أثار الإخلال بشروط ومعايير اختيار أعضاء مجلس السيادة السوداني من قبل قوى الحرية والتغيير، عقب الإعلان عن أسماء المرشحين الخمسة للمجلس، حالة من الغضب والخلافات داخل مكونات الحرية والتغيير وخارجها، ما جعلها تتراجع عن ترشيحاتها والتوصل إلى توافق جديد بشأن الأعضاء الخمسة بعد اجتماعات متواصلة.
فيما تجددت الأزمة بين المجلس العسكري الانتقالي والقوى المعارضة بسبب اعتراض المجلس على مرشح "قوى إعلان الحرية والتغيير"، عبد القادر محمد أحمد، لرئاسة القضاء، والذي اعتبرته نقابات تجمع المهنيين السودانيين انتكاسة خطيرة لخيار الثورة.
وضمت قائمة المرشحين لمجلس السيادة، بعد إبعاد المرشح السابق طه عثمان كونه عضواً في تجمع المهنيين السودانيين وممثله في لجنة التفاوض، كلاً من عائشة موسى عن كتلة مبادرة التجمع الوطني، ومحمد الفكي سليمان عن التجمع الاتحادي، وصديق تاور عن كتلة الإجماع الوطني، وحسن شيخ إدريس عن كتلة نداء السودان، ومحمد الحسن التعايشي عن تجمع المهنيين السودانيين.
في المقابل، توصل المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاق باختيار رجاء عيسى عبد المسيح، لتكون العضو الحادي عشر في المجلس السيادي.
خلص هذا التوافق خلال اجتماع مطول للمجلس الرئاسي لقوى الحرية والتغيير، تمكن فيه من حسم مرشحيه للمجلس السيادي بعد نقاشات مستفيضة بين المكونات المختلفة لقوى الحرية والتغيير، في الوقت الذي تجمع عدد من الشباب خارج قاعة الاجتماعات في دار حزب الأمة القومي حاملين لافتات تدعو إلى الابتعاد عن المحاصصة الحزبية.
مخالفة للقرارات
ويأتي تراجع قوى الحرية والتغيير عن قرارها عقب إصدار عدد من النقابات والتجمعات المهنية بيانات تؤكد اعتراضها على بعض المرشحين في مجلس السيادة.
وأفادت شبكة الصحافيين السودانيين في بيان لها بأن ترشيح طه عثمان عن تجمع المهنيين لمنصب في المجلس السيادي "أمر يخالف قرارات تجمع المهنيين السودانيين"، لافتة إلى أن قرارات التجمع تقضي بعدم المشاركة في المجلس السيادي ومجلس الوزراء.
في حين أوردت نقابة أطباء السودان الشرعية ما يلي "لقد تعاهدنا بأن لا نشارك في هياكل السلطة الانتقالية على مستوى مجلس السيادة ومجلس الوزراء، لكن ما حدث من تقديم عضو من تجمع المهنيين لعضوية المجلس السيادي هو تجاوز لهذا التعهّد".
وفي ظل هذه الاعتراضات والاحتجاجات تقدم المحامي طه عثمان مرشح قوى الحرية والتغيير إلى عضوية المجلس السيادي باعتذار عن قبول الترشيح تفادياً لحدوث أزمة قد تعصف بالمشهد السياسي.
انتكاسة وتراجع
وفي ما يتعلق بمسألة رفض تعيين مرشح قوى الحرية والتغيير، لمنصب رئيس القضاء، رأت نقابات تجمع المهنيين السودانيين في اعتراض المجلس العسكري الانتقالي على مرشح "قوى إعلان الحرية والتغيير"، عبد القادر محمد أحمد، لرئاسة القضاء بأنه انتكاسة وتراجع عن أهداف وخيارات الثورة الشعبية وتحقيق شعاراتها.
ووفقاً لبيانين منفصلين صدر أحدهما عن تجمع القضاة السابقين، والثاني مشترك بين لجنة أطباء السودان المركزية، ونقابة أطباء السودان الشرعية، ولجنة الاستشاريين والاختصاصيين، فإن الرفض يشكل ضربة قوية، وتراجعاً عن الوفاء بضلع مهم من مثلث ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة.
وأشار البيان إلى أن الرفض يتمثل في تخوف عناصر الطغمة المندحرة من تعيين رئيس قضاء يتمتع بالاستقامة والنزاهة، وأكثر حرصاً على سير العدالة وتفعيلها على أرض الواقع. وأضاف "جاء اختيار مرشح قوى الحرية والتغيير لرئاسة القضاء بعد تمحيص ومشاورات واسعة مع قضاة ما زالوا في الخدمة وقضاة سابقين ومحامين ووكلاء نيابة ومستشارين قانونيين داخل السودان وخارجه".
وفي السياق ذاته، قال المحامي نصر الدين حسن محمد "منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير ونجاح الثورة حرصنا نحن كمجموعة من القانونيين وآخرين من ذوي التخصصات المختلفة على ضرورة التأسيس لبناء الدولة المدنية بإصدار إعلان دستوري يحدد آليات السلطة الانتقالية ومهامها وينظم علاقاتها البينية، وقد كان موضوع العدالة وإصلاح شأنها في مقدمة أولوياتنا بحكم معرفتنا بواقعها الحالي وخطورة الإبقاء على أجهزة العدالة على حالها الراهن الذي من شأنه أن يهزم الثورة ويجهض أهدافها ذات العلاقة بتحقيق العدالة والقصاص عن كل الجرائم التي ارتكبت خلال الثلاثين سنة الماضية".
وأضاف أن "ذلك لن يتأتى من دون تعيين رئيس القضاء والنائب العام بترشيح من قوى الحرية والتغيير، وقد اقترحنا النصوص التي تحقق ذلك لتضمن في الإعلان الدستوري وتم تسليمها للجهات المتخصّصة في قوى الحرية والتغيير، إلا أنه تفاجئنا بطرح وثيقة أخرى نعتقد أنها كشفت عن سوء تقدير بالغ ممن صاغها بما مكن العسكر من اكتشاف مكامن الضعف لدى قوى الثورة".
واستغرب محمد "كيف فات على اللجنة القانونية بقوى الحرية والتغيير معالجة نصوص الوثيقة بما يمكن الثورة من الوصول لتعيين رئيس القضاء والنائب العام ممن لهم المقدرة والرغبة والرؤية لتحقيق هذه الأهداف، مؤكداً أن الأمر في نظره يحتاج إلى ثورة أخرى حتى ينصلح الحال".
وكان المجلس العسكري قد قرر أمس الاثنين إرجاء إصدار المرسوم الدستوري الخاص بحل المجلس وتشكيل مجلس السيادة لمدة 48 ساعة، بناء على طلب قوى الحرية والتغيير. فيما وقع المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، السبت الماضي، بصورة نهائية على وثيقتي "الإعلان الدستوري" و"الإعلان السياسي" بشأن هياكل وتقاسم السلطة في الفترة الانتقالية.