ملخص
مسيرات تابعة للجيش استهدفت مواقع تتمركز فيها قوات "الدعم السريع" جنوب الخرطوم
لم يمنع هطول الأمطار بغزارة في مدن العاصمة السودانية الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان تواصل المعارك بشراسة، لليوم السادس على التوالي، بين الجيش وقوات "الدعم السريع" حول محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، وجبهات قتالية عدة بمدينتي أم درمان وبحري.
وقالت مصادر عسكرية إن وسط العاصمة شهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين باستخدام شتى أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وسمع دوي انفجارات قوية ومتتابعة في عدد من المواقع المحيطة بالقيادة، ما أدى إلى تصاعد ألسنة الدخان بكثافة في سماء المنطقة، مشيرة إلى أن دفاعات الجيش تمكنت من صدّ هجمات قوات "الدعم السريع" وكبدتها خسائر في الأرواح والممتلكات.
وبينت المصادر أن مسيرات تابعة للجيش استهدفت عدداً من المواقع التي تتمركز فيها قوات "الدعم السريع" بمناطق أبو آدم والصحافة وجبرة والمجاهدين جنوب الخرطوم، وكذلك في حلة كوكو بمنطقة شرق النيل.
وبحسب مواطنين، فإنهم سمعوا دوي قصف مدفعي عنيف نفذته قوات الجيش المتمركزة شمال مدينة أم درمان باتجاه العديد من مواقع انتشار وتحركات "الدعم السريع" في بحري، لافتين إلى أن سلاح المهندسين بأم درمان التابع للجيش شهد اشتباكات متقطعة بين الطرفين لم تستمر طويلاً.
وفي كردفان، تعرضت مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان لحصار من قبل قوات الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو وقوات "الدعم السريع" ما تسبب بتوقف إمدادات الغذاء والدواء من الخرطوم.
وفي دارفور، لقى اثنان من المسلحين، يشتبه بانتمائهم لقوات "الدعم السريع"، مصرعهما في سوق مدينة أم كدادة بولاية شمال دارفور على إثر اشتباك مع قوة من الجيش اعترضت بيع المسلحين أسلحة في سوق المدينة، كما تسببت الاشتباكات، بحسب مصادر عسكرية، في حرق عدد من المركبات التابعة للمسلحين فضلاً عن فرار مدنيين من منازلهم.
تباين المواقف
سياسياً، تباينت ردود أفعال السودانيين تجاه خطابي قائدي الجيش و"الدعم السريع" أمام الأمم المتحدة بخصوص رؤيتهما لحل أزمة بلادهم، وكان هناك شبه إجماع على أن مضمون الخطابين أكدا اتساع الفجوة والخلافات بين القائدين ما يجعل من الصعوبة بمكان التوصل إلى حل سياسي قريب ينهي الحرب التي دخلت شهرها السادس.
وكان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان تعهد بتسليم الجيش الحكم إلى حكومة مدنية قائلاً "ما زلنا عند تعهداتنا السابقة بنقل السلطة إلى الشعب السوداني بتوافق عريض وتراض وطني تخرج بموجبه القوات المسلحة نهائياً من العمل السياسي، ويكون تداول السلطة بالطرق الشرعية والسلمية المتمثلة في الانتخابات"، ونوه البرهان في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى "مرحلة انتقالية قصيرة تدار فيها الدولة بحكومة مدنية من المستقلين تتم خلالها معالجة الأوضاع الراهنة، الأمنية والإنسانية والاقتصادية وإعادة الإعمار، تعقبها انتخابات عامة يختار من خلالها السودانيون من يحكمهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحث المجتمع الدولي على تصنيف قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية منظمة إرهابية ومواجهة "رعاة" "الدعم السريع" خارج حدود السودان، محذراً من تمدّد نطاق الحرب إلى خارج حدود بلاده حاضاً المجتمع الدولي على الضغط على خصومه. وشدد قائد الجيش على أن خطر الحرب "أصبح يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي". واتهم البرهان قوات "الدعم السريع" بالسعي لتلقي دعم "مجموعات إرهابية"، وبيّن أن "هذه المجموعات المتمردة مارست جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في معظم بقاع السودان، فمارست التطهير العرقي وتهجير السكان من مناطقهم"، وأكد قائد الجيش أن "القتل والحرق والاغتصاب والتهجير القسري والنهب والسرقة والتعذيب ونقل الأسلحة والمخدرات واستجلاب المرتزقة وتجنيد الأطفال، جرائم تستوجب المحاسبة والعقاب".
الحرب الدائرة
وقال قائد قوات "الدعم السريع" في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في كلمة مسجلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الحرب الدائرة في السودان أشعلها أنصار النظام السابق الذي انتفض ضده الشعب، وهي أكبر حرب في تاريخ البلاد، مشيراً إلى أنهم يعملون على استعادة المسار الديمقراطي، لكن قيادة القوات المسلحة تعادي التحول المدني، وذكر دقلو أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان يتحدث زوراً باسم السودان، وأنه فاقد للشرعية، منوهاً إلى أنهم انخرطوا بصدق في مفاوضات جدة وقدموا رؤية لإيقاف الحرب. وأكد قائد قوات "الدعم السريع" أن الحرب تسببت بدمار كبير في الخرطوم ودارفور، وأعلن أن قواته على استعداد تام لوقف إطلاق النار والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع مع الجيش.
تعويض العجز
وعلّق المحلل السياسي السوداني الجميل الفاضل على تطورات الوضع العسكري والسياسي بقوله "من المؤكد أن احتلال قوات الدعم السريع مقر القيادة العامة للجيش يمثل هدفاً ذا قيمة معنوية عالية لها، بالتالي، فإن محاولاتها المستمرة بالهجوم على القيادة هدفه تعويض عجزها عن إحكام سيطرتها على مقرات الجيش المهمة الأخرى المتبقية كسلاحي المدرعات بمنطقة الشجرة في الخرطوم والمهندسين في أم درمان، إضافة إلى قاعدة وادي سيدنا الجوية، وليس بعيداً من ذلك بالطبع إعلان قائد الدعم السريع، في آخر تسجيل صوتي له هذا الشهر، عن نيته تشكيل حكومة في الخرطوم موازية لحكومة قائد الجيش المزمع إعلانها في بورتسودان". وتابع الفاضل "بدأ لافتاً في الأمم المتحدة أن الرسائل التي تضمنتها خطابات الدول تدفع باتجاه وقف هذه الحرب العبثية، فضلاً عن استمرار المجتمع الدولي في ممارسة أسلوب الضغط الناعم والخشن باتجاه طرفي النزاع من خلال العقوبات الفردية والجماعية وحصارهما بمواقف رافضة الحسم العسكري، لكن، على رغم ذلك، يبدو أن نهاية الحرب ليست وشيكة في ضوء المؤشرات الميدانية والسياسية".