أدى الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك في وقت متأخر الأربعاء اليمين رئيساً للحكومة الانتقالية في السودان، متعهداً بجعل تحقيق السلام وحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد أولوية المرحلة الانتقالية. كما أكد العمل على بناء اقتصاد وطني قائم على الإنتاج وليس على الهبات.
وقال حمدوك الذي وصل من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا إلى الخرطوم قبل فترة قصيرة من تنصيبه، في مؤتمر صحافي في العاصمة الخرطوم بعد أدائه اليمين، إن شعار الثورة الأثير "حرية سلام عدالة سيشكل برنامج المرحلة الانتقالية". ودعا إلى إقامة ديمقراطية تعددية بعد 30 سنة من الحكم الاستبدادي.
مشروع جامع
ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية عن حمدوك الذي كان في استقباله في المطار عضوان مدنيان في "المجلس السيادي" الجديد (يضم 11 شخصاً ويحل محل المجلس العسكري الانتقالي)، قوله إن "المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود أبناء الوطن وتوحيد الصف من أجل بناء دولة قوية"، مشيراً إلى أن "السودان يمتلك موارد هائلة يمكن أن تجعل منه دولة قوية تقود القارة الأفريقية".
ودعا الى "إرساء نظام ديمقراطي تعددي يتفق عليه كل السودانيين"، لافتاً إلى أن "النخب السياسية في السودان لم تتوافق منذ الاستقلال على إدارة خلافاتها عبر مشروع وطني جامع". وطالب حمدوك بـ "ضرورة الاتفاق على برنامج كيف يُحكم السودان وليس مَن يحكم السودان".
خبرة وحنكة
وجاء تعيين حمدوك هذا الاقتصادي المحنك الذي عمل في الأمم المتحدة لسنوات، بعد أن أدى الفريق أول عبد الفتاح البرهان اليمين رئيساً لمجلس السيادة الجديد الذي سيدير المرحلة الانتقالية لمدة 39 شهراً إلى حين إجراء انتخابات.
وأطاح البرهان وقادة عسكريون آخرون الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي، استجابةً لاحتجاجات استمرت أشهراً، أطلقت شرارتها الصعوبات الاقتصادية والحكم الشمولي.
واحتفل السودانيون بسقوط البشير لكنهم ضغطوا أيضاً من أجل تسليم السلطة للمدنيين خلال فترة مضطربة من الاحتجاجات والعنف شملت حملةً استهدفت اعتصاماً للمحتجين أمام وزارة الدفاع، قال مسعفون تابعون للمعارضة إنها تسببت بمقتل أكثر من مئة شخص في يونيو (حزيران) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحادي عشر
واكتمل الثلاثاء تشكيل مجلس السيادة، المؤلف من 11 عضواً والذي سيدير البلاد لفترة انتقالية من 39 شهراً ويحل محل المجلس العسكري. ويتألف مجلس السيادة من ستة مدنيين وخمسة عسكريين.
وأدى تسعة من أعضاء المجلس اليمين بعد ساعتين تقريباً من أداء البرهان اليمين الأربعاء. وذكرت وكالة السودان للأنباء أن العضو الحادي عشر، محمد حسن التعايشي سيؤدي اليمين في وقت لاحق لم يتم تحديده.
ومع ذلك، عبّر بعض أعضاء المعارضة والمحللين عن قلقهم إزاء احتمال ألا يحقق اتفاق تقاسم السلطة التوقعات في بلد هيمن عليه الجيش، بدعم من الإسلاميين، على مدى عقود.
وقال الرشيد سعيد المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، الذي يُعد جزءاً مهماً من تحالف قوى الحرية والتغيير الذي تفاوض مع المجلس العسكري، إن بدء المرحلة الانتقالية يعني دخول أصعب مرحلة وهي البناء والإصلاح.
ومن بين العسكريين الذين أدوا اليمين الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي"، والذي كان نائب رئيس المجلس العسكري. وأصبح حميدتي قوة سياسية متنامية في السودان، ويقول محللون إنه يأمل في أن يصبح رئيساً.
ويرأس حميدتي قوة الدعم السريع، وهي جماعة شبه عسكرية مرهوبة الجانب على نطاق واسع ولها وجود كثيف في الخرطوم وتُتهم بارتكاب فظائع بحق المدنيين في حرب دارفور. ونفت حكومة البشير في حينه صحة الاتهامات.
يشمل الممثلون المدنيون بالمجلس شخصيات معظمها غير معروف، من بينهم السيدة رجاء نيكولا عبد المسيح وهي العضو المدني الذي اختاره الجيش وتحالف المعارضة بشكل مشترك.
وأدى البرهان اليمين مرتدياً الزي العسكري أمام رئيس القضاء في القصر الجمهوري في الخرطوم. وأدى الأعضاء الآخرون اليمين أمام رئيس القضاء والبرهان بعد الظهر.
ويمثل مجلس السيادة، الذي عقد أول اجتماع له بعد وقت قصير من أداء الأعضاء اليمين، أعلى سلطة في البلاد حالياً لكنه سيمنح صلاحيات تنفيذية لمجلس الوزراء.
ويسلط تعيين حمدوك رئيساً للوزراء الضوء على المهمة الجسيمة المتمثلة في إصلاح الاقتصاد المتدهور نتيجة سنوات من العقوبات الأميركية وسوء الإدارة خلال حكم البشير الذي استمر 30 سنة.
وتسبب نقص العملة الأجنبية بأزمة في السيولة والوقود والخبز، ما أطلق شرارة احتجاجات ساعدت في الإطاحة بالبشير.
وأحيت التغييرات الهائلة التي شهدها السودان ذكريات انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها دول عدة في المنطقة في عام 2011.