ملخص
قانون العفو العام يشكل أحد أبرز مطالب القوى السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل ائتلاف إدارة الدولة المشكل للحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
أدرج مجلس النواب العراقي، مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 على جدول أعمال جلسته غداً الإثنين، وسط توقعات بعدم تمرير القانون الذي يعد من أهم القوانين المثيرة للجدل السياسي والشعبي.
وقانون العفو العام يشكل أحد أبرز مطالب القوى السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل ائتلاف إدارة الدولة المشكل للحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، إذ شمل البرنامج الحكومي إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.
جلسة الإثنين
ويتضمن جدول أعمال جلسة الإثنين المقبل، بحسب الدائرة الإعلامية لمجلس النواب واطلعت عليه "اندبندنت عربية"، "التصويت على مشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)، وأيضاً التصويت على مشروع قانون إيجار الأراضي الزراعية، كما يتضمن تقرير ومناقشة القراءة (الثانية مقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المادتين الثانية و10 وتقرير ومناقشة القراءة) الثانية لمشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016".
الجلسة ستشهد استكمال القراءة الأولى لمشروع قانون حماية الملكية الفكرية ومشروع قانون الطيران المدني.
في المقابل، يكشف عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي، عن آخر تطورات قانون العفو العام المدرج في البرنامج الحكومي.
الحمامي ذكر في تصريح صحافي أن "قانون العفو العام من القوانين المتفق عليها في البرنامج الحكومي وطرح مع أولى جلسات اللجنة القانونية النيابية ورأينا كان يتمحور في شمول كل الجرائم به باستثناء الإرهابيين وسراق المال العام وتجار المخدرات والجاسوسية"، لافتاً إلى أن "هذه الجرائم خط أحمر لا يمكن لأي نائب أو كتلة الدفاع عنهم وشمولهم بالعفو".
النائب في البرلمان العراقي أشار إلى أن "خيار استثناء الإرهابيين وسراق المال وتجار المخدرات والجاسوسية خيارنا ولا تراجع عنه إذ القانون ورد في اتفاق تشكيل الحكومة المحلية ونتوقع أن يمضي وفق ما تم تحديده بعد توافق على مساراته خلال الفترة المقبلة".
وتابع الحمامي، "العفو العام مهم ولكن على ألا يشمل أي إرهابي تلطخت يده بدماء الأبرياء وباقي الجرائم الأخرى التي نعدها خطاً أحمر، في إشارة إلى سراق المال العام وتجار المخدرات والجاسوسية".
جرائم من دون عقاب
لكن عضو مجلس النواب العراقي باسم خشان، قال إن مشروع قانون العفو العام الذي يعتزم المجلس تمريره يمنح سراق المال العام الحق بارتكاب جرائمهم من دون عقاب، وأكد في تصريح صحافي، أن "قوانين العفو العام التي شُرعت في العراق تعطي فترة سماح للمتجاوزين على الأموال العامة، ويفترض أن تكون فترة السماح محددة وبعدها لا يتم شمول مرتكب الجريمة بالعفو".
وتابع خشان، "العراق يشمل المرتكبين بالجرائم ما قبل قانون العفو العام 2008، وهذا يعطي اطمئناناً لسراق المال العام إذ إن تشريع قانون العفو بصيغته الحالية كما كانت في الصيغة السابقة يعطي الحق لسراق المال العام بسرقة الأموال العامة من دون عقاب لحين الكشف عن جريمتهم".
في حين، أشار المتحدث باسم "ائتلاف النصر" سلام الزبيدي، إلى أن جميع الكتل السياسية ولديها رغبة كبيرة بإقرار قانون يعفو عن السجناء والمحكومين الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين، وهناك كثير المظلومين والمغرر بهم أو من هم ضحايا تهم كيدية وإجراءات تحقيقية، وقسم كبير منهم أنهوا محكوميتهم.
وجدد الزبيدي، موقف ائتلافه الثابت تجاه القانون والتي تجسدت تجاه عدد من التحديات التي مر بها الوطن، مضيفاً "حرصاً منا على الاستقرار المجتمعي والسياسي بالتعاون مع القوى السياسية الوطنية، ندعو جميع هذه القوى الشيعية والسنية إلى الابتعاد عن المناكفات والتجييش الإعلامي"، مؤكداً أن ذلك حماية للمصالح العامة للوطن والمواطن في وقت تواصل قوى سياسية تطويع القانون من أجل مصالح حزبية لأغراض انتخابية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الزبيدي في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "نقف بوجه أي قوى سياسية تضغط لتمرير القانون الذي أنهى مجلس النواب القراءة الأولى وتعديل بعض فقراته الجدلية، وفق المزاج السياسي والمصالح الفئوية واستغلال القانون المرتقب أغراض انتخابية".
عواقب استخدام القانون
وحذر عضو "تحالف السيادة" محمد الدليمي، من عواقب استخدام قانون العفو العام لإطلاق سراح الإرهابيين لتحقيق مكاسب سياسية، وقال في تصريح صحافي إن "شيوخ ووجهاء الأنبار توعدوا القيادات السياسية بالانتفاض وإقامة التظاهرات والاحتجاجات حال إقدامهم على التوسط في العفو العام".
سكان المحافظات المحررة يخشون من قيام جهات تنفيذية بتسهيل إجراءات إطلاق سراح إرهابيين عبر بوابة قانون العفو العام، بحسب الدليمي الذي أشار إلى تخوف عشائر الأنبار من شمول موقوفين من إرهابي "داعش" في القانون، وذلك بعد رصد تحركات لقيادات في حزبين لتعديل القانون.
أهم المطالب السنية
في المقابل، يكشف الباحث في الشأن السياسي علي نجدية، أن القانون من أهم المطالب التي ثبتتها القوى السياسية السنية في المنهاج الوزاري في ورقة الاتفاق السياسي، ونواب القوى السنية وخصوصاً من حزب "تقدم" برئاسة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي يضغطون باتجاه دفع التعديل القانوني نحو القراءة الثانية والتصويت عليه، وأرجع السبب إلى كونه ينصف كثيراً من العراقيين وخصوصاً أبناء المحافظات السنية التي تعرضت للاحتلال من قبل التنظيمات الإرهابية.
وشدد نجدية في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن التعديل من شأنه إعادة المحاكمات لكثير ممن تعرضوا للظلم وصدرت ضدهم أحكام تعسفية لا سيما في الفترة ما بين 2017 و2019 التي أعقبت عمليات تحرير المدن العراقية من "داعش"، إذ شهدت هذه الفترة صدور كثير من الأحكام التعسفية وغير المنصفة بحق المعتقلين بسبب انتزاع الاعترافات بالقوة والابتزاز خلال التحقيق والدعاوى الكيدية والمخبر السري والمساومات.
وأكد نجدية أنه من الضروري جداً إعادة هذه المحاكمات من أجل إنصاف المظلومين والأبرياء والاقتصاص من كل من أسهم في قتل العراقيين ومارس العمليات الإرهابية التي تسببت في تخريب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة في العراق.
ودعا الباحث السياسي إلى أن يشمل هذا القانون أكبر عدد من الأبرياء الذين طال انتظارهم له لينصفهم من الظلم الذي لحق بهم.
الأداء التشريعي
بدوره، يرى المتخصص القانوني خالد العرداوي أن مشكلة قانون العفو العام هي أن القوانين في العراق لا يشرع معظمها نتيجة الحاجة الإنسانية لها ومقتضيات تحقيق العدالة، وإنما تشرع وفقاً لمقتضيات الأحزاب والقوى السياسية وحساباتها الانتخابية، ونظراً لتقاطع المصالح فإنه يقود إلى العرقلة ومنع تشريع كثير من القوانين المهمة، ولذا تجد أنها تتساوم في ما بينها سياسياً عند تشريع أي قانون، ولا تبحث كثيراً في فلسفة التشريع وضرورته.
وأشار في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إلى أن الأداء التشريعي في حاجة إلى مراجعة، فالقوانين إنما تشرع أولاً وأخيراً لحاجة اجتماعية أكثر منها حاجة سياسية.