Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسعى حزب المحافظين البريطاني إلى خسارة الانتخابات العامة المقبلة؟

كل مرة يحاول فيها رئيس الوزراء الانتقال إلى مرحلة جديدة يبدو أنه ينتهي في الاصطدام بعقبة أخرى

الانتخابات هي مسألة اختيار حكومة فيما استطلاعات الرأي هي فرصة للشكوى (أ ف ب)

ملخص

هناك احتمال كبير أن يتقلص الفارق في نسبة التأييد بين حزب المحافظين وحزب العمال بحلول موعد الانتخابات في بريطانيا

واحدة من أكبر التجارب الفكرية المعقدة، هي الاعتقاد أن نتائج استطلاعات الرأي الحالية، لن تنعكس في نتائج الانتخابات المقبلة، وأن نقوم بالتساؤل: "هل ستكون أسوأ أو أفضل؟". منذ اليوم الذي تبوأ فيه حزب العمال الصدارة في نتائج استطلاعات الرأي في نهاية عام 2021، عندما خرجت للعلن [فضيحة] حفلات داونينغ ستريت [مقر الحكومة] التي خرقت إجراءات إغلاق كورونا، كان جوابي على ذلك السؤال هو أن تقدم حزب العمال في الانتخابات المقبلة سيكون أقل [مما هو عليه في الاستطلاعات]. ولكنني في بعض الأحيان أتردد وتصيبني الحيرة.

الأسباب التي تدفع للتفكير بأن حزب العمال سيفوز في الانتخابات تلك، بفارق يقل عن 19 نقطة مئوية لا تزال قائمة. وأحدها هو أنه لم يسبق أن فاز في الماضي أي حزب، أو ائتلاف من الأحزاب، على الإطلاق بذلك الفارق الكبير منذ عام 1931، عندما قام زعماء حزب العمال بالانشقاق عن حزبهم وانضموا للعمل في صفوف حزب المحافظين. ولم يحدث أي شيء على هذا القدر من الخطورة هذه المرة.

والسبب الآخر هو أن الانتخابات هي مسألة اختيار حكومة فيما استطلاعات الرأي هي فرصة للشكوى. وتنجح الحكومات عادة في تضييق الهوة [في الاستطلاعات] مع اقتراب موعد الانتخابات، ولا بد من الاعتراف أن كثيراً من البريطانيين ليسوا متحمسين كثيراً لوصول كير ستارمر، وهكذا وهكذا [فالأسباب كثيرة].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك يبدو أن كل محاولة يقوم بها [رئيس الحكومة البريطانية] ريشي سوناك للانتقال إلى مرحلة جديدة تنتهي باصطدامه مباشرة بعقبة ما. ومما يجعل الأمور تبدو أكثر سوءاً، هو أنه يبدو عموماً وكأنه يحاول أن يقوم بما يعتبر صحيحاً، وعلى رغم ذلك ينتهي به الحال إلى جعل الأمور تبدو كما لو أنه يقوم بالمناورة سياسياً بأمور مصيرية وثانياً بأنه غير كفوء في عمله.

إن محاولته، الأسبوع الماضي، إعادة تصويب هدف تصفير الانبعاثات، كان لحظة هامة للغاية. لقد أشار سوناك في خطابه إلى النقطة الهامة وهي أن الحكومة لم تكن صادقة بخصوص تكلفة السياسات المتعلقة بالتغيرات المناخية. وهذا كان انتقاداً حاداً موجهاً ليس فقط إلى بوريس جونسون، بل إلى تيريزا ماي أيضاً، والتي كانت جعلت من تحقيق هدف تصفير الانبعاثات بحلول عام 2050، كإرث لعهدها، خصوصاً لأن وزارة المالية البريطانية لم تكن قد سمحت لها في تلك الفترة في مضاعفة الإنفاق الحكومي على التعليم. ربما كانت [مواقف سوناك] بمثابة انتقاد مبرر، ولكنها بالكاد سبب يوحي بالثقة بحزب المحافظين والذي يحكم البلاد منذ 13 عاماً.  

وسوناك على حق في سعيه لحماية الناس من ذوي الدخل المحدود إلى المتوسط من تكلفة التحول إلى اقتصاد بصفر انبعاثات، لكن احتجاجه ذلك بدا أجوف عند قوله "إن قراري لا يتعلق بالسياسة، بل إنه يتعلق بالقيام بما هو صحيح من أجل البلاد على المدى البعيد". لقد أعلن أنه سيقوم بتأجيل منع بيع المركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري لمدة خمس سنوات إضافية من التاريخ الذي كان مقرراً أساساً، لكنه قال، وربما في الجملة التي تلت، إن من شأن ذلك التأجيل ألا يغير الكثير: "أنا أعتقد أنه بحلول عام 2030 فإن غالبية المركبات التي ستباع في الأسواق ستكون من النوع الذي يعمل بالطاقة الكهربائية".

بالطبع، لقد كُشف في اليوم التالي لخطاب سوناك أن 80 في المئة من السيارات الجديدة التي ستباع بحلول عام 2030، يجب أن تكون كهربائية، ما عنى أن إعلان سوناك أعلاه طال فقط نسبة 20 في المئة من السوق، وربما ذلك كان جزءاً مهماً من كلمته، لكن من شأن ذلك أن يجعل رئيس الوزراء يبدو وكأنه سياسي يائس في بحثه عن خط فاصل بينه وبين أحزاب المعارضة، ويجعله ذلك يبدو أقل من القديس الذي يقول الحقيقة "ويفعل ما هو صحيح من أجل البلاد على المدى البعيد".

صحيح أيضاً أن الرأي العام البريطاني يبدو وكأنه يتفق مع مواقف سوناك، من خلال الواقع بأن شريحة أكبر من المواطنين تدعم تأخير بدء العمل في المنع بدلاً من معارضته، كما أنه من خلال ذلك قام بنصب فخ لحزب العمال ودفعه للقول بأن الحزب سيقوم بإعادة تطبيق المنع في موعده السابق أي في 2030، (إلا أنني لن أكون متفاجئاً إذا قام زعيم المعارضة ستارمر بالموافقة على موعد 2035 قبل الانتخابات المقبلة بشكل بعيد من أي صخب إعلامي). الرأي العام البريطاني يدعم في المبدأ تصفير الانبعاثات، ولكنه معارض لمسألة عدم الكفاءة والتذبذب التي تبديها الحكومة.

لو تخلى سوناك عن تاريخ الموعد النهائي لتخلص أصحاب المنازل من جهاز التدفئة الذي يعمل بالغاز، فإن المعارضة كانت لتوافق على ذلك، وأن ادعاءه بأنه كان براغماتياً في مساعيه للوصول إلى تصفير الانبعاثات كان يمكنه أن يكون أكثر إقناعاً. 

بدلاً من ذلك، قام سوناك باختيار العمل على دق إسفين، وسُرب الخبر، واشتكى جزء من قطاع صناعة السيارات من عدم اليقين الذي يخلفه القرار، وبدا الإعلان أيضاً وكأنه صدر عن أحد الهواة. فسوناك لم يقم بالمناورة سياسياً بواسطة إعلانه، لكنه خسر أيضاً، فأي مكاسب قد يحققها من الناخبين الذين أعربوا عن ارتياحهم لإمكانية قيامهم بشراء مركبة تعمل بالوقود عام 2034، قد ضاع بين الناخبين الذين يعتقدون أن سوناك تخلى عن التزام الحكومة تصفير الانبعاثات.

إضافة إلى ذلك، أتاح سوناك المجال أيضاً للسخرية منه بخصوص قصة "علب القمامة السبع"، بدلاً من أن يقول إنه لن يفرض على أصحاب البيوت فرز القمامة في سبع علب مختلفة، ولقد كانت هناك شكوك حول حقيقة ما يفرضه القانون في هذا المجال، قام بالادعاء بأنه قد "أوقف" الخطط التي كانت قيد الإعداد. مجدداً، إنه يقوم بألعاب سياسية وها هو يخسر بسببها. 

إنها القصة نفسها مع كل محاولة يقوم بها رئيس الوزراء كي يعيد إحياء شعبيته التي كان قد خسرها، والفكرة الأخيرة كانت تلك المتعلقة بمنع صغار السن من التدخين، وفي تعارض كامل مع رأيه المتعلق بشراء المركبات الكهربائية القائل إن "الأمر يعود إليكم أنتم المستهلكين كي تتخذوا القرار، وليس أن تقوم الحكومة بإجباركم على اتخاذه"، أراد سوناك تقليد جاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، في رفعها العمر الذي يحق للفرد فيه أن يشتري علب السجائر كل عام، وذلك كي لا يتمكن صغار السن اليوم، من شرائها أبداً.

قبل ذلك، قام سوناك بفرض تعليم مادة الرياضيات حتى الـ 18 من عمر الطلاب (مرة جديدة)، وقبل ذلك أيضاً، كانت القضية إلغاءه المرحلة التالية من مشروع بناء خط القطار السريع "أتش أس 2" HS2، (وهو موضوع سُرب أيضاً، هذه المرة إلى اندبندنت)، والذي ما زال يدور الخلاف حوله في العلن. مرة جديدة، إنها حكومة عاجزة عن اتخاذ أي قرار حاسم، وقبل ذلك، كانت هناك الأهداف الخمسة التي حددتها الحكومة لتحقيقها هذا العام، ومن ضمنها خفض قوائم الانتظار في قطاع خدمة الصحة الوطنية، إن سوناك يلقي اللوم على الأطباء المضربين عن العمل لتخلفه عن الوفاء بالتزامه، لكن الناخبين يلومونه هو على إضراب الأطباء.

صحيح أيضاً أن الناس سيلاحظون تحقيق أحد أهداف سوناك، أي خفض نسبة التضخم إلى النصف، إذا ومتى أمكن تحقيق ذلك، فإن من شأن ذلك أن يحدث فارقاً كبيراً، خصوصاً إذا بدأ الناس بالشعور بأن أحوالهم المادية قد تحسنت، ولكن ذلك قد لا ينفع سوناك، إذا ما عجز عن استعادة إضفاء الشعور بكفاءة الحكومة وثبات خطواتها، وهو ما يعني أن عليه أن يكون أكثر تحفظاً في مساعيه لإيجاد ودق أي إسفين من أجل تحقيق مجرد تقدم على الحزب المنافس.

أنا لا أزال أعتقد أن الفارق بين حزب المحافظين وحزب العمال من شأنه أن يتقلص بحلول موعد الانتخابات، لكن إذا ما واصل سوناك مساعيه لمحاولة خسارتها، فإن عليه أن يعلم أن قانون الغالبية البسيطة في النظام الانتخابي first-past-the-post، هو ماكينة مخيفة لمن ينتهج المبالغة، إن عملية تصفية حزب المحافظين الكندي التي أجريت في انتخابات 1993، عندما تقلص حجم حزب كيم كامبل من قيادة الحكومة إلى مجرد حزب حائز على مقعدين فقط في البرلمان، لا بد أن يؤرق أي زعيم لا يتمتع بشعبية، ويستند على نظام تصويت تعددي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء