Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف آلت "غوادر" لباكستان من سلطنة عمان قبل 65 عاما؟

تبلغ قيمة مرفئها اليوم أكثر من 100 مليار دولار وبات أحد أهم موانئ مشروع الممر الاقتصادي الصيني

يعد ميناء غوادر ركيزة مشروع المرر الاقتصادي الصيني - الباكستاني (أ ف ب)

ملخص

وجدت بريطانيا نفسها أمام معضلة صعبة، إذ كانت المسألة بين عضو كومنولث (باكستان) وبين سلطان مسقط الوفي

في 12 أغسطس (آب) عام 1958 تسلم الأرشيف البريطاني رسالة عليها ختم "سرية"، تتعلق بتسليم مدينة غوادر لباكستان. تقول هذه الرسالة السرية إن سلطان عمان وافق على تسليم غوادر لباكستان بعد اللقاءات الأخيرة في لندن، لكنه طلب مهلة قصيرة للإخلاء من المدينة.

وفقاً لمكتب كومونولث (خارجية المملكة المتحدة)، "أرسل رئيس الوزراء الباكستاني وثيقة بيضاء إلى جانب الرسالة السرية. تحوي تاريخ مدينة (غوادر) حتى عام 1947، لكننا لا نتفق مع الموقف المذكور فيها ونخشى أن نشر هذه الوثيقة سيغضب سلطان عمان، لذا نتمنى ألا تنشر إلا بعد تسليم (غوادر) لباكستان".

من الذي أتم صفقة غوادر؟

فيروز خان نون كان رئيس الوزراء السابع لباكستان ويعد شراء مدينة غوادر من سلطان مسقط أحد إنجازاته الخالدة في التاريخ على رغم أنه بقي في منصبه أقل من عام.

يقول نون عن شراء مدينة غوادر في سيرته الذاتية، "لا يكتمل تاريخ حكومتنا إلا بذكر (غوادر) التي تبلغ مساحتها 2400 ميل مربع. امتنعت باكستان بعد الحصول على المدينة عن الاحتفال والتشهير، أنا وعدت بريطانيا والرئيس إسكندر ميرزا أننا لن نقيم احتفالات على المناسبة حتى لا نجرح مشاعر سلطان عمان".

الوثيقة البيضاء عن غوادر التي ذكرها مكتب كومونولث وطلب من باكستان عدم نشرها إلا بعد أن يسلم السلطان المدينة لباكستان كتبها المفوض الباكستاني في لندن أيم إكرام الله. نقل فيروز خان نون الوثيقة نفسها في كتابه. يقول نون، "تقع ميناء (غوادر) قرب الحدود الإيرانية مع بحيرة عرب على بعد 45 ميلاً ناحية الشرق في الساحل الجنوبي لباكستان. في عام 1781، لجأ أحد أمراء مسقط عند حاكم ولاية قلات (الولاية التي كانت تقع فيها مدينة غوادر)، كان ملك قلات حاكماً مستقلاً خصص الدخل السنوي لمدينة غوادر للأمير اللاجئ، وكأنه أعطى هذه المدينة للأمير. لم يتخل هذا الأمير عن غوادر عندما أصبح حاكماً لمسقط بعد ذلك ولم يرجعها لحاكم قلات على رغم أنه لم يعد محتاجاً لدخل المدينة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دخلت بريطانيا ولاية قلات عام 1839 واحتلتها. طلب حاكم قلات عام 1861 إرجاع مدينة غوادر من البريطانيين الذين لعبوا دور الوسيط بين مسقط وقلات، إلا أنهم لم يقروا لأحد حقه على المدينة. بعد استقلال باكستان عام 1947، رفعت قضية إرجاع غوادر وعقدت محادثات بعد عامين من الاستقلال، لكنها لم تسفر عن أية نتيجة.

يقول فيروز خان نون، "تركت المسألة كما هي بعد فشل المحادثات عام 1949، لكني حينما أصبحت وزيراً للخارجية عام 1956 طلبت المستندات المتعلقة بمدينة غوادر وبعد تفحص الأمر بدقة بدأت المحادثات مرة أخرى بوساطة بريطانية. وجدت بريطانيا نفسها أمام معضلة صعبة، إذ كانت المسألة بين عضو كومنولث (باكستان) وبين سلطان مسقط الوفي الذي كانت تربطه ببريطانيا علاقات قوية منذ قرن ونصف، وكانت مصالح الجانبين متضاربة".

ويواصل فيروز خان، "كانت توقعاتي تعلو تارة وتنخفض تارة أخرى. تقلدت منصب رئيس الوزراء عام 1957 وما زالت المحادثات مستمرة، رفعت حينها مسألة قانونية لأول مرة، وهي أن غوادر تعد إقطاعية منحت لشخص واحد وظيفته جمع الضرائب من المدينة ويعتبرها الراتب المصروف له. هذه المنحة لا تعتبر بأي حال من الأحوال انتقالا للسلطة بالكامل، وبما أننا في باكستان فسخنا جميع الإقطاعيات الشخصية التي منحت من قبل البريطانيين مقابل الخدمة لهم أو لأسباب سياسية أخرى، فإن غوادر كونها إقطاعية أيضاً تعد ملكاً للدولة، وكان بإمكاننا الدخول فيها بالقوة".

 

يقول فيروز خان نون، "ذكرت هذه النقطة كدليل قانوني يمكن الاستشهاد به في المحاكم الدولية وليس كتهديد عسكري ضد السلطان، لكن البريطانيين أحسوا أنهم سيواجهون مشكلة أخرى إذا احتلت القوات الباكستانية غوادر، إذ كيف يمكنهم القيام برد عسكري ضد دولة تعد الملكة إلزابيث حاكمة صورية لها كونها أحد أعضاء الكومونولث". وتابع "استفدنا كثيراً في هذه المسألة من عضوية الكومونولث، وأعترف من أعماق قلبي بالموقف العادل الذي أخذه كل من السيد ميكمالين والسيد سيلون لائييد ووزير شؤون الكومونولث حيال هذه القضية، إذ إنهم لم يضغطوا على أي طرف ولذا تمت عملية انتقال غوادر بودية تامة".

يضيف فيروز خان في سيرته، "عندما كانت غوادر في أيدي دولة أجنبية، كنت أشعر أننا نسكن في بيت باحته الخلفية تحت تصرف رجل دخيل، كان بإمكان هذا الرجل الدخيل أن يبيع باحتنا الخلفية لقوة معادية لباكستان تكون مستعدة لإعطاء أموال طائلة مقابل هذه الصفقة".

كم دفعت باكستان مقابل غوادر؟

هناك رسالة أخرى في الأرشيف البريطاني من وزارة الخارجية العمانية بتاريخ 29 أغسطس 1958 تقول إن باكستان أكدت تحويل 2.7 مليون جنيه استرليني في حساب السفارة البريطانية بواشنطن قبل تاريخ الثاني من سبتمبر (أيلول)، وسيبدأ السلطان في عملية تسليم المدينة فور تسلم هذا المبلغ. وتمت عملية التسلم فعلاً في الثامن من سبتمبر، وتم توقيع اتفاق بين الجانبين حول هذا الموضوع في الثامن من ديسمبر (كانون الأول). وتساوي قيمة المبلغ المذكور في الرسالة اليوم 30 مليون جنيه استرليني.

نجح فيروز خان نون بفضل دبلوماسيته الفعالة في ضم غوادر لخريطة باكستان. تبلغ قيمة ميناء غوادر اليوم بعد بنائها أكثر من 100 مليار وتعد أحد أعمدة الاقتصاد الباكستاني. لو أن فيروز خان نون لم ينجح في هذا الأمر لربما كانت قضية غوادر أكبر من قضية كشمير اليوم.

تسمية المطار

مطار غوادر الذي يتم تشييده بمساعدة صينية تبلغ قيمتها 246 مليون دولار في مراحل بنائه الأخيرة. في هذا الصدد، مرر برلمان باكستان مشروع تسمية المطار الدولي الجديد نسبة لفيروز خان نون، لكن الأحزاب القومية البلوشية تخالف هذه الخطوة لأن فيروز خان نون ينتمي لإقليم بنجاب.

وزير وزراء إقليم بلوشستان السابق عبدالمالك بلوش قال في تغريدة على منصة "إكس" إنه "لا يجب تغيير اسم مطار غوادر" في حين قال السيناتور فرحت الله بابر إن "تغيير الاسم خيار البرلمان الإقليمي".

في الجانب الآخر، يريد أهل مدينة غوادر تسمية مطار غوادر نسبة لبطل محلي يسمى "جنيد كلمتي" منع البرتغاليين من احتلال المدينة وأجبرهم على الخروج منها.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير