولين الأميركيين حذروا مراراً وتكراراً من أن كوريا الشمالية تشحن قذائف مدفعية وصواريخ إلى روسيا.
يمكن لصفقات الأسلحة بين السيد كيم وبوتين أن تدفع الصقور في كوريا الجنوبية إلى الدعوة إلى إرسال أسلحة مباشرة إلى أوكرانيا - وهو سبب آخر من المرجح أن تمتنع موسكو وبيونغ يانغ عن الإعلان عن مثل هذه الصفقات، لكن كوريا الشمالية لديها بالفعل ما يسعى إليه السيد بوتين، إذ تمتلك كوريا الشمالية عشرات الملايين من قذائف المدفعية في مخزونها، وتعتمد على تصميمات سوفياتية، وقذائفها المدفعية من العيار الذي تستخدمه روسيا.
وقال محللون إن كوريا الشمالية تأمل في مقابل أسلحتها الحصول على الغذاء والطاقة وقطع الغيار الروسية لأسطولها القديم من الطائرات الحربية والدبابات ومدافع الهاوتزر والغواصات التي تعود إلى الحقبة السوفياتية. وأضافوا أنها تتطلع أيضاً إلى الإصدارات الحديثة من طائرات سوخوي المقاتلة الروسية وأنظمة الدفاع الجوي "أس-300" و"أس-400".
ويحذر المحللون من أن دبلوماسية كيم مع بوتين تنطوي على أكثر من مجرد تجارة الأسلحة، مما يشير إلى تحول أوسع في سياسته - من السعي إلى إجراء مفاوضات مع واشنطن إلى التحالف بشكل أكثر تحديداً مع روسيا والصين ضد الولايات المتحدة.