ملخص
يكتب جيمس مور قائلاً إن أزمة تكاليف المعيشة تبعد المستهلكين من العلامات التجارية المعروفة لكن المكلفة، ولهذا السبب يزعم أصحاب "ألدي"، السوبرماركت ذي الأسعار المخفضة والمنتجات التي تحمل علامته التجارية، أن عادات التسوق لدينا "تتغير إلى الأبد"، فهل الشركات العملاقة التي تبيع الأغذية والمشروبات محكوم عليها بالفشل؟: هل ستكون حصة الأسد من نصيب "ألدي"؟
هل العلامات التجارية ذات الأسعار المرتفعة والتغليف المكلف محكوم عليها بالفشل؟
رئيس "ألدي المملكة المتحدة"، وهي سلسلة محال السوبرماركت التي زعزعت السوق البريطانية وأسواقاً أخرى كثيرة في أوروبا بنموذج يقوم على التسعير العدواني لكن مع توافر خيارات قليلة، بدأ الأسبوع بمفاخرة عالية الصوت: "تتغير عادات التسوق إلى الأبد!"
وقال جايلز هورلي، رئيس الشركة الألمانية في المملكة المتحدة، إن بيع محال السوبرماركت منتجات تحمل علامتها التجارية (الأمر الذي تتخصص فيه "ألدي") ينمو بـ"وتيرة مضاعفة" مقارنة بنمو بيع البضائع التي تحمل علامات تجارية معروفة، وتوقع أن يتواصل هذا النمو.
كذلك تشير باستمرار الأرقام الخاصة بالقطاع ككل، الصادرة عن مؤسسة "كانتار" البحثية إلى تغير في عادات التسوق. فقد بين تقريرها الصادر في سبتمبر (أيلول)، مثلاً، أن مبيعات محال السوبرماركت لمنتجات تحمل علامتها التجارية نما بواقع 9.9 في المئة خلال الأسابيع الأربعة السابقة المنتهية في الثالث من سبتمبر، وأن خطوط محال السوبرماركت الإنتاجية باتت تشكل أكثر بكثير من نصف سلة التسوق الوطنية – 58.9 في المئة إجمالاً. يقارن ذلك بـ48 في المئة قبل عقد و57.1 في المئة عام 2021.
وهذا يمثل تحولاً بعيد الأجل بقيمة 3 مليارات جنيه استرليني (3.65 مليار دولار) في المبيعات بعيداً من العلامات التجارية المعروفة. وهورلي على حق في أن هذا الاتجاه مرشح للاستمرار. إذ انخفض مقياس "كانتار" لتضخم أسعار البقالة إلى أدنى مستوى له في سنة عند 12 في المئة، لكن بحث المؤسسة بين أن 19 من أصل 20 متسوقاً ما زالوا قلقين في شأن التكاليف.
بالطبع، لبعض العلامات التجارية المعروفة جاذبية أكثر من غيرها. خذوا الكولا مثلاً. هذا منتج يميل الناس إلى الولاء الكبير له. تكون النسخ الخاصة بمحال السوبرماركت أرخص بكثير من "كوكاكولا" أو "بيبسي". يبلغ سعر قارورة سعة لترين من المشروب الخالي من السكر الذي يحمل علامة "تيسكو" التجارية 65 بنساً مقارنة بـ1.99 جنيه لتلك التي تحمل علامة تجارية معروفة. لكن الطعم مختلف للغاية.
ثمة فجوة سعر كبيرة مماثلة في حالة الفول المخبوز (50 بنساً للعلامة التجارية الخاصة بسوبرماركت مقارنة بـ1.40 جنيه للعلامة التجارية "هاينز" في مقابل علبة من الحجم نفسه). لكن هل الفارق في الطعم كبير بالقدر نفسه؟ ولاسيما إذا رميتم العلبة وقدمتم الفول على قطعة من الخبز المحمص؟
أشارت "كانتار" إلى أن أقل بقليل من ربع السكان يعتبرون أنفسهم يعانون مالياً - في انخفاض طفيف للغاية مقارنة بمايو (أيار) - لكن العدد لا يزال كبيراً.
سيأتي الاختبار الحقيقي إذا استمر معدل التضخم في الانخفاض وتراجعت أزمة تكاليف المعيشة في شكل كبير. لن يحصل ذلك بسرعة. لكن هناك سبباً يجعل العلامات التجارية ناجحة على رغم سعرها الأعلى. هي تكرس نفسها في وعي الجمهور من خلال التسويق العدواني: تقصفنا إعلاناتها من المهد إلى اللحد. وهي مؤثرة جداً. إنها "كوكاكولا"، المشروب الحقيقي. إنه جيل "بيبسي". الفول هو "هاينز" وما إلى هنالك.
لن تتخلى العلامات التجارية عن قبضتها من دون معركة. تبقي "يونيليفر" - الزعيمة في القطاع ذات العلامات التجارية التي تشمل مايونيز "هيلمان"، و"برسيل"، و"مارمايت"، و"بن أند جيريز" - مساهميها سعداء في زمن تتزايد فيه المنافسة ويتراجع ولاء المستهلكين من خلال زيادة أسعارها. تضخم بسبب الجشع؟ يبدو كذلك بكل تأكيد. لكن بعض الإيرادات من هذه الاستراتيجية يمكن تحويله بسهولة إلى موازنة تسويق حين يكون الزمن مواتياً. أتوقع أن يحصل ذلك أيضاً.
لكن نموذج "ألدي" لن يختفي أيضاً. فاخرت الذراع البريطانية للسلسلة بمبيعات إجمالية بلغت 15.5 مليار جنيه في السنة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول)، وهو رقم يشمل مساحات جديدة كبيرة، ويزيد على 13.6 مليار جنيه المحققة في السنة السابقة. وسجلت الأرباح قبل حسم الضرائب 152.6 مليون جنيه، مقارنة بـ35.7 مليون جنيه في السنة السابقة.
في شكل مثير للاهتمام، بينت بيانات "كانتار" حقاً أن "ألدي"، و"ليدل" القائمة على أسس مشابهة، تخسران للمرة الأولى بعض الولاء لصالح الشركات الموجودة وذلك في الأشهر الـ12 المنتهية في الثالث من سبتمبر.
ذلك أن الأطراف الفاعلة المكرسة تحسن أوضاعها على صعيد خفض الأسعار، لأسباب أرى أن بعضها يعود لوقوعها تحت ضغوط سياسية.
بيد أن "ألدي" تخطط لمواصلة فتح فروع حيث تجد مواقع مناسبة لذلك، وتكشف عن خطط لاستثمار 1.4 مليار جنيه خلال سنتين في متاجر "جديدة ومحسنة".
هل مزيد يعني الأفضل، إذاً؟
هنا يصبح الموضوع مثيراً للاهتمام: يجادل محللون لدى "شور كابيتال" بأن "ألدي" "تشتري حصة في السوق" من خلال فتح مواقع جديدة وممارسة تسعير عدواني (تقدم محال السوبرماركت العملاقة الموجودة بهدوء مزاعم مماثلة إلى أي صحافي مستعد للاستماع).
في ملاحظة نشرت بعد صدور أرقام "ألدي"، تساءلت "شور" عن عوائد الاستثمار التي تحققها "ألدي". ذلك أن الشركة جهة تجارية، وليست مؤسسة خيرية، ولذلك تكون عوائد الاستثمار مهمة. يرد ما يلي في الملاحظة: "ما أجندة ’ألدي‘ النهائية في المملكة المتحدة، في ضوء أنها ليست مؤسسة خيرية، وبالتالي هل المنفعة العامة البعيدة الأجل، ولاسيما بالنسبة إلى رفاه نظام الأغذية البريطاني، تستفيد جيداً من اقتصاديات أقل من مثالية؟".
لا شك في أن "تيسكو" و"ساينزبوريز"، خصوصاً، إذ تعززان برامج "المطابقة السعرية" لديهما، المصممة لإضعاف ميزة "ألدي"، ستجعلان شراء الحصص في السوق أكثر كلفة.
لكن في الأجل القريب، لا يمكن لفتح "ألدي" منافذ إضافية إلا أن تفيد المستهلكين المحتاجين إلى المساعدة كلها التي يستطيعون الحصول عليها. ليست المنافسة بين مزودي المنتجات التي تحمل علامتهم التجارية إلا جيدة على غرار المنافسة بين حملة العلامات التجارية المعروفة.
© The Independent