Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تمهد الطريق لـ"مهنة المتاعب" بمناقشة دور الإعلام

نظمت ملتقى نبه إلى ضرورة تكوين صحافيين يطبقون المعايير الأخلاقية ويواكبون آخر تقنيات الذكاء الاصطناعي

صحافيون في الجزائر يناقشون واقع المهنة في ظل التطورات التكنولوجية (اندبندنت عربية)

ملخص

يبدو الواقع "مؤلماً" بالنسبة إلى من اختاروا الصحافة كمهنة لهم وقرروا أن يمارسوها بشغف.

في السنوات الأخيرة تغيرت نصوص الإعلام في الجزائر على نحو سمح بفتح نقاشات في الحكومة والبرلمان وكليات الإعلام عبر ملتقيات وندوات تنتهي بتوصيات، لكنها تبدو غير كافية بالنسبة إلى مهنيين يمارسون الصحافة في الميدان ويعيشون متاعبها الحقيقة، يأتي في مقدمتها صعوبة النفاذ إلى المعلومة والمصادر.

حضور في المشهد

في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الجاري شهدت الجزائر العاصمة ملتقى للإعلام والتكنولوجيا لمدة ثلاثة أيام تناول فيه المحاضرون من إعلاميين وأكاديميين مواضيع مرتبطة بالتحديات المقبلة للإعلام في ظل الثورة التكنولوجية ودخول الذكاء الاصطناعي كمتغير جديد على قاعات التحرير.

واقترح المتدخلون وجوداً أكبر لوسائل الإعلام على شبكة الإنترنت من خلال منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث ومواقع الأخبار مع إنشاء مضامين ذات جودة تتماشى مع هذه المنصات الرقمية حتى تغطي جمهوراً أوسع. ونبهوا إلى ضرورة تكوين الصحافيين حول البحث عن المعلومة والكتابة والتقيد بالمعايير الأخلاقية ومواكبة آخر التقنيات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.

دور الإعلام الحقيقي

لكن، وفق صحافيين فإن إشكالات الممارسة الإعلامية "أعمق" من المواضيع التي تناقشها الملتقيات، ويطرح كثير من المهنيين تساؤلات عديدة، من بينها، إذا ما زالت الصحافة تؤدي دورها في التوعية وتنوير الرأي العام ونقل الحقيقة والتعليم والتثقيف والإضاءة على مواضيع تهم المجتمع.

ويأتي هذا الطرح في ظل تركيز وسائل الإعلام المرئية والإلكترونية على الكم أكثر من النوع وانغماسها في المعلومات الرسمية والسريعة فقط أو المستقاة من مواقع التواصل الاجتماعي على حساب الصحافة "الرصينة" أو "المتأنية" التي تستند إلى البحث والتدقيق والرصد والتحليل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب مشاركين في الملتقى، يبدو الواقع "مؤلماً" بالنسبة إلى من اختاروا الصحافة كمهنة لهم وقرروا أن يمارسوها بشغف، وبات غياب أقلام صحافية عن قاعات التحرير والمشهد الإعلامي لافتاً بعد أن كان أصحابها يتناولون مواضيع سياسية واجتماعية واقتصادية بقراءات مستفيضة وبرؤية موضوعية عن الوضع القائم.

كما ضاقت فضاءات التجمعات بين الصحافيين في ظل غياب هيكل نقابي في وقت تبدو فيه مهمة الإعلام الجزائري أصعب مع دخول منافسين جدد في ما بات يعرف بظاهرة "المؤثرين" على السوشيال ميديا، الذين يتابعهم الملايين، وباتوا يتحكمون في صناعة وتوجيه الرأي العام.

محددات الممارسة الإعلامية

ويرجع المتخصص في جامعة مستغانم غربي البلاد جمال الدين مسعودي النقاش المفتوح حول الإعلام إلى ما سماه حالة "الفوضى" التي عاشها القطاع منذ عام 2011، أي بعد الانفتاح على المجال السمعي البصري، "حيث برزت قنوات خاصة دون إنذار قانوني، وهو ما دفع بالسلطة آنذاك إلى التعامل معها كرد فعل وليس فعل". ويرى الأكاديمي الجزائري أنه "من الواجب فتح النقاش أولاً مع الصحافيين لتوضيح محددات الممارسة الإعلامية، إذ بات المجال مفتوحاً لأي أحد ووجب وضع تعليمات مهمة لتحديد العنصر البشري في العملية الإعلامية، فالصحافي ليس المؤثر في السوشيال ميديا".

وعي مهني

في المقابل يعتبر مدير نشر الجريدة الإلكترونية "عيون نيوز" محسن صخر أن الملتقيات التي تناقش واقع الإعلام أشبه "بوقع حجر في بركة ماء، حيث يحدث الحجر دوامات دائرية بسيطة وجميلة، لكنها تهدأ وتتلاشى مع مرور الوقت". ويذكر في إفادة لـ"اندبندنت عربية" أن "الموضوعات التي تلامس واقع الإعلام الجزائري مرتبطة أساساً بإشكالية المهنية وشروطها والتمثيلات النقابية الإعلامية في الجزائر ودور سلطات الضبط والرقي بالمحتوى الإعلامي".

إلى ذلك يوضح الصحافي نبيل سليماني أن "الإشكاليات المطروحة في واقع الصحافة أعمق من أن يعالجها ملتقى ليس له قوة اقتراح ولا شيء من هذا القبيل، وإن كانت هذه الملتقيات فرصة لجمع أجيال من الإعلاميين والصحافيين".

وبحسب الصحافي الجزائري فإن "الأمر يحتاج إلى وعي لدى الصحافيين أنفسهم وجميع المهنيين في محيط الصحافة والإعلام في الجزائر، بعيداً من ديماغوجية وأنانية الطرح، ويحتاج أيضاً إلى مرافقة للسلطات في الجزائر وعلى رأسها الرئيس، الذي حث الصحافيين على التكتل في خندق واحد، وهو ما يحتاج إليه الصحافي بالضرورة حالياً".

تشريع جديد

ويدرس صحافيون إمكانية التأسيس لتنظيم نقابي، تزامناً مع إصدار الحكومة الجزائرية لقانون الإعلام الجديد الذي حدد صلاحيات السلطة الوطنية المستقلة لتشمل "ضبط ومراقبة خدمات الاتصال السمعية البصرية عبر الإنترنت"، إضافة إلى ذلك، نص على استحداث سلطة لضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية، ومجلس أعلى لآداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها، يتكون من 12 عضواً، نصفهم يعين من قبل رئيس الجمهورية، والنصف الآخر من طرف الصحافيين والناشرين، ويتكفل بإعداد ميثاق آداب وأخلاقيات للمهنة، ومتابعة التجاوزات. كما يفرض القانون على الهيئات والمؤسسات العمومية "ضمان حق الصحافي الوصول إلى المعلومة"، ويؤسس لحق الصحافيين في الاستفادة من الملكية الأدبية والفنية على أعمالهم". وينص القانون على "تجريم كل شكل من أشكال العنف أو الإهانة في أثناء تأدية الصحافي مهامه"، كذلك يلزم المؤسسات الإعلامية بتطوير "متواصل وتحسين المعارف للصحافيين"، وحالياً تنتظر المؤسسات الإعلامية صدور النصوص التنظيمية التي تفسر قانون الإعلام الجديد وتوضح تدابير تنفيذه.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد عين محمد لعقاب وزيراً للاتصال بعد شهرين من شغور المنصب، منذ إقالة الوزير السابق محمد بوسليماني في مايو (أيار) الماضي.

"دزاير ميديا سيتي"

وبدأت الجزائر أولى خطوات تجسيد مشروع مدينة الإعلام التي ستحمل تسمية "دزاير ميديا سيتي" في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، إذ تقول الحكومة إن مشروع مدينة الإعلام، يهدف إلى ترقية القطاع السمعي البصري في الجزائر، من خلال إنجاز منشأة شاملة ومتكاملة تضم أهم الفاعلين والأنشطة الإعلامية، المتمثلة تحديداً في استوديوهات القنوات التلفزية والإذاعية العمومية والخاصة، والنقل الآني الذي يضمن البث عبر أحدث المنصات التكنولوجية مع مركز بيانات كبير يقوم على أساس الذكاء الاصطناعي.

وستستقبل المدينة الإعلامية الجزائرية مقار مؤسسات الإعلام الوطنية، وهي التلفزيون الجزائري والإذاعة الوطنية ومؤسسة البث الإذاعي والتلفزي والمؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار ووكالة الأنباء الجزائرية وقناة الجزائر الدولية.

وقد حددت آجال إنجاز المشروع بـ27 شهراً وستتربع على مساحة 74 هكتاراً، وتضم إلى جانب مقار المؤسسات الإعلامية واستديوهات للتصوير ومنطقة للبحث والتعليم وقرية للفنانين ومنشآت أخرى، كما جاء في الشروحات المقدمة حول المشروع.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات