Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وصدر القرار... انقلاب شيوعي وشيك في السودان ومؤجل في العراق

وثيقة سرية تكشف تفاصيل ما كان يخططه الشيوعيون العرب في تشيكوسلوفاكيا عام 1971 وكيف اختلف العراقيون بين مؤيد للانقلاب ومحبذ لحرب العصابات بينما ساد الاتفاق بين السودانيين مدعومين بقرار من اللجنة المركزية في موسكو

 صورة التقطت في يوليو 1971 لجثث من الشيوعيين في الجيش السوداني الذين شاركوا في الانقلاب الفاشل ضد العقيد جعفر النميري (غيتي)

ملخص

وثيقة سرية تكشف كيف خطط الحزبان الشيوعيان في العراق والسودان لتنفيذ انقلابين عام 1971

بدعوة من مكتب العلاقات الدولي للأحزاب الشيوعية عقد مؤتمر سري للأحزاب الشيوعية العربية في مدينة كارلوفيفاري في تشيكوسلوفاكيا (تشيكيا حالياً). وذلك في 13 يوليو (تموز) 1971.

هذا المؤتمر تضمن جدول أعمال من ستة محاور. المحوران الأول والثاني تضمنا "درس خطة انقلاب في السودان وفي العراق". شارك في أعمال هذا المؤتمر وفود من أحزاب شيوعية عربية، ومنع الصحافيون والأجانب من التجول قرب مكانه في مبنى الحزب الشيوعي التشيكي.

انتهى المؤتمر إلى موافقة جميع المشاركين على تأييد الانقلاب في السودان وحدد تاريخ 19 يوليو 1971 لتنفيذه. (أي بعد أيام من المؤتمر؟؟). أما الانقلاب في العراق فتأجل "بانتظار وضوح الوضع في السودان" في حال نجح أو فشل الانقلاب هناك.

 

يوليو الدامي في السودان

قبل "الانقلاب الموقت" والذي دام نحو ثلاثة أيام، وتحديداً في 13 يوليو (تموز) 1971، حصل في تشيكوسلوفاكيا اجتماع قرر فيه أعضاء في الحزب الشيوعي السوداني "استرداد الثورة المسروقة"، وذلك بعدما أقصى العقيد جعفر النميري ثلاثة ضباط من أعضاء مجلس القيادة وهم بابكر النور وفاروق حمدالله وهاشم العطا. مرارة الشيوعيين أججها أنهم كانوا شركاء النميري في انقلاب مايو (أيار) 1969، قبل أن ينقلب عليهم. لثلاثة أيام استطاع الضابط هاشم العطا ورفاقه احتلال المشهد السوداني واحتجاز رفيقهم السابق جعفر النميري، ولكن سلسلة أحداث أدت إلى استعادة النميري زمام الأمور في 22 يوليو. وطبعاً دفع المسؤولون عن زعزعة سلطة النميري الثمن الكبير، كذلك حصلت ما عرف بـ"مذبحة بيت الضيافة" حيث قتل الشيوعيون أكثر من ثلاثين ضابطاً وضابط صف.

هذا التقرير الذي ورد بين الأوراق السرية للأمير فريد شهاب المدير الأسبق للأمن العام اللبناني، والذي نشره أيضاً مركز ويلسن للأرشيف، جاء في 28 صفحة بخط اليد. وتضمن أسماء المشاركين في ذلك المؤتمر وهم بالعشرات من أعضاء ومسؤولين في أحزاب شيوعية عربية من دول عدة مثل تونس والمغرب والسعودية ولبنان والأردن وسوريا واليمن الشمالي وطبعاً من الاتحاد السوفياتي.

الوفد العراقي

يورد التقرير أن العسكريين في الوفد العراقي طالبوا بتنفيذ انقلاب عسكري فوري، بينما الأعضاء المدنيون طالبوا باعتماد "تكتيك" الانتفاضة المسلحة وتحويلها إلى حرب أهلية بفتح جبهتين. الأولى في الشمال بين النظام القائم والأكراد، والثانية في الجنوب حيث "الفالح مضطهد وحيث أن الريف يصلح لحرب العصابات.

الوفد السوداني

المدنيون والعسكريون متفقون على الانقلاب، وفي حال الفشل وبدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) 1971 يعتمد "تكتيك" الحرب الشعبية. والاستعداد لحرب طويلة الأمد لإسقاط النظام نهائياً بانتفاضات جماهيرية.

الخطة العراقية

تولى ماجد عبد الرحمن الحديث ومما جاء في كلامه "صحيح أن الانقلابات العسكرية أصبحت في السنوات الأخيرة تلعب دوراً مهماً بخاصة منذ الخمسينات، مما جعل من مسألة دراستها من قبل القوى الثورية ومفكريها دراسة جدية ذات أهمية متزايدة... والصحيح أن القيام بنضالات سياسية تتطور لثورة مسلحة هي أضمن وأهم من الانقلاب العسكري غير المضمونة عواقبه بعد الفشل، حيث يتعرض الحزب وقواعده لتصفية جسدية خطيرة". وانتهى عبد الرحمن قائلاً "اختتم تقريري بطلب الموافقة على فتح جبهة مسلحة من الريف والعمل على تحريض الأكراد ضد النظام القائم. يعقب هذا تحريك سياسي وعصيان في المدن لإسقاط النظام وقيام حكم تقدمي بإشراك كل الهيئات الوطنية في الحكم بقيادة الحزب الشيوعي العراقي.

وبحسب تقرير الأمير فريد شهاب أيد هذا الطرح: كاظم علي وعصام الخفاجي وشمران الياسري وعدنان الخطيب وغازي الشريف.

 

 

مداخلة العقيد أنور زكي

ناقض العقيد المُسرّح من الجيش أنور زكي رفيقه ماجد عبد الرحمن في جدوى الانقلابات العسكرية فهي ليست بالشيء الجديد كما اعتبر عبد الرحمن، وأورد أمثلة عن انقلابات وأدوار مهمة للعسكريين سبقت عهد ماركس وأنجلز ولينين، وعاد إلى انقلاب كرومويل في إنجلترا "ذلك الانقلاب الذي كان تعبيراً عن مصالح البرجوازية الإنجليزية النامية والهادفة إلى تحديد سلطات الملك المطلقة وورائه سلطة الإقطاع". كذلك عاد زكي إلى محاولة الانقلاب ضد "القيصر في عهد بوشكين الذي قام بها عدد من الضباط الصغار والمثقفين الروس الذين تأثروا بالثورة الفرنسية". وأسهب في شرح دور "البحارة والجنود في ثورة 1905 – 1917 والاهتمام الكبير الذي أبداه لينين وحزب البلاشفة تجاههم حيث كان للجنود دور كبير وحاسم في انتصار الثورة... وكان لينين يعطي أهمية خاصة إلى دعوة الجنود وإشراكهم في اجتماعات العمال السياسية...".

وبعد عرض تاريخي لدور لينين ومقاصده الثورية لخّص أنور زكي تقريره بست نقاط بدأها بالقول "ونرى نحن العسكريون أن المنطلقات الأساسية لنجاح الثورة تعتمد على الأسس التالية:

الجيش العراقي ليس من الجيوش المرتزقة ولم يلعب بعض الأدوار الوطنية...

الجيش كمؤسسة أو حصن للدولة... هو أداة أو سلاح يمكن استثماره واستخدامه ضدها (الدولة)...

... عندما تصلح هذه الوسيلة (الجيش) في حسم الصراع لمصلحة الطبقات الثورية أو تدشن عهد ثورة اجتماعية ألا يجدر بالثوريين أن يحسبوا الحساب الجدي لهذه الوسيلة ويعمدوا إلى إدخالهم في عملهم؟

... يمكن القول انطلاقاً من مستوى وطبيعة الصراع في العراق إن أي طبقة لن تستطيع الوصول إلى الحكم من دون أن تعتمد الجيش وسيلة أساسية.

أن ميدان المعركة الرئيسي هو العاصمة بغداد. وقد دلت التجارب الكثيرة أن الضربة التي توجه إلى رأس السلطة السياسية في بغداد كفيلة بإنهاء المعركة... وبالعكس دلت التجربة نفسها على أن اختيار موضع آخر من البلاد لأي معركة مهما كانت بطولية وضارية لا يمكن أن تسقط الحكم بل هي في أفضل الأحوال تزعزعه وتضعفه.

إن الوسيلة الرئيسية في الانتفاضة هي الانقلاب العسكري. أما الوسائل الأخرى فهي مجرد وسائل ضرورية مساعدة.

 

رد ماجد عبد الرحمن

لم يوافق ماجد عبد الرحمن على منطلقات أنور زكي في شأن "الانقلاب العسكري" واعتبر أنها لا تعكس تحليلاً "ديالكتياً" للأحداث "وتختزل الثورة إلى عملية ميكانيكية مجردة وغير مترابطة". وكانت له نظرة مغايرة إلى الجيش العراقي. فهو وإن لعب قطاع منه دوراً حاسماً في (ثورة) "14 تموز" فهو استعمل أيضاً كجهاز قمع ضد الحركة الشعبية، وعدّد عبد الرحمن بعض المحطات التي قمعها الجيش مثل "مؤامرة الشواف" و "الحرب ضد الأكراد" وغيرها.

وبرأي عبد الرحمن "الجيش لا يمكن أن يكون في الجوهر في دولة رأسمالية إقطاعية جهازاً محايداً بل يكون أداة رئيسية... لاضطهاد الطبقة العاملة والحركة الثورية". واعتبر أن الاستعمار البريطاني أراد الجيش للدفاع عن "النظام الملكي الإقطاعي العميل... غير أنه من حيث قاعدته قد تأثر جزء منه بأحداث السياسة الداخلية العربية والعالمية".

وليدافع عبد الرحمن أكثر عن نظرية النضال في الأرياف والمدن، أورد أن هذه التحركات لعبت دوراً تمهيدياً في دول مثل سوريا ومصر وأدت في العراق إلى تفسخ النظام الملكي... وساعدت في تكوين خلايا الضباط الأحرار التي توحدت عام 1957. وختم بأن الشروط الذاتية داخل الجيش اليوم تختلف عن ظروف ثورة "14 تموز" عام 1958 وتساءل أين هي هذه الشروط الذاتية داخله والشروط الموضوعية خارجه؟

"باسم اللجنة العسكرية"

لم يستسلم العقيد أنور زكي وقال كناطق باسم "اللجنة العسكرية" إن الشروط موجودة "ومخطط لها بوعي كامل ولا نطلب منكم إلا الدعم السياسي والتحرك الجماهيري لمساندة الانقلاب وسد الطريق أمام تحرك سياسي مضاد لثورتنا".

وأضاف "أسمح لنفسي أن أقول إن جميع الفئات والأحزاب الوطنية والتقدمية في العراق إضافة إلى الحزب الشيوعي البطل لن تستطيع المجيء إلى الحكم من دون انقلاب عسكري". وبعدما اعتبر أن جميع الأحزاب الأخرى لا تحظى بتأييد شعبي وأن كبار الضباط مرتع خصيب لمختلف أجنحة المعسكر المعادي للشيوعية، جزم بأن "الانقلاب العسكري ضرورة للقضاء نهائياً على تشكيل هذه الزمر الفاسدة في الجيش".

وفي هذا الشأن جاء في تقرير الأمير فريد شهاب "وبعد مداولة أكثر من خمس ساعات بين وفد الحزب الشيوعي العراقي والضيوف الروس صدر القرار التالي: مبدئياً الموافقة على انقلاب عسكري في العراق... الموافقة على سرية الخطة وحصرها بتنظيم الجيش فقط وتأجيل القيام بانقلاب العراق بعد أن يتضح وضع السودان ونجاحه في انقلاب محدد بشهر يوليو (تموز) 1971. في حال النجاح أو الفشل يعقد اجتماع آخر في قيادة الحزب الشيوعي الألماني لوضع الخطة الجديدة لانقلاب العراق يكون بين شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر من عام 1971.

 

الشيوعي السوداني

على نقيض رفاقهم العراقيين، أجمع الجناحان العسكري والمدني في الحزب الشيوعي السوداني على القيام بانقلاب عسكري. الاتفاق بين الجناحين سبق وصولهما إلى تشيكوسلوفاكيا. ويبدو بحسب تقرير مدير الأمن العام اللبناني الأسبق فريد شهاب أن الوفد السوداني قصد موسكو أولاً واجتمع هناك بأعضاء المكتب السياسي للجنة المركزية وبأعضاء اللجنة العسكرية وحصل منهما على تفويض كامل بتأييد الانقلاب.

في الاجتماع في كارلوفيفاري وقف المقدم في الجيش السوداني حسين بيومي وقال "نعلمكم فقط بأننا قررنا القيام بانقلاب عسكري ضد حكم (جعفر) النميري، ولتصحيح مسيرة الثورة ولن ننفرد بحكم البلاد، بل قررنا إشراك جميع ممثلي الهيئات الوطنية والمستقلين بحكومة تمثل القطاع اليساري في البلاد. وإننا قررنا عدم تلاوة التقريرين السياسي والعسكري في اجتماعنا هذا، بناء لتوصية من قيادة المكتب الخارجي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي وموافقة جميع أعضاء وفدنا. إلا أننا نعلمكم أن توقيت الثورة هو قبل 25 تموز (أي يوليو) 1971، وشكراً لكم لحضوركم المؤتمر هذا، وإلى اللقاء في بلدكم السودان وقد تأجلت تلاوة بقية التقارير لبعد وضوح الموقف في السودان بانتظار الانقلاب".

بعد هذا القرار الحاسم ويبدو غير القابل للجدل تكلم رئيس الوفد السوفياتي فلاديمير لوميكو وقال "أيها الرفاق إننا مع تأييدنا الكامل لطموح شعوبكم من أجل حياة أفضل، نرى أن الأوضاع القائمة في كل من السودان والعراق واحد ومشابه لبعضه، وباسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي والمواطنين السوفيات نتمنى لكم النجاح والتقدم لخير حركة التحرر العالمية".

 

سعيد مطر

وهو عقيد سابق في الجيش العراقي يورد التقرير أنه اقترح في نهاية المؤتمر على الحزبين الشيوعيين في السودان والعراق، "في حال فشل أي من الثورتين أن يتخذ الحزبان الشيوعيان فوراً قراراً بتنفيذ قرار المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حول تقرير الانتفاضات المسلحة في الأرياف واعتماد حرب التحرير الشعبية. وذلك بتطوير الحركة المسلحة في الأرياف وإشغال النظام بمعارك يومية منها: إضرابات اقتصادية. تظاهرات جماهيرية وتصعيدها. أعمال تخريب لمؤسسات الدولة الحيوية والمؤثرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ملاحظات

في الشق اللبناني أورد التقرير فقط أن الوفد الشيوعي اللبناني "سافر إلى تشيكوسلوفاكيا في 10 يوليو وعاد في 30 منه. وأن أرتين (مادويان) عاد في 28 يوليو، أما جورج بطل فبقي هناك، وجورج حاوي لم يكن معهم بل ذهب إلى موسكو".

"والوفد السوداني سافر بسرعة بتاريخ 18 (أي يوليو) على أثر دعوة برقية للعودة".

"كانوا مطمئنين أن مصر لا تعادي الشيوعية وتتداخل".

"بعد ذهاب الوفد السوداني انقطعت الاجتماعات وصاروا "يشموا الهوا". وكانوا منتظرين عودة الوفد السوداني للعودة لمناقشة انقلاب العراق".

"الطائرة على حسابهم".

"كان هناك مؤتمر في براغ لروابط طلبة الخليج – منفصل تماماً".

"في 5- 10 (1971) مؤتمر قرب عدن للخليج".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير