عثر خبراء على كميات هائلة من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في جميع أنحاء القطب الشمالي وجبال الألب، وفقاً لدراسة حديثة. وتشير النتائج إلى أن تلك الجزيئات تنتقل عبر الهواء إلى بعض أكثر المواقع البعيدة على سطح الأرض.
حلّل علماء من "مركز هيلمهولتز للبحوث القطبية والبحرية" في بريمرهافن الألمانية في سياق الدراسة عينات من الثلوج من مواقع مختلفة، بما في ذلك "سفالبارد" الأرخبيل النرويجي في المنطقة القطبيّة الشماليّة. واكتشف الفريق، المؤلَّف من علماء ألمان وسويسريين، 14400 جزيئاً من البلاستيك في كل ليتر في العينة المأخوذة من تلك المنطقة.
يعتقد الباحثون أنّ الموادّ البلاستيكية الدقيقة انتقلت في الهواء عِبر مسافات كبير، ثمّ تسبَّب هطول الأمطار في سقوط الجزيئات على الأرض في مناطق معزولة. لذا تشير النتائج التي توصلوا إليها أن من المحتمل أن يحصل التلوث البلاستيكي في الهواء، كذلك في البر والبحر.
يُذكر أن الجزيئات البلاستيكيّة عبارة عن قطع دقيقة حجمها أصغر من 5 مليمترات، وتتشكّل عندما تتفكّك المواد الاصطناعيّة. ووجد العلماء أعلى تركيز للجزيئات البلاستيكية في جبال الألب البافارية، إذ عثروا على 154 ألف جزيء في كل ليتر من عينة ثلجية جُمعت بالقرب من طريق ريفي في بافاريا.
في هذا المجال، قالت ميلاني بيرغمان، عالمة البيئة البحرية التي شاركت في قيادة البحث "إننا كنّا نتوقّع العثور على مواد بلاستيكية دقيقة، لكننا فوجئنا بالتركيزات الهائلة منها".ويدل البحث على أن قطع البلاستيك قد تُحمَل جواً بطريقة تشبه الغبار وحبوب اللقاح.
في سياق متصل، قال مارتن فاغنر، عالم الأحياء في الجامعة النرويجيّة للعلوم والتكنولوجيا الذي لم يشارك في الدراسة، إنّ التركيزات الضخمة من البلاستيك يمكن أن تُعزى جزئيّاً إلى الأساليب التي اتّبعها الباحثون في دراستهم. فقد سمحت لهم بتحديد جزيئات صغيرة بحجم 0.011 مليمتر، أي أقل من سماكة واحدة من شعر الإنسان. وأضاف أن "هذا الاكتشاف مهمّ لأن غالبية الدراسات حتّى الآن عاينت مواداً بلاستيكيّة أكبر بكثير مقارنة بالجزيئات المُكتشفة أخيراً. بناءً على ذلك، يمكنني أن أستنتج أنّنا نستهين كثيراً بكمية البلاستيك الدقيق الفعلية في البيئة". يُشار هنا إلى أن دراسات سابقة وجدت البلاستيك الدقيق في الهواء في كل من باريس وطهران ودونغ غوان الصينية.
وقالت بيرغمان إن كثيراً من العيّنات البلاستيكية التي عُثر عليها في المنطقة القطبية الشمالية خلال الدراسات السابقة انتقلت إلى هناك عِبر الجو. وأضافت أن "مجرد العثور على كمّيات كبيرة من البلاستيك المجهري تُنقل جواً، يحملنا على التساؤل عمّا إذا كنا نستنشق البلاستيك، وما هي الكمية التي نتنفّسها منه". وشملت العيّنات التي كُشف عنها في الدراسة الجديدة الورنيش والمطاط الموجود في الإطارات، فضلاً عن مواد تكوّنت من المنسوجات أو العبوات البلاستيكية. تعتقد بيرغان وفريقها أن توزيع جزئيات البلاستيك المحمولة بالهواء يجب أن يؤخذ في الاعتبار في الخطط القياسيّة لمراقبة تلوّث الهواء. وخلُصت عالمة البيئة البحريّة إلى أننا "نحتاج حقاً إلى معرفة الآثار التي تتركها المواد البلاستيكية الدقيقة في البشر، خصوصاً إذا استنشقناها في الهواء الذي نتنفسه".
ونُشرت الدراسة في مجلة "العلوم المتقدمة"
© The Independent