حيل النشالين في أوروبا تبدأ بالشجار

يعرف القانون الأميركي النشّال بأنه الشخص الذي يسرق من جيوب أو حقيبة شخص آخر وسط حشد من الناس من دون أن يثير فيه الخوف، ولأن العملية تقع من دون نية إيقاع الأذية بالقوة والإجبار، فإن معظم القوانين تنزل عقوبات خفيفة على النشالين.

أما "قاموس كامبريدج" القانوني فيختصر تعريف عملية النشل بأنها جريمة سرقة الأشياء من جيوب أو حقائب الناس وسط الحشود.

كيف تعرف النشال المحتمل؟

نشرت الشرطة البريطانية عبر موقعها الإلكتروني بيانات لتعليم الناس كيفية الحماية من التعرض للنشل في الساحات العامة وأنفاق المترو، وكيفية معرفة النشالين من دون أن يكون للتعريفات القانونية لهذا الجرم أي تأثير مخفف للحرب التي أعلنتها الشرطة البريطانية ضد النشل والنشالين، بعد تزايد عمليات السرقة خلال العام الحالي إلى درجات قصوى في المدن البريطانية، خصوصاً نشل الهواتف من أيدي حامليها بخفة وسرعة قبل أن يختفي من بعدها النشال عن الأنظار.

وقد انتشرت هذه الظاهرة خلال الأعوام الأخيرة بصورة كبيرة في المدن الأوروبية التي تستقطب عدداً كبيراً من السياح مثل باريس وروما وبرشلونة، وشددت قوانين هذه المدن العقوبات على النشالين ورفعت أعداد الشرطة في الطرق العامة.

وفي المعلومات التي نشرتها الشرطة البريطانية عن كيفية معرفة النشالين المحتملين الذين يعملون بين الحشود لتسهيل عملية النشل، فإن هؤلاء يشملون المتسكعين الذي يطيلون المكوث في الأماكن العامة، وكذلك الأشخاص الذين يبدون وكأنهم يتفقدون الناس أو يطيلون النظر في المارة.

وتنصح الشرطة البريطانية بأخذ الحيطة من الذين يركزون انتباههم على منطقة الخصر أو الذي يمعنون النظر في اليد التي تحمل حقيبة، فقد يكون هذا مؤشراً على نية لسرقة محتملة، ولا بد من الانتباه والحذر من عملية نشل محتملة داخل المتاجر الكبرى حيث يكون الزوار والزبائن مشتتي الانتباه أو يركزون في المعروضات، مما يجعلهم أهدافاً سهلة للصوص الذين يعرفون المكان جيداً، ويتمكنون من التخفي بين الحشود بسهولة.

ومن تنبيهات الشرطة السياحية في عدد من المدن المشهورة بالنشل أن يحذر المرء عمليات تشتيت الانتباه من قبل أشخاص عدة يبدون وكأنهم لا يعرفون بعضهم، أو يفتعلون مشاجرة بينما يقوم شخص ثالث بعملية النشل، فقد بات للنشالين جماعات تتعاون في ما بينها في معظم المدن الأوروبية، ذلك أن عمليات النشل مجزية مالياً من دون جهد كبير، وبخاصة عمليات نشل السياح الذين يحتفظ معظمهم بكل ماله في الحقيبة أو بأدوات كثيرة داخل الحقائب.

ومن التكتيكات أن تقوم مجموعة بالتدافع مع الضحية في متجر أو في شارع مزدحم فيتم الوصول بسرعة إلى جيبه وسرقة محفظته أو هاتفه أو حقيبته.

ومن التحذيرات العامة أن النشالين يبدون غالباً أشخاصاً ودودين بينما يقومون بعمليتهم خلال ثانية أو ثانيتين فقط، ويسمى أحد هذه التكتيكات "الاعتداء بالعناق"، حيث يقترب النشال منك ويعانقك من دون سبب.

هل أنت هدف؟

وتطلب الشرطة السياحية في المدن الأوروبية من السياح الزائرين ألا يجعلوا من أنفسهم هدفاً لعملية نشل، وذلك عبر اتباع عدد من القواعد وأولها حمل الحقائب من الأمام وليس على الظهر، وإعادة البطاقات إلى الحقيبة بسرعة والتأكد من إغلاقها، على أن يكون من الصعب فتح المحفظة، ثم توضع في جيب بأزرار أو سحاب لا يبدو عليه الانتفاخ.

وشددت على ضرورة الاحتفاظ بقائمة منفصلة لأرقام الهواتف الخاصة التي قد تحتاجها للاتصال في حال سرقة هاتفك، كما لا بد من تجنب تعليق المقتنيات على ظهر الكرسي أو ترك أي شيء على ظهر عربة الأطفال أو أي من الأغراض بعيداً من الأنظار.

في إنجلترا تعد مدينة نوتينغ هيل أكبر موطن لسرقة الجيوب في المملكة المتحدة، ووفقاً لدراسة جديدة أجريت بناء على بيانات من مكتب الإحصاء الوطني، فقد وقع خلال العام الماضي في وستمنستر وحدها ما نسبته 133 عملية نشل لكل 100 ألف شخص، وارتفعت حالات النشل في المنطقة بنسبة 712 في المئة، فيما تعد سرقة الهاتف أكثر أنواع النشل المسجلة شيوعاً.

أما في مدينة برشلونة الإسبانية فتعد لاس رامبلاس أحد أكثر الأماكن شهرة بالنشل بسبب الازدحام الكبير من السياح، وفي العاصمة الفرنسية باريس تشتهر الأحياء المحيطة ببرج إيفل ومتحف اللوفر بالحوادث المتعلقة بالنشل، خصوصاً على خطوط المترو المزدحمة، وفي روما تشتهر الساحات العامة الواسعة مثل نافورة تريفي والكولوسيوم بتسجيل حوادث نشل.

هوس النشل

يقوم أشخاص أثرياء أو من المشاهير بسرقات صغيرة من المتاجر على رغم عدم حاجتهم إلى ما يسرقونه، ولكن هذه السرقات صُنفت تحت إطار "هوس السرقة" أو ما يسميه علم النفس باضطراب الـ "كلبتومانيا"، وهو اضطراب نفسي يشعر المصاب به برغبة لا تقاوم تدفعه لسرقة أشياء قد لا تكون ذات قيمة كبيرة أو ضرورية.

وقد اُكتشف عدد من الأثرياء والمشاهير وهم يقومون بمثل هذا النوع من عمليات النشل أو السرقات الصغيرة داخل المتاجر الكبرى وبطريقة خفية، ويعيد بعضهم هذه الرغبة إلى الحاجة للشعور بنوع من الإثارة أو وسيلة لتخفيف التوتر، كما تعتبر الـ "كلبتومانيا" نوعاً من اضطرابات السيطرة الذاتية على الاندفاع، وغالباً ما تكون مرتبطة بالاكتئاب أو القلق.