تسعى نسبة من النساء في تشاد إلى زيادة أوزانهن من خلال تناول أقراص طبية واستعمال كبسولات ومراهم وحقن أنفسهن بخلطات أعدت بطرق تقليدية لا تخلو من خطورة. ويكاد الأمر يتحول إلى هوس لدى كثير من الفتيات، وحتى النساء المتزوجات ذوات البنية النحيفة اللاتي يسعين من خلال اكتساب وزن زائد إلى إبراز مناطق الأنوثة لديهن والتمتع بجسد جذاب بحسب معايير الجمال الأفريقية، حتى لو اقتضى الأمر استعمال وصفات غير آمنة.
وترتبط معايير الجمال لدى غالبية المناطق في تشاد بالحصول على أرداف ممتلئة، وشفاه غليظة، وإضافة إلى اكتساب الوزن تحرص النساء على الحفاظ على خصر نحيل وصدر متوسط وقوام متجانس قدر الإمكان.
وعلى رغم تأثر المجتمعات الأفريقية بالموضة العالمية فإن ثقافة الجسد الممتلئ والأعضاء البارزة ظلت سائدة في مجتمعات جنوب الصحراء تتحدى تأثير الثقافات الأخرى ومتطلبات الحياة العصرية التي تفرض على المرأة الخروج للعمل واقتسام المهام مع الرجل، وما يتطلب ذلك من رشاقة وتفرغ لأمور أخرى.
وصفات خطرة
"تتباهى التشاديات بمنحنيات أجسادهن التي تتلاءم أيضاً مع ملابسهن الفضفاضة وأسلوب الحياة البسيط في الصحراء، وأيضاً مع ذوق الرجال"، كما تقول فاطمتا عبدو، التي تمتلك صالون تجميل نسائياً في العاصمة التشادية نجامينا، مضيفة "اكتساب الوزن ضروري في مناطق الأنوثة، إذ إنها من السمات الجمالية التي تحرص عليها النساء لأنهن بذلك ينلن إعجاب الرجال، فكلما كانت المرأة تتمتع بمناطق بارزة في جسدها، فإنها تصبح محبوبة وجميلة في نظر الجميع، وتزداد فرصها بالارتباط والحصول على حياة أفضل، فضلاً عن تأثير ذلك في حياتها ورضاها عن نفسها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف فاطمتا لـ"اندبندنت عربية" أن من لا تتوفر على هذه المعايير الجمالية تحرص على اتباع وصفات للحصول عليها كالخلطات والمساحيق والمنتجات غير طبيعية التي يتم دمجها مع بعض الأدوية للحصول على "منحنيات جسدية جميلة".
وتؤكد أنه على رغم الأخطار الصحية فإن هذه المنتجات تحظى بإقبال كبير، حتى إنها أصبحت موضة في نجامينا لكل فتاة ترغب في زيادة وزنها.
وتشير إلى أنها تستقبل في صالونها كثيرات ممن يبحثن عن "الجرعة"، وهي عبارة تستخدم للإشارة إلى الخلطات التي يتم إعدادها بمزج أدوية ومواد تقليدية من أجل زيادة وزن الأرداف في وقت قياسي.
وتقول فاطمتا إنها لا تبيع الخلطات الخطرة، ولكنها تعد منتجات بمواد طبيعية لفتح الشهية وبطرق آمنة وطبيعية وتبيعها للراغبات في الحصول على جسم ممتلئ بعد فترة من استعمالها.
وعن أكثر النساء المقبلات على هذه الوصفات، تقول فاطمتا "هن من مختلف المستويات الاجتماعية، ومختلف الأعمار من الفتيات، وحتى النساء المتزوجات ذوات الأجساد النحيفة اللاتي لم يعدن راضيات عن أشكالهن، ومنهن من تستفسر عن مكونات الوصفات قبل شرائها، لكن غالبيتهن يسأل فقط عن الوقت اللازم للحصول على نتائج سريعة".
عواقب وخيمة
ويحذر الأطباء من خطورة المنتجات غير الطبيعية التي تستخدم عادة لزيادة الوزن، فغالباً ما تكون لها عواقب وخيمة على الصحة. وفي هذا الصدد تقول متخصصة التغذية سارة أحمد بابا إن "الحصول على جسم جميل ممتلئ كان تقليداً موجوداً منذ فترة طويلة في المجتمعات بأفريقيا جنوب الصحراء، لكنه اليوم أصبح ظاهرة مثيرة للقلق بسبب المواد الخطرة التي يتم استعمالها من قبل الفتيات الراغبات في الحصول على أجساد جذابة".
وتضيف سارة لـ"اندبندنت عربية" أن عديداً من النساء يشترين هذه المنتجات على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تعرض منتجات خطرة من دون رقابة تغري الفتيات بالحصول على أجساد مميزة في وقت قياسي. وتؤكد أن كثيراً من المنصات الإلكترونية تخصص مساحات إعلانية لـ"المنتج الحلم" من خلال تسويق هذه المنتجات ونشر صور ومقاطع فيديو لفتيات يدلين بتجربتهن غير الحقيقية بعد استعمالها، وهو ما يجذب إليها مزيداً من النساء.
وتدعو المتخصصة في التغذية إلى ضرورة توعية المجتمع بخطورة استعمال هذه المنتجات وأضرارها على الصحة، إذ إنها تسبب مشكلات في الجهاز الهضمي والمناعي، كما تعد مسبباً رئيساً للسكري وضغط الدم وأنواع من السرطانات.
وتؤكد أن كثيراً من الفتيات يدركن خطورة هذه المنتجات، لكنهن يستسلمن بسبب الضغوط الاجتماعية والذوق العام السائد، مضيفة "من يستعمل هذه الوصفات يسهل تمييزه بسبب السمات الجسدية التي يكتسبها في وقت وجيز، وغالبية مستعملات هذه المنتجات سبق أن عانين نظرة اجتماعية دونية وأسئلة من قبيل (لماذا أنت نحيفة هكذا، يبدو أنك لا تأكلين)، لذلك فإن هذا الضغط الاجتماعي يولد التنافس والغيرة بين النساء، وتتعقد الأمور أكثر بسبب انعدام الثقة بالنفس أو تقدير الذات". ودعت إلى وقف هذا الضغط الاجتماعي على النساء وترك حرية القرار لهن في شكل أجسادهن، سواء اخترن الرشاقة أو الامتلاء باستعمال وصفات آمنة ليس فيها ضرر أو آثار جانبية وعواقب صحية على الجسم.