Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتدارك الجزائر تداعيات خلل الخريطة الصحية في البلاد؟

تنازلت الوزارة المعنية عن مهمة إنجاز وتهيئة هذه المنشآت لصالح قطاع البناء والسكن

أحصت الجزائر أكثر من 361 مؤسسة استشفائية بينها 14 مستشفى جامعياً (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

"جميع المستشفيات سيتم تحويلها لوزارة السكن، إذ ستكون المشرفة على متابعة إنجاز هذه المشاريع"

لا تزال الخريطة الصحية في الجزائر تعرف اختلالاً في توزيع المؤسسات الاستشفائية، إذ تتركز المستشفيات الكبيرة في المناطق الشمالية للبلاد، بينما يشهد عديد من المناطق الداخلية والجنوبية نقصاً فادحاً وانعداماً للمراكز الصحية، مما يكبد عشرات الآلاف من المرضى مشقة التنقل إلى الشمال طلباً للعلاج، وعلى رغم تخصيص الحكومة الجزائرية مبالغ مالية ضخمة لتنفيذ إصلاحات عميقة في قطاع الصحة، منذ مطلع الألفية الحالية، فإن نسبة التغطية الصحية للبلاد لم ترق إلى المستوى المطلوب بسبب أنماط تسيير لم تفلح في الاستجابة لمهنيي القطاع والمرضى على حد سواء.

مهمة جديدة

وفي خطوة لتدارك التأخر في إنجاز المستشفيات والمؤسسات الصحية تنازلت وزارة الصحة الجزائرية عن مهمة إنجاز وتهيئة المنشآت الصحية لصالح قطاع البناء والسكن كونه يحوز على الإمكانات المادية اللازمة، وأعلنت الوزارة في بيان أنه "في إطار التعاون القطاعي تم تحويل عملية إنجاز المؤسسات الاستشفائية (60 سريراً و120 سريراً و240 سريراً و400 سرير، والعيادات المتعددة الخدمات) إلى وزارة السكن والعمران والمدينة"، وأوضحت أن تحويل إنجاز تلك المؤسسات لقطاع السكن يأتي بالنظر إلى "التخصص الذي تمتلكه لتجسيد هذه المشاريع الميدانية بحسب المعايير الدولية وفي آجالها المحددة"، مشيرة إلى أنه "يتم التنسيق معها لتزويدها بكل المعطيات حول مقتضيات ومعايير العمل الصحي التي يتوجب أن تكون في كل هيكل طبي وقد تمت العملية فعلاً وهي في طور مراحلها الأخيرة من هذا التحويل".

وقال وزير السكن والعمران الجزائري محمد طارق بلعريبي، في تصريحات صحافية، إن "جميع المستشفيات من 60 و80 و120 و240 و400 سرير سيتم تحويلها لوزارة السكن، إذ ستكون المشرفة على متابعة إنجاز هذه المشاريع"، مضيفاً أن "هذه الاتفاق جاءت لوضع حد للتأخر في إنجاز المستشفيات على المستوى الوطني".

وليست المرة الأولى التي تتنازل فيها وزارة الصحة عن مهمتها في إنجاز المنشآت الصحية، فقد سبق لها أن اتخذت القرار نفسه سنة 2021، قبل أن تستعيد المهمة لاحقاً.

موازنة ضخمة

واستفاد قطاع الصحة من موازنة إضافية وصلت إلى 4.2 مليارات دولار في مشروع موازنة عام 2023 بزيادة تقدر بـ14 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، خصصت للتكفل بمشاريع جديدة وإعادة تقويم أخرى حيز التنفيذ وتحديث مؤسسات واقتناء تجهيزات حديثة.

وبحسب تصريحات الوزير الأول أيمن بن عبدالرحمن فقد أحصت الجزائر في سبتمبر (أيلول) 2021 أكثر من 361 مؤسسة استشفائية بينها 14 مستشفى جامعياً، وأكثر من 8070 عيادة عديدة الخدمات وقاعة علاج وأكثر من 100 مركز تصفية الكلى و13 مركزاً متخصصاً في مكافحة السرطان و433 مركزاً جوارياً متخصصاً في الولادة.

ويشغل قطاع الصحة في الجزائر أكثر من 56700 ممارس صحي بينهم 4518 أستاذاً جامعياً و14774 ممارساً متخصصاً و28100 طبيب عام و2192 صيدلياً و7119 جراح أسنان، في وقت تنتظر البلاد افتتاح عدد من المستشفيات الجديدة في وهران وقسنطينة والعاصم الجزائرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أبريل (نيسان) 2020 أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون عن إنشاء "الوكالة الوطنية للأمن الصحي" وعين على رأسها البروفيسور كمال صنهاجي برتبة مستشار لدى رئيس الجمهورية، وقال إن الهدف منها هو إعادة هيكلة قطاع الصحة ضمن استراتيجية وطنية جديدة.

في موازاة ذلك أطلقت وزارة الصحة الجزائرية "برنامجاً وطنياً" لمعاينة وضع المؤسسات الصحية من مستشفيات ومصحات في كل الولايات، وقالت في بيان نشرته على "فيسبوك"، إن "فرق المعاينة التي تم تشكيلها بأمر من وزير الصحة عبدالحق سايحي شرعت في مهامها، وقامت بزيارة تفقدية للمؤسسات الصحية على مستوى ولايات الجزائر العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة". وأفاد بيان الوزارة بأنه سيتم "توسيع عمل الفرق في كل من ولايات البليدة وبومرداس وتيبازة وتعميمها عبر كامل التراب الوطني". ولفت أيضاً إلى أن "فرق المعاينة وقفت على الوضعية الحالية للهياكل، بخاصة ما يتعلق بالنظافة والاستقبال والطوارئ والخدمات الصحية وتوفر الأدوية، وكذلك الصيانة الدورية للتجهيزات والعتاد الطبية، وستقدم الفرق تقارير دورية للمفتشية العامة للوزارة ترصد الوضعية الحالية للهياكل الصحية".

وقال وزير الصحة الجزائري إنه بأمر من الرئيس تبون باشرت مصالحه عملية تفتيش لكل المؤسسات الاستشفائية عبر كامل التراب الوطني للوقوف على وضعية المؤسسات الصحية، والتي وصلت حتى الآن إلى 299 مؤسسة من أصل 655 مؤسسة، وأن هذه العملية متواصلة وتركز على طريقة التكفل بالمريض والنظافة الاستشفائية والتسيير العام للمستشفى.

تدارك التأخر

ويقول رئيس منتدى الاستثمار يوسف ميلي إن تولي وزارة السكن مهمة إنجاز المنشآت الصحية من شأنه تسريع عملية تشييد المؤسسات الصحة التي تشهد تأخراً لأسباب مختلفة، وأوضح أن مديريات الصحة في الولايات التابعة للوزارة تفتقد الخبرة والإمكانات المالية والبشرية والتقنية لمتابعة واستكمال عملية إنجاز المستشفيات والمراكز الصحية مقارنة بالمديريات التابعة لوزارة السكن، كما أنه ليس من اختصاص مديريات الصحة إنجاز المرافق الاستشفائية، وبخصوص الأسباب التي تكمن وراء تأخر إنجاز المؤسسات الاستشفائية، يضيف ميلي أنها ترتبط بالدرجة الأولى بالتسيير لأن مديريات الصحة تفتقر للخبرة في مجال البناء، مشيراً إلى أن قطاع المقاولات من تخصص قطاع السكن والإمكانات البشرية والمادية لهذه المقاولات تحت وصاية مديريات السكن.

من جهته يرى الباحث في الصحة العمومية امحمد كواش أن قرار تولي وزارة السكن مهمة إنجاز المؤسسات الاستشفائية من شأنه تخفيف الضغط عن وزارة الصحة وتكريس جهودها لتوفير الخدمات الطبية وإدارة المستشفيات وتوفير العتاد والأدوية للمواطنين عوض إهدار الوقت والإمكانات في متابعة بناء الهياكل الصحية، مضيفاً أن الجزائر تحوز على مستشفيات ذات قدرة استيعاب كبيرة بها تخصصات مختلفة، بينما تتطلب المرحلة بناء منشآت بمعايير حديثة، بالاستعانة بالخبرات الأجنبية، وتوزيعها بشكل عادل يغطي مختلف مناطق البلاد لتخفيف الضغط عن المؤسسات الاستشفائية المركزية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي