Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سجون بريطانيا يحرسها عديمو الخبرة ومعرضون للتأثر بأخطر المجرمين

حصري: نحو ثلث عدد عناصر السجون من الفئة "أ"، وهي أماكن تتطلب حراسة مشددة، تقل خبرتهم المهنية عن ثلاثة اعوام

 يرى حزب "العمال" البريطاني المعارض أن الحكومة " في حاجة ماسة إلى التصدي للتحديات التي تواجه موظفي السجون" (غيتي)

ملخص

أظهرت أرقام رسمية أن نحو ثلث عدد العناصر في السجون البريطانية شديدة الحراسة، لديهم أقل من ثلاثة أعوام من الخبرة، مما يثير مخاوف في شأن السلامة من جهة، واحتمال استمالتهم من جانب أخطر المجرمين في البلاد من جهة أخرى

أظهرت أرقام رسمية أن نحو ثلث عدد العناصر في السجون البريطانية شديدة الحراسة، لديهم أقل من ثلاثة أعوام من الخبرة، مما يثير مخاوف في شأن السلامة من جهة، واحتمال استمالتهم من جانب أخطر المجرمين في البلاد من جهة أخرى.

واستناداً إلى بيانات وزارة العدل البريطانية، فاعتباراً من شهر يونيو (حزيران) 2023 لم يكن ما مجموعه 2993 (31 في المئة) من حراس السجون، قد أمضوا في وظائفهم أكثر من 36 شهراً، وذلك بارتفاع عن عتبة 236 فقط (ستة في المئة) في يونيو 2015.

وقد نبه خبراء في هذا المجال إلى أن الموظفين الجدد الذين يحتاجون لدعم وتدريب إضافي وتوجيه، يواجهون "خطراً حقيقياً بالغ الجدية" لجهة قيام سجناء متمرسين باستمالتهم وإقامة علاقة معهم، مما يشكل أخطاراً أخرى جديدة في السجون المثقلة أساساً بأعباء عدة.

وأشارت نقابة تمثل ضباط السجون إلى أن هذه الأرقام تعكس "أزمة التوظيف" في مختلف أنحاء القطاع، حيث تشهد "مصلحة إدارة السجون ومراقبة السلوك" Her Majesty’s Prison and Probation Service (HMPPS) (وكالة تنفيذية تابعة لوزارة العدل ومسؤولة عن الخدمات الإصلاحية في إنجلترا وويلز) استنزافاً كبيراً في طواقم موظفيها على نحو مثير للقلق، وقد دعا حزب "العمال" المعارض الحكومة البريطانية إلى "التصدي على نحو عاجل" للتحديات التي تواجه موظفي السجون.

ويشار إلى أن هذه الإحصاءات تأتي بعد فرار الإرهابي المشتبه به دانييل خليفة من "سجن واندسوورث"، وقد قدم خليفة - وهو جندي سابق يبلغ من العمر 21 سنة - دفوعه بأنه غير مذنب بالهرب من سجن من الفئة "ب" Category B في جنوب لندن، ومثل أمام المحكمة الخميس الماضي عبر رابط فيديو من سجن بيلمارش وهو من الفئة "أ"  Category A وموجود أيضاً في لندن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثار الموضوع جدلاً على المستوى الوطني في ما يتعلق بالأمن في جميع سجون المملكة المتحدة، وسلط الضوء على المخاوف الأوسع المتعلقة بالتوظيف والروح المعنوية بين العناصر العاملين فيها، إذ يعد الاكتظاظ وتعاطي المخدرات من المسائل الكبيرة أيضاً في تلك الأماكن.

ومعلوم أن السجون من الفئة "أ" تتميز بأقصى درجات الأمن وتستوعب السجناء الذكور الذين يشكلون أكبر تهديد للناس أو عناصر الشرطة أو الأمن القومي، مثل الإرهابيين والقتلة والمغتصبين، أما السجون من الفئة "د" Category D التي تتخذ أدنى التدابير الأمنية، فهي تؤوي مرتكبي الجنح الذين لا يشكلون تهديداً للمجتمع.

وفي سجن "بلمارش" HMP Belmarsh حيث يحتجز خليفة، تبين اعتباراً من شهر يونيو 2023 أنه يضم 116 حارساً (27 في المئة) تقل خبرتهم عن ثلاثة أعوام، بينما في عام 2015 كان عدد الذين لا تتجاوز خبرتهم ثلاث سنوات 19 عنصراً (خمسة في المئة).

وبحسب الأرقام التي نشرها وزير الدولة البريطاني لشؤون السجون داميان هيندز رداً على استفسار برلماني طلبه حزب "العمال"، فإن من بين جميع السجون من الفئة "أ" في إنجلترا كانت النسبة الأعلى للعناصر غير المتمرسة (38 في المئة) في سجني "وودهيل"  HMP Woodhill في "ميلتون كينز"، و"ويكفيلد"  HMP Wakefield في غرب يوركشير، أما النسبة الأدنى فسجلت في سجن "لارتن"  HMP Lartin في ورسترشير، وهي في حدود 24 في المئة. 

كبير مفتشي السجون تشارلي تايلور رأى أنه في حين يؤدي بعض الحراس الجدد الذين وظفوا حديثاً عملهم على نحو استثنائي، فإن أولئك الذين يدخلون الخدمة يحتاجون مزيداً من الدعم والتوجيه من موظفين متمرسين وذوي خبرة.

وقال لـ "اندبندنت" إنه "فيما كان الأشخاص الذين توظفهم مصلحة السجون في الماضي أكبر سناً وأكثر خبرة، أصبح لدينا الآن عناصر يافعون أكملوا للتو تعليمهم المدرسي".

 

ورأى السيد تايلور أنه عندما لا يتوافر التوجيه الكافي "فيمكن أن يؤدي ذلك إلى قيام السجناء أنفسهم بنقل المعرفة الأساس إلى الموظفين الجدد"، مشيراً إلى أن "هناك روايات عدة عن حدوث ذلك".

وأوضح أنه "على رغم أن العلاقات الإيجابية بين الموظفين والسجناء أمر مرغوب فيه بالتأكيد، إلا أن هناك خطراً حقيقياً من أن يتأثر العاملون الجدد عديمو الخبرة بالسجناء ذوي الخبرة، مما يعرض مجالات إضافية للخطر في خدمة هي مستنزفة أساساً".

وكانت "اندبندنت" كشفت في وقت سابق من هذا الشهر عن أن 30 في المئة فقط من العناصر المنوط بهم أمن مختلف السجون البريطانية لديهم أكثر من 10 أعوام من الخبرة، بتراجع نسبة 60 في المئة عن عام 2017، وعلى مدى العام الماضي ترك أكثر من 1000 من هؤلاء الموظفين ذوي الخبرة مناصبهم.

وقال الأمين العام المساعد لـ "نقابة العاملين في السجون والإصلاحيات والطب النفسي الآمن" Professional Trades Union for Prison, Correctional and Secure Psychiatric Workers ميك بيمبليت إن "الارتفاع الحاد في نسبة الموظفين عديمي الخبرة في السجون هو نتيجة مباشرة لأزمة التوظيف داخل مصلحة السجون، إذ غادر عنصر من كل سبعة يرتدون الزي الرسمي وظائفهم خلال عام 2021 - 2022".

وأضاف، "إنني على يقين من أن ’مصلحة إدارة السجون ومراقبة السلوك’ [وكالة تنفيذية تابعة لوزارة العدل ومسؤولة عن الخدمات الإصلاحية في إنجلترا وويلز] ستصدر البيانات المألوفة نفسها في ما يتعلق بطرق الاحتفاظ بالموظفين، وخططها المتمثلة في تعيين موظفين إضافيين وما إلى ذلك، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هذه الهيئة بدأت تواجه مشكلة كبيرة في تناقص عدد العاملين لديها".

وشدد بيمبليت كذلك على أن "الإعلان الأخير في شأن الرواتب الذي أشار إلى أن الموظفين ذوي الخبرة بموجب الشروط والأحكام القديمة لن يحصلوا على زيادة في الأجور هذا العام أو في المستقبل، إلى جانب وجود إجراءات وأنظمة روتينية غير آمنة أو غير قابلة للتحقيق، وارتفاع مستوى العنف، وجميعها عوامل لن تؤدي إلا إلى الدفع بمزيد من الموظفين إلى ترك الخدمة".

ولفت إلى أن "هذه السجون شديدة الحراسة تضم بعضاً من أخطر الأفراد في المجتمع، بمن فيهم إرهابيون وقتلة"، وأن "التقارير الأخيرة الصادرة عن ’مفتشية السجون التابعة لجلالة الملك‘ His Majesty's Inspectorate of Prison، ولا سيما في ما يتعلق بمؤسسات وسجون مثل ’إتش إم بي وودهيل‘  و ’إتش أم بي وايتمور‘  HMP Whitemoor، و’إتش إم بي لونغ لارتين‘، تظهر نتائج قاتمة للغاية ومثيرة للقلق"، منبهاً إلى خطورة "استمرار موظفين جدد في توجيه أعضاء جدد آخرين، مما يعد وصفة لوقوع كارثة من صنع ’مصلحة إدارة السجون ومراقبة السلوك‘ نفسها".

وأعرب رئيس لجنة العدل في "مجلس العموم" البريطاني والنائب "المحافظ" عن دائرة "بروملي أند دتشيسلهورست" السير بوب نيل عن قلقه من إحصاءات السجون التي تخضع لإجراءات أمنية مشددة، قائلاً إن "هذه النتائج تعد صارخة ومثيرة للقلق"، وشدد على "أهمية الاحتفاظ بموظفي السجون ذوي الخبرة والمعرفة، الذي يعد أمراً حيوياً لضمان سلامة النظام الإصلاحي ولمواصلة جهود إعادة تأهيل السجناء على نحو فاعل".

ورأى أن "الحكومة معرضة لخطر إهمال مسؤوليتها في توفير الرعاية المناسبة لكل من موظفي السجون والسجناء على حد سواء، من خلال السماح باستمرار هذا الوضع".

وزيرة العدل في حكومة الظل "العمالية" المعارضة شبانة محمود علقت على الموضوع بالقول إن "سجوننا تواجه أزمة بعد نحو 13 عاماً من الفوضى وسوء الإدارة في ظل حزب ’المحافظين‘ وهذه الأرقام ترسم صورة قاتمة عن واقع النزوح الجماعي للموظفين".

وأردفت قائلة "لقد أدى ارتفاع معدل تبديل الموظفين إلى تناقص عدد الأفراد ذوي الخبرة في أجنحة السجون، مما يجعل من الصعب على العاملين الجدد العثور على أشخاص لمساعدتهم وإرشادهم، ووفقاً لتقديرات ’رابطة ضباط السجون‘ Prison Officers’ Association، شهدنا خسارة أعوام طويلة من الخبرة المتراكمة منذ عام 2010".

وأضافت أن "الحكومة في حاجة ماسة إلى التصدي على وجه السرعة للتحديات التي تواجه موظفي السجون من أجل تعزيز روح المشاركة ومستوى التفاعل والاحتفاظ بهم بصورة أفضل، وحزب ’العمال‘ ملتزم ببذل جهود مستمرة من أجل ضبط نظام السجون وتحسينه وضمان السلامة العامة".

وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم "مصلحة السجون"، "نحن نتخذ إجراءات وتدابير واسعة النطاق لجذب موظفين ذوي كفاءة عالية والاحتفاظ بهم، ويشمل ذلك إقرار زيادة كبيرة في الأجور الأولية للعناصر التي ارتفعت من 22 ألف جنيه استرليني (27 ألف دولار) إلى 30 ألف جنيه إسترليني (36 ألف دولار) منذ عام 2019".

وأضاف، "يزود عناصرنا المجتهدين بالأدوات الأساس التي يحتاجون إليها، مثل رذاذ "بافا" Pava (معوق للحركة ويستخدم لضبط سجين عنيف أو منعه من إيذاء نفسه)، والكاميرات المثبتة على الجسم والماسحات الضوئية بالأشعة السينية التي تساعد في منع تهريب الممنوعات غير المشروعة والتي تتسبب في وقوع اضطرابات وفوضى داخل السجون".

 وخلص إلى القول إن "هذه التدابير ناجحة"، مشيراً إلى أنه "إضافة إلى زيادة عدد العناصر بنحو 4 آلاف فرد منذ عام 2017، فإن معدلات الاحتفاظ بموظفي السجون آخذة في التحسن الآن".

© The Independent

المزيد من تقارير